السياسي المعارض حسين عمر: التدخلات الخارجية أخرجت السوري من دائرة الحل والعقوبات الاقتصادية أداة أمريكا لتحقيق مصالحها

30

في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها سورية، يقول سياسيون سوريون إن سورية بحاجة ماسة إلى الحوار الوطني، الذي يقتضي من جميع الفعاليات السياسية والنخب الوطنية السورية التفكير بجدية من أجل الوصول إلى ميثاق وطني يكون مرجعيةً موضوعيةً للسوريين، وتتبلور عبره الثوابت الوطنية السورية، التي يعمل السوريون من أجلها، بغض النظر عن الاتجاهات الأيديولوجية والسياسية وغيرها.

ويدعو آخرون إلى المضي في حوار مشترك بين مختلف التيارات السياسية السورية المعارضة، للوصول إلى تصوّر سياسي لسورية المستقبل، وخلق جسم سياسي سوري جامع يقطع مع الماضي ويؤسس لدولة الحريات.

المعارض السوري حسين عمر والقيادي بحزب سوريا المستقبل، يتحدّث في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن أفق الحل السلمي في سورية، وعن الصراع المستمر.

س- لماذا يتجَّه الجميع صوب القرار الأممي 2254 كمخرج وحيد للحلّ في سورية، وبالمقابل هناك تجاهل كبير لبقية القرارات الدولية ذات الصلة كالقرار 1118 ومقررات مؤتمر جنيف1 كمبادئ ارتكاز للخروج من الأزمة.؟

ج-إن القرار الأممي 2254 يدعو إلى تشكيل هيئة حكم تشمل الجميع بعيدا عن الطائفية، وإلى إقرار دستور جديد ديمقراطي تعددي، ما عدا النظام الذي يرفض تطبيق القرار، أما القرارات الأخرى أو المقررات التي صدرت بخصوص سورية إما إنها كانت مجتزأة تخصّ حالة بعينها مثل القرار 2118 لنزع السلاح الكيماوي أو مقررات جنيف عام 2012 التي دعت إلى الحلّ السلمي وحدّدت فترة زمنية للتفاوض ولكنها لم تكن واضحة مثل قرار 2254.

س- تصاعدت وتيرة الاشتباكات بين الفصائل المحلية في السويداء وبين “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا في بلدة القريا بريف المحافظة، وتحدثت روايات عن تساقط قذائف هاون وقد اتّهم الفيلق الخامس بذلك.. ما حقيقة مايجري، وما رأيك في إرجاع البعض أسباب الصراع إلى رفض السويداء أن تكون في تبعية كاملة للنظام؟

ج- كما هو معلوم منذ تشكيل الروس الفيلق الخامس الذي هو بالأساس مشكّل من عناصر المجاميع المسلحة في المنطقة الجنوبية ومنها عناصر كانت منضوية تحت راية المجموعات الإرهابية، حاول قائد الفيلق أحمد عودة التوسع نحو توسيع حدود سيطرته نحو محافظة السويداء التي استطاعت أن تنأى بنفسها عن الصراع الدائر في الجنوب وسورية بشكل عام، وما الاعتداءات الأخيرة إلا استمرار لممارسة الضغط وإعادة فرض سلطة الدولة.

س- ما تعليقك على كلام رامي مخلوف مؤخرا وهو الحليف الأكبر سابقا للنظام والمموّل الأول، بأن البلاد قد تعرّضت لأكبر عملية نصب في الشرق الأوسط بغطاء أمني لصالح أثرياء الحرب، متهما النظام بالسرقة والنهب وداعيا إلى محاسبته دوليا؟

ج- -رامي مخلوف هو نتاج نظام عائلة الأسد وأحد إفرازاتها الواضحة وحصل على ما يدعي أنها ثروته من خلال النظام نفسه باستخدام سلطته وإدارته ومؤسساته وبغطاء أمني للوصول إلى ما يدعيه “جني العمر” ولهذا وهو الناهب الأول والسارق الأقدم ومشارك مهم للنظام في قتل وتشريد الشعب السوري.

