المرصد السوري لحقوق الإنسان: “إزالة رايات ميليشيات إيرانية” في سوريا… حدود الدلالات

33
تتسارع الأحداث السياسية في الملف السوري. فبعد دعوة سوريا إلى القمة العربية في السعودية، واستعادة مقعدها في الجامعة، وإعادة فتح السفارتين في السعودية ودمشق، برز ما كشفه المرصد السوري لحقوق الإنسان عن بدء الميليشيات التابعة لإيران بإنزال العلم الإيراني ورايات بعض الجماعات كـ”فاطميون” و”زينبيون” من مواقع كثيرة تابعة لها في داخل الأراضي السورية، بطلب مباشر من السلطات في دمشق، بالإضافة إلى إنزال العلم الإيراني والرايات من مواقع في مدينة دير الزور ومدينتي الميادين والبوكمال في ريف دير الزور الشرقي، بالإضافة إلى مدينة تدمر ومحيطها في ريف حمص الشرقي، واستبدالها بالعلم السوري المعترف به دولياً.
ورأى المرصد أن هذه الخطوات أتت في ظلّ تنفيذ سوريا للوعود التي قدّمتها للدول العربية حول خروج الميليشيات التابعة لإيران من أراضيها مقابل عودتها إلى الجامعة العربية.

وعلى الرغم من أن بيان عودة سوريا إلى الجامعة العربية لم يذكر التفاصيل التي على أساسها استرجعت دمشق مقعدها، لكن تسريبات تحدّثت عن ضمانات قدمتها دمشق بشأن حلّ المليشيات الإيرانية، بالإضافة إلى حلّ موضوع المخدرات، وتسهيل عودة اللاجئين، وهو الملف الذي بات يشكّل خطراً حقيقياً على بعض البلدان العربية.

في هذا الإطار، شكّك الخبير العسكري العميد خليل حلو في أن يكون هناك أيّ انسحاب أو تحضير لانسحاب للميليشيات الإيرانية، حتى لو قاموا بإجراء شكليّ بإنزال الرايات “إذا كان صحيحاً أنهم أنزلوا راياتهم”.
وقال لـ”النهار”: “لا يستطيع النظام بسط سيطرته على كافة الأراضي السورية، بغض النظر عن الاتفاقات؛ فهذا الجيش الذي بقي من عديده ما لا يتجاوز الـ200 ألف جندي لا يستطيع وحيداً السيطرة على 60 في المئة من الأراضي السورية التي هي تحت سلطة النظام حالياً”، مضيفاً: “لا إمكانية لوجستياً للسيطرة على المساحات بهذا العدد من الجيش النظامي”.

من تدريبات “ميليشيات ايرانية”
وأشار إلى أن “إيران عملت لفترة طويلة على تأسيس أرضية عسكرية صلبة في سوريا، وتعتبر وجودها في سوريا أبعد من قضية النظام السوري فحسب، بل ترى في سوريا قاعدة متقدّمة لصراعها مع إسرائيل، وبالتالي الحديث عن انسحاب غير منطقي”.
برأي الحلو، حتى “لو أعلنت حلّ الميليشيات، فهي رائدة بإنشاء “الجيوش الرديفة” من أبناء البلد نفسه لتكون تحت سلطتها وقيادتها. فكما في إيران هناك الجيش والحرس الثوري، والجيش والحشد الشعبي في العراق، والجيش النظامي و”حزب الله” في لبنان، بإمكانها أن تنشئ “شيئاً على السكة” في سوريا أيضاً، ومن السوريين”.

وعن الضمانات التي قدّمت من الرئيس السوري بشار الأسد للدول العربية، رأى الحلو أنه “ليس المهم ما قدّم، إنما ما قد يفعل أو يستطيع أن يفعل”، مشدّداً على أن العرب يريدون وضع دمشق على سكة التفاوض وهم لا ينتظرون الكثير. ولكن يمكن البدء ببعض الملفات، فقضية المخدرات التي يعتمدها النظام للابتزاز، وهو يقول إنها الوحيدة التي تدخل العملة الصعبة في ظلّ الحصار. وفي نفس الوقت بدأت تشكّل إزعاجاً كبيراً للدول العربية، وهذا الملف يستطيع مقايضته بالمساعدات”.
هذا بالإضافة إلى ملف النازحين الذي بات يشكل خطورة كبيرة أيضاً على بعض الدول، ويمكن أن يفتح الحوار فيه بعض الخروقات، وبالطبع محاولة تخفيف القبضة الإيرانية”.

