الرئيس المشترك لهيئة الصحة في الإدارة الذاتية د.جوان مصطفى: الوضع الصحي شمال سورية صعب للغاية بسبب تقاعس المجتمع الدولي عن تقديم المساعدة

35

لا يزال الوضع الصحي شمال سورية صعبا للغاية برغم كل النداءات التي قوبلت بتقاعس المنظمات الدولية لجلب اللقاحات للمنطقة التي يعيش فيها أكثر من 5 ملايين شخص، وقد حذرت الإدارة الذاتية من إمكانية انفلات الوضع الوبائي في صورة تواصل سياسة اللامبالاة.

ويؤكد الدكتور جوان مصطفى، الرئيس المشترك لهيئة الصحة في الإدارة الذاتية في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الوضع الصحّي شمال وشرق سورية ينذر بوقوع كارثة حقيقية بسبب انتشار وباء كورونا وصعوبة السيطرة على حالات التفشي خاصة مع ارتفاع عدد الإصابات والوفيات منذ شهر أغسطس الماضي، داعيا المجتمع الدولي إلى التدخل لتدارك الأوضاع.

 

س-حديث عن وضع صحّي سيّء ومرعب ينذر بكارثة بسبب انتشار وباء كورونا.. لو تطلعنا كمسؤول هيئة الصحة في الإدارة الذاتية عن الوضع هناك بأكثر تفاصيل ؟

ج- في منتصف الشهر الثامن بدأت حالات إصابات كورونا في الارتفاع وتضاعفت مع بداية شهر سبتمبر الماضي بشكل فظيع مع ارتفاع عدد الوفيات في ظل ضعف قدرة استيعاب المراكز التي تمّ تجهيزها ما زاد المخاوف من الفشل في السيطرة على الوضع، وهو نتيجة عدم وجود بنية تحتية جيّدة وعدم توفر الأدوية بالكميات المناسبة بسبب الحصار المفروض على شمال شرقي سورية لإدخال الأجهزة والأدوية وأنابيب الأكسجين التي تحتاجها المراكز لمعالجة الإصابات الخطيرة التي تعاني مشاكل تنفسية وغيرها، ولا ننسى عدم توفّر الكمية المطلوبة من اللقاحات حيث تلّقت المنطقة 55 ألف جرعة لعدد سكان يقدر ب5.5 ملايين ساكن وهي كمية قليلة جدا تقدر ب1بالمائة في حال أن كل شخص يحتاج إلى جرعتين.. كل هذه الأمور أدت إلى تفاقم الأزمة وسرعة انتشار الوباء وازدياد الإصابات والوفيات وامتلاء المراكز حيث وصلنا إلى مرحلة إمكانية حدوث كارثة إنسانية في المنطقة .

 

س- إذن تسجلون بالفعل تقاعسا من المجتمع الدولي في مساعدة الإدارة الذاتية لمجابهة انتشار الوباء؟

ج- هناك تقاعس كبير من منظمات المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية للتصدّي لانتشار الجائحة ، المنطقة بحاجة كبيرة للقاحات لتجاوز الوضع الوبائي ، أقول إن توفير اللقاح سيكون عاملا مهما في التصدّي لمزيد انتشار الفيروس ومجابهته وإيقاف نزيف الموت لكن إلى حد اللحظة لا توجد آذان صاغية لمطالبنا.

 

-س- يعاني معظم سكان مناطق الإدارة الذاتية شمال وشرق سورية من أزمة مياه حقيقية أدت إلى كارثة على عدة مستويات، سيما أن أزمة المياه في المنطقة لها عدة عوامل، منها انخفاض مستوى نهر الفرات معظمه بسبب الجفاف إضافة إلى عوامل أخرى منها إقامة السدود في تركيا على مجرى النهر، في إخلال بالمعاهدات الدولية التي أبرمتها..هل تستخدم أنقرة اليوم حرب المياه ضد الشعب السوري، من خلال قطع مياه محطة علوك، وكذلك قطعها مياه نهري الفرات ودجلة، ومن يتحمّل كل المسؤولية القانونية والإنسانية عن كل ما سيلحق بـ5 ملايين نسمة، من قاطني شمال وشرق سورية؟

ج- منذ عام2019 وهو تاريخ الهجوم التركي على الشمال السوري واحتلال منطقة رأس العين ومحطة علوك التي كانت تغذّي الحسكة وريف التمر ،أصبح مايقارب مليون شخص يعانون مصاعب جمّة، أمّا حاليا فتتحكم تركيا بمصادر المياه وقد تسببت في عدم توفير المياه لتلك المناطق التي تعيش العطش، وأيضا لاننسى قطع مياه نهر الفرات ما أدى إلى أزمة صحية .. هي بالفعل حرب مياه حقيقية تعتمدها تركيا لإذلال تلك المنطقة عن طريق عامل المياه الرئيسي للحياة بعد إيقاف جريان المياه نحو نهرالفرات، حيث تضرب أنقرة بعرض الحائط كل المواثيق الدولية والقوانين والاتفاقيات التي كانت موجودة ما بين سورية وتركيا بحصة سورية من مياه نهر الفرات التي تقدر ب500متر مكعب في الثانية، وضعت تركيا يدها على المياه وحاليا تعاني مناطقنا من الجفاف نتيجة تلك التصرفات اللامسؤولة والمتعارضة مع القانون الدولي .

