الحرس الثوري الإيراني يحصد مكاسب اقتصادية في سوريا

18
وقعت الحكومة الإيرانية وكيانات مقربة من الحرس الثوري الإيراني عقودا اقتصادية كبيرة مع سوريا ليجنوا على ما يبدو مكاسب مغرية مقابل مساعدة الرئيس السوري بشار الأسد على استعادة السيطرة على مناطق في بلاده من المعارضة.

وأدانت جماعة معارضة اتفاقات جرى توقيعها مع إيران حليف دمشق الإقليمي الرئيسي في قطاعي الاتصالات والتعدين واصفة إياها “بالنهب” للشعب السوري وثروة البلاد من قبل “ميلشيات إرهابية إيرانية”.

وينكمش الاقتصاد السوري بوتيرة سريعة في الوقت الذي يتراجع فيه الناتج الصناعي والزراعي بعد حرب أهلية استمرت لست سنوات ويعيش نحو ثلثي السكان في ظل فقر مدقع.

وجرى توقيع خمس مذكرات تفاهم خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء السوري عماد خميس إلى طهران يوم الثلاثاء بما في ذلك رخصة حصلت عليها إيران لتصبح مشغلا لاتصالات الهاتف المحمول في سوريا كما تم توقيع عقود لاستخراج الفوسفات.

ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء الرسمية (سانا) عن خميس قوله إن الاتفاقيات تعكس العلاقة الخاصة بين البلدين.

وقال خميس “نقدر عاليا الدور الكبير لإيران في التصدي للإرهاب ووقوفها إلى جانب الشعب السوري في كل النواحي السياسية والميدانية والاقتصادية.”

وستعطي سوريا لإيران خمسة آلاف هكتار من الأراضي للزراعة وألف هكتار لإنشاء مرافئ للنفط والغاز وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية الرسمية (ايرنا). كما جرى توقيع اتفاق لتقديم أراض لتربية الماشية.

ويقول محللون إن الحرس الثوري الإيراني وهي قوات عسكرية تدير إمبراطورية صناعية في إيران سيستفيد من الصفقات خاصة عقد تشغيل الهاتف المحمول. ويتحكم الحرس الثوري الإيراني بدرجة كبيرة بقطاع الاتصالات في إيران.   

وقال كريم سجادبور الباحث الأول في برنامج الشرق الأوسط بمعهد كارنيجي للسلام الدولي “الاتصالات قطاع حساس للغاية. سيسمح لإيران بمراقبة وثيقة للاتصالات السورية.”

وقُتل ألف جندي نشرهم الحرس الثوري الإيراني في سوريا على الخطوط الأمامية للقتال في السنوات الأخيرة.

وبعيدا عن المساندة العسكرية فإن سوريا مدينة ماليا بشكل متزايد لإيران. وفتحت طهران خطوط ائتمان لسوريا بقيمة 3.5 مليار دولار في 2013 وزادتها بقيمة مليار دولار في 2015 وهو ما يقول اقتصاديون إنه ساعد الاقتصاد السوري على الاستمرار.

ونقلت سانا عن اسحاق جهانغيري النائب الأول للرئيس الإيراني قوله إن طهران مستعدة لتنفيذ خط ائتماني جديد بين المصرف التجاري السوري وبنك تنمية الصادرات الإيراني لدعم التجارة.

ووقعت طهران ودمشق أيضا مذكرة تفاهم للتعاون في استخراج الفوسفات من منجم الشرقية السوري وفقا لإيرنا.

وسوريا من بين أكبر مصدري صخر الفوسفات في العالم – وهي المادة الخام التي تستخدم في إنتاج الأسمدة الفوسفاتية – رغم أن الحرب أضرت بقدرتها على الاستخراج وتسويق الإمدادات.

وفي 2015 استولى مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية على منجم الشرقية أحد أكبر المناجم في البلاد والواقع على بعد 50 كيلومترا جنوب غرب مدينة تدمر التاريخية وفقا لما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان.

واستطاعت القوات الحكومية السورية مدعومة بقوات الحرس الثوري الإيراني طرد تنظيم الدولة الإسلامية من تدمير في مارس آذار 2016 لكن مسلحي التنظيم استعادوا السيطرة على المدينة في ديسمبر كانون الأول.

ودعا رئيس الوزراء السوري عماد خميس في اجتماع عقده الأربعاء مع علي أكبر ولايتي المستشار البارز للزعيم الأعلى الإيراني على خامنئي إلى الاستثمار في مشاريع إعادة الاعمار في سوريا “حيث تدمرت البنية التحتية بسبب الحرب.”

وأبدت طهران بالفعل اهتماما بمساعدة سوريا في إعادة بناء الطرق والمطارات ومحطات الكهرباء والموانئ – وهو ما قد يصب في مصلحة الحرس الثوري الإيراني الذي يمتلك أكبر شركات بقطاع التشييد في إيران.

لكن ما أشادت به طهران ودمشق باعتباره “صفحة جديدة” في العلاقات الاقتصادية بين البلدين لم يلق ترحيبا من بعض السوريين.

ووصفت إحدى جماعات المعارضة السياسية الاتفاقيات بأنها “مدانة وغير شرعية ولا يمكن القبول بها تحت أي ظرف.”

وقال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان نشره على موقعه الإلكتروني إن هذه الاتفاقات “انتهاكات إضافية لسيادة سوريا ومحاولة لمكافأة قوة احتلال سافرة تتقاضى مكاسب ومغانم لقاء مشاركتها في سفك دماء السوريين والسعي لكسر إرادتهم.”

وقالت سانا إن طهران ودمشق تسعيان لتوقيع اتفاق في غضون أسبوعين لتمهيد الطريق أمام استثمارات تقوم بها الشركات الإيرانية في ميناء سوري لكنها لم تفصح عن اسم الميناء.

وقال سجاد بور “إيران تتعامل مع سوريا على نحو متزايد باعتبارها إحدى محافظاتها…لقد أنقذوا الأسد من السقوط والآن يبدو أنهم يشعرون بحقهم في مساعدة أنفسهم من خلال الاقتصاد السوري.”

ونقلت وكالة سانا عن وزير الطاقة الإيراني قوله إن طهران مستعدة لتوقيع اتفاقية طويلة الأجل مع دمشق في قطاع الطاقة.

وتعمل شركات إيرانية بالفعل في عدد من مشروعات توليد الكهرباء البالغة قيمتها 660 مليون دولار في سوريا وفقا لوسائل إعلام حكومية إيرانية.

وتهدف إيران لتصدير الكهرباء إلى سوريا وإنشاء أكبر شبكة للكهرباء في العالم الإسلامي عبر ربط شبكة الكهرباء الإيرانية الوطنية مع شبكات العراق ولبنان.

المصدر: رويترز عربية