الكارثة الإنسانية تتفاقم بحق النازحين السوريين عبر احتراق عشرات الخيم ضمن مخيم بالقرب من مدينة اعزاز شمال حلب

37

تفاقمت الأزمة الإنسانية للنازحين، منذ أواخر نيسان الفائت، بسبب تصاعد المعارك والقصف في إدلب وحماة ونزوح معظم أهالي المناطق التي تتعرض للقصف الذين يقدرعددهم بأكثر من 725 ألف نسمة مما تسبب بكارثة إنسانية، حيث غصت مخيمات شمال إدلب بالوافدين الجدد، واتجه البعض إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا، كونها أكثر أمناً من ناحية القصف فملئت المخيمات بعشرات النازحين رغم حرارة الطقس وقلة الخدمات، وفي السياق ذلك رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان احتراق عشرات الخيم في مخيم “الصداقة ” الواقع شرق مدينة اعزاز الخاضعة لسيطرة الفصائل المدعومة من تركيا شمال حلب، ماتسبب بأضرار كبيرة بالإضافة إلى نزوح العديد من العائلات التي باتت بلا مأوى، فيما لا يزال سبب نشوب الحريق مجهولاً حتى الآن.

ونشر المرصد السوري في الـ 31 من شهر آب/أغسطس من العام الجاري أنه ومع توافد مئات الآلاف من النازحين الجدد من أرياف إدلب الجنوبية والشرقية والجنوبية الشرقية بالإضافة لريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي، باتجاه الشمال السوري والكثافة السكانية التي تحدث في الوقت الراهن وبالأخص في مخيمات الشمال السوري المنتشرة على طول الحدود السورية مع لواء اسكندرون، باتت معضلة إيواء النازحين هي الأبرز حيث لم تواجه هذه الموجات الكبيرة من النزوح الأخير أي محاولة من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري، أو الجهات المعنية لإيجاد اماكن لإيواء النازحين ومد يد المساعدة بشكل كافي لهم، في الوقت الذي يقبع آلاف العوائل النازحة إلى حد هذه اللحظة بين الأشجار وفي العراء دون أن يتمكنوا من تأمين مجرد خيمة يحتمون بها من أشعة الشمس على أقل تقدير، وجراء ذلك تعمد العديد من العائلات إلى بناء خيم بشكل فردي وبنائها يدوياً باستخدام أدوات ومواد بسيطة تعتبر أقل تكلفة من شراء الخيمة أو دفع إيجار منزل إن وجد ذلك أصلاً بعد المتاجرة بالأسعار التي يعمد إليها أسعار الحرب والمبالغ الفلكية التي يطالبون بها، ويقوم مبدأ صناعة وتركيب مثل هذه الخيم البدائية على بعض الأعمدة الخشبية وأغطية وشوادر نايلون، يتم تشييدها على شكل خيمة تقطنها العائلة النازحة، وتواجه العائلات المقيمة في مثل هذه الخيام من عدة صعوبات وعوائق تزيد من عبء نزوحهم وتشردهم، وبذات الوقت فإن مثل هذه الخيام تعتبر أكثر عرضة للسقوط من غيرها بسبب عم تماسكها بشكل جيد وقد يعاني سكانها من التشرد في فصل الشتاء القادم في هذا العام بحال استمر وجودهم هناك، ومن جهة أخرى فإن مثل هذه الخيام يتم بنائها بعيد عن أماكن تجمع المخيمات بسبب فرض مبلغ مالي مقابل إيجار أرضية الخيمة، التي تطلب من العائلات في معظم مخيمات الشمال السوري، ومن بين أشهرها في هذا الجانب هو تجمع مخيمات دير حسان، الذي تفرض إدارته مبلغ يتراوح ما بين 10 إلى 20 ألف ليرة سورية مقابل تأجير عدة امتار لبناء الخيمة للعائلة الواحدة، ويعود السبب الآخر لبناء الخيم المصنعة يديوياً بعيدة عن تجمعات المخيمات هو حجة عدم وجود أماكن كافية، فتجبر هذه العائلات على بناء خيامها البدائية هذه بشكل عشوائي وبأماكن متفرقة، مثل محيط البلدات والقرى وفي الأماكن العامة والأحراش وتحت أشجار الزيتون، وتنتشر هذه الخيام بكثافة في مناطق ريف إدلب الغربي مثل بلدة دركوش والأحراش والأراضي المحيطة بها، مثل منطقة العين الزرقا وحمام الشيخ عيسى وغيرها، كما تنتشر في عدة قرى قريبة من جسر الشغور مثل قرى أرملة وخربة الجوز وقسطرة وغيرها، وفي بلدات كثيرة في شمال ادلب، وأراضي زراعية وعلى محيط الطرقات، ففي كل مكان يلاحظ وجود مثل هذه الخيام المتفرقة والتي تقطنها عائلة تعاني من أوضاع مأساوية وقد أجبرتها الظروف على العيش تحت هذه الخيام البالية والتي تفتقر لأدنى مقومات الحياة الطبيعية.

ومع ذلك لا تزال غالبية المنظمات الإنسانية المنتشرة بكثافة في الشمال السوري تلتزم الصمت وتعجز عن تقديم ما يمكنه أن يساعد النازحين على الاحتماء بأماكن أفضل، وتزويدهم بما يحتاجون إليه من مواد غذائية وطبية ومياه الشرب وغيرها العديد من المتطلبات، وتتزايد يوم بعد آخر أعداد النازحين باتجاه الشمال السوري، الأمر الذي يضم المنطقة بكارثة إنسانية جديدة حال استمرت الأوضاع الراهنة لفترة طويلة، ويجدر بالذكر أن معظم العائلات النازحة تعيش تحت خط الفقر ولا تملك شراء خيمة بكامل تجهيزاتها والتي بلغت أكثر من 200 دولار أمريكي في الآونة الأخيرة وذلك بسبب زيادة الطلب عليها، مما ساهم أيضا في انتشار الكثير من المحلات لتصنيعها وعرضها للبيع، مما أجبر جزء كبير من العائلات على تفضيل القيام بإنشاء خيم بدائية، تبنى بواسطة أعمدة خشبية وبطانيا (أغطية) و قطع قماشية وبلاستيكية، وتشييدها بجهد فردي في مناطق متفرقة وبعيداً عن المخيمات التي انتشر فيها الاستغلال للنازح.