اللاجئون السوريون والموت بردا… أين المساعدات؟

33

مشاهد تمزق القلب اربا. اطفال يرتجفون من البرد واالجوع، وعائلات محاصرة بالثلوج، فيما يواجهون خطر الموت تجمدا داخل خيام تفتقر الى كل شيء. هكذا تتفاقم معاناة ملايين اللاجئين السوريين في دول الجوار، وكأنهم لم يعانوا بما يكفي في الماضي، او كأن الشتاء جاء فجأة، او كأن مئات الملايين من الدولارات التي انهمرت على بعض تنظيمات المعارضة السورية والحكومات المضيفة لهم لم تكن كافية لشراء «كارافانات» مجهزة بالامكانيات الاساسية لايوائهم والحفاظ على حياتهم.
وتعاني مخيمات النزوح في الداخل السوري ايضا من ظروف صعبة للغاية، وانعدام الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية، وجاء فصل الشتاء بقسوته ليزيد من مأساوية الوضع فيها، في ظل غياب شبه تام للمنظمات الإغاثية، حيث تتعرض بلاد الشام (سوريا ولبنان وفلسطين والأردن) لمنخفض قطبي عميق، يستمر حسب خبراء الرصد المناخي حتى غدا الاحد على الاقل.وفي مؤتمر صحافي عقده لرئيس الحكومة التابعة للمعارضة السورية، ورئيسة وحدة تنسيق الدعم «سهير الأتاسي» في إسطنبول امس الاول الخميس، قال طعمة أنه «يناشد الأشقاء العرب والمجتمع الدولي وكل ذي ضمير؛ لإغاثة السوريين في محنتهم؛ التي حصدت أرواح اكثر من 10مواطنين في الداخل، وبعضهم في مخيمات الجوار بسبب الظروف القاسية».واعتبر أن «الاستجابة محدودة بسبب المأساة الكبيرة، ففي بداية تشكيل الحكومة المؤقتة؛ كانت التوقعات تشير إلى أن الحاجة إلى 200  مليون دولار شهريا؛ لكن حاليا الاحتياجات كبيرة(..)». اما السيدة الأتاسي فقالت انه تم «تخصيص مساعدات بقيمة 700 ألف للتدخل النقدي العاجل في المخيمات، وتزويدها بالوقود والخيم، وسيبلغ مجموع العائلات المستفيد منها 30 ألف عائلة(..)». ولم تكشف «حكومة» الائتلاف المعارض عن حجم المساعدات التي تلقتها فعلا وسبل انفاقها، ما يجعل مشروعا بل وحتميا التساؤل بشأن مصير الاموال الضخمة التي كان يفترض ان تجنب اللاجئين هذه المعاناة.
وليس سرا ان تنظيمات المعارضة فشلت في توفير آلية شفافة للمحاسبة بشأن انفاق المساعدات، ما أدى الى ملاسنات واتهامات علنية متبادلة بينها بالفساد والتربح من اطالة أمد معاناة الشعب السوري.
وأصبح البرنامج العالمي للتغذية عاجزا منذ مطلع كانون أول- ديسمبر الماضي عن توفير كوبونات صرف السلع الغذائية للاجئين بسبب نقص التمويل المالي، وذلك بسبب عدم وفاء الجهات الدولية المانحة بالتبرعات التي تعهد بها قبل أن يوجه البرنامج العالمي للتغذية نداء استغاثة تلقى على إثره نحو 65 مليون يورو.
ويبين تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مدى مأساوية وضع هؤلاء اللاجئين. اذ لم تكن سوريا قبل عامين ضمن أول 30 دولة في العالم يفر منها سكانها هربا من العنف والفقر ولكنها أصبحت الآن تحتل المركز الأول في هذه القائمة حيث سجلت المفوضية أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري في بلدان أخرى منذ ربيع عام 2011.
وبينما لا تبدو في الأفق نهاية لمعاناة اللاجئين السوريين، يتوجب ان تكون هذه العاصفة الثلجية التي تضرب مخيماتهم مناسبة للتوقف والتفكير مليا في مصيرهم.
فالى متى سيظل الاطفال ملاحقين من الموت اما قصفا او بردا او جوعا؟ والى متى يظلون محرومين من طفولتهم بل ومن حياتهم نفسها؟ والى متى يظل ملايين السوريين محاصرين بين ديكتاتورية النظام ودمويته، وفساد المعارضة وتشتتها، وتجاهل المجتمع الدولي وعجزه عن انهاء مأساتهم؟
لقد حان الوقت لمواجهة «لحظة الحقيقة» وكسر الحلقة الجهنمية لهذه الأزمة السورية التي تستعد لدخول عامها الرابع. وبدلا من الاستسلام الى المكابرة السياسية، واستمرار الاعتماد على من فقدوا مصداقيتهم امام اغلب المانحين الدوليين، فيما يسجل الضحايا ارقاما قياسية، ينبغي على المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤوليته الانسانية على اقل تقدير، عبر فرض وقف فوري لاطلاق النار على كافة الاطراف، وتقديم مساعدات انسانية عاجلة لكافة اللاجئين والنازحين بغض النظر عن مواقفهم في النزاع، ومن ثم اطلاق عملية تفاوضية كسبيل وحيد لانهاء الازمة سياسيا. اما الخيار الاخر فمزيد من الموت والمعاناة في انتظار شتاء دافئ قد لا يأتي قريبا.

 

المصدر : رأي القدس – القدس العربي