لقد استطاع مخلوف العمل مع إيران منذ بدء المقتلة وكان أحد أهم الشخصيات التي كانت تموّل نشاطات الدفاع الوطني المدرب إيرانيا حتى قبل سنة من الآن، وبعدها حاول على ما يبدو الهروب من العباءة الإيرانية بعد ظهور الخلافات الروسية الإيرانية على الأرض وخاصة في الجنوب.. وليحافظ على قوته وكي لا يزعج الروس على ما يبدو حاول الخروج من عباءة إيران قليلا وهو ما دفع برأس النظام إلى أن يعاقبه ويمنعه من تهريب رؤوس أمواله الموجودة في السوق السورية، وكذلك “يقص” من جناحاته قليلا حتى لا يطير.. باختصار هو أحد أثرياء الحرب وما قبل الحرب والتهم التي أطلقها والاتهامات التي نشرها تنطبق عليه أكثر من أي شخصية تابعة للنظام.

س- تركيا المُثقلة بجبهات القتال من سورية إلى العراق وليبيا، تفتح اليوم جبهة جديدة في أذربيجان ضد أرمينيا مستخدمة مجدّدا في معركتها”السوريين”.. لماذا تحوّل السوري إلى أداة لدى تركيا لتنفيذ اجنداتها الخبيثة في المنطقة وضرب أعدائها؟

ج-تركيا لم تكن سوى مثقلة بالمشاكل والحروب وقد كان اغتصاب الثورة السورية من قبل تنظيم “الإخوان المسلمين”، ومنذ ذاك الحين استطاعت تركيا بالاستفادة من الدعم الدولي وغرفة موك في عنتاب أن تضع يدها على الجماعات المسلحة التي كانت تتدرب أو تشرف عليها غرفة موك ومن ضمنها”داعش” الذي لم يكن معلنا بعد وجبهة النصرة وبقية الفصائل الإرهابية أو الإسلامية، واستطاعت أنقرة أن تستخدم تلك المكونات خدمة لأجنداتها، بدأتها في المناطق التي شكل فيها حزب الاتحاد الديمقراطي وحدات حماية الشعب كحي الشيخ مقصود بحلب ومنطقة عفرين ومن ثم ظهر بشكل واضح أن مايسمى “الجيش الحر” حينها قد تحول إلى أداة لتنفيذ الأجندات التركية في سورية وخاصة في ضرب الشعب الكردي، وقد اكتشف المرصد السوري لحقوق الإنسان هذه الحقيقة منذ بداياتها وكان ولا يزال مديرها السيد رامي عبد الرحمن يتحدث عن تلك الحقائق ويفضح الدور التركي الخبيث والتوسعي في سورية.

-إننا نأسف لتحول تلك الجماعات إلى مرتزقة لتنفيذ الأجندات التركية خارج سورية أيضا وآخرها كما ذكرتِ إرسالهم إلى أذربيجان لمحاربة سكان أرتساخ المسالمين.

س- ما حقيقة رفع الجاهزية للفصائل العسكرية في الشمال السوري تحسباً لأي معركة في إدلب، إلى جانب طلب غرفة العمليات المشتركة بين الجيش الوطني والدفاع التركية من الفيالق العسكرية في منطقة “نبع السلام” (ريف حلب) الإستنفار التام، وفق مصادر إعلامية؟

ج-لا أعتقد بأنه ستكون هناك جولة من المعارك الجديدة في الشمال الغربي السوري خاصة أن روسيا وتركيا متفقتان على العديد من النقاط التي تحمي مصالح الدولتين في سورية، ولهذا لا يمكن للنظام القيام بأية خطوة دون الروس، والروس غير مهيئين لخوض جولة أخرى ستؤدي إلى نشوء خلافات جديدة بينهم وبين تركيا ومن خلفهم أمريكا.

