القيادي ضمن التيار الوطني السوري سمير هواش: أعارض مصادرة أملاك المعارضين من قبل النظام ونحن في سورية فقدنا فرصة صناعة مستقبلنا لصالح القوى الخارجية

63

كثّفت “إسرائيل” خلال الفترة الماضية ضرباتها مستهدفة الأراضي السورية، ومقار لإيران وحزب الله، في وقت اعتبر فيه محللون أن الضربات هدفها تقليم أظافر طهران، وأن القوات الإسرائيلية لا تسمح لإيران بتمدد ظلالها في مواقع سورية قريبة من الجولان المحتل أو فلسطين.

ويرى القيادي بالتيار الوطني السوري سمير هواش، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن سورية مستهدفة، لافتا إلى أن بعض التحليلات ترجّح أن يكون هناك عدوان صهيوني مرتقب مستغلة الظروف الصعبة للبلد.

 

س- تحدّث موقع “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسي بحسب معلومات استخباراتية عن استعدادات إسرائيلية لنزاع مسلح على الحدود مع سورية في 2021، حيث أشار إلى إمكانية أن يتحول الجنوب السوري إلى ساحة “أول حرب شمالية” بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والقوات الإيرانية.. كيف تقرؤون هذا التسريب، علما أن “إسرائيل” في حالة حرب مع إيران في سورية عبر استهداف مسترسل لمواقعها هناك؟

ج- لاشك في أن الوضع على الحدود بين سورية و”إسرائيل” يشهد توترا متصاعد، وهناك الكثير من التسريبات والتحليلات التي ترجح أن يكون هناك عدوان إسرائيلي كبير باتجاه سورية أو لبنان أو كلا البلدين لضرب حزب الله واستغلال الظروف الصعبة التي يمر بها لتصفية الحساب الإسرائيلي الكبير معه، لكنني لا أرجح صداما عسكريا كبيرا، على الأقل خلال العام الحالي، فهناك إدارة أمريكية جديدة سيكون لها بالتأكيد مقاربة مختلفة لكل ملفات المنطقة ومنها الملف السوري، وهناك وجود عسكري روسي مباشر على الأرض، ومعروف مستوى العلاقة المتقدم بين روسيا و”إسرائيل”، وهناك مذكرات وتفاهمات مشتركة بين الطرفين تمنع حدوث اشتباك أو صدام، والأهم من كل ذلك هو أنه بموجب اتفاق تم عن طريق روسيا ليس هناك أي وجود إيراني مباشر أو غير مباشر ولمسافة ثمانين كيلومترا من الحدود، وبالتالي لا أعتقد أن هناك احتمالا لحرب إقليمية كبيرة على الحدود بين “إسرائيل” وسورية.

س- يقول مراقبون سوريون إنه لو أرادت أمريكا الحلّ في سورية لحلّت الأزمة منذ اندلاع الانتفاضة، ولما وصلت الأمور إلى هذا الوضع المأساوي، لكن مصلحتها تجبرها على بقاء النظام الحالي.. ما قراءتك لذلك؟

ج- يمكن القول إن الولايات المتحدة الأمريكية هي الطرف الأقوى على الساحة الدولية، وفي الأزمة السورية هي اللاعب المقرر الذي لا يمكن تصور حل بدون موافقته لكنها لا يمكن أن تفرض حلّا لوحدها بوجود أطراف قوية أخرى، وباختصار يمكن القول إن تفاهما أمريكيا روسيا قويا هو وحده القادر على فرض حل، وبالتأكيد أمريكا لم تكن مستعجلة على ذلك، فهناك استنزاف يجري لكل القوى التي تعارضها .. هي تريد فرض الحل الذي يحقق مصالحها والواضح – وهذا ما كررته الإدارات الأمريكية – أنها لا تريد إسقاط النظام السوري، هي كما تقول تريد تغيير سلوكه وهذا مرتبط الى حد كبير بأمن “إسرائيل”.

