العميد عبد الله الأسعد: شعار النظام المدعوم من الملالي “إما أن أحكمكم أو أقتلكم”

العميد  عبد الله الأسعد:ندعم مقترح تشكيل مجلس عسكري  يؤسس لمؤسسة عسكرية وأمنية بعيدة عن الطائفية

58

فقد الشعب السوري في حربه الطاحنة لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحرّة جلّ مقدراته، ولم يبقَ له من تلك الأحلام الوردية التي رسمها في ثورته ذات أذار/مارس2011 غير رماد، بعد أن تكتّلت ضده قوى داخلية حاملة أجندات التخريب والتهجير والقتل،  ومخططات أجنبية يقلقها أن تكون سورية دولة ديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط. 

 لم تكن الحرب مستهدفة سورية فقط بل كانت وجهتها المنطقة ككل وهدفها زرع الإرهاب والتطرّف والانقسام لصالح المخطط الأمريكي -الصهيوني، لتكون المنطقة العربية مسرح  أحداث دموية وللحيلولة دون نهوض حضاري وتقدم علمي.

ويرى العميد عبد الله الأسعد، رئيس  مركز “رصد” للدراسات الإستراتيجية، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الحديث عن تسوية سياسية في سورية بمثابة الضحك على الذقون حيث إن الحلّ لن يتحقّق مع استمرار النظام الحالي سيما وأن شعار الأسد، “إما أن أحكمكم أو أقتلكم”، وفق  قوله .

س-هل تابعتم المؤتمر الأخير “لاسترجاع السيادة والقرار السوري”، وماتقييمكم له سيما أن خلافات تفجّرت لأسباب كثيرة ومنها الامتناع عن وضع علم الثورة ؟

ج-في الواقع تابعنا المؤتمر، وهولا يساوي الحبر الذي كُتب  به العنوان الذي  جاء به وهو استعادة السيادة السورية والقرار،وذلك  لفراغ مضمونه،حيث إن أي طرف أو تيّار  يبحث عن حلّ لأزمة بلاده وجب أن يضع خطة مستقبلية وأهدافا مرحلية  خاصة أن المؤتمر  انعقد في الفترة التي كانت درعا البلد يُحاصر فيها 45 ألف  مدني  يُمنع عنهم الطعام والشراب والدواء، وكان الأجدر أن يحمل المؤتمر عنوان مأساة أهل درعا ويكون مضمونه فك حصار هذه البلدة التي  تعتبر  مهد الثورة، ويشدد على الطرق والأساليب السياسية والدبلوماسية التي يجب اتّباعها  لإنهاء المعاناة والسماح للدول المؤثرة والفاعلة في الملف السوري  بزيارة المنطقة للإطلاع عن قرب عن الأوضاع وللضغط على الروس والنظام من أجل رفع  الحصار.  

هذا المؤتمر فارغ المضمون لن يحقّق أي تغيير  ولا يهدف إلى أي  شيء، فوقفة احتجاجية رافضة  للوضع أمام سفارة روسية أو سفارة أي بلد فاعل عربي أو غربي  قد يكون صيته أكبر وقد  يوقف معاناة، ولم يكن المؤتمر هدفه استرجاع السيادة أبدا والدليل  الامتناع عن وضع علم الثورة السورية التي  مات من أجلها الآلاف وهُجّر الملايين وخسر السوريون دماءهم وفلذات أكبادهم ومنازلهم وكل مايملكون.. العلم الذي  يمثل رمز الثورة والشعب المظلوم المقهور يتم الاستغناء عنه، هذا يفسّر جيدا مساعي هذا الاجتماع ومن يقف وراءه، ومن حضر تم تلقينه الدرس ونفّذ،فقد غابت الجرأة لوضع علم الثورة والثوّار.

هذا المؤتمر جاء لخدمة النظام وتم التنسيق معه بشكل كبير، وقد قالها أحد المنظمين علنا  إن كل  قيادي يتواصل مع شخص  يوجد بمناطق النظام ويتواصل مع عناصر مخابرات الداخل السوري، يعرف أن سورية دولة غير ديمقراطية،وبالتالي تم  استبعاد رفع العلم..

 المؤتمر جاء لإنقاذ وتبييض صفحة نظام بشار الأسد، وفي وقت انعقاد المؤتمر كانت درعا تقصف ويقتل أهلها وتداس أرضها بالدبابات والصواريخ وكافة أنواع الأسلحة الثقيلة… مؤتمر جاء لمساندة نظام الأسد فقط ولا يحمل من عنوانه هدفا..

