القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي محسن حزام: روسيا والنظام وراء تعطيل أعمال اللجنة الدستورية.. وإخراج الأسد من المشهد السياسي لن يكون إلا بتوافق روسي-أمريكي

35

يبدو أن أغلب الأطراف المنخرطة في الأزمة السورية، أصبحت تبحث في سبل التسريع في إنهاء الصراع القائم منذ 10 سنوات، إلا أن الدعوات العديدة في هذا الإتجاه حال دون تجسيدها تشتت المواقف والمسارات.

وترى المعارضة السورية أن تقدّم أعمال اللجنة الدستورية السورية هو الضامن الوحيد لإحراز تقدم جوهري بشأن مناقشة الدستور بما يتماشى مع ولاية اللجنة وإجراءاتها وسط اتهامات كبيرة للنظام بالسعي إلى عرقلة أشغالها وتعطيلها لربح الوقت وإجراء الإنتخابات الرئاسية عام 2021، بدستور سابق ترفض المعارضة التعامل والاعتراف به.

محسن حزام، القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي السوري المعارض، يتحدّث في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان عن سبب تعطيل أعمال اللجنة الدستورية وعن الوضع في سورية وأهمية تطبيق القرار 2254 لبناء سورية الجديدة.

-س يقول المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، إنه يواجه صعوبة في تحقيق اختراق على مستوى عمل اللجنة الدستورية، وسط اتهامات للنظام بوضع شروط مجحفة من جانب، وأخرى للمعارضة بالسعي إلى إطالة أمد الصراع من جانب أخر، ما أدى إلى تجميد عملها.. برأيك من يضع العصي في دواليب اللجنة الدستورية من خلال تعمد المماطلة؟

ج-المبعوث ألأممي غير بيدرسون دائما في إحاطته يكرّر هذه العبارة في اتّجاه النظام بعرقلته الحلَّ السياسي للأزمة السورية، عبر اللجنة الدستورية، دون أي إجراء يُتّخذ من الهيئات الدولية في هذا الشأن تجاه تعطيل النظام، ولن يقع تحقيق أي اختراق إذا لم يسمح به الروس، وذلك لسببين، أوّلهما أن الروسي بعد أن حقق انتصارا عسكريا مع النظام على الأرض، تناغم مع الأمريكي بحجة محاربة الإرهاب، ومع إيران للإستفادة منها كضامن من خلال مسار أستانة، وثانيا في مخطّطه لاستكمال إحكام قبضته على الملف السوري بالكامل والذي كانت بدايته من خلال التدخل العسكري المباشر 2015، يريد أن يحقق انتصارا سياسي عبر اللجنة الدستورية بالضغط تارة على النظام وتارة أخرى على الشركاء الضامنين وهما التركي والإيراني، واليوم هناك محاولات جدّية بهذا الشأن بخصوص تشكيل منصات من خلال التوافق الروسي -الأمريكي تضاف إلى هيئة التفاوض، وهذه المنصات عبارة عن عمل توازنات ما بين الأطراف : الأمريكي يسعى باتجاه الدفع بالأكراد من خلال تشكيل منصات من خلال تحالفات في ما بينهم وتشكيل منصة الداخل السوري باسم منصة دمشق.

الروس هم من يضعون العصى بالعجلات، وذلك بالتوافق مع الأمريكان بخصوص عدم استمرار انعقاد لقاءات اللجنة الدستورية خلال هذه الفترة، والهدف من المماطلة هو كسب زمن يقرّبهم من تحقيق مصالحهم.

س2- حثّت المجموعة الدولية المصغرة بشأن سورية على ضرورة تحقيق تقدم على مستوى مناقشة الدستور السوري المستقبلي، ودعت إلى ضرورة التسريع في إجراء انتخابات حرة تحت إشراف الأمم المتحدة في بيئة آمنة على النحو المبين في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.. هل يمكن إجراء انتخابات ونيران الحرب مشتعلة؟ وهل هي استحقاق أم إجراء غير شرعي سيما أن المعارضة لن تقبلها لاعتبارات كثيرة أهمها عدم الاعتراف بالدستور الحالي؟

ج-الواقع أن تسريع ما تريده المجموعة الدولية المصغّرة لن يتحقق بالشكل الذي تراه مناسبا باعتبار مسألة الزمن والضغط الأمريكي والروسي، والنتيجة أن النظام سيصل إلى مرحلة الإنتخابات الرئاسية، وهذا يخدم ما يسعى إليه الطرفان، في حين أن المعارضة مغيبة في هذا الخصوص.

