المؤتمر الوطني السوري لاستعادة القرار.. هل يسعى إلى تشكيل منصة جديدة؟

31

المرصد السوري لحقوق الإنسان
أُسدِل الستار عن “المؤتمر الوطني السوري لاستعادة القرار” وسط جدل كبير بسبب الانقسام الحاصل وانسحاب بعض الأطراف بعد أن فجّر علم الثورة الخلاف وخلق أزمة برغم الآمال التي عُلّقت على المؤتمر لتحريك الجمود في الأزمة التي تجاوزت عامها العاشر.

وشدّدت أوراق المؤتمر التي تحصّل المرصد السوري لحقوق الإنسان على نسخة منها،على أن كل المؤتمرات السابقة قد أثبتت أنه بات من الصعوبة بمكان إن لم يكن من المستحيل تحقيق غاياتها..

ومع هذا التشتت الحاصل، وانسجاما مع القرارات الأممية بشأن القضية السورية، وبخاصة “جنيف” وقرار مجلس الأمن 2254، بات من الضروري وضع الانتقال السياسي على طريقه إذا كانت مختلف الأطراف تسعى فعلا إلى الخروج من الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب السوري .

وقد عبّر المؤتمر عن رفضه اختزال العملية السياسية في أي سلة وحيدة من سلالها.

ورفض المنسق العام لـ “هيئة التنسيق الوطنية” المعارضة في سورية ،حسن عبد العظيم، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، التعليق سلبا أو إيجابا على مخرجات المؤتمر ونتائجه مكتفيا بالإعراب عن الأمل في أن تكون الجهود الأساسية حريصة على تشكيل التحالف الموسّع لقوى الثورة والمعارضة الوطنية الديمقراطية في الداخل والخارج.

وأفاد عبد العظيم، بأن هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي والجبهة الوطنية الديمقراطية ( جود) تعملان على تشكيل تحالف سياسي موسّع تشارك فيه جميع القوى الوطنية الديمقراطية في الداخل والخارج وتهيئ لمؤتمره التأسيسي لجنة تحضيرية تمثل كل القوى والتيارات والمكونات والشخصيات الوطنية المستقلة لصياغة رؤية مشتركة ونظام داخلي يُوحّد جهود هذه القوى لإنهاء التعدد والانقسام لإنقاذ الشعب السوري ودعم العملية السياسية في جنيف طبقا لبيان جنيف1 والقرارات الدولية ذات الصلة.

واعتبر محدّثنا أن هناك نجاحا في تشكيل هيئات “جود” وقد وقّعت مكونات كثيرة توافقات وتفاهمات، لافتا إلى استعداد قوى عديدة لتشكيل تحالف موسّع والمشاركة في مؤتمر موسّع مع “جود”.

وبخصوص انسحاب بعض الأطراف من المؤتمر والذي أثار الجدل، اعتبر العميد الركن مصطفى الفرحات، عضو الأمانة العامة للمؤتمر الوطني السوري في حديث مع المرصد، أنّ المؤتمرات والفعاليات الوطنية ليست هي السبب ولا هي المسؤولة عن عدم الوصول إلى حل للاستعصاء السوري، مشيرا إلى أن الحراك السياسي والوطني السوري هو حالة صحية لإيصال صوت الشعب ومعاناته إلى المجتمع الدولي وإلى السوريين أنفسهم، قائلا:

“لنتخيل أن كل السوريين قد أقلعوا عن العمل السياسي والوطني وجلسوا في بيوتهم فمن سيطالب بحقهم ؟.. هل سننتظر الفرج من السماء، أم أننا سنعول على الآخرين ليحلوا مشكلتنا؟.. واستشهد في هذا المقام بالمثل القائل 🙁 ما حك جلدك مثل ظفرك )، مشيرا إلى أن كثرة المبادرات والدعوات الوطنية ليست مضرة وبشكل خاص في الحالة السورية المستعصية .

وأوضح المعارض السوري أن سبب الفشل في التوصل إلى حلّ هو تشتت المواقف وتعدّد الأوجه ، فمنها ماهو خارج عن إرادة السوريين وهو السبب الأكثر تعقيداً ، ومنها ماهو متعلق بالسوريين أنفسهم، أما الأسباب التي لا علاقة للسوريين بها فهي الصراعات الإقليمية والدولية التي وجدت في الساحة السورية ساحة ملائمة لتصفية الحسابات وبشكل خاص بين الأقطاب الدولية حتى بات الشأن السوري يتم نقاشه دون وجود أي من السوريين لا من طرف النظام ولا من طرف المعارضة .

واستطرد قائلا: “على سبيل المثال كانت الدول الضامنة ( روسيا – إيران- تركيا) تجتمع لتناقش القضية السورية دون وجود لأصحاب الشأن في هذا النقاش، بالإضافة إلى وجود نوايا استعمارية لبعض الدول المنخرطة في الصراع السوري، أيضاً هناك التعطيل المستمر لمسار الحل السياسي من قبل النظام المستفيد من غياب الاهتمام الدولي بالمشكلة السورية ، ودعم بعض الأطراف للنظام في سلوكه هذا ، وغير ذلك من أسباب التي يطول شرحها”.