 

-س-قيل إن هذا المؤتمر جاء  لمساندة الأسد، إذن لماذا لم تفلح مختلف المسارات والمؤتمرات السابقة للمعارضة منذ بزوغ الثورة في إيجاد تسوية سياسية تنهي المأساة التي أتعبت الشعب السوري وجوّعته وشرّدته؟ ومن المسؤول عن تواصل الصراع؟

ج-لم يستطيع  أي مؤتمر في سورية  أو خارج سورية في تحقيق تسوية سياسية وتنهي المأساة لأسباب كثيرة ،أوّلها أن النظام السياسي المتّبع في سورية منذ عهد حافظ الأسد إلى اليوم يقسّم سورية  حيث يعتبرونها مزرعة لأبناء الأسد والطائفة والشبيحة، هذا البلد لا يمتلك  مقومات نظام ديمقراطي، فحتى المؤسسات  الدستورية هي عبارة عن شكليات فقط أمام العالم، لاعتبار  أن الوضع  تسيّره الدولة العميقة وهي التي تتحكّم.. هي دولة ثيوقراطية يحكمها كبار الكهنة والمشايخ العلويين الذين يرون أنفسهم تمثيلا للآلهة ويعتبرون أن هدفهم تنفيذ التعليمات،  أما  مجلس الشعب والحكومة ومختلف المؤسسات الموجودة في سورية فهي شكلية  فقط لا  أهمية لها ولاقيمة  خاصة مع تغوّل المجلس الثيوقراطي العلوي في اللاذقية، وبهذا الوضع لن تحدث التسوية وهو أمر غير وارد مع حكم وضغط القرار الإيراني وتحكّم الملالي وحزب الله في الدولة التي  يسيّرها الأسد  الذي لا يرى إن الشعب هو مصدر القرار والشرعية والسلطة كما هو وارد في العلوم السياسية، مع تواصل الطائفية السياسية التي  يسير عبرها الأسد  والتي  تعلو  مؤسسات الجيش والأمن والمؤسسات وتغيّبُ كلمة الشعب الذي  يفترض أن تكون منه الشرعية،لذلك ستسقط أي تسوية سياسية بل لن تتحقّق.

-إن سورية في عهد الأسد تحولت من جمهورية إلى مملكة توريث للحكم والقرار، برغم أن  الممالك عادة تقوم على  وجود رئيس يستلم ابنه  السلطة حسب دستور البلاد ويتوافق عليه الناس، لكن في سورية  الأمر مختلف  مع سيطرة  طائفة على كل دواليب الدولة والحكم والشعب بطريقة ديكتاتورية.. السوريون يعيشون في  جمهورية الرعب الأسدية بدعم من إيران وحزب الله والمرتزقة..

س-هل تتحمّل المعارضة التي تم تسليحها مسؤولية انحدار الوضع وتشعّبه، أم أن السلاح كان الحلّ الأنسب لمحاربة النظام ؟

ج- لا تتحمّل المعارضة المسلّحة مسؤولية انحدار الوضع، هي  حملت السلاح من أجل الدفاع عن المحاصرين والمقهورين في درعا وغيرها من المناطق السورية التي تعيش الحصار والجوع والتهجير القسري، مثلا في درعا لولا  تمركز المعارضة المسلّحة للدفاع عن الأرض والعرض والأهالي لكان الوضع أصعب وأتعس مع سيطرة  قوات النظام والقوات الروسية.. المعارضة الحاملة  لأجندات خارجية بعيدة كل البعد عن أهداف الثورة، ولا ترى الثورة إلا من شبّاكها البعيد، في حين تدافع المعارضة التي  تسلّحت عن سورية وشعبها وأرضها وتحارب  المرتزقة والتمركز الأجنبي الذي فكّك البلد ودمّره .

س-ماذا يحصل في درعا، ولماذا انقلب النظام على مناطق التسويات؟

ج- لقد انقلب النظام على قرارات تسوية2018 مع أهالي درعا البلد حيث تم وضع خطة عبر مراحل  تنطلق من تسليم السلاح الثقيل  ثم الخفيف ومن ثمّ الانتقال من درعا التي تعتبر مهد الثورة السورية ونورها الأوّل، لازال النظام حاقدا على  هذا البلد الذي  يعتبره مسؤول عن كل ماجرى في سورية من مظاهرات ورفض لاستمراره والانقلاب على حكمه  الغاشم وديكتاتوريته.. إيران والنظام لديهما موقف مسبق من  درعا وانتقامهما بدأ منذ سنوات، عمّقه  رفض البلدة المشاركة في مسرحية الانتخابات السابقة للنظام، ولا ننسى أيضا السعي إلى  إبادة السُّنّة في تلك المناطق من قبل إيران لاعتبارهم أعداء أهل البيت، خرافات  تستوطن عقول الإيرانيين.

-الحقد الباطني للنظام وإيران وروسيا على أهالي درعا الرافضة لديكتاتورية النظام علنا وراء كل هذا التصعيد، ومع ذلك لم يستسلم الأهالي برغم الجوع والعطش والمرض والحصار الكلّي  وصمت دولي رهيب وقاتل ..