س3- تضع المعارضة السورية آمالها على تشكيل اللجنة الدستورية كما ذكرنا آنفا، وما سيفضي إليه من تشكيل دستور جديد يمهد لانتخابات حرة تحت إشراف الأمم المتحدة، وبالتالي إمكانية إخراج النظام السوري من المشهد السياسي.. هل هذا ممكن في واقع التشتت الحالي الذي تعيشه المعارضة والقوى الداعمة لها، ووسط حديث عن تراجع الاهتمام بالملف السوري من قبل القوى الدولية الفاعلة؟

ج- إخراج الأسد من المشهد السياسي لن يكون إلا بتوافق روسي-أمريكي، ولن يخرج الأسد وهي حقيقة وواقع تترجمهما الأحداث الحالية، فتعطيل مسار اللجنة الدستورية واللعب على عنصر الزمن سيخدم مشاركته في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2021، أيّا كان شكلها والتي لم تتحدد إلى اليوم معالمها، ولكن سورية مقبلة على انتخابات جديدة وقد يكون الأسد أحد رموزها ويشارك فيها لأن الخيارات لم تحسم بين الأطراف السياسية الرئيسية المهيمنة ليكون خارج المشهد.

4- إلى أي مدى يمكن للجنة الدستورية تغيير واقع الانتخابات في2021 برأيك؟

ج- تحاول المعارضة من جانبها التعجيل بمسألة ملف اللجنة الدستورية والدخول في المشاركة الجدية دون الوقوف على المبادئ الوطنية التي طرحها النظام في اللجنة الماضية التي انعقدت بجنيف، والتي تم التوافق بشأنها بين النظام والمعارضة.. وصرح المبعوث الأممي إلى دمشق مؤخرا من بيروت، بأنه أخذ الموافقة من ممثل وفد الحكومة السورية ومن المعارضة على استمرار عمل اللجنة الدستورية، لكن المعارضة كان لها مطالب تحددت أولا بالمتابعة من النقطة التي انتهت إليها الإجتماعات السابقة والبدء بمحددات المهام الدستورية وإنجاز الفقرات تباعا حسب تسلسلها، وهذا الموضوع تريد المعارضة من خلاله أن نسرّع وتكسب الزمن قبل الدخول في العام المقبل مرحلةِ الانتخابات الرئاسية، حتى يتسنى لها العمل على المرحلة الانتقالية التي تهيّئ لقيام دولة مدنية ديمقراطية.

س5- بعد 10 سنوات، هل فشلت المعارضة السورية في عرض مشروع بديل يخدم الثورة ويترجم آمال الشعب السوري؟

ج- لقد قدّمت المعارضة من خلال هيئة التفاوض مشروعا بديلا يخدم الثورة ويعبّر عن أحلام الشعب السوري لكن التدخلات الأجنبية قد أعاقت بروز أي مشروع قبل أن يترجم إلى أرض الواقع، لسبب رئيسي وهو أن مسار جنيف الرئيسي تعطل، في حين تتعسر اليوم اللجنة الدستورية التي هي الطريق الأساس في شرعنة كافة المحددات التي ترسم معالم سورية المستقلة.

