القيادي بالحزب الشيوعي السوري جون نسطة: انعقاد جود في دمشق رمزية كبرى وتوحيد كل المعارضة شيء مستحيل.. ونريد أن نملأ الفجوة التي نشأت بعد فضائح المعارضة الخارجية

51

تُعلّق المعارضة السورية أملها على إنجاح مؤتمر جود الذي ينتظر أن يجري في 27 مارس/آذار 2021 الجاري، للمضي نحو إحداث المؤتمر العام الذي في الأشهر القادمة وفق مصادر مطّلعة، ما قد يسهّل في حال نجاحه العملية السياسية المقبلة من أجل فرض الحل السياسي السلمي الذي ينتظره الشعب السوري 10 سنوات كاملة، بعد كل هذا الخراب والدمار الذي لحق بالبلد وكل الخسائر المادية والبشرية.

ويتطلّع السوريون منذ سنوات إلى اتفاق ينهي الأزمة والمأساة المستمرة والتي أرهقت كل الأطراف، ويعبّر السوري عن عدم ثقته في معارضته التي يرى أنها خذلته بعد أن اصطف بعضها وراء جهات كان سبب خراب البلد وتشتته وانهياره. فهل يصلح مؤتمر جود صورة المعارضة وما أفسدته “المعارضات المرتهنة”؟

ويرى المعارض السوري البارز وعضو اللجنة التحضيرية بمؤتمر جود، جون نسطة، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الهدف من المؤتمر لا توحدي المعارضة فحسب والذي يعتبر أمرا صعبا بل السعي نحو فرض الحلّل السياسي السلمي عبر رؤية سياسية واضحة، تنطلق من القرار 2254.

 

س- ما هو مشروع الرؤية السياسية التي يحملها مؤتمر جود؟

ج: تعيش سورية منذ سنوات، مأساة هي في جوهرها انعكاس لأزمةٍ مستدامة تعود إلى إخفاقٍ في بناء الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة التي تحقق الحرية والعدالة والمساواة، وتمثِّل طموح شعبنا منذ نيله الاستقلال، وقد تفاقمت هذه الأزمة في ظل نظام الاستبداد والقهر والفساد القائم منذ عقود، لتتفاقمَ مع قمعِ النظامِ بالحلِّ الأمنيِّ والعسكريِّ انتفاضةَ الشعبِ السوريِّ السلميةَ عام2011، التي بدأت مشروع ثورة وطنية ديمقراطية من أجل الحرية والتقدّم، ماولَّدَ العسكرة والتطييف والتطرف والأسلمة والتدويل، فهُجِّر السوريون وهُدمت المدنُ والبنى التحتيةُ وفُتّتت اللحمةُ الاجتماعية، وعُطِّل الحلُ السياسي.
-رؤيتنا تنطلق من إن الحل السياسي الوطني للأزمة السورية هو الحل الوحيد الناجع الذي يجنب بلادنا المخاطرَ، ويحقق تطلعات شعبنا في التغييرِ الجذري للنظام القائم، والتحولِ الديمقراطي الشامل، وبناءِ دولة ديمقراطية عصرية، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصِّلة، باعتباره الطريق المأمون لصيانة وحدة وسيادة بلادنا. وانسجاماً مع هذا الموقف، ينبغي لأيِّ خطة يتم اعتمادها في سياق الحل السياسي، وقف الاحتراب والقتال والعمليات العسكرية على الأراضي السورية، أياً كان مصدرها، تحت إشراف الأمم المتحدة، وفي مقدمتها الحلُّ الأمني والعسكري الذي يقوده النظام ضد الشعب السوري. وأن يترافق هذا الإجراء مع إطلاقِ سراح جميع معتقلي الرأي في سجون النظام وغيرها من السجون، والعفوِ العام عن المطلوبين السياسيين داخل سورية وخارجها،ومعرفةِ مصير المقتولين تعذيباً، والمختفين قسراً، في المعتقلات والسجون منذ عام 1980 حتى الآن، والعملِ على تحقيق العدالة الانتقالية بالمحاسبة وجبر الضرر، والبدءِ باتخاذ الإجراءات التي تكفل وتعجّل العودة الآمنة لكل المهجّرين داخل سورية وخارجها إلى مناطق سكناهم.

س- في أول اجتماع منذ 2012 للمعارضة، هل برأيكم دكتور جون المعارضة قادرة اليوم على التجميع والتأثير لفرض القرار السياسي والحل السلمي لإنهاء الصراع والازمة؟

ج: المبادرة لإقامة الجبهة الوطنية الديمقراطية، جاءت من هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، وكانت الدعوة لتشكيلها موجهة للأحزاب والقوى والتيارات والشخصيات الوطنية الديمقراطية، الموافقة على الرؤيا السياسة واللائحة التنظيمية المقترحة من قبل اللجنة التحضيرية لتشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية، والتي تؤمن بالحل السياسي التفاوضي، والتي تتمتع بتاريخ وطني ديمقراطي، غير مرتبط بأجندات أجنبية او إقليمية، نظيفة اليد، تحافظ على القرار الوطني المستقل.