ولفت إلى حالة التشظي والانقسام التي تشهدها الحالة السورية وهي من أهم أسباب عدم الوصول إلى الحلّ والتي تزايدت على مدار أكثر من عشر سنوات من عمر الصراع الدائر في سورية ، وبرغم أنه معروف تاريخيًا أنه حين يغيب دور الدولة وحماية الدولة يلجأ الناس إلى الدوائر الأضيق، وهذا ما يُشاهد اليوم في الجغرافيا السورية التي تحولت إلى كنتونات وحتى هذه الكنتونات أصبح كل منها مواليا لطرف إقليمي أو دولي مختلف عن الإقليم الآخر، وهناك من ذهب أبعد من ذلك وقد تابعنا دعوات إلى مؤتمرات على أساس ديني أو مذهبي أو مناطقي أو عشائري ، وهذه الشروخ كلها ناجمة عن غياب دور الدولة المركزية التي من واجبها حماية الناس وتأمين الاستقرار وسبل العيش لهم ، الأمر الذي عقّد فرص التوصل إلى حل شامل للمأساة السورية”.

كما أرجع الفرحات أسباب الفشل في التوصّل إلى حلّ إلى وجود المتسلقين وتجار الأزمة وأمراء الحرب الذين انتعشوا من حالة الفوضى والصراع القائم بين جميع الأطراف السورية، إضافة إلى أن غياب الإجماع على شخصية توافقية لإدارة المرحلة ساهم في تأخير التوصل إلى حلّ، متابعا: “نحن كسوريين نعيش حالة تصحر سياسي فرضها النظام الحاكم منذ عام 1970 وبالتالي ما نشهده من حراك سياسي حتى اليوم لا يعتبر بمستوى النضوج المطلوب لمواجهة منظومة فساد حاكمة منذ أكثر من خمسين عاماً وهي متجذرة في الداخل و الخارج ، ففي الداخل تحكم الناس بالحديد والنار وبسياسة التجويع والحرمان ، وعلى صعيد الخارج استطاعت عبر ماكينتها الإعلامية أن تشيطن الحراك الجماهيري المُطالب بالحرية والديمقراطية و العدالة الاجتماعية” .

بدوره، نفى سامر كعكرلي، في حديث للمرصد، ماروج حول الانسحاب بخصوص العلم، مشيرا إلى أن الخطوة جاءت بسبب الطروحات التي اتسمت بعدم العمق، فضلا عن الشعور بأن الوثائق قدمت جاهزة وليس هناك الكثير الذي يمكن للهيئة العامة أن تناقشه، وقُدّمت اعتراضات كثيرة بشأن المحتوى؟

وأضاف أنه تم تشكيل لجنة من أربعة أشخاص كلفوا بإعادة صياغة كاملة لخارطة الطريق وكل الوثائق لتكون في حُلّة ثورية، وتم التركيز على القرار 2254 ومسألة الاحتلالات الروسية والإيرانية إضافة إلى موضوع المعتقلين الذي وجب أن يكون أولوية وغير ذلك من القضايا المهمة .

وأوضح أنه تم استقدام الوثائق لكن تم رفض إقرارها مباشرة من قبل المؤتمرين، حيث أراد المنظمون التركيز على انتخاب اللجنة التحضيرية الأمر الذي رفضته الأطراف المنسحبة، ودفع إلى توتر الأجواء ليكتشف فيما بعد ما أسماه بالتشبيح ما دفعه إلى الإنسحاب،لكنه تعهد في ذات الوقت بأنه في حال صدور قرارات ثورية عن المؤتمر فسيعود وينضم ولن يقاطع المؤتمر..

ووصف محدثنا البيانَ الختامي للمؤتمر بالهزيل، لافتا إلى أن تخوفاته كانت بمحلّها، حيث لم يتطرّق إلى ضرورة استبعاد الأسد من هيئة الحكم الإنتقالي ولم يركّز على الاحتلال الروسي والإيراني ولم يتضمن كلمة ثورة.

وخلص إلى القول: يفترض أننا أتينا إلى مؤتمر إنقاذ للقرار الوطني واستعادة للسيادة السورية وهو ما لم ألمسه فقررت الانسحاب.

وعلُق عبد الله حاج محمد الأمين العام لحزب اليسار الديمقراطي في حديث للمرصد على الانسحاب،وقال إن المشاركة جاءت على أساس أنه لقاء سوري- سوري بعيدا عن الأجندات الخارجية، وأن توجهه علماني وطني بعيدا عن التعصب الديني أو القومي.

لكنه أشار إلى أن التحفظ كان منذ الجلسة الأولى حيث لم تتضمن خارطة الطريق أحقية إسقاط النظام ، معتبرا أن المؤتمر كان يهدف إلى تلميع صورة بعض الشخصيات المحروقة سياسيا، لذلك انسحبت مجموعة كبيرة رفضا لما أسماه بالمهزلة، متهما المؤتمرين بأن تنصلهم من تعديل الوثائق وعدم الاعتراف بلجنة إعادة الصياغة التي عدّلت الوثائق ولم يتم تبنيها، دليل على نوايا سيئة لتلميع صورة بعض الشخصيات أو خلق منصة على غرار منصة موسكو والقاهرة.