س6- رفعت الحكومة السورية مؤخرا أسعار البنزين المدعوم والمازوت المشغّل للمصانع والمعامل، وسط تفاقم أزمة شحّ المحروقات وانهيار اقتصادي متسارع يضرب البلاد، مبرّرة خطوتها بالعقوبات الأمريكية المفروضة عليها.. ما تعليقك على استراتيجية النظام المتخذة والمسماة بـ” يضغط فنضغط”، والتي تضرّر منها الشعب السوري إلى حد الجوع؟

ج- سياسة الأزمات بالنسبة للنظام السوري سياسة قديمة منذ سنة 1974 إلى هذا التاريخ، حيث يعتمد نهج النظام في هذا الشأن ابتداع أزمات متلاحقة بحيث يحرف اهتمام المواطن عما يدور بالشأن العام وعما تمارسه السلطة، لذلك هذه الأزمات ومسألة الرفع في سعر البنزين وغلاء الأسعار الفاحش، هي أزمات الغاية منها الضغط على السوري لهدفين، أولهما الدفع باتجاه من تبقى للخروج من سورية والعمل على استبدال ديمغرافي داخل الجغرافيا السورية، وهي سياسة إيرانية بامتياز، وثانيا يعلّق النظام أزماته على العقوبات المفروضة عليه وأبرزها قانون قيصر الذي أرهق السوري لكنه ليس العنوان الأبرز لتدني المعيشة بهذا الشكل، وإّما المسألة أساسها فشل الحكومات المتعاقبة التي يعمل عليها النظام واستمرار الفساد الممنهج الذي يحكم كل مؤسسات الدولة بشكل كامل وهذا الفساد هو الذي يتيح للمتغوّلين أن يُحكموا قبضتهم على ما تبقى من دواليب الدولة.

س7- يقول الأسد إن شرط نجاح المفاوضات في سوريا هو عدم التدخل الأجنبي وعدم وجود معارضة وطنية حقيقية، لافتا إلى صعوبة الاستقرار في ظل هيمنة القوى الدولية على الملف السوري .. ما تعليقك على ذلك، علما أن النظام مدعوم من قوتين خارجيتين هما إيران وروسيا؟

ج- اليوم سيادة سورية مستباحة بالكامل حيث تهمين عليها أربعة جيوش أجنبية متحكمة في الجغرافيا السورية، وعلى طول 720 كلم ينتشر الجيش التركي والروسي، وبقرار سوري توجد كتلة عسكرية من الجيش الروسي وأخرى إيرانية، فالسيادة مستباحة من القوى المتدخلة بالكامل، والأسد هو من شرعن هذا التمركز من الشمال إلى الجنوب، والخلاص من هذه المحنة المستمرة هو خروج كافة هذه القوى من سورية حيث يتسنى للسوريين الجلوس إلى طاولة المفاوضات وتكون سورية – سورية، بدون أي ضغوطات لا من النظام ولا القوى النافذة المسيطرة إن كانت رسمية أو عبر مليشياتها المتوزعة على كافة الأرض السورية.

صحيح هناك شكل من أشكال الاستقرار في كثير من المناطق ولكن لا تزال أزمة منطقة إدلب مستمرة، ولا تزال جيوب الإرهاب تترقّب في كل مكان وتتحيّن الفرصة للظهور في صورة عدم تحقيق حلّ سياسي ناجح واستقرار كامل وتوافقات بين مختلف الأطراف.

9- تواصل إيران في شرق سورية بث سموم التشيع عبر تغيير أسماء شوارع باللغتين العربية والفارسية، وإطلاق اسم الخميني على شوارع بمدينة الميادين على الحدود مع العراق، في تأكيد على إصرارها على إحداث تغيير ديموغرافي ومذهبي في سورية، مستغلة الظروف المعيشية الصعبة لسكان المناطق الخاضعة لسيطرة الأسد.. أين دور المعارضة للتصدي لإيران ، وهل هناك وعي بخطورة ما يحدث من لمحاولة طهران تغيير ملامح الدولة وشكلها، في ظل الدعم المالي لتنفيذ الأجندة الإيرانية؟

