الحقوقي السوري حسين نعسو: إيقاف انتهاكات حقوق الإنسان يتطلب موقفا دوليا صريحا وإرادة  للمحاسبة

50

يرى حسين  نعسو، الحقوقي السوري، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ إيقاف الانتهاكات ضد حقوق الإنسان التي ترتكبها مختلف الأطراف في سورية يتطلّب وقفة حازمة وموقفا دوليا واضحا تنفيذا للقرارات الأممية التي تشدد على وقف إطلاق النار والمضي نحو الحلّ السياسي السلمي.

س- ما هي حقيقة واقع حقوق الإنسان بسورية وما تقييمكم للجهود الحقوقية لإيصال معاناة السوريين إلى العالم؟

ج- نستطيع القول بشكل عام إنّ هناك انتهاكات كبيرة وواضحة لحقوق الإنسان في سورية، تُرتكب بشكل يومي ومتعمد وذلك في جميع المناطق وباختلاف القوى المسيطرة عليها وإن كانت بنسب مختلفة من مكان إلى أخر باختلاف القوى العسكرية وقوى الأمر الواقع المسيطرة على الأرض، إلى درجة عجزت المنظمات الحقوقية السورية عن إيصال معاناة الشعب السوري إلى الهيئات الدولية والرأي العام الدولي بالشكل المطلوب لأسباب عدة منها وجود غالبية المنظمات خارج الأرض السورية لعدم إفساح المجال لها للتحرك على الأرض ومراقبة الانتهاكات وتوثيقها من جهة، وتشتت تلك المنظمات وعدم وجود منصات جامعة وموحدة لها من جهة أخرى ما يساهم في إضعافها ودخولها في تناقضات أحيانا.. وعلاوة على ذلك هناك التبعية السياسية أو التمويل المالي لبعض المنظمات  الأمر الذي يمنعها من نقل صورة الواقع كما هي مما تضطر معها إلى محاباة جهة على حساب أخرى.

 

س- تتواصل الانتهاكات التركية لشمال وشرق الفرات.. كيف يمكن إيقاف العدوان المستمر؟

ج- حقيقة لاتوجد آلية معينة من شأنها إيقاف انتهاكات الاحتلال التركي والفصائل السورية التابعة له بحق المواطنين في الشمال السوري المحتل وذلك في ظل غياب الإرادة الدولية للمحاسبة ، نتيجة تغليب المصالح الاقتصادية والسياسية لدى الدول على غيرها من قضايا حقوق الإنسان خاصة لكون تركيا عضوا في حلف الناتو وترتبط بشبكة علاقات دولية موسعة إضافة إلى استغلالها للتناقضات والخلافات السياسية فيما بين سورية وأمريكا.

 

س-هل يستحق وضع النساء والأطفال في سورية إلى حملات مناصرة دولية حقيقية سيما مع الانتهاكات التي مست الفئات الهشة؟

ج- ليس النساء والأطفال فقط هم من يحتاجون في سورية إلى حملات المناصرة الدولية، بل الإنسان السوري بشكل عام رجالًا ونساءً يحتاج إلى حملات المناصرة في ظل الحرب الأهلية (الطائفية) التي عصفت بالبلاد منذ أكثر من عشر سنوات والتي لم تساهم فحسب في انتهاك حقوق الإنسان السوري بل قضت على الشجر والحجر والبشر فيها.

 

س-هل يمكن اعتبار ماتقوم به الدول المتدخلة في سورية جرائم ضد الإنسانية وجب مقاضاتها  على الجرائم والانتهاكات المتكررة؟

ج- بالتأكيد تعتبر جرائم الدول المحتلة لأراضي سورية والمتدخلة في شأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقا للمواد (7-8) من ميثاق روما، وإن كانت بنسب متفاوتة، وتستحق إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية بغية محاسبة ومحاكمة الجناة، ولكن – للأسف- لكون سورية ليست من الموقعين على ميثاق روما المؤسس للجنائية الدولية لعام 1998 وفي ظل عدم وجود رغبة وإرادة دولية بإحالة ملف الجرائم في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية عن طريق مجلس الأمن الدولي كشروط وإجراءات شكلية وفقا لنص المادة (13) من ميثاق روما  ، فإنه يستحيل معه إحالة ملف الجرائم  إلى تلك المحكمة.

