العقيد المنشق أحمد حمادة: أغلب القرارات الأممية مُبهمة وأعطت الضوء الأخضر للنظام لارتكاب الجرائم.. ولا حلّ في ظل استمرار حكم نظام الأسد

63

برغم كل المسارات وقرارات خفض التصعيد التي أقرّها المجتمع الدولي إلا أن النزاع السوري لم ينته وزاد تشعّب الأزمة وتوسّعها، ما يُرجعه مراقبون إلى غياب وجود قيادة حقيقية سياسية وعسكرية تُمسك بزمام الأمور وتؤسس لدولة مدنية ديمقراطية تضمن التداول السلمي على السلطة، والحرية لأبنائها، والعيش الكريم، بعد أن انزلق الوضع وعمّق من هوة الأزمات المالية التي أدّت إلى تآكل شديد في الطبقة الوسطى في البلاد، حيث بات ما نسبتهم 90 في المائة من سكّان البلاد يعيشون تحت خطّ الفقر المُدقع.

ويرى العقيد المنشق أحمد حمادة، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن التسوية الحقيقية في سورية لن تحدث إلا بعد رحيل هذا النظام المعطّل لكل عمليات السلام، معبّرا عن أمله في سعي الدول إلى التصدّي لعمليات التغيير الديمغرافي التي بدأ في تنفيذها النظام ومليشيات إيران.

س- مؤلم ما يحدث في مهد الثورة السورية ‘درعا’.. من يتحمل مسؤولية هذا التصعيد الخطير الحاصل والي أين تسير الأوضاع، ولماذا هذا الصمت الدولي الرهيب تجاه الخروقات الروسية والاكتفاء بالتنديد؟

ج- بداية الثورة السورية ليست عملية انقلاب أو عملية البحث عن سلطة بل هي ثورة شعب مظلوم مسحوق الحقوق ضد سلطة جائرة فاسدة، أما درعا والجنوب (حوران) ففي حزيران 2018 ترك الجنوب وحيدا بعد أن تخلّت عنه الولايات المتحدة الأمريكية حين قال الرئيس السابق دونالد ترامب “إذهبوا أنتم وربكم فقاتلوا ” وتم إيقاف الدعم عن الفصائل المقاتلة في عموم سورية، وتم إغلاق الحدود، لتدخل على الخطّ الأطماع والتدخلات الإقليمية، وتمّ تسليم السلاح الفعال والثقيل ضمن ما يسمى بتسوية 2018 وترحيل الرافضين إلى الشمالّ، ومنذ شهرين بدأ الروس والنظام وميليشيات إيران الطلب من الأهالي تسليم السلاح الخفيف المتبقي لديهم للدفاع عن النفس والسماح بدخول النظام ما يفسّر زيادة تمدد الميليشيات الإيرانية والسعي لتهجير المطلوبين بعد عملية تفتيش المنازل، وهو سبب نقض الاتفاق، وتم البحث عن مخرج إلا أن إيران الممثّلة بالفرقة الرابعة وميليشياتها متمسكة بذلك لإفراغ المنطقة من أهلها وإكمال مشروع التغيير الديمغرافي.. درعا محاصرة منذ شهرين دون أبسط مقومات العيش الكريم (لا مياه ولا أدوية) وقصف مستمرّ يستهدف النقطة الطبية الوحيدة.. درعا بين الحصار والجوع والقصف لإذلال من وقف ضد انتخابات الوريث القاصر.
اتّفاق درعا لعام 2018 أخذ شكل اتفاق دولي: روسيا -الأردن- أمريكا، وربما إسرائيل في الكواليس، واليوم الجميع ينفض يده من مسؤوليته بل يطالبون بفك الحصار عن النظام وفتح معبر جابر لإغاثة النظام إقتصاديا كما يريد الروس، في ظل صمت باقي الأطراف وكأن لا شيء يحدث.
درعا اليوم بصمودها تقف ضد التمدد الإيراني باتجاه كامل الجنوب السوري.