ج- السؤال إشكالي، السؤال في حقيقة الأمر محرج ليس لنا، بل لطبيعة الخارطة السياسية والتدخّلات الدولية الموجودة على الجغرافيا السورية، وليس المهم خطة المعارضة، بل الأهم هو أنّ سيادة سورية مستباحة ويجب أن تسعى المعارضة وكافة الفعاليات الشعبية إلى مواجهة هذه الاحتلالات القائمة في سورية، سواء الموالية للنظام أوالمعارضة له، واليوم أيضا يقوم الأتراك بانتهاكات كبيرة في المناطق المتنفذين فيها، وهناك أيضا إرادة لفرض الأمر الواقع من قبل قوات قسد ومسد في شمال سورية، حيث إن هناك هجوما على المفردات العربية وتغيير وهجوما على العنصر العربي، إضافة إلى ما تمارسه إيران وتركيا في جوانب حياتية متعددة.. في إدلب اليوم، العملة المتداولة هي الليرة التركية وهناك تسميات لولاة من الأتراك حكاما في هذه المناطق.. هي قوات متوغلة ومتغوّلة على الجغرافية السورية نهبا وقتلا عبر كثير من الممارسات الخطيرة في محاولة جادة لإجراء التغيير الديمغرافي.. نحن نعي الحقيقة بتفاصيلها، إلا أن هناك توازنات وإرادات دولية وضغوطات لا يمكن أن تخرج من إسارها المعارضة.

س11 – انتشرت مؤخرا حملة “شمعة لنتذكر”، وهي حملة واسعة للتذكير بالمعتقلين في سجون النظام، وساندتها منظمات دولية وأطراف كثيرة.. إلى أين وصل ملف المعتقلين، وهل من جديد في ظل المساعي الدولية للوصول إلى أماكن احتجازهم والإطلاع على ظروفهم؟

ج-ملف المعتقلين موضوع مهم جدا وهو حاضر على الدوام في ملف المعارضة وعلى طاولة المشاورات.. وحتى في حوارات اللجنة الدستورية طرحنا الملف لإخراج كافة المعتقلين والتصريح بالمغيبين والمفقودين.. الروس يعطون وعودا كاذبة بهذا الشأن، والمعارضة من طرفها مستمرة بالضغط على المؤسسات الدولية والضامنين تركيا روسيا، لوضع الملف حيز التنفيذ والعمل عليه في أقرب الآجال.

س12- ما رؤية حزب الاتحاد العربي الإشتراكي لحلّ الأزمة في سورية؟

ج- تتحدد رؤية الاتحاد الإشتراكي العربي أولا في ضرورة إنهاء هذا الوضع القائم في الداخل السوري والتأكيد على مسار الحلّ السياسي باعتباره الحلّ الأنجع لرسم معالم سورية المستقبل، وأي تفكير بحلّ عسكري هو عبث تعمل عليه القوى الدولية والنظام من أجل تمرير الوقت، وسيتحمّل تبعاته السوري بكل أبعاده، وثانيا -وللأسف- سورية أرض مرهونة والقرار داخل البلد تتحكّم فيه القوى الدولية وهذا القرار خرج عن إرادة المعارضة، أما نحن كحزب فلنا رأي بهذا الشأن مفاده أن المسار السياسي المعتمد على جنيف1، والقرار 2254، هو الأرضية الصحيحة لتحديد معالم الدولة الوطنية الديمقراطية التي نريدها كحلّ ناجح لمستقبل سورية، والقرار الأممي 2254 يؤكد هذه القضية وأن مسألة الانتقال السياسي مسألة مهمة جدا، من أجل تشكيل حكومة وطنية غير طائفية تعمل خلال الفترة الإنتقالية على تنفيذ المرحلة المقبلة التي تفضي الى دولة مدنية مستقلة ومتقدمة يتساوى فيها الجميع من خلال الحقوق والواجبات دون تمييز عرقي أو إثني عنصري، وبالتالي تتحقّق مطالب الثورة التي نادت بالحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة.

علينا ألا ننسى أن هذا يمرّ عبر دستورعصري يُجمع عليه الجميع ويؤمّن حلّ كل الإشكالات لنضع أنفسنا على الطريق الصحيح في بناء سورية المستقبل بدون الإنحياز إلى أي قوة أو دولة، ونحن نؤمن أيضا بأن سورية المستقبل يجب أن تكون خالية من الإرهاب والسلاح ومن كل أشكال التطرف.