السوريون المسيحيون في دير الزور، بين الاحتضان والهجرة والتَّهجير‎

37

^E0401AA71E216266179A389105A8C0A351C158C485A60FB2C0^pimgpsh_fullsize_distr

ضمت محافظة دير الزور، كالكثير من المحافظات السوريَّة، أطيافاً متنوعة من المكونات الاجتماعية والدينية والمذهبية، وكان لأتباع الديانة المسيحية وجود في عدة مدن بالمحافظة، ومراحل مروا فيها وظروفاً مختلفة عايشوها.

نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، تمكنوا من رصد وتوثيق واقع حياة المواطنين السوريين من أتباع الديانة المسيحية في 3 مدن رئيسية بمحافظة دير الزور.

يتوزع وجود وانتشار أتباع الديانة المسيحية في محافظة دير الزور، على ثلاث مدن رئيسة في المحافظة، وهي مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، ومدينة الميادين الواقعة في ريف دير الزور الشرقي، ومدينة دير الزور.

أولاً- مدينة البوكمال::

يعد المواطنون السوريون من أتباع الديانة المسيحية من مؤسسي مدينة البوكمال، حيث تواجدت 3 عائلات ثرية، توزعت ثرواتها بين عقارات وأراضِ  زراعية، كما كان يوجد في المدينة كنيسة واحدة، محمية من قبل مقاتلي الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية، في الوقت الذي كانوا يسيطرون فيه على المدينة، في النصف الثاني من العام 2012، حيث تعرضت الكنيسة لقصف من قوات النظام المتمركزة في مطار الحمدان، في مطلع شهر أيلول / سبتمبر من العام 2012، وأسفر القصف حينها إلى تهدم جزء من مبنى الكنيسة، ونتيجة للقصف العنيف والمستمر في الشهر ذاته من العام 2012، من قبل قوات النظام التي كانت لا تزال متواجدة في مدينة البوكمال، نزح غالبية أبناء مدينة البوكمال، من ضمنهم المواطنون من أتباع الديانة المسيحية، وشهدت الأشهر الأخيرة من العام 2012، مواجهات واشتباكات عنيفة بين مقاتلي الكتائب المقاتلة والإسلامية من طرف، وقوات النظام من طرف آخر، انتهت بانسحاب الأخير من مدينة البوكمال، وعودة أعداد كبيرة من النازحين من أبناء المدينة، باستثناء أتباع الديانة المسيحية، الذي هاجرَ بعضهم إلى خارج سورية، ونزح القسم الآخر إلى محافظات ومناطق سورية أخرى.

ومع فرض جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) سيطرتها الكاملة في أواخر شهر كانون الأول / ديسمبر من العام 2013، على مدينة البوكمال، أصدر قاضي الهيئة الشرعية التابعة لجبهة النصرة بمدينة البوكمال، قراراً يقضي بهدم الكنيسة بشكل كامل، حيث تم تنفيذ القرار وهدم الكنيسة بوساطة الجرافات.

وفي بداية شهر تموز / يوليو من العام المنصرم 2014، فرض تنظيم “الدولة الإسلامية” سيطرته على كامل مدينة البوكمال الحدودية، والتي ألحقها فيما بعد بـ “ولاية الفرات”، التي تضم مدينة البوكمال وريفها ومدينة القائم العراقية وريفها، حيث استولى التنظيم على أملاك أتباع الديانة المسيحية الذين نزحوا سابقاً من المدينة، وكتب على جدران الممتلكات عبارة “ملك للدولة الإسلامية”، وتمكن نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان من حصر بعض ممتلكات أتباع الديانة المسيحية التي استولى تنظيم “الدولة الإسلامية عليها::

العائلة الأولى::

–   أرض عقارية تبلغ مساحتها نحو 30 دونماً، وتقع في وسط سوق مدينة البوكمال.

العائلة الثانية::

–        عقار يبلغ مساحته نحو 300 متر، تقع في السوق المقبي بالمدينة.

–   منزل قديم بمساحة تصل لنحو 500 متر مربع، يقع في أول شارع بغداد بمدينة البوكمال.

العائلة الثالثة::

–        أرض عقارية تبلغ مساحتها نحو 10 دونم واقعة على الشارع العام بالمدينة.

–        أرض عقارية بمساحة 5 دونم تقع خلف المحكمة بمدينة البوكمال.

–        15 محلاً تجارياً و 10 شقق سكنية

إضافة لاستيلاء تنظيم “الدولة الإسلامية” على 10 منازل تعود ملكيتها للعائلات الثلاث، كما أن التنظيم نفذ عدة حالات إعدام لمواطنين ورجال في منطقة مبنى الكنيسة بمدينة البوكمال.

