القانوني والمعتقل السياسي السوري فائق حويجة: إنهاء الأزمة مرهون بتقارب المواقف الدولية والإقليمية على أرضية حلول واقعية تقوم على إرادة السوريين

44

عرفت سورية سلسلة من المبادرات التي أطلقتها أطراف عدة لإيجاد حل للأزمة المستمرة منذ سنوات، واصطدمت خصوصا بالخلاف على مصير رئيس النظام بشار الأسد وتدخل الأطراف الإقليمية والدولية، ما حال دون وقف العمليات العسكرية وبدء المسار السياسي والجلوس مع المعارضة السياسية لإيجاد مخرجات للأزمة التي تعصف بالبلد والتي دفعت بالوضع الاقتصادي إلى الانهيار التام.

وبرغم توقّف فرص إيجاد الحلول السياسية، دخل “قانون قيصر” حيز التنفيذ في 17 يونيو الحالي، ليفرض معادلة جديدة على مسار الأزمة السورية للتضييق على النظام، عبر الحصار المالي والاقتصادي ومعاقبة حلفائه، بغية إجباره على القبول بالحل السياسي على أساس قرار مجلس الأمن 2254.

ويرى فائق حويجة، خبير القانون الدولي والمعتقل السابق لمدة 12 عاماً في سجون النظام السوري بتهمة الانتماء لـ “حزب العمل الشيوعي”، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن “تفاقم الأزمة وكثرة اللاعبين في الساحة السورية، هو نتاج تحول الحراك الشعبي السوري بفعل القمع الذي وُجه به، وبفعل التدخلات الدولية الكثيفة التي فرضت أجنداتها على الشارع المتحرك، باتجاه أسلمته وتسليحه، إضافة إلى موقف الوجوه والكتل السياسية الأساسية السورية التي انساقت وراء محاور إقليمية ودولية، وهي تدعي تمثيلها للشعب السوري”.

وقال حويجة: “هذه اللوحة المركبة على الواقع السوري (الموقع الجيوبوليتيكي – النفط والغاز – وجود إسرائيل – هشاشة الدولة الوطنية، إلخ…)، أدت إلى شكل من أشكال الحروب المدمرة التي لا تنتهي إلا إلى إسقاط الدولة وتفكيك المجتمع، مقابل تعزيز مواقع السلطات النافذة في مقابل نتائج هذا الواقع المتمثلة بالقتل والدمار واللجوء والنزوح والإرهاب، الأمر الذي دفع الدول الفاعلة إلى تبني تصورات تتناسب مع تحولات ميزان القوى في كل لحظة، لطرحها على الواقع السوري بشكل موسمي: ابتداءً من جنيف وصولاً إلى سوتشي”.

وأفاد “حويجة” بأن كل تصورات الحلول لم تكن بالجدية الكافية إلا على الورق، وكان كل طرف ينتظر اللحظة المناسبة للإنقضاض عليها أو تحويرها بما يتناسب مع قوته اللحظية، معتبرا أن “التصورات السابقة هي مجرد عناوين لميزان قوى عالمي وإقليمي متحرك على الأرض السورية”.

وفيما يتعلق بالسيناريو الأقرب والواقعي لحلّ ينهي المأساة التي تعصف بالبلد، اعتبر المحامي والناشط الحقوقي أنه لا يمكن الحديث عن حل ينهي المأساة بدون تقارب في المواقف الدولية والإقليمية باتجاه حلول وسطية واقعية، متوقعا عدم حصول هذا التقارب في المدى المنظور.

وفيما يتعلق بالحل الأنسب، أوضح فائق حويجة أنه يقوم على إرادة السوريين أنفسهم بالتفاوض لرسم خريطة طريق للخروج من هذه الأزمة، مشيرا إلى أن هذا التصور هو المأمول، “لكن ذلك -للأسف- طوباوي تماماً”.

وردا على سؤال المرصد السوري بشأن وجود مؤشرات لتحول في مواقف النظام لإيجاد تفاهمات وصولا إلى حلّ، أفاد “حويجة” بأن مواقف المعارضات السورية محكومة بشكل شبه كامل بمواقف الدول الداعمة لها، إما تركيا أو السعودية أو قطر، ومن وراء الجميع أمريكا.

وأكد حويجة أن “موقف الحكومة السورية محكوم بتصورها بإمكانية تحقيق نصر عسكري شامل بمساعدة روسيا وإيران، وواقع الحال أن الدول الداعمة لكلا الطرفين لا تزال تراهن على ضعف الطرف الآخر وحلفائه أو استسلامه”.

وأضاف الناشط الحقوقي أن ما تحتاجه سورية اليوم هو دستور ديمقراطي، يقوم على مبدأ حكم القانون والمواطنة المتساوية بين جميع المواطنين والمواطنات، ويكرس حقوقا وواجبات متساوية للأفراد والجماعات، ويؤمن بالتعددية واللامركزية وبفصل السلطات واستقلال القضاء، وتكون مرجعيته الشرعة العالمية لحقوق الإنسان
وأعرب حويجة عن أمله في أن يكون أي دستور قادم “ملبّيا لطموحات أجيال سورية القادمة وآمالها”.

وبشأن تداعيات التدخلات الدولية والإقليمية على الأوضاع السياسية والإجتماعية، ذكر أن هذه التدخلات تركت وسوف تترك آثارها العميقة على بنية وتركيبة المجتمع السوري ومن أكثر من زاوية، سواء على صعيد التغييرات الديموغرافية الناجمة عن التهجير أو على صعيد تغير الولاءات من ولاءات وطنية إلى ولاءات طائفية وعشائرية وجهوية وغيرها، علاوة على الولاءات للدول الإقليمية الفاعلة والمجاورة، ومثال ذلك إرسال مقاتلين سوريين –مرتزقة- إلى ليبيا للقتال هناك.

ومن جانب آخر، دعا الحقوقي السوري إلى إطلاق سراح المعتقلين أو إحالتهم إلى محاكمات عادلة، ومحاسبة مرتكبي جرائم حجز الحرية والتعذيب وكل التجاوزات التي تخرق القواعد المتعارف عليها في شرعة حقوق الإنسان.

وفيما يتعلق بقانون قيصر، أوضح فائق حويجة أنه العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب، مدانة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بوصفها “أداة للقسر الاقتصادي والسياسي”، منتقدا قول من أسماهم بـ”المطبلين المحللين” الذين أشاروا إلى أن العقوبات لن تصيب إلا من شملتهم بالاسم، معتبرا ذلك “محض دجل ونفاق، والدليل على ذلك أن كل العقوبات التي فُرضت على بلدان أخرى، أصابت الشعوب بشكل كبير في حين بقيت حكوماتها بكامل عافيتها كالعراق”.

وقال إنه بحسب تصريحات جيمس جيفري المبعوث الأممي إلى سوريا، فإن “أهداف أمريكا في سورية هي محاربة داعش وطرد إيران وتنفيذ القرار 2254، وإغراق روسيا في المستنقع السوري”.