س-لماذا فشلت كل القوى الدولية والإقليمية في احتواء الصراع السوري؟ أيُترجم هذا قوة النظام وحلفائه أو أن إطالة أمد الصراع فيه مصلحة مشتركة بين كل المتصارعين على الأرض؟

ج- منذ بداية المجزرة السورية تدخلت القوى الإقليمية والدولية لتأجيجها لا لحلّها ولا يزال الوضع على ما هو عليه والسبب ليس قوة النظام أو حلفائه بل المصالح الدولية التي تجسّدت من خلال الدول التي انخرطت في القتال بعد أن تمّ تسليح الثورة بعد أقل من ستة أشهر من انطلاق شرارتها، وتعددت تدخلات وولاءات المعارضة وسيطرت تركيا على قرار المجموعات المسلحة هو ما أدى إلى إطالة عمر الحرب واستمراريتها، إضافة إلى غياب إرادة دولية لإيجاد الحلول السريعة.

س- أستاذ حسين.. عقدتم ثاني مؤتمر لحزب سوريا المستقبل، يوليو الماضي، تحت شعار “سورية ديمقراطية لا مركزية”، وشددتم على أن الحوار الكرديّ – الكرديّ والوحدة الكردية هما بوّابة لوحدة كافّة المكونات في شمال وشرق سورية وضماناً لها وصولاً إلى وحدة الشعب السوري وانتقاله إلى سورية التعددية الديمقراطية اللامركزية.. هل من السهل تحقيق هذا الهدف مع هذه الضغوط التركيّة على منطقة شمال سورية؟ وأي مستقبل لمشروع التوحيد كما ذكرتم؟

ج-انعقد المؤتمر الثاني للحزب في يوليو الماضي تحت الشعار المذكور وهو شعار جامع باعتقادنا لكل مواطن سوري ينبذ العنف ويدعو إلى دولة العدالة والمساواة، وقد وضع حزب سوريا المستقبل، على عاتقه النضال السلمي من أجل تحقيق ذلك الهدف وهو يعمل بالطرق السلمية من خلال تنظيماته /قيادة وقواعد / لنشر وإقناع الجماهير الوطنية السورية بجدوى الهدف وفوائده على كل السوريين.. لا ندّعي بأن تحقيقه سهل بسبب محاربته من قبل الحكومة التركية المحتلة لأجزاء من سورية، وكذلك النظام نفسه الذي يرفض التغير ويرفض الحوار، لكنه ممكن ويلزمه نفس طويل.

وبخصوص الحوار الكردي -الكردي، يهم حزب سوريا المستقبل، أن يتوصّل إلى توحيد الرؤية ونعتقد أنها ستكون قريبة، وكما هو معلوم يشكل حزبنا أحد أهم القوى التي تتّشكل منها الإدارة الذاتية وأي تقارب في المنطقة هو لصالح جماهيرها وداعم لاستمرارية الإدارة وتقوية مكانتها.

س- بعد سلسلة من اللقاءات والمؤتمرات الإقليمية والدولية، برأيكم أين خلاص سورية وبيد من؟

ج- -الحلّ هو بيد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، والشعب السوري لا يملك القرار لأن التدخلات الخارجية أخرجته من المعادلة وبقي ينتظر من يأتي له بالحلّ، ومع الأسف لا أحد يريد حلاّ سريعا للصراع وخاصة تركيا والنظام، وباعتقادي تحقيق الاستقرار السياسي قد يمرّ من خلال تنفيذ القرار 2254 الذي تتقاعس الدول التي تبنته بتطبيقه.

س- بِمَ تفسرون حديث جيفري مؤخرا خلال زيارته الشرق السوري، عن سعي واشنطن إلى إنتاج معارضة بديلة، بعد أن فشلت المعارضة التقليدية في الوصول إلى حل سياسي سلمي؟

ج-يسعى جيفري إلى تشكيل معارضة هجينة تختلف عن الإئتلاف بالشكل وتشبهها بالمضمون وهذا لا يغير من المعادلة في شيء إلا إذا دعم معارضة يكون الإئتلاف بعيدا عنها وتتكون من القوى والشخصيات الديمقراطية الوطنية والتي لا وصاية لأية دولة إقليمية أو دولية عليها، تنبثق من الداخل السوري لا من خارجه، حينها فقط ستكون معارضة بديلة وتمثل الشعب السوري.