وجهة نظر الحلو يوافقه عليها مدير “المرصد السوري لحقوق الإنسان” رامي عبد الرحمن الذي أكد أنه “على الرغم من إنزال الرايات، تشهد مناطق تواجد الميليشيات التابعة لإيران ضمن الأراضي السورية تحركات كبيرة لتلك الميليشيات على الأصعدة كافة”.

وقال لـ”النهار”: “رصد نشطاء المرصد السوري تصاعداً بالتحرّكات. ففي دير الزور، عمدت الميليشيات التابعة لإيران إلى تخريج دفعة ممّا يُعرف بالوحدة “217 مهام خاصّة”، بعد أن جرى تدريبهم على يد ضباط “الحشد الشعبي” و”حزب الله” في البوكمال بريف دير الزور الشرقي، وانتشروا في منطقة عين علي بالقرب من مدينة الميادين عاصمة الميليشيات الإيرانية في ريف دير الزور الشرقي”.

وأضاف: “كذلك استقدمت ميليشيا الحرس الثوري الإيراني في السابع من أيار رتلاً عسكرياً مؤلّفاً من 12 سيارة من نوع “شاص” إلى مركز نصر الإيراني الواقع في شارع بور سعيد بحي العرفيّ في مدينة دير الزور، وضمّ عشرات العناصر من ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني الذين كانوا يخضعون لدورات تدريبية عسكرية في معسكرات عيّاش بريف دير الزور الغربي. وتضمّن الرتل أيضاً كميّة من الأسلحة المتوسّطة والخفيفة. كذلك وصلت كميات كبيرة من الموادّ الأوّليّة ومادّة “الشبوة” لصناعة المخدرات إلى معمل للكبتاجون يتبع لميليشيات موالية لإيران من الجنسية السورية، ويشرف عليه “حزب الله” في مدينة الميادين عاصمة الميليشيات الإيرانية في شرق سوريا”، فيما لا يزال المركز الثقافي الإيراني في دير الزور يسعى لاستقطاب فئة الشباب والأطفال، حيث أعلن قبل أيام عن افتتاح دورات جديدة تضمنت تعليم اللغة الفارسية والإنكليزية والمراسلات التجارية”.

وأردف: “في ريف دمشق، أوعز حزب الله اللبناني إلى الميليشيات السورية العاملة تحت إمرته باستقدام تعزيزات عسكرية باتجاه الحدود السورية – اللبنانية هناك. وفي ريف حمص تشهد منطقة تدمر ومحيطها تحركات متواصلة بشكل كبير للميليشيات التابعة لإيران بقيادة حزب الله، وتتمثل هذه التحركات بنقل سلاح وذخائر من مواقع ألى أخرى خشية تعرضها للقصف، مع محاولات مستمرّة لاستقطاب أبناء المنطقة هناك. أما في حلب، فتعمل الميليشيات على استملاك مزيد من العقارات ضمن المدينة، لاسيما في القسم الشرقي منها، وذلك عبر أشخاص سوريين يعملون لصالح الميليشيات التابعة لإيران، كما تستمر عمليات تجنيد الشبان في ريف حلب الشرقي أيضاً”.

إلى ذلك، يرفض عبد الرحمن التحدّث عن ضمانات الأسد بل يتحدّث عن الضمانات، التي قدّمها العرب للنظام، وتشتمل على عدم توتير الأجواء، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وعدم دعم المجموعات، سائلاً عن استفادة العرب من هذا الأمر في ظلّ احتلال إيراني واضح لسوريا، و”لا يزال حزب الله يسيطر على مناطق في سوريا، ولا يزال هناك احتلالات تركية”، مشدّداً على أن “بشار الأسد غير قادر على تقديم أيّ شيء، في ظلّ وجود جيش سوري موالٍ لإيران، وإيران تخترق هذا الجيش حتى النخاع، فضلاً عن فئة أخرى موالية لروسيا وتأتمر بأوامر هذا الجيش”.

 

 

المصدر:  النهار