 

س-هل تسعى تركيا إلى تتريك عفرين بعد احتلالها؟.. وكيف يمكن مواجهة هذا التغيير الديمغرافي  الذي تنتهجه أنقرة؟

ج- كان هدف تركيا  الأساسي منذ اليوم الأول من عدوانها على منطقة عفرين السورية ذات الخصوصية والهوية الكردية  هو إجراء التغيير الديمغرافي في تلك المنطقة من خلال التهجير القسري لأهلها الكرد واستجلاب أتباعها من مسلحي الفصائل السورية وعوائلهم من العرب والتركمان من مناطق سورية عدة وتوطينهم هناك، وأعتقد أنّ تركيا نجحت في ذلك وحققت مرادها ، حيث إن نسبة التتريك والتعريب في منطقة عفرين قد وصلت تقريبا الى حدود 75‎% ، بعد أن كانت نسبة الكرد فيها قبل الاحتلال تتجاوز 95‎‎%.

 

س–مطالبات الأمم المتحدة بالتدخل ومنع استغلال ورقة اللاجئين السوريين من قبل تركيا والكف عن بناء المستوطنات، كيف السبيل إلى تجسيدها وتحقيقها؟

ج– تركيا تعتبر من أكثر الدول التي تقوم باستغلال قضية اللاجئين الإنسانية لغايات دنيئة وأجندات سياسية خاصة بها ، حيث قامت باستخدام هذه الورقة كوسيلة ضغط وابتزاز ضد الاتحاد الأوروبي من خلال تهديده بإغراق الاتحاد باللاجئين السوريين فيما إذا لم يخضع الاتحاد لمطالبها المتمثلة بالحصول على التعويض والمال لقاء إيوائها اللاجئين السوريين على أرضها ، وقد نجحت بذلك وحصلت من الاتحاد الأوروبي على عشرات المليارات من اليوروهات ، والآن تحاول استخدام ورقة اللاجئين لأجندات سياسية وعنصرية من خلال تهجيرهم وتوطينهم وإسكانهم في مناطق الشمال السوري وخاصة المناطق الكردية وذلك تحت يافطة إنسانية وهي ” العودة الطوعية” من خلال بنائها مستوطنات في تلك المناطق بدعم مالي خليجي ، وقد تقدمت ،منذ أشهر، أكثر من 46 منظمة حقوقية ومدنية سورية برسالة مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وكذلك إلى مؤتمر بروكسل للمانحين بخصوص ضرورة عدم الرضوخ للابتزاز التركي والامتناع عن تمويل أودعم مشاريعه العنصرية والاستيطانية في سورية.

 

س- كيف يمكن وضع خطط وبرامج لإعادة المهجرين والنازحين السوريين إلى ديارهم ومنازلهم  بضمانات ورعاية أممية؟

ج-إعادة اللاجئين السوريين إلى موطنهم وأراضيهم تتوقف على إيجاد حل سلمي عادل وشامل للمشكلة السورية ككل ، إذ لايمكن تجزئة منطقة عن أخرى، وهناك عملية تهجير واسعة شهدتها سورية سواء عبر عمليات اللجوء إلى الخارج أو النزوح إلى الداخل السوري ، ولذلك فإن العودة تتطلب أولا وقف الحرب وإيجاد مصالحة سياسية وتهيئة الأرضية المناسبة لذلك من توفير للخدمات وإعادة الإعمار وتحقيق الأمن وذلك برعاية وضمانة دولية .. لكن إلى هذه اللحظة أعتقد أن الظروف غير ملائمة..