“السجن الغربي” يحبط مخطط إحياء تنظيم “الدولة الإسلامية” لنفسه والسيطرة على مساحة تمتد من الحسكة إلى العراق

المرصد السوري يكشف التفاصيل الكاملة للمخطط الحقيقي وراء عملية "سجن غويران"

90

لاشك بأن عملية “سجن غويران” هي أكبر وأضخم وأعنف عمليات تنظيم “الدولة الإسلامية” منذ انهياره الشكلي وإنهاء سيطرته على مناطق مأهولة بالسكان في آذار/مارس 2019 ، إلا أن “ما خفي أعظم” كما يقال، حيث أن مخطط التنظيم كان أكبر بكثير من إثبات وجود وتهريب سجناء وتوجيه ضربة موجعة للقوات العسكرية المسيطرة على المنطقة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان استمر بمتابعة ملف عملية سجن غويران وتمكن من كشف المخطط الرئيسي للتنظيم بتفاصيله الكاملة، حيث أكدت مصادر موثوقة للمرصد السوري، بأن عملية السجن كان التنظيم يستعد لتنفيذها في خواتيم شهر آذار أو بدايات شهر نيسان من العام الجاري، وليس في شهر يناير/كانون الثاني، وكانت تهدف لإعادة إحياء التنظيم وسيطرته على مساحة واسعة في المنطقة من الحسكة وصولاً إلى الأراضي العراقية، إلا أن متعاونين مع سجناء التنظيم من حراس السجن، أخبروهم بأنه سيتم نقلهم إلى سجن جديد محصن أنشأته دولة غربية شرقي الحسكة على طريق منطقة الهول في 18 كانون الثاني، أجبر عناصر التنظيم على الاستعجال وبدء العملية في 20 كانون الثاني.
مصادر المرصد السوري أكدت بأن العملية التي من المفترض أن تكون في آذار/نيسان، جهز تنظيم “الدولة الإسلامية” لها مجموعات مؤلفة من 20 إلى 30 عنصر في كل مجموعة انتشرت في كل من الهول، تل تمر، غويران، أحياء أخرى في الحسكة، والرقة، والطبقة، وطريق دير الزور “طريق الخرافي”، كانت ستكون مهمتها خلق حالة من الفوضى أثناء العملية وتشتيت القوات العسكرية وقطع الطرقات بين تل تمر والحسكة، والهول والحسكة، والرقة والحسكة، كما عمد التنظيم إلى تجهيز 7 آليات مفخخة، فجر نحو 3 منها أما البقية فجرتها قوات سوريا الديمقراطية لاحقاً.
وأضافت المصادر الموثوقة، بأن الهدف الرئيسي للعملية كان تهريب السجناء جميعهم وإخراج عوائل التنظيم من مخيم الهول، وفتح طريق من الحسكة إلى العراق عبر منطقة الهول وتحديداً عبر وادي لايزال التنظيم ينتشر فيه من الجانب العراقي المقابل للهول شرقي الحسكة، وبالتالي سيطرت التنظيم على بقعة جغرافية ليست بالصغيرة في تلك المنطقة وإعادة إحياءه من جديد.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن غالبية السجناء كانوا من الجنسية العراقية وبنسبة أقل أجانب وسوريين، وكان قائد العملية من السجن عراقي الجنسية أيضاً، وتمت مساعدتهم من قبل حراس في السجن عبر إدخال مستلزمات ومعدات لهم إلى داخل السجن، بينما يُقدر عدد الهاربين من السجن بين 250 إلى 300 سجين، العشرات منهم وصلوا إلى العراق وتركيا، ومناطق نفوذ فصائل غرفة عمليات “درع الفرات” بريف حلب الشرقي والشمالي الشرقي، بينما البقية متوارين في مناطق نفوذ الإدارة الذاتية في الحسكة والرقة ودير الزور ومنبج بريف حلب، كما جرى إلقاء القبض على قسم منهم من قبل القوات العسكرية التي تواصل حملاتها الأمنية حتى يومنا هذا.
عملية هروب هؤلاء كانت بسبب تأخر القوات العسكرية بفرض طوق عسكري على الحسكة خلال العملية، حيث استغرق الأمر نحو ساعة ونصف، وهو ما أتاح الفرصة لهؤلاء بالهروب، إذ تشير المصادر بأن عملية فرض الطوق كانت أن تستغرق حوالي 40 دقيقة فقط.

يذكر أن عملية “سجن غويران” استمرت حوالي 9 أيام بشكل فعلي، حيث بدأت في مساء 20 كانون الثاني/يناير، وانتهت في 29 من الشهر ذاته، أدت إلى سقوط أكثر من 510 قتيلاً، هم: 4 مدنيين و3 متعاونين مع الدفاع الذاتي، و156 من القوات العسكرية المشاركة في العملية المضادة، و347 من تنظيم “الدولة الإسلامية” بينهم 140 قتلوا باستهدافات جوية من قبل طائرات التحالف الدولي، وعدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود عشرات الجرحى وعدد كبير من الذين لايزال مصيرهم مجهول حتى اللحظة.
كما يذكر أن عناصر التنظيم شوهوا ومثلوا بجثث العشرات ممن جرى أسرهم واحتجازهم في سجن غويران أثناء العملية، عبر فصل رؤوسهم عن أجسادهم وإحراق جثامينهم، غالبيتهم العظمى من أبناء عين العربي (كوباني)، حيث أن لايزال بعض تلك الجثث مجهولة المعالم حتى هذه اللحظة.

إن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته لمجلس الأمن الدولي بإحالة ملف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سورية إلى محكمة الجنايات الدولية، لينال قتلة الشعب السوري عقابهم مع آمريهم ومحرضيهم.
كما يشير “المرصد السوري” إلى أنه سبق وأن أشار مراراً وتكراراً أن تنظيم “الدولة الإسلامية” لم ينتهي وجوده في سورية في آذار/مارس 2019، بل ما جرى هو إنهاء سيطرته على مناطق مأهولة بالسكان، بينما لايزال التنظيم يواصل عملياته في مناطق واسعة من الأراضي السورية ويوجه رسائل إلى العالم أجمع بأنه لم يفقد قوته ولم تستطع قوات النظام وروسيا ولا التحالف وقسد بالحد من نشاطه على الرغم من الحملات الأمنية المتكررة.
كذلك، يشير المرصد السوري أنه سبق وحذر قبل إعلان التنظيم عن “دولة خلافته” في سورية والعراق، بأن هذا التنظيم لم يهدف إلى العمل من أجل مصلحة الشعب السوري، وإنما زاد من قتل السوريين ومن المواطنين من أبناء هذا الشعب الذي شرد واستشهد وجرح منه الملايين، حيث عمد تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى تجنيد الأطفال فيما يعرف بـ”أشبال الخلافة”، والسيطرة على ثروات الشعب السوري وتسخيرها من أجل العمل على بناء “خلافته”، من خلال البوابات المفتوحة ذهاباً وإياباً مع إحدى دول الجوار السوري.