المرصد السوري لحقوق الإنسان: استراتيجية “لم تتغير”.. كيف استغل “داعش” زلزال تركيا وسوريا؟

17

تشير تقارير عدة إلى أن تنظيم “داعش” كثف من عمليات الخطف والقتل والهجوم على المستشفيات والتهريب عبر الحدود، خلال الأيام الماضية، مع انشغال العالم بكارثة الزلزال في تركيا وسوريا، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان التنظيم يحاول إعادة تنظيم نفسه.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، بأن التنظيم قتل 10 مدنيين، إضافة إلى عنصر من قوات النظام السوري في هجوم شنه في وسط سوريا، وسط الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد.

وهاجم “داعش” نحو 75 شخصا، السبت، في منطقة تدمر بريف حمص الشرقي، ما أدى إلى مقتل 10 مدنيين منهم بينهم امرأة، إضافة إلى عنصر من قوات النظام، فيما لايزال آخرون في عداد المفقودين، حسبما أعلن المرصد السوري.

وأفادت وكالة الأنباء السورية “سانا”، الجمعة، بمقتل 53 شخصا في مدينة السخنة بريف حمص الشرقي، في هجوم نفذه “داعش”.

وقالت إن الضحايا كانوا “يجمعون فطر الكمأة” في منطقة الضبيات جنوب مدينة السخنة، حيث تعرضوا لإطلاق نار بالأسلحة الرشاشة.

ونقلت الوكالة عن أحد الناجين قوله إن عناصر تنظيم “داعش” أحرقوا سيارات المواطنين بالموقع.

ونفذ نزلاء سجن في شمال غرب سوريا، في 13 فبراير الجاري، عصيانا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، حيث تمكن 20 منهم على الأقل من الفرار من المنشأة التي تضم سجناء، غالبيتهم ينتمون لـ”داعش”، وفق ما أفاد مصدر في السجن لفرانس برس.

ويحتجز السجن في بلدة راجو، قرب الحدود التركية، نحو ألفي سجين، قرابة 1300 منهم يشتبه بانتمائهم للتنظيم، بحسب المصدر.

وتأتي حادثة راجو في أعقاب هجوم للتنظيم، في ديسمبر، استهدف مجمعا أمنيا في الرقة، بهدف تحرير رفاقهم من سجن هناك. وأدى الهجوم الفاشل وقتها إلى مقتل 6 من أفراد القوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على المنطقة.

ويقول الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، حسن أبو هنية، لموقع “الحرة”: “شاهدنا نوعا من التصعيد في عمليات التنظيم، سواء في مناطق النظام السوري في البادية، أو مناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وكذلك رأينا هجوم ديالى في العراق منذ يومين”.

واعتبر أبو هنية أن “داعش” لا يخلق الأزمات، وإنما “يبرع في استخدامها والاستثمار فيها، مثلما فعل دائما في استغلال أزمات صحية مثل وباء كورونا، أو سياسية أو اقتصادية، وبالتالي فهذه مناسبة له، مع انشغال العالم بأزمة الزلزال، وهو ما يفسح المجال للتنظيم في سهولة التحرك وبالتالي تنفيذ عمليات”.

وأوضح أنه “لا شك أن هذه الظروف مثالية من خلال إعادة الهيكلة وتنشيط خلاياه من خلال تنفيذ اغتيالات أو كمائن أو عبوات جانبية، بعد أن كثفت الولايات المتحدة، العام الماضي، استهدافها لقيادات من التنظيم، وكانت هناك عملية أمس بالتعاون مع قوات قوات سوريا الديموقراطية “قسد” لإلقاء القبض على أحد القيادات”.

وأعلنت القيادة المركزية الأميركية، السبت، إلقاء القبض على مسؤول في التنظيم في عملية نفذتها بالاشتراك مع قوات “قسد” في شرق سوريا.

وأضاف بيان للقيادة المركزية أن المسؤول، و يدعى “بتار” متورط في التخطيط لهجمات على سجون خاضعة لسيطرة “قسد” وتصنيع العبوات الناسفة.

وأشار البيان إلى أن العملية، التي نفذتها مروحية، تم التخطيط لها بشكل دقيق، ولم تؤد إلى إصابة أي من القوات الأميركية أو من قوات سوريا الديموقراطية.

ويأتي الإعلان بعد أقل من 24 ساعة على بيان من القيادة الأميركية كشفت خلاله عن مقتل قيادي بارز في صفوف “داعش”، عقب عملية إنزال جوي مماثلة قامت بها القوات الأميركية بالاشتراك مع “قسد” في شمال شرق سوريا.

وقال البيان إن الجيش الأميركي نفّذ غارة مروحية في شمال شرق سوريا، أدّت إلى مقتل قيادي بارز في صفوف التنظيم المتشدد، يدعى حمزة الحمصي، إضافة إلى جرح 4 جنود من الجيش الأميركي.

وأكد أبو هنية أن “داعش لم يعلن عن تغيير استراتيجيته منذ سقوط آخر المناطق التي كان يسيطر عليها، “الباغوز”، في 2019، حيث تحول إلى تنظيم لا مركزي، وأعاد الهيكلة، وأصبح يعتمد على حرب الاستنزاف والعصابات، وهذا يعني شن هجمات صغيرة ولكنه مثبتة ودائمة تشمل كل المناطق”.

وأشار المحلل إلى أن التنظيم “يتجنب شن هجمات كبيرة مركبة انغماسية أو انتحارية أو هجينة مركبة، باستثناء بعض المرات القليلة على غرار سجن غويران في الحسكة ولاحقا الرقة”.

ويبين أبو هنية في حديث لموقع “الحرة” أن “التنظيم تحول منذ 2019 من حالة المركزية إلى اللامركزية وأصبح وجوده كتنظيم وليس كخلافة أو دولة على الأرض”.

ويتابع أن “هذا الإنجاز الكبير الذي تحقق بمساعدة التحالف الدولي يتطلب مواجهة التنظيم الذي طالما كان يختفي ويظهر مجددا لوجود الأسباب التي تساعده على ذلك”.

ويشير أبو هنية إلى أن “ما لم يتحقق لغاية اليوم هو المقاربة الشاملة للتعامل مع مسألة التهديد الإرهابي بشكل عام و”داعش” بشكل خاص”.

ونجحت القوات الأميركية في تصفية أو اعتقال قادة من التنظيم في عمليات عدة، قتل في أبرزها زعيما التنظيم، أبو بكر البغدادي، في أكتوبر 2019، ثم، أبو إبراهيم القرشي، في فبراير 2022، في محافظة إدلب (شمال غرب).

وبحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي، نشر في يوليو 2022، يملك التنظيم “ما بين ستة آلاف إلى 10 آلاف مقاتل منتشرين” بين سوريا والعراق، ويتركز معظمهم في المناطق الريفية، ويُقدّر أن “معظمهم مواطنون سوريون وعراقيون”.

 

 

 

المصدر:    الحرة