وبالتالي لم تكن الدعوة موجهة لكل أطراف المعارضات وخصوصا الخارجية منها.

-الشارع السوري لم يعد يثق بالمعارضة الخارجية التي دعت إلى الحل العسكري منذ البداية، والتي كذبت على الناس بقرب التدخل العسكري الأجنبي ودعت إليه علنا وعلى رؤوس الشهود، والمجتمع الدولي بكامله لم يقتنع بصلاحية البديل الذي قدمته معارضة الخارج والذي يسيطر عليه الإسلام السياسي، وخصوصا الإخوان المسلمين بالإضافة إلى بعض الأشخاص الذين وصلوا إلى العمل المعارض مؤخراً بقصد الحصول على المنافع الخاصة، والرتب المتوقعة، الانتهازيين، سكان فنادق الخمسة نجوم، ومحبي شاشات التلفزة، وعشاق الأضواء والبروظة، ونحن في جود، بعد مؤتمرنا التأسيسي هذا سوف ندعو الى مؤتمر أوسع للمعارضين السوريين جميعهم.

-نحن نريد أن نملأ الفجوة التي نشأت بعد فضائح المعارضة الخارجية،ونكسب ثقة الجماهير معارضين وموالين،بوجودنا كمعارضة وطنية صاحبة قرار وطني مستقل،يسعى للنضال من أجل تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي وخصوصا القرار 2254 بكامل بنوده، وإطلاق سراح المعتقلين ووقف الأعمال العسكرية، وعودة اللاجئين بشكل طوعي وآمن، وبالتالي الخروج من الأزمة المعيشية الصعبة والمريرة التي يعاني شعبنا منها.

س- ما تعليقكم حول مايروج بخصوص حضور ممثلين عن منصتي موسكو والقاهرة بالمؤتمر؟ هل وراء ذلك ضمانات سياسية للسلطات السورية؟

ج: منصتا موسكو والقاهرة لن يحضرا مؤتمر جود، رغم العلاقات الجيدة التي تربط هيئة التنسيق الوطنية بهم، وبالنسبة إلى الشق الثاني للسؤال الضمني، نحن لم ولن نطلب موافقة النظام على عقد المؤتمر التأسيسي الأول لجود، وكل الاحتمالات والأخطار التي يتعرض لها المؤتمر واردة، ولا ضمانات من عدم وقوعها.

س- هل يعتبر مؤتمر جود آخر فرصة حقيقية واقعية للتجميع والإصلاح بعد كل الدمار الذي عاشت سورية بسبب تشتت المعارضة؟

ج: نحن في اللجنة التحضيرية لتشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية لم نطمح ولم يكن هدفنا توحيد كل قوى المعارضة، وهذا الهدف مستحيل التحقق أيضا لأسباب فكرية وسياسية وتاريخية.

-المعارضات السورية يمكن أن تتفق على أهداف محددة، وهذا متحقق بواسطة هيئة التفاوض في جنيف، كلنا نطمح إلى جمهورية مدنية ديمقراطية غير طائفية، تؤمن بشريعة حقوق الإنسان الدولية، وتضمن حقوق كل مواطنيها مهما تعددت مشاربهم الاثنية والدينية.

س- ما رسالتكم من خلال هذا المؤتمر للشعب السوري الملتاع؟

ج: رسالتنا إلى المجتمع السوري بالقول إن هناك لا تزال قوى معارضة للنظام تؤمن بالحل السلمي بالانتقال إلى التغيير الديمقراطي الشامل والجذري، صاحبة قرار وطني مستقل وغير مرتبطة بأجندات أجنبية او خارجية، نظيفة اليد والتاريخ، كان صوتها منخفض ومضغوط عليه، ويرغب الآن بإسماع صوته، معبرا عن مطالب كل السوريين بوقف القتال والجلوس الجاد والسريع على طاولة التفاوض، لإنهاء هذه الأزمة، التي لم يرى التاريخ الحديث مثيلا لها. نريد أن نبعث الأمل، ونحصل على ثقة الناس كل الناس.

-أغلبية أعضاء المؤتمر يعيشون بالداخل السوري، ويعانون مثل بقية أفراد شعبنا، بالظلم والجوع والفقر المدقع، وبالفساد الشامل، فهم من الشعب ومن أجل تحقيق أهدافه يتطوعون.

 

س- هل في عقد المؤتمر في العاصمة دمشق رمزية خاصة وأن العاصمة ظلت سنوات محكومة بيد الأسد وحلفائه؟

ج: نعم في انعقاد المؤتمر التأسيسي الأول لجود في عاصمة الأمويين رمزية خاصة، وصاحبة دلالات واضحة بأننا شركاء بالوطن والمصير ولسنا غرباء عن أرض الوطن وشعبه وترابه، نضحي بوقتنا وبجهودنا المتواصلة من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

 

س- أخيرا دكتور جون، ماهي شروط نجاح هذا المؤتمر برأيكم؟

ج: إن شروط نجاح هذا المؤتمر هو عدم تدخل القوى الأمنية لمنعه أو الاعتداء عليه أو منع الوصول الى مكان انعقاده.