س- كيف تعلق على مصادرة النظام لأملاك بعض المعارضين، وهو إجراء اعتبره هؤلاء استفزازيا لتطويعهم؟

ج- موضوع مصادرة النظام لأملاك المعارضين أو المهجرين أثير أكثر من مرة ووضعت عدد من قرارات تنظيم بعض المناطق بمحيط دمشق في هذا السياق وهناك قرارات قضائية وتنفيذية صدرت أيضاً، وأنا ضد أي قرار يمسّ الحقوق الشخصية لأي معارض سياسي أو مهجر، وأعارض بقوة أساليب الضغط هذه التي تمارسها السلطة السياسية القائمة لتطويع وتركيع القوى السياسية أو المجتمعية المعارضة لها، ثم إن هذه الأساليب تتعارض مع حقوق الإنسان ومع الدستور والقانون السوري ومع ما تدعيه السلطة نفسها من نهج مصالحة وشراكة ودعوة المهجرين إلى العودة إلى سورية وكان هناك مؤتمر في دمشق لذلك مؤخراً.

س- بخصوص الخلاف الحاد بين الأسد ورامي مخلوف والذي عاد إلى الواجهة، والحرب الكلامية بينهما.. هل طبيعة هذا الخلاف مادية أم سياسية؟ علما أن مصادر سورية تحدثت عن أن سبب الخلاف أبعد غورا من قضية المال بل كان نتيجة تيقن مخلوف ووالده من أن الأسد قد استُنزف..

ج- الحقيقة لا يزال كثير من الغموض يحيط بظروف وملابسات الخلاف غير المتوقّع بين رامي مخلوف والقيادة السورية، والأكيد أن السبب المعلن غير مقنع لخلاف بهذا المستوى من الجدية والعمق بين طرفين تربطهما قرابة وعلاقات ومصالح، والسبب المادي لوحده غير كاف لتفسير ذلك وبالتالي هناك أسباب أخرى والأرجح أنها سياسية، ويمكن الإشارة هنا إلى أن أحد أجنحة الحزب السوري القومي الذي كان يحظى برعاية ودعم رامي مخلوف قد مورست عليه مختلف الضغوط وصولاً إلى إصدار قرار بحله، ورعاية هذا الحزب ربما تعطي مؤشرا على طموحات سياسية لدى رامي مخلوف وقد تشكل أحد أسباب هذا الخلاف المتصاعد والمتفجر.

س- كثفت “إسرائيل” استهدافها لسورية مؤخرا، حيث صرح مسؤول عسكري في كيان الاحتلال بأنه تم توجيه 50 ضربة في عام 2020.. ماذا تريد “إسرائيل” من وراء هذه الإعتداءات على سورية ؟

ج- صحيح أن مؤشر الاعتداءات الإسرائيلية على الأرض السورية سجّل أرقاما مرتفعة غير معهودة خلال العام الماضي، وأرى أن ذلك يعود إلى عدة أسباب، منها الظروف الدولية والإقليمية المثالية التي توفرت لـ”إسرائيل” وأهمها التغطية الكاملة والمساندة الأمريكية في عهد ترامب، والتفاهمات مع روسيا، وصفقة القرن التي مهدت لتسونامي التطبيع الذي نشهده، والحصار الخانق الذي فرضه ترامب على كل من إيران وسورية وحزب الله مما انعكس ضعفا واضحاً في قدرتهم على رد الإعتداءات، ولاشك في أن غياب قاسم سليماني قد ساهم في ذلك، أما عن أهداف “إسرائيل” في سورية فهي تريد فرض أمر واقع بضمها الجولان نهائياً خاصة بعد اعتراف أمريكا- ترامب بذلك واتخاذ هذا الوضع جزءً من الحل في سورية وإنهاء أي وجود لقوى تعتبرها معادية مثل إيران وإبقاء سوريا دولة ضعيفة منهكة خاصة وهي تتهيأ لتكون المعبر الوحيد للتجارة وخطوط الطاقة بين الغرب والشرق.