س-برغم المسارات الكثيرة لإنجاح عملية التسوية السياسية على أُسس القرارات الدولية إلا أن أغلبها فشل.. أين الخلل برأيكم، ومن يتحمّل مسؤولية ذلك المعارضة أم المجتمع الدولي الذي رمى بمنديل الحل بسورية برغم تأثيره على إجبار النظام والمعارضة على الامتثال لمختلف التدابير؟

ج- في مايخصّ المسارات السياسية أقول إنّ المعارضة السورية قبلت بذلك للوصول إلى حلّ سياسي يعيد إلى الشعب حقوقه وينفض عن كاهله غبار نصف قرن من الظلم والجور والفساد وتسلط أقلية حاكمة، جنيف 1و2 والقرار 2254 والقرار 2118 كلها قرارات صادرة عن مجلس الأمن، ولكن هذه القرارات مُبهمة وغير واضحة وتحت الفصل غير الملزم وتُرك تطبيقها لبشار الأسد وسلمت إلى ديمستورا الذي لايهمّه أحقق الشعب السوري مطالبه أم لا، فالمجتمع الدولي والولايات المتحدة تركا النظام يرتكب الجرائم وداس النظام المدعوم من قبل ايران وروسيا على خطوط أمريكا الحمراء واستخدم السلاح الكيماوي مئات المرات ولا يزال يرتكب الجرائم.

-كلّها مسارات لم تصل إلى الحلّ لاعتبارات كثيرة أبرزها اللامبالاة وتقليص الاهتمام بالملف السوري وترك كل الأمور بيد الأسد.

س–هل قامت المعارضة السورية الداخلية والخارجية بدورها تجاه الثورة، وماهي أخطاؤها؟

ج-الثورة السورية وثقت كثيرا بالمجتمع الدولي وسلّمت أوراقها إلى الدول، وهذه المشكلة أوقفت القتال ورضيت بمناطق خفض التصعيد التي اجتاحها الروس وإيران، علاوة على عدم وجود قيادة فاعلة حقيقية تخرج من رحم المعاناة والمأساة.. واليوم من يتصدر المشهد أغلبهم تم وضعهم برغبات دولية كأعضاء الائتلاف مثلا واللجنة الدستورية والتفاوضية الذين لم يحصدوا إلا الريح، كذلك على المستوى العسكري لم تفلح الفصائل في إنتاج قيادة عسكرية قادرة على الإمساك بالبندقية،.. باختصار، عدم وجود قيادة سياسية وعسكرية على قدر تضحيات الشعب السوري وعلى قدر ثورته العظيمة الصامدة وهو لا يزال في اللجوء والمخيمات وعلى خطوط النار ولكن يقاوم.

س- على ذكر القيادة التي ركّزت عنها في إجابتك، ما هو أكبر خطأ وقعت فيه الثورة ووجب تداركه ولو بعد 10 سنوات؟

س- من السهل وفق تقديري تدارك الأخطاء لاعتبار أن الشعب السوري لايزال متمسكا بثورته وأهدافه ويحتاج إلى قيادة سياسية حقيقية تمثل الثورة وقيادة عسكرية تعمل على الأرض بعقيدة قتالية لإسقاط النظام، هذه القيادة يجب أن تكون حقيقية تستطيع إدارة المعركة بشكل استراتيجي يخطّط لها ضباط أكفاء لأن النظام لايسقط الا بالقوة وميليشيات إيران لاتطرد إلا بالسلاح وكذلك روسيا.

س–كيف يمكن التصدي لعمليات التغيير الديمغرافي الخطيرة الحاصلة في سورية خاصة من قبل إيران وغيرها والتي تغذيها مخططات استعمارية تهدف إلى تقسيم سورية الموحّدة والاستيلاء على أرضها؟

ج- نعم، مسألة أو أزمة التغيير الديمغرافي تقودها إيران وميليشياتها وبمباركة من النظام ورأسه ، حيث باتت طهران تمتلك القرار العسكري والسياسي والثقافي مستغلّة حاجة الناس الإقتصادية، لتكثر من عمليات التجنيس وتقدم على طرد السكان من مدنهم ومنازلهم في تحد سافر للقرارات الدولية ودون مبالاة ولا خوف، وهو خطر يمسّ من وحدة بلادنا ويهدد أبناءها.. لقد قالها مرة بشار الأسد :”سورية لمن يدافع عنها وليس لمن يحمل هوية”، وهو ما يتماشى وسياسية الفكر الملالي .

