الرقة السورية.. من الازدهار العباسي إلى معقل داعش

18

تعد مدينة الرقة التي تشكل منذ أشهر هدفا لعمليات قوات سوريا الديموقراطية والتحالف الدولي بقيادة واشنطن، من أقدم المدن التي احتلت حيزا في التاريخ عبر آلاف السنين، وقد تحولت منذ العام 2014 إلى أبرز معاقل تنظيم داعش في سوريا.

العاصمة السابقة للعباسيين

بلغت مدينة الرقة أوج ازدهارها في عهد الخلافة العباسية، ففي العام 722، أمر الخليفة المنصور ببناء مدينة الرافقة على مقربة من مدينة الرقة، واندمجت المدينتان في وقت لاحق.

وبين العام 796 إلى العام 809، استخدم الخليفة هارون الرشيد الرقة عاصمة ثانية إلى جانب بغداد، لوقوعها على مفترق طرق بين بيزنطية ودمشق وبلاد ما بين النهرين، وبنى فيها قصورا ومساجد.

وفي العام 1258، دمر المغول مدينتي الرافقة والرقة على غرار ما فعلوا ببغداد.

مدينة استراتيجية على الفرات

تتمتع مدينة الرقة بموقع استراتيجي في وادي الفرات عند مفترق طرق مهم.

وهي قريبة من الحدود مع تركيا وتقع على بعد 160 كيلومترا شرق حلب وعلى بعد أقل من مئتي كلم من الحدود العراقية.

وأسهم بناء سد الفرات على مستوى مدينة الطبقة الواقعة إلى الغرب منها في ازدهار مدينة الرقة التي لعبت دورا مهما في الاقتصاد السوري بفضل النشاط الزراعي.

وكان عدد سكانها يبلغ نحو 240 ألفا أضيف إليهم بعد بداية الأحداث نحو 80 ألفا من النازحين خصوصا من منطقة حلب، بالإضافة إلى آلاف الجهاديين مع عائلاتهم.

أول مدينة كبيرة تسقط بأيدي المعارضة

في الرابع من آذار/مارس 2013 وبعد عامين من بدء حركة الاحتجاجات ضد النظام السوري، تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على مدينة الرقة لتكون أول مركز محافظة في سوريا يخرج عن سلطة النظام.

واعتقل مقاتلو المعارضة المحافظ وسيطروا على مقر المخابرات العسكرية في المدينة، أحد أسوأ مراكز الاعتقال في المحافظة،  بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

كما تم تدمير تمثال في المدينة للرئيس السابق حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي.

الرقة معقل داعش

لكن معارك عنيفة اندلعت بين تنظيم داعش ومقاتلي المعارضة وبينهم جبهة النصرة في ذلك الوقت  في بداية شهر كانون الثاني/يناير 2014 انتهت بسيطرة التنظيم على كامل مدينة الرقة في الرابع عشر من الشهر ذاته.

وفي حزيران/يونيو 2014، أعلن تنظيم داعش إقامة “الخلافة” انطلاقا من مساحة واسعة من الأراضي التي سيطر عليها في العراق وسوريا.

وفي 24 آب/أغسطس من السنة نفسها، بات تنظيم داعش يسيطر بشكل كامل على محافظة الرقة بعد انتزاع مطار الطبقة من قوات النظام.

وفرض التنظيم الجهادي قوانينه على الرقة، مستخدما كل أساليب الترهيب.

في حزيران/يونيو 2015، خسر التنظيم بعض البلدات عند أطراف المحافظة، أبرزها تل أبيض وعين عيسى التي سيطرت عليها وحدات حماية الشعب الكردية.

إعدامات وخطف

لجأ تنظيم داعش إلى الإعدامات الجماعية وقطع الرؤوس وعمليات الاغتصاب والسبي والخطف والتطهير العرقي والرجم وغيرها من الممارسات الوحشية في الرقة، ففرض سيطرته ونشر الرعب بين الناس.

وحرص التنظيم على استخدام كل التقنيات الحديثة لتصوير فظاعاته على أشرطة فيديو نشرها على الانترنت.

استعادة الرقة

تشكل مدينة الرقة منذ الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر هدفا لعملية عسكرية واسعة لقوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل عربية وكردية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

وتمكنت قوات سوريا الديموقراطية خلال الأشهر الماضية من إحراز تقدم نحو المدينة وقطعت كافة طرق الإمداد الرئيسة للتنظيم من الجهات الشمالية والغربية والشرقية، وهي موجودة حاليا على بعد ثمانية كيلومترات من الجهة الشمالية الشرقية في أقرب نقطة لها من المدينة.

وفي 24 آذار/مارس، أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان أن الرقة محاصرة وأن المعركة فيها ستبدأ في الأيام المقبلة.

المصدر: إرم