س- تعود اجتماعات اللجنة الدستورية السورية أواخر الشهر الحالي، في جولتها الخامسة التي يعتبرها مراقبون “حاسمة” .. هل ترون فرصة للحلّ في سورية عبر هذه اللجنة ودستورها المرتقب؟

ج- لا أعتقد أن اللجنة الدستورية بتركيبتها وظروف تشكيلها وطريقة عملها قادرة فعلا على إنتاج دستور لسورية يشكل أساس الحلّ السياسي.. إنها مجرّد لعبة تضييع وقت أصبح يتقنها الطرفان، وإذا كان هناك دستور جديد لسورية فهو حتما سيكتب خارج اجتماعات اللجنة ليكون دورها هو فقط إخراجه أو الإعلان عنه، وسنرى المزيد من جولات عملها التي تراوح مكانها حتى نضوج تفاهمات الحل ويمكن اعتبارها هي المؤشر الأوضح لدرجة نضوج هذه التفاهمات، ورأينا أن عددا من مسؤولي النظام الكبار أعادوا التأكيد أكثر من مرة في الأسابيع والأشهر الماضية على أنه لا ارتباط بين الإنتخابات الرئاسية واللجنة الدستورية.

س- برأيك أستاذ سمير.. لماذا يصر النظام على إجراء انتخاباته في موعدها المحدد، علما أن اللجنة الدستورية لم تنته من أعمالها؟

ج- لاشك في أن سورية وكل مفاصل أزمتها الأساسية ومنها الإنتخابات الرئاسية هي مجال مفتوح لمزيد من الصراعات بين المحاور والجهات الدولية والإقليمية الفاعلة حيث يسعى كل طرف إلى الامساك بالمزيد من الأوراق لأنه ليس بإمكان أي طرف الإدعاء بأنه ربح المعركة حتى الآن.

– وأتوقع أن الشهور القادمة وقبل استقرار إدارة بايدن وتوضح الخطوط الأساسية لمقاربتها المختلفة للملف السوري ستشهد الكثير من الجولات التي ربما سيكون محورها الأساسي هو الإنتخابات الرئاسية.

س- يرى مراقبون أن الإنتخابات الرئاسية المقبلة في سورية هي ساحة لـمعركة مبكرة وصامتة بين موسكو وحلفائها من جهة، وواشنطن وشركائها من جهة أخرى، خصوصاً أنها ستكون الأولى بعد الوجود العسكري الروسي والتغييرات الميدانية الكبيرة وثبات خطوط التماس بين مناطق النفوذ الثلاث في سورية لنحو سنة وسط أزمة اقتصادية عميقة وعقوبات اقتصادية غربية وعزلة دبلوماسية وسياسية، إضافة إلى أنها ستحصل في الأشهر الأولى من ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن.. ما تعليقك؟

ج- للأسف، كل يوم يمرّ تضاف فيه تعقيدات جديدة على الملف السوري وتفتح جبهات صراع جديدة بين القوى الفاعلة ونفقد نحن السوريين جزءً من دورنا في صناعة مستقبلنا لصالح القوى الإقليمية والدولية وتتراجع إمكانية التسوية السياسية في غياب تفاهم دولي جدي، ويبدو أن كل الأطراف تملك وقتا مفتوحا لمزيد من المماطلة والمناورة للتهرب من استحقاق الحل والتسوية،في حين أن الشعب السوري بكل مكوناته يدفع ثمن هذه المماطلة من دمه وكرامته ولقمة عيشه.. والأكيد أن المسار الحالي لا يمكن أن يستمر طويلا،إذ لابد من خطوات توقف هذا الإنهيار وتفرض الحل، وهذا ما نقوم به من خلال تحشيد كل القوى الوطنية لضمان تسوية سياسية تنسجم مع مصالح الشعب السوري.