المرصد السوري لحقوق الإنسان: الأزمة السورية بالأرقام.. 12 عاما من الحرب والجوع والقتل

34

تحل الذكرى الـ12 لبدء الأزمة السورية هذا العام مع مؤشرات اقتصادية خطيرة، تعكس حالة الفقر والتشرد والجوع التي يعاني منها أبناء هذا البلد الذي مزقته الصراعات السياسية والتدخلات الخارجية، هذا فضلا عن أكثر من نصف مليون قتيل سقطوا خلال الحرب.

وحسب منظمات عالمية فإن أكثر من نصف عدد السكان في سوريا، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويغطي متوسط الأجر الشهري حاليا نحو ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة فقط، هذا فضلا عن التخفيضات المستمرة بقيمة الليرة السورية، التي تتخطى في السوق الموازية ال10 آلاف ليرة.

نصف مليون قتيل

تظاهر بضعة آلاف من السوريين، الأربعاء، في مدينة إدلب في شمال غرب البلاد، في ذكرى مرور 12 عاما على انطلاق احتجاجات سلمية طالبت بإسقاط النظام قبل تحولها نزاعا داميا، مؤكدين رفضهم أي “تطبيع” مع النظام السوري، وفق فرانس برس.

ويدخل النزاع عامه الثالث عشر، مثقلا بحصيلة قتلى تجاوزت النصف مليون وعشرات آلاف المفقودين والنازحين، فيما يجري رئيس النظام السوري بشار الأسد، الأربعاء، محادثات رسمية في موسكو ويستفيد نظامه من تضامن واسع أعقب زلزالا مدمرا ضرب البلاد وتركيا المجاورة الشهر الماضي، حسب الوكالة الفرنسية.

ويقول المرصد السوري إن وثّق مقتل أكثر من نصف مليون شخص بالأسماء، منذ 2011، من أصل أكثر من 600 مئة ألف قتيل تأكد من مقتلهم على مدار 12 عاما.

وحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن إجمالي اللاجئين السوريين المسجلين رسميا فاق 5 مليون ونصف.

في مدينة إدلب، إحدى المدن الرئيسية التي لا تزال خارجة عن سيطرة القوات الحكومية، توافد مئات السوريين تباعا، من صغار وكبار، إلى ساحة رئيسية، حاملين رايات المعارضة السورية. ورُفعت على واجهة مبنى مشرف على ساحة التظاهر لافتتان، جاء في الأولى بالعربية “الشعب يريد إسقاط النظام” بينما كتب على الثانية بالإنكليزية “الحرية والكرامة لجميع السوريين”.

وبدءا من منتصف مارس 2011، خرج عشرات آلاف السوريين في تظاهرات مستوحاة من “ثورات الربيع العربي” مطالبين بإسقاط النظام، لكنها سرعان ما تحولت إلى نزاع دام تنوعت أطرافه والجهات الداعمة لها. وباتت سوريا ساحة لقوات روسية وأميركية وتركية ومقاتلين إيرانيين.

ويأتي إحياء الذكرى هذا العام بعد أكثر من شهر على زلزال مدمر ضرب سوريا وتسبب بمقتل نحو ستة آلاف شخص في أنحاء البلاد، معمقا من معاناة السكان، بعد سنوات الحرب التي تسببت بدمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد.

ويرى محللون أن الأسد ربما يجد في التضامن الواسع معه “فرصة” لتسريع تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي، وهو هدف تعمل داعمته موسكو على تحقيقه منذ سنوات، حسب فرانس برس.

ولعبت روسيا بتدخلها العسكري المباشر منذ 2015 الدور الأبرز في ترجيح الكفة لصالح قوات النظام بعدما كانت خسرت مناطق واسعة خلال سنوات الحرب الأولى، وفق الوكالة الفرنسية، وتثير مساعي إعادة “تعويم” نظام الأسد وتطبيع العلاقات معه غضب معارضيه.

فقر وجوع

أشار برنامج الأغذية العالمي، هذا الأسبوع، إلى أن نحو 12.1 مليون شخص في سوريا أي أكثر من نصف عدد السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مما يجعلها من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم.

