المرصد السوري لحقوق الإنسان: اكراد سورية يشعرون بخذلان اميركا لهم

23

 

يشعر سكان شمال سوريا وغالبيتهم من الأكراد بالخوف وبخيبة الأمل في الوقت ذاته على وقع غارات تركية هستيرية أقضّت مضاجعهم وأشاعت الحزن في كثير من بيوت المنطقة عقب مقتل عدد من المسلحين والمدنيين الأكراد، بينما لم تحرك الولايات المتحدة ساكنا وهي التي دعمت قوات سوريا الديمقراطية لسنوات في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.

ويشعر الأكراد بأن واشنطن خذلتهم مرة أخرى بعد أن تركتهم فريسة للهجمات التركية كما حصل قبل سنوات في إطار صفقات في الغرف المغلقة بين الأميركيين والأتراك.

وبين ليلة وضحاها، انقلبت حياة سكان قرى ومدن حدودية في شمال سوريا رأسا على عقب بعدما أيقظتهم الضربات الجوية التركية من حولهم، لكن خيبتهم الأكبر سببها واشنطن، الدولة الحليفة الذي يرون أنها لم تمنع أنقرة من استهداف مناطقهم.

وبعد ليلة هزت فيها ضرباتها الجوية أجواء مدن وقرى كوباني والحسكة وريفهما ومناطق أخرى، أعلنت أنقرة صباح الأحد شن عملية عسكرية جوية ضد المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق، بعد أسبوع على اعتداء دموي في اسطنبول اتهمت كل من حزب العمال الكردستاني والقوات الكردية في سوريا بالوقوف خلفه. ونفى الطرفان الكرديّان أيّ دور لهما في الاعتداء.

وفي مدينة المالكية في أقصى شمال شرق سوريا، أغلقت كافة المحال أبوابها وخلت الشوارع من السكان، بعد غارات عنيفة استهدفت قرى في محيطها أوقعت العدد الأكبر من القتلى والجرحى وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أفاد عن مقتل 11 عنصرا من قوات سوريا الديمقراطية وعشرة أو أكثر من قوات النظام السوري في الضربات. وأكدت دمشق مقتل عناصر من قواتها من دون تحديد عددهم.

وقال محمّد رجب (65 عاما) النازح من عفرين التي سيطرت عليها القوات التركية قبل أربع سنوات “يتملكنا الخوف لأننا مرينا بالتجربة ذاتها والآن نستعيد الخوف ذاته مع سماع أصوات تحليق الطائرات وضرباتها”، مضيفا “إلى أين نذهب؟ لم يعد هناك من مكان نذهب إليه، سلمنا أمورنا إلى الله”.

ومنذ 2016، شنت أنقرة ثلاث عمليات عسكرية استهدفت أساسا المقاتلين الأكراد في سوريا وسيطرت في العام 2018 على عفرين أحد أقاليم الإدارة الذاتية الكردية، ما دفع بعدد كبير من السكان إلى النزوح.

ومنذ آخر هجوم لها في 2019، هددت أنقرة مرارا بشن عملية جديدة ضد المقاتلين الأكراد وقد تصاعدت تهديداتها في وقت سابق العام الحالي.

وقالت عبير محمّد صاحبة محل حلويات من المالكية “في كل مرة تتعالى فيها التهديدات، ينتابنا الخوف ولا نتمكن من النوم وتموت الحركة في المدينة”، مضيفة “نفكر بالمغادرة لكن لمن نترك منازلنا. ليس بمقدورنا أن نفعل أي شيء سوى أن نخاف على أطفالنا”.

ولم تشهد شوارع المالكية أي حركة فعلية الأحد سوى تظاهرة شارك فيها عشرات صباحا للتنديد بالهجوم الجوي التركي، لكن أيضا بما وصفه متظاهرون بـ”تخلي” واشنطن عنهم.

وقال علي عبدالله (62 عاما) “أميركا شريكة في هذا القصف وإلا لكانت منعت تركيا”.

