القيادي بـ”جود”، شمس الدين حمو: إعادة تأهيل النظام أمر محال والتقارب مع تركيا لم يكن مفاجئا

مأزق الإئتلاف في ارتهانه الكلي للخارج وتخليه التام عن قرارته السيادية الوطنية

72

اعتبر شمس الدين حمو، رئيس الهيئة التنفيذية في الجبهة الوطنية الديمقراطية، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الانسان، أنّ التقارب التركي مع النظام لم يكن مفاجئا حيث إن الاتصالات ما بين النظامين لم تنقطع مثل مايروَّج، لافتا إلى أنّ إعادة تأهيل النظام هو مجرد وهم يراود أتباعه وحلفاءه ولكنه في الحقيقة أمر محال.

س-كنتم منذ أيام في اجتماع لجود، ماذا تمخض عن هذا الاجتماع وهل من جديد؟

 ج- كان من المقرر عقد اجتماع للهيئة المركزية للجبهة الوطنية الديمقراطية “جود” في الثالث من تموز الماضي إلا أن محاصرة قوى أمن النظام للمقر الرئيسي للجبهة في دمشق ومنع أعضاء الهيئة المركزية في الداخل السوري من حضور الاجتماع حال دون عقده في الموعد المحددّ  واضطررنا إلى تأجيله إلى يوم الأحد الموافق لـ 28/8/2022. وكنا قد اتخذنا القرار بعقده إلكترونياً، وعُقد بحضور كامل الأعضاء برغم الصعوبات التي واجهت زملاءنا في الداخل بسبب انقطاع الكهرباء ورداءة خدمة الانترنت، ويكتسي الاجتماع  أهمية بالغة ليس فقط بسبب التحديات الأمنية والظروف المعقّدة ولكن أيضاً لأنه تم بموافقة كل المكونات 

وبرغم كل المعوقات والمخاطر أنجز المجتمعون كامل جدول الأعمال بروح عالية من المسؤولية وحوارات غاية في الرقي والديمقراطية. ولعل أهم ما أنجزه المجتمعون هو انتخاب رئيس للهيئة المركزية في تنافس شريف وديمقراطي جرى فيه التصويت وفرز الأصوات علناً .

 

س – أثار التقارب التركي مع النظام مخاوف كثيرة لدى المعارضة، هل يمكن أن ينتج عن هذا التقارب المفاجئ ترتيبات جديدة تعيد إنتاج النظام، وهل تقبل الأجسام التي تتمسك برحيل الأسد بما أسمته أنقرة بالمصالحة؟

ج- بالنسبة إلى التقارب التركي مع النظام في سوريا لم يكن مفاجئاً ولا جديداً إلا على الذين أغمضوا أعينهم عن الحقائق الواضحة. فمنذ اندلاع الثورة السورية وحتى تاريخه لم تنقطع الاتصالات الأمنية بين النظامين برغم التصريحات الصاخبة والخطوط الحمراء الوهمية والمناوشات الإعلامية. كذلك حافظا على استمرار العلاقات الدبلوماسية بينهما. فقنصلية النظام في إسطنبول لم تغلق برغم تعيين الائتلاف لنذير الحكيم سفيراً له في تركيا.

 -منذ الاجتماع الأول في آستانا برعاية روسية وما تلاه من اجتماعات ومواقف وتصريحات كان واضحاً سعي النظام التركي إلى عقد تفاهمات أمنية جديدة مع النظام السوري وتحقيق مكاسب إضافية على حساب الشعب السوري واستخدام مكونات الشعب السوري كأدوات وأوراق لعب لتحقيق مصالح أمنية للنظامين التركي والسوري على حساب الدماء السورية.

 –  معروف أن ما يؤرق النظام التركي هو وجود الشعب الكردي، والواضح أن أن أي نجاح للثورة السورية والانتقال بسوريا إلى الديمقراطية وحل القضايا الوطنية ديمقراطياً وفي مقدمتها القضية الكردية، لا يمكن للنظام التركي القبول بحدوثه بسبب عقدته من القضية الكردية، وهذه العقدة أدت بتركيا إلى التضحية بثورة الشعب السوري وتفضيل بقاء النظام على نجاح الديمقراطية. ويمكننا القول إن  العمل على إفشال الثورة السورية كان الهدف المشترك الأول الذي جمع النظامين، أما ما حدث تالياً فهو مجرد كشف لما كان مستوراً.

 -نحن ننظر إلى تركيا على أنها دولة جارة تربطنا بها وبشعبها أواصر تاريخية ومصالح مشتركة ونسعى إلى إقامة علاقات حسن جوار لمصلحة البلدين ولكننا نرفض أن تصدّر تركيا أو أية دولة أخرى مشاكلها إلينا تحت أية حجة أو ذريعة.

أما ما يروج حول امكانية إعادة تأهيل النظام فهو مجرد وهم يراود أتباع النظام وحلفاءه ولكنه في الحقيقة أمر محال لأن إعادة تأهيل النظام  ليس متعلقاً فقط بإرادة المتدخلين في الشأن السوري وإنما هو متعذر بسبب الشرخ العميق الذي حدث بين الشعب السوري ونظام قتل شعبه وشرده في الأصقاع وغيب مواطنيه في غياهب السجون ودمر بلاده ليحافظ رئيسه على كرسي الحكم.

