القوات التركية تنفذ مجزرة بحق عائلة من 11 شخصاً وترفع أعداد ضحايا قصفها منذ هجومها الأخير إلى نحو 125 شهيد مدني أكثر من نصفهم من الأطفال والمواطنات

23

يمد الموت ظلاله كل يوم في مدينة الباب أكثر، وتنسل قذائف الموت الواحدة تلو الأخرى، لتقتل ابناً وأباً وأماً، فما تكاد المدينة تنهي حفر قبر حتى تبدأ بآخر، فتفتح الأرض بابها لتخفي أشلاء الموتى تحتها، ومن يبقى يتحضّر لعبور هذا الباب من مدينة الباب، مع استمرار قذائف الموت التركية وصواريخ طائراتها القاتلة بتصويب حشواتها المميتة إلى صدور السوريين ورؤوسهم، لتجعل من أجساد خلقت للحياة، أشلاء متناثرة تتصارع الكلاب والطيور على تمزيقها بعد القتل الأول.

المرصد السوري لحقوق الإنسان يواصل رصده، ليوثق من جديد اليوم، مجزرة أزهقت أرواح عائلة مؤلفة من 11 رجلاً وسيدة وطفلة، قتلتهم غارات الطائرات التركية وقذائف قواتها التي تساقطت على المدينة، مع محاولة جنودها والفصائل المدعومة منها تحقيق تقدم لعمق المدينة التي تشهد دماراً في أجزاء واسعة من منازل قاطنيها، وضحايا المجزرة هم رجلان اثنان وزوجتاهما، وآخر وزوجته واثنين من اطفاله، وطفلان اثنان، إضافة لسيدة فقدت في ذات التوقيت زوجها الذي مزقت الألغام المزروعة بأطراف المدينة جسده وقتله في لحظة انفجارها به، وارتفع بذلك عدد الشهداء من ضحايا القصف التركي والغارات من طائراتها إلى 124 شهيد مدني وثقهم المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينهم 38 طفلاً دون سن الـ 18، بالإضافة إلى 27 مواطنة، قضوا جميعهم منذ الهجوم الأخير الذي بدأ ليل الـ 7 من شباط الجاري، جراء القصف من قبل القوات التركية والغارات التي نفذته الطائرات التركية على المدينة، ليرفع هذا الازدياد في أعداد الشهداء المدنيين منذ بدء محاولات السيطرة على مدينة الباب التي لا يزال تنظيم “الدولة الإسلامية” يسيطر عليها بشكل شبه كامل، إلى 444 مدني على الأقل، بينهم 96 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و59 مواطنة فوق سن الـ 18، في ريف حلب الشمالي الشرقي، استشهدوا جراء القصف التركي على مدينة الباب وريفها وبلدتي بزاعة وتادف، منذ الـ 13 من تشرين الثاني / نوفمبر من العام الفائت 2016، تاريخ وصول عملية “درع الفرات” لتخوم مدينة الباب، وحتى اليوم الـ 20 من شباط / فبراير من العام 2017، ومن ضمن الشهداء 353 مدني بينهم 87 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و55 مواطنة استشهدوا في القصف من قبل القوات التركية والطائرات الحربية التركية على مناطق في مدينة الباب ومناطق أخرى في بلدتي تادف وبزاعة وأماكن أخرى بريف الباب، منذ الهزيمة الأولى للقوات التركية في الـ 21 من كانون الأول / ديسمبر الفائت من العام 2016، على يد تنظيم “الدولة الإسلامية”.

القوات التركية والفصائل المقاتلة والإسلامية العاملة في عملية “درع الفرات” تمكنت اليوم من تحقيق تقدم جديد في القسم الغربي من مدينة الباب، وسيطرت على مبانٍ في المدينة، فيما خلفت الاشتباكات متفاوتة العنف والتي لا تزال مستمرة إلى الآن وعمليات القصف المتبادل بينهما، عشرات القتلى والجرحى وممن قضوا في صفوف طرفي القتال.

يشار إلى أن تركيا حصلت في أواخر العام 2016 على الضوء الأخضر الروسي الذي سمح لها بالتقدم نحو مدينة الباب والسيطرة عليها، وطرد تنظيم “الدولة الإسلامية” منها، في أعقاب الاتفاق على تهجير نحو 27 ألف شخص من بينهم أكثر من 7 آلاف مقاتل من مربع سيطرة الفصائل في القسم الجنوبي الغربي من مدينة حلب نحو ريف حلب الغربي، لأن هذا التقدم والسيطرة على مدينة كبيرة وذات استراتيجية سيتيح المجال أمام القوات التركية لمنع استغلال قوات سوريا الديمقراطية ثغرة الباب والسيطرة عليها، والتي ستمكن قوات الأخير، من وصل مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية ببعضها في المقاطعات الثلاث “الجزيرة – كوباني – عفرين”.