الرقة بين ميزان العرف العشائري  وأسقف القانون الوضعي

41

تعرف القبيلة بأنها جماعة من الناس تنتمي في الغالب إلى نسب واحد يرجع إلى جد أعلى أو اسم حلف قبلي يعدّ بمثابة جد، وتتكون من عدة بطون وعشائر.
وهي أكبر وحدة قرابية في المجتمعات العربية، تقوم على انتساب عدد من العشائر إلى سلف واحد مشترك هو الجد الأول.
ويعرف الشيخ ” فارس حوران المهيد” وجيه قبائل الفدعان بالرقة للمرصد السوري، بأن القبيلة هي تضم مجموعة من العشائر يجمعهم النسب والتاريخ والموروث وتتعدد المساكن، وتليها العشيرة التي تكون درجة القربى أقرب وهي جزء من تحالف عدة عشائر قد لايجمعهم جد أو أب واحد، بل بسبب ما أو ظرف معين، كما هو حال عدة قبائل في الرقة ودير الزور والحسكة.
ويضيف الشيخ “الحوران” : يغلب على النمط الحياتي لسكان الرقة وأريافها، مفهوم الطابع العشائري وسيادة للتقاليد والأعراف المتوارثة وأبرزها الصلح العشائري وقضايا الدم  والمهر والزواج، بل والجوار، ونحن نظمنا أنفسنا كوجهاء وشيوخ عشائر الرقة، لإيجاد الحلول بشكل دائم وزيادة تماسك المجتمع العشائري بالرقة، وحفظ حقوق العوائل الصغيرة، ضمن بوتقة الحق والواجب ونبذ العصبيات القبلية.
ويقول وجيه قبائل الفدعان وإدارة مجلس الأعيان بالرقة : أغلب القضايا التي استطاعت العشائر النفاذ لها هي قضايا الدم والثأر بين عشيرتين، بحيث يتم معالجتها عبر وساطات، قمت بالعديد منها في ما يمس أمور عشيرتي وباقي العشائر، واستطعنا وضع قانون دائم لتحديد الدية، لتجنب إراقة الدماء وتطور المواجهات بين أطراف أي نزاع عشائري.
وبالطبع كان تحديد الدية بالذهب 20غرام “، وغلب أحياناً على المصالحات الصفح والعفو من قبل ذوي القتيل خاصة إن كان القتل غير المتعمد خطوة “، وحدث معنا بعدة صلح دم بين العشائر، بالمجمل نستطيع القول إن سلطة العشائر والعرف العشائري قد تكون هي الأنجع في مجتمع الرقة كون المناخ العام للسكان هو عشائري بحت.
ويتابع الشيخ” المهيد ” للمرصد السوري : للأسف في وقتنا الحالي، باتت مفردات مشيخة ووجهاء تستثمر لغايات ووجهات لاتمت للأعراف والتقاليد بصلة، حيث أن الشيخ أو وجيه القبيلة قديماً لم يكن مأجوراً أو يمثل السلطة السياسية، وإنما هناك قواعد وأعراف متوارثة كابراً عن كابر، قبل أن تدخل المدنية مضافات العشائر.
وتوفر القبيلة إطاراً لهوية مشتركة ترتب حقوقا والتزامات على الأفراد المشتركين فيه، وهو الأقرب لسكان الرقة، مجرد أن تسأل أي مواطن من هي “العمام” فقد حددت هويته ومسكنه وتاريخه.
بالمقابل ونتيجة تغلب العرف العشائري وتحالفات القبائل بالرقة، فقد اكتفت السلطة القضائية بتحديد قائمة للعقوبات الجزائية للجنح والجرائم المرتكبة، يغلب عليها تنفيذ أحكام السجن المدني ويختفي منها الإعدام أو النفي “الترحيل لخارج المنطقة”.
ويؤكد القاضي محمد الدعيل من مجلس العدالة الإجتماعية بالرقة للمرصد السوري :أن جرائم القتل بالقانون السوري تأخذ عدة أقسام منها ” القتل العمد ويعاقب عليه القانون السوري بالإعدام، ولم تطبق هكذا أحكام في مناطق “الإدارة الذاتية” ويخفف بالسجن المؤبد”.
ويضيف القاضي الدعيل: أن القتل لسبب سافل كالقتل بسبب السرقة وغيرها يعاقب المرتكب بالأشغال الشاقة المؤبدة، أما القتل قصدا بالمادة 533 من قانون العقوبات السوري فيحاكم بالأشغال الشاقة المؤقتة 15 عام، والقتل خطأ لكن حدثت الوفاة كمن يضرب شخص بعصا” الإيذاء المفضي للموت ” وهو جناية وأحكامه من سنتين لسبعة ، والقتل غير العمد لايريد القتل ولا النتيجة بالمفهوم العام والتسبب بالوفاة مثل حوادث السير، تتراوح عقوبتها من ثلاثة أشهر إلى سنة، وإن حصل إسقاط حق عام، ويتوقف كإجراء احترازي.
وتشهد الرقة الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية، نزاعات عشائرية وقتل بمشاجرات جماعية أبرزها كان مقتل شابين من عائلة الهنداوي آب الماضي  عندما فتح النار عليهم أحد أبناء عمومتهم في شارع القطار مما تسبب بمقتلهما واصابة طفل وطفلة بالرصاص أحدهما تسبب ببتر قدمه.
ولقي أربعة أشخاص وسيدتين  حتفهم من عشيرة البريج في منطقة جديدة كحيط شرقي الرقة، في مشاجرة بين أبناء العشيرة دون وجود أي رادع قانوني أو أمني،  فيما دعا شيوخ ووجهاء عشائر الرقة لفض النزاع بين الطرفين واستعادة السيطرة بحسب الموروث العشائري.