 

س ماتعليقك على ما صرح به المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن الذي قال إن لتركيا الحق في الدخول إلى سورية مثلما قامت بذلك روسيا أو أمريكا؟ ثم ألا ترون أن زحف كل تلك الجيوش قد أضرّ بإمكانية التسوية السياسية، حيث دفعت إلى تصعيد الوضع وتأزيمه؟

ج-الأزمة السورية تدوّلت بعد أن أثقلت عبءَ الوضع التدخلاتُ الأجنبية الكثيرة من بينها تركيا التي تدخّلت بشكل “سافر وغير بريء” تحقيقا لمصالح سياسية ضيّقة على حساب الشعب السوري، ويعتبر موقف أنقرة التي تروج بأن الحل بيدها ولا بد أن يمر مع توافق معها، سببا في تأزيم الوضع، إذ بات خروجها أمرا ضروريا لتحقيق التسوية السياسية على أسس أممية معلومة خاصة بعد أن خرجت الأزمة من أيدي السوريين وأصبحت بأيدي دول كبرى نافذة تسير وفق مصالحها الذاتية في حين أنه لا وجود لأي شرعية لتدخل تركيا في سورية وهي من أبرز أسباب إطالة تأزم الوضع وتشعّبه بهذه الطريقة.

 

س-يقول مراقبون إنّ الأكراد وجدوا ما يحصل في سورية ‘فرصة ذهبية’ لنبذ سياسة الإقصاء والتجاهل واللامبالاة التي عاشوها عقودا من الزمن في ظل السياسات المختلفة والحكومات المتعاقبة في سورية، فزحفوا لتأسيس ‘إدارة ذاتية ديمقراطية’ في شرقي الفرات، وحاربوا تنظيم “داعش” وربحوا المعركة بدعم أمريكي ، ذلك الانتصار والتطور أرعب تركيا و قدّم لها الأسباب لمحاربة المشروع الكردي الفتي الناجح مبدئيا، بتعلّة حماية أمنها القومي، حيث لم يعد همّها إسقاط النظام بل إبادة الأكراد ونسف مشروعهم..ما تعليقكم ؟

ج- كان هدف تركيا في سورية ولا يزال، التصدّي للأكراد في سورية ومعارضة أي حقوق مشروعة لهم ومنع تمركزهم السياسي مستقبلا، وقد أدخلت الدولة التركية مجموعات إرهابية إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية من بقايا “الجيش الحر” و”جبهة النصرة” وأخيرا تنظيم ” داعش” عبر هجوم الأخير على كوباني والذي كان بدعم وتنسيق مع أنقرة بتقديم كل الدعم اللوجستي للسيطرة على الشمال السوري.. فوبيا الوجود الكردي ووجود إدارة وإرادة أو أي كيان للشعب الكردي يزعج تركيا وتعتبره تهديدا لأمنها القومي وتعتمد كل السبل لمنع ذلك الوجود والاستمرارية لأي كيان كردي في أي منطقة كانت .

 

س- لماذا يخشى النظام من الحوار مع الإدارة الذاتية، وماهي العوائق التي تحول دون تحقيقه برغم استعداد الإدارة لذلك؟

ج- مايخيف النظام لفتح حوار مع الإدارة الذاتية هو الذهنية والعقلية الموجودة لدى النظام وحلمه بعودة سورية إلى ماقبل2011 وعودة سيطرته بقبضته الأمنية الحديدية على كامل البلاد، وهو حلم وهدف من الصعب تحقيقه.. أفكار تراود النظام فقط وهو السبب الرئيسي لمنع فتح الحوار برغم استعدادات الإدارة مرارا وترحيبها بالحوار، النظام لايريد فتح طريق التفاوض من أجل الحلّ السياسي الذي يُشترط أن تكون الإدارة حاضرة فيه، والإدارة لن تقبل مجددا سياسة الاقصاء والتهميش ومن حقها الوجود والمشاركة في الحياة السياسية السورية كبقية المكونات الأخرى التي تتعايش في سورية، البلد الموحّد.