-أرى أن العملية السافرة مرتبطة بوجود النظام أوّلا، ولا بدّ من تمكين الشعب السوري من مواجهة هذا التغيير، فعندما يهجر الناس ويسحب السلاح فهل هذا لصالح البقاء؟ علما أن كل منطقة يهجرها سكانها تحل محلهم إيران وميليشياتها، إذ يوجد في سورية أكثر من 60 تنظيما شيعيا مرتبط بإيران ،وفق آخر الإحصائيات.

س-حديث في الكواليس عن مخططات غربية خبيثة تسعى إلى تحقيق حلم ‘تقسيم سورية’ الموحّدة.. من هي الأطراف برأيكم التي تروّج لمزايا إنجاح مثل تلك المشاريع الانفصالية وماهي أهدافها من ذلك؟

ج- بالطبع المجتمع الدولي وأمريكا والدول العربية مسؤولون عن ذلك .. يتحدثون عن إخراج إيران ويريدون إبقاء الأسد، وهذان خطّان لايستقيمان”.

س–قال بشار الأسد مؤخرا إن المركزية هي العائق أمام القوى الرأسماليّة والامبريالية واستراتيجياتهم في المنطقة ، لافتا إلى أن ما عاشته سورية هو مؤامرة كونية استهدفتها لأهميتها الجيو -إستراتيجية وثرواتها ضمن استهدف المنطقة ككل.. ما الذي دفع الأسد بعد عقد من الأزمة السورية، وعقدين من حكمه إلى الحديث عن نظام الحكم اللامركزي بدمشق للخروج من أزمتها علما أن الطرح قد شكل مفاجأة للبعض كونه جاء بعد فترة وجيزة من خطابه خلال أداء القسم الدستوري، والذي يفتقر إلى أية بادرة توحي بالتغيير؟

ج- عدم إنجاز حل سوري يمكن عودة السوريين وإنشاء جيش وطني موّحّد لكل سورية هو هدف يمنع من يطمح لذلك..

Bkk وفرعها السوري Pyd تريد إنشاء روج أوفا(غرب كردستان)وهي بالتالي تروج لإنشاء كيان مشوه، تدعمه الولايات المتحدة وتمنع الجيش الوطني الحرّ من السيطرة على المنطقة برغم سياستها العنصرية ونهب خيرات السوريين وانتهاكها قانون قيصر وتعاملها مع النظام واتفاقهم مع تنظيم داعش .

-سورية بلد موحّد لا مشكل غير نظامها الديكتاتوري الذي وجب رحيله لتحقيق الديمقراطية الحقيقية والانتصار للشعب السوري الذي عانى الأمرين.
-ما تطرّق له الأسد حول اللامركزية يدغدغ أفكار pyd حول الإدارة الذاتية والمفاوضات التي تجري بينهما برعاية روسية ، والولايات المتحدة على ما أظن ليست بعيدة فهي الداعم لهما.

س هل هناك فرضية أن تكون دعوة الأسد إلى الحكم اللاّمركزي ضمن تفاهم روسي- أمريكي للبدء بحلحلة الأزمة عبر الضغط على النظام تمهيداً للبدء بالمرحلة الانتقالية؟

ج– التسوية بسيطة وسهلة وهي أن يقتنع المجتمع الدولي بأن السوريون بشر ويحق لهم العيش على أرضهم ووفق المعايير الدولية: ديمقراطية ،عيش مشترك، تداول سلمي على السلطة.. أما اليوم بسورية فالسلطة مغتصبة، وأكثر من 12 مليون مهجّر داخليا وخارجيا ومليون شهيد و300 استخدام للكيماوي و100ألف برميل لقتل الأهالي، ألا يجب بعد هذا أن تتحرّك العدالة الدولية من أجله؟

س-برغم كل التعثّرات، هل من السهل أحداث التسوية لإنهاء النزاع وماهي شروطه؟

ج-هناك قرارات دولية يجب أن يتم تطبيقها بإقامة حكومة انتقالية ذات صلاحية بعيدة عن الأسد ومخابراته ومنظومته، القرار 2118 قرار يحرم استخدام الكيماوي أو تصنيعه أو نقله.. ألم يستخدم النظام هذا السلاح مرات بعد صدوره وهو موضوع تحت الفصل السابع الفقرة 21 ؟.. أليس عدم تطبيقه هو تشجيع للنظام؟

التسوية تأتي من رحم رحيل النظام وتطبيق القرارات الدولية ، أما في ظل النظام الذي قتل وشرّد ودمّر سورية فلا يوجد أي أفق للحلّ.