اللاجئون السوريون في لبنان بين مطرقة الترحيل وسندان مذبحة النظام

1٬225

“الموت أرحم من العودة إلى سورية” هذا ما قاله مصطفى “اسم مستعار لدواعي أمنية”، وهو منشق عن قوات النظام في العام 2014، يعيش في طرابلس شمال لبنان، مضيفا: رغم العنصرية التي تمارس ضد السوريين في لبنان إلا أنها في أسوأ حالاتها أفضل من الاعتقال في سجون النظام السوري، مؤكدا بأنه انشق عن قوات النظام لكي لا يشارك بالقتل وترحيله إلى سورية يمثل حكم إعدام بحقه.

وتواصل مخابرات الجيش اللبناني المداهمات لاعتقال السوريين وترحيلهم لاحقا، آخرها في منطقة قب الياس بالبقاع الأوسط، حيث تم ترحيل أكثر من 51 سوري إلى نقطة المصنع الحدودية، وهؤلاء لا يملكون أوراق ثبوتية، دخلوا لبنان بعد العام 2019 ، ولم ترد معلومات أذا ما تم تسليمهم للنظام السوري.

وخلال عملية المداهمة كسر أفراد المخابرات اللبنانية سيارات ودراجات نارية وصادر بعضها، وساقوا الشباب والرجال، إلى ثكنة قب الياس القريبة من المخيمات، قبل أن يتم الإفراج عن الذين أبرزوا وثيقة تؤكد وجودهم قبل العام 2019 ومسجلين لدى المفوضية.

ومع تصاعد التوتر في لبنان يلزم قسم كبير من العمال السوريون منازلهم، رافضين متابعة أعمالهم في ظل الخطاب العنصري ضدهم من قبل البعض، وخوفا من الاعتقال وعمليات الترحيل الجماعية على يد مخابرات الجيش اللبناني.
وبهذا الخصوص يقول اللاجئ السوري (أ.ط) في حديثه مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن مخابرات الجيش اللبناني تنفذ حملات المداهمة بوشاية من رؤساء البلديات.
مضيفا أن غادر مع عائلته منزله السابق في العاصمة بيروت بعد مداهمة أجرتها السلطات اللبنانية في الحي للبحث عن السوريين، قاصدا أقربائه في بلدة “ضهور الشوير” بقضاء المتن بجبل لبنان، وهو اليوم يبحث عن عمل جديد يستطيع العيش من خلاله، بعد أن ترك عمله القديم بـ”سوبر ماركت”.
ويعمل اللاجئين السوريين في مختلف الأعمال كالمحال التجارية والخدمية والزراعية في عدة مناطق بلبنان.
بشير 36 عاما يعمل شيف في مطعم بمنطقة عجلتون بقضاء كسروان، يقول بأنه استضاف عائلة عمه التي تعمل في منطقة نهر ابراهيم، في منزله الصغير، بسبب حملات العنصرية ضد السوريين والمداهمات التي جرت في المنطقة، وهو لا يرغب بالعودة إلى سورية، خوفا من اعتقاله.

وتصاعدت وتيرة العنصرية لدى البعض ضد اللاجئين السوريين وارتفعت الأصوات السياسية المعارضة لوجودهم، في حين تمارس الحكومة اللبنانية الإعادة القسرية التي تخالف القانون الدولي بما يخص اللاجئين.
وتزايدت المداهمات التي تشنها السلطات اللبنانية، ضد السوريين منذ بداية نيسان/أبريل الجاري، واستهدفت الحملات مناطق مختلفة من العاصمة بيروت كحارة الصخر وبرج حمود وصولا إلى منطقة وادي خالد والهرمل  مرورا بقضائي الشوف وكسروان في جبل لبنان.
وأشارت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، قبل أيام، إلى إن السلطات اللبنانية نفذت مداهمات، منذ مطلع نيسان الجاري، في مناطق الهرمل وبرج حمود وعدة قرى في جبل الشوف وجبل كسروان، اعتقلت خلالها المئات من السوريين، بتهم مختلفة منها (الشغب والاعتداء على المواطنين اللبنانيين وعدم امتلاكهم أوراق ثبوتية تخولهم بالبقاء في لبنان) وهي حجج واهية.
وأضافت مصادر المرصد السوري، بأن السلطات اللبنانية نقلت المعتقلين إلى الحدود السورية-اللبنانية، وسلمت بعضهم إلى السلطات السورية التي بدورها اعتقلتهم فور وصولهم.
وأكدت مصادر المرصد السوري، بأن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري اعتقلت شابين، من أبناء بلدة الغارية في ريف السويداء الجنوبي، وذلك بعد ترحيلهما من قبل السلطات اللبنانية عند نقطة المصنع على الحدود السورية – اللبنانية ، ونقلتهم إلى أحد مراكز الاحتجاز في العاصمة دمشق، بحجة التهرب من الخدمة الاحتياطية، ولا يزال مصيرهما مجهولا حتى اللحظة.
وافلتت السلطات اللبنانية غالبية السوريين الذين جرى اعتقالهم في منطقة وادي خالد الحدودية، التي تعد بؤرة للمهربين، مما أجبر السوريين على دفع مبالغ ما بين 100 -200 دولار أمريكي مقابل إعادتهم إلى منازلهم.
كما تعرض اللاجئين السوريين لسوء المعاملة، دون مراعاة لأوضاعهم الإنسانية.
ودعا مسؤولون لبنانيون المواطنين بمشاركتهم لمقاومة ما أسموه بـ”الاحتلال الديمغرافي” لبلادهم.
وأطلق الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان “الحملة الوطنية لتحرير لبنان من الاحتلال الديموغرافي السوري”.
وطالبت الحملة الحكومة اللبنانية بإعادة مليون سوري إلى بلادهم فورا إلى مناطقهم التي أصبحت آمنة، وترحيل أصحاب السوابق من خارج السجون وداخلها، وإعادة جميع الذين دخلوا سورية بحيث انتفت صفة اللجوء عنهم، وتكليف الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالكشف عن الأرقام المتعلقة بالنازحين السوريين.
واتهم الاتحاد العام لنقابة العمال، اللاجئين السوريين”، بالمساهمة بسرقة مياه وكهرباء اللبنانيين، وتلويث الأرض والهواء والثقافة والقيم اللبنانية.
وفر مئات آلاف السوريين إلى لبنان منذ العام 2011، وزاد من الطين بلة مساندة “حزب الله” اللبناني النظام بقمع الاحتجاجات الشعبية التي أسفرت عن نزوح كبير نحو لبنان.
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية سيئة، ويوجد حوالى مليوني لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، نحو 830 ألفا منهم مسجلون لدى الأمم المتحدة، بحسب السلطات المحلية.