السنيورة : النظام السوري يلجأ لأسلوب التهديد والشتم والتهويل مع السياسيين والمسؤولين اللبنانيين

31
كشف رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة أن رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، بكى على كتفه، وقال له: «لن أنسى في حياتي الإهانة التي وجهها لي (الرئيس السوري) بشار الأسد»، في ديسمبر (كانون الأول) 2003، بعد اللقاء الشهير الذي جمع الحريري بالأسد، مشيرًا إلى أنه علم باللقاء من الحريري شخصيًا في بدايات عام 2004.
وأكد السنيورة أن الحريري «كان يتجهم ويظهر عليه مقدار من الغضب وشعور عميق من الإهانة، عندما كان يذكر هذا اللقاء»، مضيفا: «وكنت أتجنب تحريك ذلك السكين في جرحه وكان جرحا عميقا».
وجاءت تصريحات السنيورة في اليوم الأول من الإدلاء بشهادته أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، وقال: «كنت أتفهم عدم رغبة الحريري بإعادة العبارات التي سمعها بالنص، لكنه قال (بهدلني وشتمني وأهانني) وهذه العبارات كافية، ولست مضطراً لأن أسأله ما هي العبارات الحرفية التي قالها الأسد».
وأوضح السنيورة أن «النظام السوري كان يلجأ لأسلوب التهديد والشتم والتهويل بنسب مختلفة مع السياسيين والمسؤولين اللبنانيين»، مؤكدًا أن «طريقة النظام السوري كانت مسفة بالتهويل على المسؤولين اللبنانيين، كي ينصاعوا لما كان يريده النظام». كما لفت إلى أنه بعد مؤتمر باريس 2 «ازدادت العراقيل بوجه الحريري ومشاريعه الحيوية، ووصل إلى الحد الذي بدأ معه يرى أن ثمة استحالة بتحقيق اختراق»، وأكد أن الحريري «وصل إلى مرحلة بدأ يعد فيها الجلسات المتبقية من عهد لحود». واعتبر أنه «حتى المرونة لم تنفع مع لحود، لكن الحريري كان يأمل بالاحتكام إلى الدستور والسير بأي رئيس آخر».
وأشار السنيورة، في الجولة الثانية من شهادته أمس، إلى أن «عرقلة (الرئيس اللبناني الأسبق) إميل لحود للإصلاحات ما كانت لتتم لولا غض النظر السوري»، لافتا إلى أنه «هناك من حاول لجم إصلاحات الحريري كي يبقى لبنان تابعا للنظام السوري». وأضاف: «بالنسبة للنظام السوري، فإن كل عملية إصلاح تؤدي إلى مزيد من الكفاءة والجدارة، وكان له عمل مستمر من التضييق ومنع إصلاحات الحريري. كان هناك مسعى للتضييق على الحريري من خلال لحود».
وأعلن السنيورة «أن الحريري نجح بإطلاق ورشة عمل أساسية في قطاعات عدة، لكن هناك مبالغة كبيرة في الحديث عن إطلاق يده في الإعمار». وأوضح: «من النماذج عن التضييق على الحريري، مسألة الوقوف ضد إنشاء مدارس، وبعد عام 2000 واجه الحريري تعقيدات جديدة بسبب مضايقات لحود»، مؤكدًا أن «الحريري حمل انفتاح لبنان على اقتصادات العالم على عكس اقتصاد سوريا الذي كان مغلقا».
وتابع: «الحريري قال لي إن ثمة من يبحث عن أي وسيلة لإجهاض النجاح الذي تحقق في مؤتمري باريس الاقتصاديين»، مضيفًا: «كانت هناك خشية دائمة من تحقيق الحريري نجاحات مهمة في الخارج، وكان ثمة (حساسية) سوريا من ذلك، وشهدنا مساعي لتشويه صورته لدى الناس».
وكشف السنيورة أن «الحريري تحدث لي أكثر من مرة عن أسماء سورية متورطة في الفساد، وكانت على مستويات عالية»، مشيرا إلى عدد من «مواضيع الفساد التي تورط بها مسؤولون سوريون في لبنان، مثل: التلزيمات والجمارك وقطاعات الهاتف، وغيرها من الأمور التي كنا نسمع بها وندرك ماذا يجري فيها».
وكشف السنيورة أنه «وصل كلام للحريري أنه لم يكن ثمة رأي ثابت للأسد من مسألة التمديد للحود» وأضاف: «أذكر أن عبد الحليم خدام أخبره أنه اجتمع مع الأسد الذي قال له إنه لن يسير بفكرة التمديد» لرئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود.
وكان السنيورة بدأ شهادته بالإعلان عن ظروف معرفته بالرئيس الراحل رفيق الحريري حين كان تلميذا، مشيرًا إلى أن «العلاقة كانت محدودة أيام الدراسة الابتدائية والثانوية»، لافتًا إلى أن هذه «العلاقة توطدت مع الحريري فترة الستينات».
وقال السنيورة: «الحريري كان يؤمن بقضية لبنان ويحرص على التعاون معي ومع كثيرين آخرين. كان مؤمنا بسيادة لبنان واستقلاله وانتمائه للعالم العربي، وكانت علاقتي به علاقة صديقين يؤمنان بنفس المبادئ».
المصدر : الشرق الاوسط