ثانياً:: مدينة الميادين::

شهدت مدينة الميادين وجود عائلة واحدة من أتباع الديانة المسيحية، تتألف من ثلاثة أخوة، بينهم طبيبان اثنان، حيث كانت تقطن العائلة في منزل واحد، يقع في أول شارع التكية بسوق مدينة الميادين، وبقيت هذه العائلة تسكن منزلها في المدينة، لحين دخول تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى الميادين وسيطرته عليها، وأمهل التنظيم العائلة حتى منتصف أيلول / سبتمبر من العام 2014، لتختار بين “دفع الجزية” أو “الخروج من أراضي الدولة الإسلامية”، إلا أن العائلة اختارت الخروج من المدينة، وانتقلت للعيش في محافظة حمص، ليقوم التنظيم بالاستيلاء على المنزل الذي كانت تقطنه هذه العائلة، والذي يقدر ثمنه بعشرات ملايين الليرات السورية.

ثالثاً:: مدينة دير الزور::

تعد مدينة دير الزور، المدينة الأكبر في محافظة دير الزور، من حيث تواجد عدد العوائل من أتباع الديانة المسيحية، حيث ضمت المدينة، نحو 150 عائلة، أكثر من نصفهم من طائفة السريان الأرثوذكس، وكانت لها مشاركات اعتيادية في المظاهرات اليومية التي خرجت ضد النظام الديكتاتوري، إلا أن الحصار الذي فرضته قوات النظام على مدينة دير الزور، والقصف اليومي على المدينة، من قبل قوات النظام، أجبر الكثير من العائلات من أتباع الديانة المسيحية على النزوح إلى خارج المدينة، حيث لحقت بها بقية العوائل من أتباع الديانة المسيحية، بعد ظهور عدد من الفصائل الإسلامية، وتواجد جبهة النصرة ( تنظيم القاعدة في بلاد الشام) بمدينة دير الزور، وذلك تخوفاً من مضايقات قد يتعرضون لها من قبل الفصائل السابقة.

كذلك فإن العوائل الـ 150 كانت تتوزع على 5 طوائف وهي:: طائفة السريان الأرثوذكس، طائفة السريان الكاثوليك، طائفة الأرمن الأرثوذكس، طائفة الأرمن الكاثوليك وطائفة اللاتين (الكبوشيين)، كما أن الطوائف الخمسة كانت ترتاد خمس كنائس تمكن نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان من رصد وتوثيق ذلك، توزعت على النحو التالي::

1-  طائفة السريان الأرثوذكس، والتي كانت ترتاد كنيسة (السيدة مريم العذراء)، والواقعة في حي الرشدية بمدينة دير الزور، وتعرف باسم كنيسة الوحدة لدى أبناء المدينة، ويعد السريان الأرثوذكس، أكبر طوائف أتباع الديانة المسيحية في المدينة، وتبلغ نسبتهم نحو 50 % من مجموع أتباع الديانة المسيحية في مدينة دير الزور، حيث تعرضت الكنيسة لقصف من قوات النظام، أحدث أضراراً مادية في بناء الكنيسة، بينما عثر مقاتلون من الكتائب المقاتلة في سبتمبر من العام 2012، على صليب مصنوع من الذهب في الكنيسة، التي كانت في منطقة خط الاشتباك مع قوات النظام، حيث قام مقاتلو الكتائب بتسليم الصليب لأمينة سر الكنيسة، وفي أواخر شهر تشرين الأول / أكتوبر، من العام 2012، فجرت جبهة النصرة سيارة مفخخة بالقرب منها، أدت لدمار في أجزاء كبيرة من الكنيسة.

2-  طائفة السريان الكاثوليك، وهي طائفة صغيرة تتألف من عائلتين اثنتين، وترتاد كنيسة خاصة بطائفتهم في المدينة، وهي كنيسة السريان الكاثوليك.

3-   طائفة الأرمن الأرثوذكس وأبناء هذه الطائفة كانوا يرتادون كنيسة شهداء الأرمن الواقعة في حي الرشدية بمدينة دير الزور، والتي قام تنظيم “الدولة الإسلامية” بتفجيرها عبر زرع عبوات ناسفة في مبنى الكنيسة، في الثلث الأخير من شهر سبتمبر / أيلول من العام المنصرم.

4-  طائفة الأرمن الأرثوذكس، والتي كانت ترتاد كنيسة واحدة للعبادة، في مدينة دير الزور.

5-  طائفة اللاتين (الكبوشيين)، وتملك هذه الطائفة كنيسة واحدة، وهي كنيسة (يسوع الملك للآباء الكبوشيين)، والتي أقدمت جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) على تفجيرها عبر زرع عبوات ناسفة في مبنى الكنيسة، في منتصف نيسان / أبريل من العام 2013.

 

 

رصد وتوثيق المرصد السوري لحقوق الإنسان