المختفون قسريا…المرصد السوري : لا بدّ من إيجاد تمكين قانوني للوصول إلى العدالة

30

يقول الزعيم الافريقي نيلسون مانديلا، إن “العبيد فقط هم من يطلبون الحرّية أما الأحرار فيصنعونها”.. هذا حال ملايين الأحرار السوريين الذين هبّوا عام2011 من أجل وطن حر وحياة أفضل، لكن هيهات فقد تحوّلت تلك الهبّة العفوية المسالمة التي كانت ركيزتها شعارات فقط لتصبح أكبر حروب القرن الحالي حيث تمّت عسكرتها وتسليحها لتتحول إلى صراع دامٍ أتت على الأخضر واليابس يستشهد فيها الملايين ويُسجن الملايين ويختفي الآلاف قسريا دون معرفة مصيرهم إلى اليوم.
لم يسلم أحد في سورية من هول الاعتقال والمعاناة في ظلّ أنظمة لا تحترم حقوق الإنسان ولا حريته ولا تكترث بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الانسان، ، حيث بات وطنا مثقلا بهموم أبنائه وآلامهم، فهم لا يحملون في طريق حالكة مظلمة غير جعبة مليئة بالأمل، أمل الاستقرار وبقايا صدمات وآلام متعددة الأوجه كان سببها “الصوت الحر”.
تشير إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أنّ 121 حالة اختفاء قسري فقط في النصف الأول من العام الحالي،و792 حالة اعتقال تعسفي من قبل مختلف الأطراف المتحاربة ، ولا ننسى أن نذكّر بأنّ الاف المعتقلين والمختفيين لا نعرف لهم إلى اليوم مصير.
ويذكّر المرصد السوري بأنّ الآلاف من المختطفين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية” والنظام ومختلف الفصائل المسلحة التي تنطق لغة السلاح يواجهون مصيراً مجهولاً ومنهم خليل معتوق وعبد العزيز الخيِّر وفاتن رجب وحسين عيسو وعشرات المثقفين والمدافعين عن حرية الرأي وعشرات الآلاف الذين يشاركونهم الظروف ذاتها والمصير نفسه، والأب باولو داولوليو والمطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، وعبد الله الخليل وصحفي بريطاني وصحفي سكاي نيوز وصحفيين آخرين، إضافة لمئات المختطفين من أبناء منطقة عين العرب (كوباني) وعفرين، بالإضافة لأبناء دير الزور. والأمر ذاته ينطبق على حياة مئات المعتقلين في سجون هيئة تحرير الشام والمعتقلين لدى الفصائل الموالية لأنقرة وقوات سوريا الديمقراطية.
لم يسلم الإنسان من الموت الذي لا يزال يطارده ولا أي مجال آخر من مجالات الحياة من الخراب والدمار والنهب، وأصبح البلد مشلولا مقطع الأوصال، ولأنّنا نعلم أن المسجون يقبع بين بعض المربعات فأهله نوعا ما مطمئنون لكن المختفيين قسريا الذين لا نعلم مصيرهم يظلّ ملفهم غير محسوم ومبعثا للآلام، حيث أضحت ظاهرة الاختفاء القسري سياسة ممنهجة لدى السلطات لقمع مختلف الأطياف المعارضة،
ونحن نحيي اليوم العالمي لهؤلاء المختفيين نذكّر بأن ملف المغيّبين قسريا هو أكثر الملفات غموضا وقوبل بنوع من الإهمال من قبل أغلب المنظمات الحقوقية محليا ودوليا، حيث تسعى بعض الأطراف إلى مزيد ردمه بين الرفوف حتى لا تكشف حقائق صادمة دفنت مع الضحايا وظلت كابوسا يلاحق كل من عايش مشاهد القتل والتعذيب والتنكيل..
ونعتبر في المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ تغييب الملف كان مقصودا حتى تدفن عديد الحقائق التي قد تطال رؤوسا كثيرة أينعت وحان قطافها وإبعادها عن المشهد الذي تسببت في خرابه.
ونوجّه في المرصد توصيات إلى الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري لدى الأمم المتحدة، مفادها تكوين لجنة مصغّرة للنظر مليّا في الملف والتفاوض مع النظام ومختلف التشكيلات المسلحة المورطة في هذا الملف، فضلا عن إيجاد تمكين قانوني للوصول إلى العدالة.
ونطالب في المرصد بتعاون مختلف المنظمات ذات الصلة لتكوين رؤى مشتركة للبحث في هذا الملف الأشد خطورة، وندعو إلى كسر حاجز التردد لتحقيق نتائج تكشف مصير المغيبين والمختفين قسرا.
وندعو أصحاب الضمائر الحية في العالم إلى إدراك شدة خطورة الاختفاء القسري الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية والعمل على كشف الحقائق، ونذكّر بأننا قمنا منذ حوالي سنة بحملة مناصرة مكثّفة للتحسيس بخطوة الصمت إزاء هذا الملف ولمطالبة المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لانهاء هذا الوضع الانسائي المؤلم .
ونجدد التزامنا بخدمة كل ملفات حقوق الانسان وإيصال صوت كل سوري مكلوم وإن كلفنا ذلك أثمانا باهظة.. فلا صوت يعلو فوق الصوت الحر.