“التحالف العربي السوري”… أي وظيفة؟

31

قبل أكثر من سنتين، ابتكرت إدارة الرئيس باراك أوباما تعبير “المعارضة (السورية) المعتدلة” اعتقاداً منها أنها تحيّد نفسها عن المتطرفين. مذذاك، لم يوفّر المسؤولون الأميركيون تصريحاً ولا خطاباً ولا مؤتمراً لسوريا إلا جددوا فيه دعمهم لـ”المعارضة المعتدلة”. فحصوا ودققوا وفرزوا طوال أشهر، من غير أن يفهم العالم ولا السوريون عما يبحث الأميركيون تحديداً. ومع مرور الوقت، اتضح أمر واحد هو أن الاعتدال يعني مواجهة فظاعات “داعش”، وذلك لتمييزه عن التطرّف المتمثل في معايير البيت الأبيض طبعاً، بمحاربة النظام وبراميله.
جهد “البنتاغون”، مدعوماً بملايين الكونغرس، الذي كان يهدف الى تدريب 5400 مقاتل وتسليحهم هذه السنة ثم 15 ألفاً آخرين سنة 2016، لم يثمر إلاّ خمسة “معتدلين” يواجه بهم “داعش” الذي توسّع أضعافاً مضاعفة منذ بدأ الأميركيون التهديد بـ”المعارضة المعتدلة”. ومع انكشاف “الفضيحة”، صرفت الإدارة الأميركية النظر عن المشروع. أما “البنتاغون” فأعاد تزخيم جهوده ليخرج علينا قبل أسبوع تقريباً ببرنامج جديد وتسمية جديدة هي”التحالف العربي السوري”.
مسؤولون كبار في البيت الأبيض والكونغرس أقروا بأن سبباً رئيسياً يقف وراء فشل استراتيجية اخراج مقاتلين من “المعارضة المعتدلة” من سوريا وتدريبهم ثم إعادتهم لمواجهة “داعش”، هو أن هؤلاء المقاتلين يركزون على مقاتلة النظام أكثر منهم على مواجهة “داعش”. فما الذي يضمن أن “التحالف العربي السوري” لن يلقى مصير سلفه، إذا فرضت عليه شروط “الاعتدال” نفسها؟
بموجب البرنامج الجديد أو “المحدّث”، يحاول الأميركيون تعبئة مجموعة من القبائل العربية في إطار “التحالف العربي السوري” لتحارب جنباً الى جنب مع “وحدات حماية الشعب” الكردية من أجل تضييق الخناق على “الدولة الاسلامية”. ومع أن مسؤولين أميركيين صرحوا بأن واشنطن لن تسلّح، إلا المجموعات العربية، دون القوات الكردية، وذلك بتبديد مخاوف الأتراك، أسقطت الدفعة الأولى من الذخيرة الأميركية في محافظة الحسكة ذات الغالبية الكردية. ترى هل تقوّض أنقرة البرنامج الجديد بعد التقارير التي تحدثت عن دور لها في احباط سابقه؟
مجموعات كثيرة من الثوار لم تسمع بـ”التحالف العربي السوري”، بينما بدأ الاعلام في اليومين الاخيرين يتناقل بكثافة هذا الاسم، علماً أن لا شيء واضحاً حتى الآن عن مهماته ومصيره وفرص نجاحه.
القول إن التحالف الجديد مؤلف من “جيش الثوار” و”غرفة عمليات بركان الفرات” و”قوات الصناديد” وغيرها، لا يكفي لتوضيح الصورة. نجاح أي خطة يفترض أكثر من تسمية جذابة وعناوين فضفاضة بلا أسس ولا أهداف محددة. بخطط ارتجالية وضيقة الافق كهذه، لن يتأخر الوقت قبل أن يواجه التحالف الجديد مصير “الفرقة 30” وأخواتها.

 

موناليزا فريحة

النهار