ويعزى هذا التدهور في الأمن الغذائي إلى أسباب عدة، من بينها اعتماد البلاد الشديد على الواردات الغذائية، بعدما كانت تتمتع باكتفاء ذاتي في إنتاج الغذاء في الحقبة الماضية، فضلا عن آثار الصراع. بالإضافة إلى الدمار الذي خلفته الزلازل التي ضربت سوريا وتركيا مؤخرا، والتي فاقمت الاحتياجات الإنسانية الكبيرة بالفعل، وفق المنظمة الدولية.

وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن متوسط الأجر الشهري في سوريا يغطي حاليا نحو ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة فقط. وتظهر أحدث البيانات أن سوء التغذية آخذ في الارتفاع، مع وصول معدلات التقزم بين الأطفال وسوء التغذية لدى الأمهات إلى مستويات غير مسبوقة.

وتساءل كين كروسلي، المدير القطري للبرنامج في سوريا، عن الوضع الذي يجب أن يصل إليه الشعب السوري ليقول العالم “كفى”، وأضاف: “قصف وتهجير وعزلة وجفاف وانهيار اقتصادي والآن زلازل، إن السوريين يتمتعون بمرونة كبيرة، ولكن هناك حدود لما يمكن أن يتحمله الأشخاص”.

ومن المتوقع أن يستمر المسار التصاعدي لسعر سلة المواد الغذائية الأساسية التي يقيس عليها برنامج الأغذية العالمي نسبة تضخم أسعار الغذاء. وقد تضاعف سعر هذه السلة عما كان عليه منذ سنة، وزاد بمقدار 13 ضعف سعرها قبل ثلاث سنوات، حسب المنظمة.

تدهور الليرة

كان سعر الليرة 47 للدولار قبل اندلاع الاحتجاجات ضد النظام، حسب رويترز، وفي بداية فبراير من هذا العام، قال مصرف سوريا المركزي في بيان، إنه قرر خفض قيمة الليرة أمام الدولار إلى 6650.

ورغم هذه التخفيضات المتلاحقة فإنها لا تعبر عن قيمة الحقيقة لليرة أمام الدولار، إذ يقدر خبراء بأن السعر الحقيقي للدولار يزيد عن 10 آلاف ليرة على الأقل، حسب رويترز.

ورفع انهيار الليرة الناجم عن هذه العوامل أسعار السلع وزاد المصاعب ليجد السوريون في المناطق الخاضعة للنظام، صعوبة في شراء الطعام ودفع فواتير الكهرباء وغيرها من الأساسيات الأخرى.

وبات الوقود شحيحا للغاية، مما أجبر حكومة دمشق على تقنين استهلاك الكهرباء بل، وإغلاق المباني العامة خلال عطلات نهاية الأسبوع.

مخاطر تلاحق 148 ألف امرأة حامل

وكان للنزاع في سوريا والهجمات على المستشفيات “تأثير غير متساوٍ” على الصحة الإنجابية للنساء والفتيات في شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه فصائل مسلحة، حسب ما ورد في تقرير آخر لفرانس برس.

وقال الدكتور حسام النحاس، الباحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أطباء من أجل حقوق الإنسان والمؤلف المشارك في التقرير “لقد أدت 12 عاما من الإفلات من العقاب على مهاجمة مرافق الرعاية الصحية وكوادرها إلى تفاقم أزمة الصحة الجنسية والإنجابية في سوريا”.

وأضاف “في الحرب السورية المدمرة، تدفع النساء الثمن الأعلى. إن حق الإنسان الأساسي في الصحة، بما في ذلك القدرة على ولادة طفل بأمان، وإضافة حياة جديدة إلى العالم، يُنتهك باستمرار في شمال غرب سوريا، حيث تنزل القنابل على المستشفيات كالمطر، ويتعرض العاملون الصحيون للاضطهاد”.

صدر التقرير بعنوان “هي من تدفع أغلى ثمن: تأثير الصراع على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية في شمال غرب سوريا” عن أطباء من أجل حقوق الإنسان ولجنة الإنقاذ الدولية وسوريا للإغاثة والتنمية والجمعية الطبية السورية الأميركية.

وتوقّع التقرير “أن تؤثر الزيادة الكبيرة في النزوح وتدمير الطرق ونقص الوقود ومحدودية الخدمات الصحية والأدوية والمعدات الطبية على قرابة 148 ألف امرأة حامل، ينتظر أن تلد 37000 منهن في الأشهر الثلاثة المقبلة”.

 

 

 

 

المصدر: الحرة