 

س-  هل يمكن الحديث عن طبخة  في إطار تركي- روسي لوضع الائتلاف أمام الأمر الواقع لاعتباره يقيم داخل تركيا ومجبرا على المسايرة ، باستثناء هيئة التنسيق التي تعارض من الداخل؟

ج- بالنسبة إلى الائتلاف فإن مأزقه الحقيقي ليس في الطبخة التي تعدها روسيا بالاتفاق مع كل من تركيا والنظام، إنما مأزقه الحقيقي يكمن في ارتهانه الكلي للخارج وتخليه التام عن قرارته السيادية الوطنية وخضوعه لأوامر مشغليه خاصةً المشغل التركي. بسبب هذا الارتهان بات الائتلاف مكشوفاً شعبياً ومعزولاً عن قاعدته التي باتت تدرك حجم الكارثة التي أحاقت بثورتها جراء هذا الارتهان، وليس بخاف عن أحد حجم التذمر الشعبي الذي عبرت عنه المظاهرات العارمة في الشمال السوري استنكاراً للتقارب الذي أعلنه النظام التركي تجاه النظام السوري.

 

س–قمة أردوغان وبوتين في سوتشي،  تهدف ظاهريا الى إحلال السلام في سورية لكن باطنها يتعلق بالشمال السوري وخاصة القامشلي التي تعتبرها تركيا دليل أمنها القومي..  هل يمكن أن تكون هناك مساومات تتعلق بالشمال السوري وما خطورة تسليم القامشلي؟ 

ج- تشير التسريبات عن القمة المشتركة التي جمعت كلاً من بوتين وإردوغان إلى وجود تفاهمات روسية تركية حول بعض الملفات الإقليمية تتنازل بموجبها روسيا عن بعض نفوذها في سوريا لمصلحة تركيا. ولكن من المعلوم أن الملف السوري لا يخضع لتجاذبات الطرفين الروسي والتركي وحدهما بل هناك متدخلون وفاعلون غيرهما خاصةً التحالف الدولي بقيادة أمريكا المهيمن على الأجواء الشرقية لسوريا.. فلا أظن أن طرفيْ سوتشي قادران على حسم ملف القامشلي وشرق الفرات وحدهما. ولكن إن حدث وتم السماح لتركيا بتدخل عسكري جديد في الشمال السوري فسنكون أمام كارثة جديدة تحل على الشعب السوري ومعاناة إضافية ومزيد من القتل والتشريد والتدمير وتعقيد أكثر للملف السوري. 

 

س- هل بات ملف المختفيين تفاوضيا للمساومة، وهل خذل  المجتمع الدولي المختفين والمعتقلين؟

ج- كان الله في عون السوريين المبتلين بنظام يقتل شعبه ويعتقل ويخفي مواطنيه دون حق أو قانون في ظل نظام دولي معطل غافل عن قضايا حقوق الإنسان بفعل تسلط مجموعة من دول خارجة عن القيم فرضت نفسها بالقوة على القرار الدولي تحت مسمى حق الفيتو ولا تكترث سوى لمصالحها وفرض هيمنتها على العالم.

 -في ظل هذه العطالة المفرطة للمؤسسات الأممية لا يمكن الحديث عن خذلان المجتمع الدولي أو عدم خذله للسوريين.. أصلاً لا يمكن التعويل على مجتمع دولي يئن تحت وطأة صراعات وحروب الدول العظمى. إن التعويل لن يكون إلا على شعبنا الذي سوف لن يهدأ ولن يدع الآخرين يهنأون بالهدوء والاستقرار ما لم تحل القضية السورية بما يرضي السوريين ووفقاً للقرارات الدولية ذات الشأن خاصةً القرار 2254 وضمان حل كل الملفات بما فيها ملف المغيبين قسرياً.

 

س- منع اجتماع هيئة التنسيق هل يمكن أن يكون خطوة للضغط على هذا الجسم المعارض في الداخل لإخضاعه؟ 

ج- بالنسبة إلى خطوة منع النظام لكل من “جود” وهيئة التنسيق الوطنية من عقد اجتماعاتها فهي ليست بجديدة إذ سبق أن منع النظام الإجتماع التأسيسي لجود. فالمنع وتكميم الأفواه جزء من طبيعة النظام وهو يعتبر كل رأي أو موقف لا يخرج من تحت عباءته خطراً عليه. بهذا الصدد نعتقد أن النظام يخشى النضال السلمي الذي تخوضه الجبهة الوطنية الديمقراطية-جود وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي أكثر من خوفه من الأعمال العسكرية التي تقوم بها الفصائل العسكرية وقوى الإرهاب على اعتبار أن ممارسة  العنف والقتل هي مهنته ويتقنها أما ساحات العمل السلمي فتلبكه وهي عصية على إدراكه وفهمه وعلى أجهزته الأمنية التي لا تتقن سوى تسليط الإرهاب على المواطنين.

 

 – نحن من جانبنا لن نألو جهداً في الدفاع عن الحريات وحقوق المواطنين وحشد الطاقات الشعبية في مواجهة سياسيات البطش والإرهاب التي يمارسها النظام وكل سلطات الأمر الواقع في مختلف الكانتونات غير الشرعية على الأرض السورية بإيمان مطلق بأهمية الكلمة والرهان على ارتقاء الوعي الشعبي.

أخيرا- كل الترتيبات الحاصلة هل تسهل أو تصعب الحل السياسي في سورية؟

ج- لا تلوح في الأفق أية حلول سياسية في سورية ليس بدلالة الترتيبات الجارية راهناً وإنما لأن الحل في سورية مرتبط بتفاهمات دولية على مستوى العالم وهي متعذرة في الوقت الراهن. ما يجري الآن هو مجرد تفاهمات أمنية وتبادل مصالح بين أعضاء الفريق الواحد (فريق آستانا) وهذه التفاهمات لا تأخذ في الاعتبار أية مصلحة للشعب السوري ولا حتى لأولئك السوريين الذين عملوا مجرد أدوات وخدم عند الأطراف المتفاهمة.