المرصد السوري لحقوق الإنسان: بالإضافة للطائرات المسيرة… ما هي أبرز المعدات العسكرية التي تصنعها إيران؟

22

جلبت إيران الأنظار مؤخرا، وتحديدا البعض من معداتها العسكرية التي أصبحت جزءا مؤثرا في الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا. قضية استخدام روسيا للطائرات بدون طيار ذات الصنع الإيراني في حربها على أوكرانيا زادت الطين بلة وعمقت الجدل لتتفاقم الخلافات بين روسيا والدول الغربية. في ظل هذا الجدل والخلافات الواسعة، سنحاول عبر هذه الأسطر فك الشفرة لفهم أوسع للموضوع.

“إيران لن تبقى ’غير مبالية‘ في حال استخدام روسيا مسيراتها في أوكرانيا…” هكذا كان رد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الاثنين الماضي على الاتهامات من كييف وحلفائها بشأن استخدام روسيا لطائرات مسيرة من صنع إيراني في أوكرانيا.

مضيفا: “نعم في الماضي تلقينا أسلحة من روسيا، ولا زلنا نتلقى في إطار التعاون الدفاعي، ونزود روسيا بأسلحة وتجهيزات”، وذلك في تصريحات مصورة نشرتها وسائل إعلام محلية. وتابع قائلا: “لكن خلال الحرب في أوكرانيا، نظرا لموقفنا المبدئي ضد الحرب، نعارض تسليح روسيا وأوكرانيا”، مؤكدا “لم نزود روسيا بأي أسلحة أو مسيرات للاستخدام في الحرب ضد أوكرانيا”.

ومن جهتها عارضت الأمم المتحدة الأربعاء عبر كبير محامييها، ذريعة قدمتها روسيا تفيد بأن الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريس لا يمكنه تقديم تقرير إلى مجلس الأمن بشأن الاتهامات الغربية لها باستخدام طائرات بدون طيار إيرانية الصنع، متهمة عبر سفيرها لدى المنظمة فاسيلي نيبينزيا، كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا بانتهاك ميثاق الأمم المتحدة من خلال محاولة ممارسة نفوذ على كبير مسؤولي المنظمة.

ولكن ما هي حقيقة السلاح الإيراني وما تأثيره في الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا؟

يذكرنا اللواء أحمد إبراهيم كامل، الرئيس السابق لجهاز الاستطلاع المصري بخطاب الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني الذي ألقاه في 11 فبراير/شباط 2019 بمناسبة الذكرى السنوية “لانتصار الثورة الإسلامية”، عندما قال “إيران تنتج محليا 85% من الأسلحة التي تحتاج إليها”.

وأضاف آنذاك الرئيس الإيراني السابق قائلا: “لقد فاجأت إيران العالم بأسره في هذه السنوات الأربعين من التطور في الصناعات العسكرية كالصواريخ والمقاتلات والمروحيات والفرقاطات والغواصات والدبابات وناقلات الأفراد والأسلحة الفردية”.

وصناعة الطائرات بدون طيار في إيران ليست وليدة اليوم هي الأخرى بل تعود إلى السنوات الأولى من الحرب مع العراق، حينها كانت إيران تعاني من نقص كبير في الأسلحة والمعدات العسكرية بسبب حظر فرضته عليها الدول الغربية عقب الثورة الإسلامية العام 1979.

ترسانة عسكرية قديمة ولكن…

تتفق مختلف المصادر المتخصصة على أن الأسلحة التي تطورها إيران تبقى من طراز تقليدي. لكن تحت شعار الاكتفاء التقني الذاتي، تحاول كافة الجامعات والأكاديميات العسكرية الإيرانية الابتكار وخاصة التحديث محليا للمعدات الموجودة بحوزتها لتطويرها وسد احتياجاتها.

معدات، يتم تطويرها منذ أعوام لتنافس أحدث تكنولوجيا مستعملة في المجال. فبمساعدة روسيا استطاعت إيران أن تطور طائرات من دون طيار أصبحت تصيب أهدافها حتى ولو كانت بعيدة المدى. وآخرها تلك التي تطلقها روسيا حاليا على مواقع في الأراضي الأوكرانية.

ويوضح اللواء أحمد إبراهيم كامل أن “مسيّرة شاهد 136 مثلا يمكن التحكم بها عن بعد بواسطة القمر الصناعي “خيام” الذي تم إطلاقه إلى الفضاء شهر أغسطس/آب الماضي من كازاخستان”. مضيفا: “إيران لديها صواريخ ذات قدرة تقنية ومدى بعيد”.

وقد تم إطلاق القمر الصناعي “خيام” الذي يبلغ وزنه 600 كلغ من الأرض إلى مدار 500 كيلومتر بواسطة حامل الأقمار الصناعية سويوز في 9 أغسطس/آب من مقر بايكونور للفضاء في كازاخستان.

ووفقا لـ تقرير لوكالة الاستخبارات الأمريكية تمتلك إيران عدة طائرات مسيرة. ويعود تاريخ البعض منها إلى ما قبل الثورة الخمينية، إذ كانت تستخدم من أجل التدريب والدفاعات الجوية.

ومن بين هذه الطائرات من دون طيار: “تلاش” بمختلف طرازاتها والتي تبلغ سرعتها 120 كلم في الساعة.

صاروخ “مهاجر”، الذي أعدت أول نسخة منه في الثمانينيات، كان الهدف منه استطلاعيا. ثم تلته نسخات أخرى على غرار مهاجر 6 الذي تم تزويده بكاميرات ليلية وأسلحة ونظام ملاحة وغيرها من التكنولوجيا الحديثة.