س-تخوفات من إحداث تغيير ديمغرافي من قبل إيران وتركيا وغيرهما.. كيف يمكن التصدي لهذا المشروع الذي من شأنه أن يحدث شرخا في المجتمع السوري الموحّد؟ 

ج-بالأساس قامت الحرب  من أجل إحداث تغيير ديمغرافي، واستهداف أهل السنة الذين يشكّلون85 بالمائة من الشعب السوري، هذه الكتلة أتُّفق على اقتلاعها خارج سورية وتوطين أفغان ومرتزقة من إيران ولبنان والعراق من الشيعة من فاطميون وزينوبيون.. تلك غاياتهم  القريبة والبعيدة المدى التي تصدّى لها الشعب السوري ، وطهران  تتحمّل  كل المسؤولية إلى جانب حزب الله الذي تدخّل قبل الثورة حيث كان لديه 3 آلاف عنصر  بسورية، ومنذ  بدأت الثورة  في تونس أمر بتوزّع عناصره على كامل الجغرافيا السورية لأنه أدرك  أن نظام الأسد الطائفي  معرّض للثورة ضدّه .

-س-سلّطت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في تقرير لها الضوء على التغيرات بالسياسة الخارجية الأمريكية منذ صعود جو بايدن لسدّة الحكم، وأثر ذلك على منطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن أمريكا ستنسحب من سورية بشكل كامل على غرار أفغانستان..هل تعتقدون ذلك وهل وراء ذلك ضوء أخضر أمريكي لقادة الخليج لتطبيع العلاقات مع الأسد؟

ج-بايدن وقبله بارك أوباما ومن معهما منحازون بطريقة فاضحة إلى نظام بشار الأسد، ولا أحد ينكر انبهار وإعجاب أوباما بالشيعة، وهو عدوّ العرب، ولاننسى أن الشعب السوري في عهده تم قصفه بالكيماوي وقتل 1300بريء وكل الفيديوهات توثّق ماذا حلّ بالأطفال في عصر أوباما من قبل شبيحة نظام الأسد ولم يحرّك للمجتمع  الدولي ساكنا، بل كانت هناك مسرحية تحريك الأساطير ومن ثم العودة إلى المحيطات التي خرجت منها هذه الأساطير، وبايدن اليوم يسير على نفس  المنهج وهما من نفس العائلة الديمقراطية المتصنّعة، سيفتح وسيلة مع نظام الأسد.. للأسف الشديد كان عهد الرئيس السابق دونالد ترامب أفضل بكثير من عهد بايدن والأسبق أوباما،،بشكل  نسبي للسوريين.

-من الواضح أن حكومة بايدن ذاهبة نحو تطبيع العلاقات مع نظام الأسد وإعادة إنتاجه بشكل آخر،  لكن كيف   لمجتمع دولي أن يتفاعل ويتشاور مع قاتل شعبه   بالأسيد؟، وكيف يجلس زعماء العالم بنفس الطاولة مع قاهر شعبه ومجوّعه، ومن دفع إلى دمار بلده وخرابه من أجل البقاء في الكرسي والاستمرار في السلطة؟.. هل يمكن التسامح مع من حرق  شعبه حيّا  وزعيم عصابة طائفية هدفها الحكم مهما كلّفها ذلك من  إراقة لدماء شعبها؟. فليعد هؤلاء الزعماء ومن بينهم بايدن إلى الفيديوهات التي وثّقت حرق الأسد للسجناء ودفن المعارضين من السجناء  وهم أحياء. 

س-ماهي  شروط التسوية السياسية في سورية؟

ج-لا توجد تسوية سياسية  مع تواصل هذا النظام الذي حرق أبناء شعبه وهم أحياء،  ومع وجود هذا النظام الذي تدعمه امريكا وروسيا وإيران.. 

-س-هل تدعمون مقترح تشكيل مجلس عسكري انتقالي كمخرح للأزمة السورية؟

ج-نعم نحن ندعم تشكيل مجلس عسكري انتقالي يكون مخرجا للأزمة التي تعيشها بلادنا منذ سنوات، يكون هنا في الداخل السوري ويقوم بإعادة هيكلة  الجيش وتحويله من جيش طائفي إلى جيش  وطني عقيدته حماية البلاد والعباد، ولا ينخرط في أي  صراع سياسي ولا يقتل أبناء شعبه،إضافة إلى إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية أيضا  والسماح لكل أبناء الشعب بالدخول فيها والمشاركة في حماية وطنه.. نحن لا نريد جيشا  يحمي كرسي الرئيس وحاشيته وقد  سئمنا الجيوش الطائفية التي لاعقيدة لها، وحين تعرّض الوطن للخطر انحاز إلى قائده وليس إلى  شعبه..لانريد  جيشا  شعاره “الأسد أو نحرق البلد”…