وهتف متظاهرون “الموت لأميركا” في شعار لا يُسمع عادة في منطقة تنتشر فيها القوات الأميركية ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ورفع المتظاهرون الأعلام الكردية وصورا للزعيم الكردي عبدالله اوجلان، المسجون في تركيا.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها الأكراد حليفتهم واشنطن بالتخلي عنهم، إذ أنهم اعتبروا أنها منحت أنقرة في العام 2019 الضوء الأخضر لشن العملية العسكرية الثالثة ضدهم والتي سيطرت خلالها على شريط حدودي بطول 120 كيلومترا بين مدينتي تل أبيض ورأس العين.

وهتفت إحدى المشاركات “أميركا شريكة (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان، يدها ملطخة بدماء شهدائنا”. وقالت المتظاهرة التي طلبت عدم ذكر اسمها “كان بمقدور أميركا أن تمنع قتل مقاتلينا الذين دفعوا دمائهم لحمايتنا”.

ومن مدينة كوباني قال بوزان احمد عبر الهاتف “نخاف على أطفالنا وأسرنا. لا نعرف إلى أين نذهب، هناك من اختبأ في ملاجئ أو في أقبية الأبنية وآخرون فروا إلى قرى في الريف”.

وأضاف “هناك حالة خوف كبيرة بين المدنيين ولا نعلم ما إذا كان القصف سيستمر أكثر أو لا، لم نعد نفهم شيئا. ماذا يجدر بنا أن نفعل؟”. وفي كوباني أغلقت العديد من المحال والمدارس أبوابها، وفق سكان تحدثوا عن مدينة باتت الحركة فيها ضعيفة.

وترتدي مدينة كوباني طابعا رمزيا مهمّا لدى وحدات حماية الشعب الكردية التي كانت أوّل من تصدّت لتنظيم الدولة الإسلاميّة وخاضت ضدّه عام 2014 معركة للدفاع عن هذه المدينة الحدوديّة مع تركيا وتلقّت خلالها للمرة الأولى دعما عسكريا مباشرا من واشنطن.

وكتب المتحدث باسم الوحدات الكردية نوري محمود في تغريدة إن “مدينة كوباني البطلة أوقفت تنظيم داعش الإرهابي وحمت الإنسانية وعلى المجتمع الدولي أن يدعمها اليوم”.

ذكرت وزارة الدفاع التركية في ساعة مبكرة من صباح يوم الأحد أنها نفذت ضربات جوية على قواعد للمسلحين الأكراد في شمال سوريا وشمال العراق، وقالت إن تلك القواعد تُستخدم لشن هجمات على تركيا.

وكان هذا الهجوم متوقعا لكن توقيته لم يكن محددا بعد تهديدات أطلقها كبار المسؤولين الأتراك عقب الاعتداء الدموي الأخير في اسطنبول الذي أسفر عن سقوط قتلى واتهمت أنقرة حزب العمال الكردستاني بالوقوف وراءه.

وأضافت الوزارة في بيان أن الضربات استهدفت قواعد حزب العمال الكردستاني المحظور وميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تعتبرها تركيا جناحا لحزب العمال الكردستاني.

وقتل 31 شخصا على الأقل غالبيتهم من القوات الكردية وقوات النظام السوري في الضربات الجوية التي شنتها تركيا فجرا في شمال سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد.

وفيما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية مقتل أحد مقاتليها و11 مدنيا و15 من قوات النظام السوري، تحدث المرصد عن مقتل 31 شخصا هم 18 من أفراد قوات قسد وقوات الأمن الكردية ومجموعات مسلحة أخرى تابعة لها، فضلا عن 12 من قوات النظام.

وأعلنت وزارة الدفاع السورية بدورها عن مقتل “عدد” من العسكريين من دون إضافة تفاصيل في أول تعليق لدمشق على الغارات التركية. وأكدت القوات الكردية والمرصد السوري مقتل مراسل وكالة هاوار التابعة للإدارة الذاتية الكردية.

وكانت تركيا قد أعلنت يوم الثلاثاء الماضي أنها تعتزم ملاحقة أهداف في شمال سوريا بعد أن تكمل عملية عبر الحدود ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني المحظور في العراق، وذلك بعد الانفجار الذي وقع الأسبوع الماضي في إسطنبول وأدى إلى سقوط قتلى.

 

المصدر:  السياسي