س-يقول جيفري أيضا إن واشنطن لن تطبّع مع النظام السوري الذي وصفه بالشرير طالما أن الأخير لم يتبنّ حتى الآن أي خطوة جادة في تطبيق قرار 2254 القاضي بإطلاق عملية سياسية جادة، فهل يتوقف تطبيق القرار المشار إليه على النظام فقط دون المعارضة والقوى الاقليمية والدولية المتدخلة في سورية؟

ج-تطبيق القرار 2254 متوقّف على النظام بالدرجة الأولى لأنه لو قبل بها وتم تشكيل هيئة الحكم الانتقالية ، فإن بقية الخطوات كانت ستكون سهلة.

س- يقول مراقبون إن بعض أطراف المعارضة مرتهنة للموقف التركي، إضافة إلى الإنقسام الواضح في رؤية المعارضة الأخرى .. ما مكانة ودور هذه المعارضة في سورية وأي دور صلحي تقوم به لإنهاء الصراع؟

ج -كل الوقائع تثبت أن الإئتلاف وكافة المجموعات المسلحة في الشمال السوري مرتهنة لتركيا وتنفذ أجنداتها وتعمل لأجل تحقيق مصالحها، هناك معارضة في الداخل وهناك ركيزة أساسية لمعارضة غير مرتهنة إلا لمصالح الشعب السوري وهي المتواجدة في شمال شرقي سورية، مع وجود مجموعات وشخصيات معارضة في مناطق النظام وكذلك الشتات السوري ومن يعمل مجلس سوريا الديمقراطية على التنسيق معهم وضمهم إلى مظلة واحدة تستطيع تمثيل أهداف الشعب السوري في الديمقراطية والتعددية والمساواة.

س-هناك الحزمة الرابعة من عقوبات قيصر ..إلى ماذا تهدف أمريكا من وراء تصعيدها في سن العقوبات التي تضرر منها الشعب السوري، علما أن قانون قيصر قد أثّر على قوت الشعب السوري أكثر من النظام؟

-ج-العقوبات لا تضر إلا الشعب منذ اختراع أمريكا مسألة العقوبات على الدول.. لم تتضرر منها الأنظمة بل شعوب الدول، وهناك أمثلة كثيرة في العالم ومنها كوبا وفنزويلا والعراق في السابق وإيران حاليا.. إنها حجة أمريكية لتحقيق بعض من أهدافها وهي تفعل ذلك مع الأنظمة التي لا تسير في ركابها بينما هناك العديد من الأنظمة الدكتاتورية والخبيثة مثل النظام التركي تقوم أمريكا بحمايتها ودعم مواقفها.

س- كنتم قد تذوقتم مرارة اغتيال الأمينة العامة لـ”حزب سوريا المستقبل” هفرين خلف، ووجهت الاتهامات إلى كل من تركيا والنظام .. أين وصل الملف أستاذ حسين؟ ولماذا صمت العالم أمام حادثة اغتيال مأساوية؟

ج-منذ البداية وجّهت الإتهامات إلى تركيا باغتيال الأمين العام الشهيدة هيفرين خلف، ومنذ اللحظات الأولى بث مرتزقتها فيديو عن عملية الاغتيال، ونشر المرصد أيضا المأساة ذاكرا اسم الكتيبة التي قامت بالإغتيال وتبعيتها للاحتلال التركي، وكذلك نشر الإعلام التركي خبرا قال فيه إنه” تم قتل قيادية”، بالرغم من أن الشهيدة لم تكن تحمل سلاحا وكل نضالها كان مدنيا سلميا .. لقد ضج العالم حينها من عملية الاغتيال البشعة وخاصة بعد نشر مقاطع الفيديو من قبل الإرهابيين القتلة، واليوم نعمل رسميا على تجهيز الملف وتشرف عليه مؤسسات حقوقية في منطقة الإدارة الذاتية لتقديمه إلى الجهات الدولية ذات الشأن وخاصة ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبية.