المحاكم الشرعية في إدلب.. استياء شعبي من سوء المعاملة وبطئ في تسيير شؤون المدنيين 

128

 

تتوزع في مناطق إدلب وريفها العديد من “المحاكم الشرعية” التي تتبع إدارياً لما تعرف باسم “وزارة العدل” التابعة “لحكومة الإنقاذ” والتي تعد الجناح التنفيذي القائم في مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام”، ويشتكي الكثير من المدنيين من سوء تصرفات ومعاملة الموظفين القائمين على هذه المحاكم وعدم تقديمهم لتسهيلات مريحة لهم.
وينحصر دور هذه “المحاكم الشرعية” في تسيير بعض المعاملات للمدنيين من عقود زواج واستخراج قيود وتثبيت ملكية العقارات وكل ما يتعلق بالعقارات، إضافة لكون هذه المحاكم تعمل بالدرجة الأولى على حل الخلافات القائمة بين المدنيين وإصدار الأحكام بحق المتورطين بجنايات سرقة وقتل وتعدي وغيرها، ورغم أهمية وجود مثل هذه المحاكم لتسيير معاملات المدنيين ورد حقوقهم إلا أن طريقة تعامل الموظفين فيها مع المدنيين أصبحت نقطة خلاف شديد وانتقاد للجهات القائمة على هذه المحاكم من قبل المدنيين.
وأفادت “مصادر محلية” للمرصد السوري لحقوق الإنسان، أن جميع “المحاكم الشرعية” تعد بذات السوء من ناحية معاملة موظفيها لكن من أبرز تلك المحاكم هي محكمة سلقين الواقعة في ريف إدلب الشمالي وهي تعد من أبرز “المحاكم الشرعية” في المنطقة، حيث يجد المدنيون صعوبة في التعامل مع الموظفين من حارس البوابة الرئيسية وصولاً إلى القاضي المسؤول عن المحكمة.
وأضافت المصادر، أن من أهم القوانين التي يفرض على المدنيين اتباعها عند الوصول لأحد هذه المحاكم تكون بداية من عدم السماح للمراجعين  بركن سياراتهم أمام البوابة الرئيسية ويضطرون لوضع سياراتهم بعيداً عن المحكمة، فضلاً عن منع النساء من دخول المحكمة بدون تغطية الوجه.
وفي شهادته للمرصد السوري لحقوق الإنسان، يتحدث الناشط (م.أ) المقيم في إدلب، عن أهم النقاط التي تثير استياء المدنيين من موظفي “المحاكم الشرعية” في مناطق إدلب وريفها، قائلاً، تبدأ الإجراءات المشددة من الحارس الموظف على البوابة الرئيسية للمحكمة حيث يبدأ بتفتيش الشخص الداخل بشكل دقيق جداً وسحب هاتفه الجوال منعاً من استخدامه داخل المحكمة، وبالنسبة للسيدات هناك مجموعة من أغطية الوجه موجودة على البوابة الرئيسية، وأي سيدة تكشف عن وجهها تمنع من الدخول وتجبر على ارتداء ما يعرف “بالخمار” (غطاء للرأس والوجه).
مضيفاً، أما داخل المحكمة فهناك تعقيدات وإجراءات مشددة أخرى مثل عدم السماح للشخص بالخروج من المحكمة لطباعة ورقة أو بطاقته الشخصية ويضطر لطباعتها لدى موظف في المحكمة بتكلفة مرتفعة، كما ويعاني المدنيون أيضاً من مزاجية الموظفين وطريقة حديثهم وتعاطيهم بشكل صارم جداً وغير مريح، فضلاً عن تأخر الموظفين في استخراج الأوراق المطلوبة للمدنيين ومماطلتهم بالعمل.
كما ويلفت إلى طريقة تعامل القضاة أيضاً مع المدنيين وعدم منحهم فرصة للدفاع عن انفسهم والتسرع بإصدار الأحكام والقرارات الجائرة وعدم السماح بوجود محامي في كثير من القضايا للدفاع عن المتهمين، وبشكل عام يتعامل الموظفون مع المدنيين المراجعين لهذه المحاكم بشكل مشدد دون تقبل النقاش أو الاستماع للشكاوى.
وبحسب ما ذكرت “المصادر المحلية” للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن غالبية المدنيين في مناطق إدلب وريفها باتوا يتجنبون الذهاب “للمحاكم الشرعية” ويقتصرون في زياراتهم لها فقط على الأسباب الضرورية جداً بسب عدم ارتياحهم للتعامل مع موظفي هذه المحاكم من شرعيين وقضاة وموظفي المحاكم بشكل عام، ولم يعرف ما هي الأسباب التي تجعل الموظفين في هذه المحاكم يتعاملون مع المدنيين بهذه الطريقة التي يصفونها “بغير أخلاقية” ومنافية لمبدأ العدل الذي تدعيه هذه المحاكم.
أكثر من 15 يوماً ولا تزال السيدة ( ر.ص) ” 42 عاماً” من بلدة كفرتخاريم في ريف إدلب الشمالي تتردد على “محكمة سلقين الشرعية” لمتابعة شكوى رفعتها على أحد أشقاء زوجها المتوفى، حيث قام بسرقة حصة شقيقه من “الميراث” وسافر إلى ألمانيا، وفي شهادتها للمرصد السوري لحقوق الإنسان، تقول، أن موظفي المحكمة يماطلون جداً وكذلك القضاة أيضاً وفي كل مرة هناك إجراءات جديدة وتعقيدات وأوراق مطلوبة وتحويل لمحاكم في مناطق أخرى دون أي جديد بخصوص الدعوة التي رفعتها.
وتضيف، أنها تضطر لارتداء الخمار ( غطاء للرأس والشعر) عند الذهاب للمحكمة علماً أنها عادة لا تغطي وجهها لكنها تفعل ذلك اتباعاً لقوانين “المحكمة الشرعية”، أما طريقة تعامل الموظفين فتصفها  بالرسمية جداً وصارمة لدرجة أنهم لا يعطون للمراجع فرصة لفهم المطلوب منه تحديداً، ويعملون بشكل سريع جداً دون تركيز على كل حالة، وفي حال قام أحد المدنيين بالإلحاح على أي موظف ينتج عن ذلك مشاجرة وتعالي الأصوات.
وعن مدى ارتياحها في التعامل مع هذه المحكمة تصفها قائلة، المعاملة سيئة جداً وكأن المدنيين هم موظفين لخدمة المحكمة ومسؤوليها ولا نعلم سبب ذلك التعامل السيء لكنه دائماً يبرر من قبل الموظفين بأنها بسبب ضغط العمل وكثرة المراجعين، وبجميع الأحوال يجب أن يتم التعامل مع المدنيين في “المحاكم الشرعية” بطريقة جيدة والاهتمام أكثر بالقضايا والاستماع للشكاوي.
وتتبع جميع “المحاكم الشرعية” المنتشرة في إدلب وريفها والتي من أبرزها “محكمة إدلب الشرعية” و”محكمة حارم الشرعية” و”محكمة سلقين الشرعية” وغيرها العديد من المحاكم “لوزارة العدل” التي يديرها المدعو القاضي” أنس منصور السليمان”، وهي إحدى وزارات “حكومة الإنقاذ” العاملة في إدلب، ويشرف على هذه المحاكم قضاة وشرعيون موالون “لهيئة تحرير الشام” وتعد “الشريعة الإسلامية” هي مصدر التشريع المعتمد لدى هذه المحاكم.
يذكر أنه وقبل إحداث ما تعرف حالياً باسم “وزارة العدل” التابعة “لحكومة الإنقاذ” كانت سلطة القضاء تتبع بشكل مباشر للفصائل في إدلب ومنها “هيئة تحرير الشام” ( جبهة النصرة سابقاً) حيث كانت تتبع لها العديد من “المحاكم الشرعية” التي كان يشرف عليها شرعيون يتعبون “لهيئة تحرير الشام”، ويتم إصدار الأحكام في تلك المحاكم وفق فهم الشرعي المشرف على المحكمة لنصوص” الشريعة الإسلامية” إلا أن الأخيرة تحاول خلال السنوات الأخيرة الظهور بالمنطقة على أساس إدارة مدنية وجهات رسمية.