العمل الإعلامي في سوريا خلال 2020: نحو 100 انتهاك بحق النشطاء والصحفيين وأكثر من 15 محاولة وعملية قتل.. وإدلب ومناطق الفصائل الموالية لأنقرة تتصدر المشهد

36

يعاني الصحفيون والناشطون الإعلاميون منذ انطلاقة الثورة السورية عام 2011، من ضغوطات كبيرة تمارس بحقهم من قبل كافة القوى المسيطرة على الأرض، في ظل انتشار السلاح وسطوة العسكر، ويعد الناشط الإعلامي وأدواته سلاح متكامل بحد ذاته، لا يقل أهمية عن السلاح التقليدي بل على العكس من ذلك، ساهم العمل الإعلامي بكشف الحقائق التي عمدت مختلف القوى العسكرية على تحريفها بما يخدم مصالحها ولاسيما النظام السوري الذي احترف الكذب و”التضليل الإعلامي”.

ولم يغير تعاقب القوى بين النظام السوري والقوى الأخرى على اختلاف مسمياتها، من نهج الانتهاكات ضد النشطاء، حيث تتواصل عمليات التضييق على النشطاء والإعلاميين عبر اعتقالات دورية ومساءلة ومنعهم من مزاولة أعمالهم وسط ضوابط صارمة توضع لهم، لاسيما في مناطق النظام السوري، ومناطق نفوذ “الحكومة المؤقتة” في حلب والرقة والحسكة، إضافة إلى مناطق سيطرة “حكومة الإنقاذ” في إدلب التي تتصدر المشهد حاليا.

المرصد السوري لحقوق الإنسان يواصل مواكبته للعمل الإعلامي في سورية، حيث أحصى خلال عام 2020 أكثر من 98 انتهاك بحق النشطاء الإعلاميين والصحفيين ضمن مختلف مناطق السيطرة على الأراضي السورية، تمثلت بمساءلة وخطف واعتقال وتهديد، وتصدرت مناطق نفوذ تحرير الشام والفصائل الموالية لأنقرة في كل من إدلب ومناطق “نبع السلام وغصن الزيتون ودرع الفرات” المشهد بنحو 69 انتهاك، تلتها مناطق نفوذ النظام السوري بأكثر من 25 انتهاك، واحتلت مناطق نفوذ قسد المرتبة الأخيرة بـ 4 انتهاكات.

ويستعرض المرصد السوري أمثلة عن تلك الانتهاكات في مختلف مناطق السيطرة، ففي 5/9/2020 قامت أجهزة النظام الأمنية باعتقال الصحفي “كنان وقاف” في سجن طرطوس على خلفية تحقيق صحفي عن “وضع الكهرباء” نشره على أحد المواقع، إضافة إلى تعليقات اعتبرت مسيئة انتقد خلالها عمل شركة الكهرباء في المحافظة، وفي شهر نيسان 2020 أفادت مصادر المرصد بإيقاف الإدارة الذاتية لاثنين من الصحفيين عن العمل بسبب انتهاكات قوانين الصحافة التي تعتمدها “قسد”.

وفي آب 2020 اعتقلت هيئة تحرير الشام في بلدة آطمة شمالي إدلب، الصحفي الأمريكي “داريل لامونت فيلبس” الذي اعتنق الإسلام وسمي بــ”بلال عبد الكريم” ويبلغ من العمر 49 عامًا، وقد جاء اعتقاله عقب توقيف “توقير شريف” البريطاني الذي يقدّم نفسه على أنّه عامل إغاثة وقد تمّ تجريده من جنسيته، ويذكر أن “عبد الكريم” نشر مقابلة مع “راكيل هايدن بيست” زوجة شريف، التي اتهمت هيئة تحرير الشام باعتقال زوجها تعسفياً وممارسة التعذيب بحقه، وقد عجلت هذه المقابلة باعتقال “بلال” الذي اتهمته الهيئة بارتباطه بالتنظيمات المتشددة، ويذكر أنه دخل سوريا عام 2012 آتياً من ليبيا، وعمل مع وسائل إعلام بارزة مثل “سي إن إن” قبل أن يؤسس قناته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.

كما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، نحو 15 عملية ومحاولة اغتيال خلال العام 2020 تركزت في مجملها ضمن إدلب والأرياف المحيطة بها ومناطق نفوذ الفصائل الموالية لأنقرة في “درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام”، حيث تسببت تلك العمليات بمقتل 5 نشطاء وجرح آخرين، ففي الرابع من شهر شباط قتل الناشط الإعلامي أمجد أكتالاتي في مدينة أريحا جنوب محافظة إدلب، وفي شباط أيضاً قتل الناشط الإعلامي عبد الناصر حاج حمدان، في معارة النعسان، أثناء تغطيته للقصف الجوي الروسي، وفي شهر تشرين الأول قتل الناشط رشيد البكر بقصف جوي روسي على معسكر لفيلق الشام في منطقة جبل الدويلة بالقرب من كفرتخاريم، أثناء تغطيته الإعلامية لتخريج دفعة مقاتلين، وفي شهر كانون الأول قتل ناشط إعلامي برصاص مجهولين في مدينة الباب شرقي حلب ضمن مناطق نفوذ الفصائل الموالية لتركيا، أثناء إعداده تقرير حول جائحة “كورونا”.

إن المرصد السوري لحقوق الإنسان وعلى الرغم من التهديدات المستمرة التي يتلقاها من مختلف القوى المسيطرة، إلا أنه يواصل نشاطه ضمن عموم الأراضي السورية، لفضح وكشف الانتهاكات التي ترتكب بحق المواطنين أينما وجدوا وعلى اختلاف توجهاتهم، وإيصال أصوات المدنيين إلى العالم أجمع، وعلى ضوء ما سبق يجدد المرصد مطالبته للمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن بضرورة التدخل بشكل جاد لوضع حد لمعاناة الشعب السوري على اختلاف مناطق السيطرة، والتي امتدت لنحو عقد من الزمن.