وتعتبر هذه الطائرات المسيرة صواريخ أضيفت لها أجنحة وعندما “تحلق في أسراب ومجموعات يمكن أن تكون فتاكة…”، وفق ما جاء في تصريح جون بيير مولني نائب مدير معهد الأبحاث الدولية والاستراتيجية (IRIS) والخبير في الشؤون العسكرية لفرانس24.

ويضيف جون بيير مولني ” تستعمل روسيا هذا النوع من الأسلحة لأنها في حاجة إليها، فهي غير مكلفة ولا تسبب لها خسائر بشرية”.

ويشير التقرير الاستخباراتي الأمريكي أيضا إلى الصواريخ الباليستية الإيرانية التي بدأت قصتها في الثمانينيات أثناء ما كان يعرف آنذاك بحرب المدن في الحرب الإيرانية – العراقية.

ومن بين هذه الصواريخ سكود الشهير والذي تم العمل عليه وتحديثه ليصبح أول صاروخ إيراني باسم “شهاب”.

وقامت إيران في السنوات الأخيرة بتطوير أكثر من 40 نوعا من الصواريخ. على غرار “قدر- إف” و”سجّيل 2″ الذي يمكنه بلوغ مدى حوالي ألفي كلم، وفق تقرير وكالة الاستخبارات الأمريكية.

هذا إلى جانب عدة صواريخ أخرى بينها: صاروخ كروز (سومار): أعلن عنه سنة 2015 ويبلغ مداه ما بين 2500 إلى 3000 كم، ويُعتقد أنه تحديث للصاروخ الروسي رادوغا-55 وهو من الصواريخ التي تمتلك خاصية الاختفاء عن الرادار.

وكان قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال كينيث ماكنزي قد صرح في آذار/مارس 2020 أن “إيران تمتلك ما بين 2500 إلى 3000 صاروخ باليستي…”.

هذا ويكشف معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن أنظمة صواريخ جديدة لازالت قيد التطوير ولكن تحت الأرض.

وكانت إيران كشفت عن صواريخ باليستية جديدة ومركبات إطلاق لأقمار صناعية منذ العام 2015، بالإضافة إلى العديد من أنظمة وطرق النقل ومنصات الإطلاق الجديدة.

كما أزالت الستار عن العديد من المجمّعات الخاصة بالصواريخ الموجودة تحت الأرض، أو ما يسمى بـ”مدن صاروخية”. وتم الكشف عن المجمّعات الثلاثة الأولى رسميا في أيلول/سبتمبر 2015 وكانون الثاني/يناير 2016 وأيار/مايو 2017 بعد سنوات من التطوير. وفق معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

التجربة على أرض الواقع

لقد تمت تجربة معظم الأسلحة الإيرانية على أرض الواقع ويذكر اللواء أحمد إبراهيم كامل أن العديد من مثل هذه الصواريخ والأسلحة “ساهمت في نزاعات وحروب إقليمية كتلك التي يستعملها الحوثيون في اليمن وحزب الله وفي غزة بل حتى في السودان…”.

وللتذكير، ففي هجوم مزدوج نفذ يوم 14 سبتمبر/أيلول من 2019 تعرض معمل بقيق السعودي الذي يعتبر أكبر محطة لمعالجة النفط في العالم لهجوم بعدد كبير من الطائرات المسيرة وصواريخ “سومار” المجنحة إلى جانب منشأة خريص النفطية…

واتهمت السعودية أنذاك إيران بالوقوف وراء الهجوم الذي تبنته جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن. وقالت إن ما لا يقل عن 18 طائرة مسيرة و8 صواريخ استخدمت في الهجوم.

ومن جهتها أوضحت القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية (سينتكوم) إن استنتاجات الخبراء تؤكد أن الطائرة المسيرة التي استخدمت في الهجوم كانت إيرانية الصنع.

ويظهر الهجوم الذي نفت إيران مسؤوليتها فيه تطورا ملحوظا في قدرات إيران في الوصول أيضا إلى أهداف متحركة وعلى بعد مئات الكيلومترات عن أراضيها.

وبينما تواصل إيران نفي اتهامات الغرب لها، نشرت صحيفة”واشنطن بوست” تقريرا ينقل عن مصادر استخباراتية قولها إن إيران تقوم بالتخطيط من أجل نقل السلاح إلى روسيا لمساعدتها على تعويض مخزونها الذي ما فتئ يتضاءل منذ هجومها على أوكرانيا.

موضوع يستقطب جهات فاعلة أخرى

وفي السياق غادر رئيس إسرائيل إسحق هرتسوغ الثلاثاء إلى واشنطن ليطلع نظيره الأمريكي جو بايدن على معلومات استخبارية بشأن استخدام مسيّرات إيرانية في أوكرانيا.

وقال الرئيس الإسرائيلي إن “الأسلحة الإيرانية تؤدي دورا رئيسيا في زعزعة استقرار عالمنا، وعلى المجتمع الدولي أن يتعلم دروسه، الآن وفي المستقبل”.

هذا، واستهدفت غارات جوية إسرائيلية الاثنين نقاطا في محيط دمشق، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع السورية. ما يعد القصف الثاني من هذا النوع في ظرف ثلاثة أيام فقط.

ووفق مصادر دبلوماسية ومخابراتية في المنطقة فإن إسرائيل كثفت الغارات على مطارات سورية، منها مطار دمشق الدولي، وذلك بقصد تعطيل استخدام إيران المتزايد لخطوط الإمداد الجوي لإيصال الأسلحة إلى حلفائها في سوريا ولبنان بينهم حزب الله.

أما المرصد السوري لحقوق الإنسان فقال إن الغارات الإسرائيلية “استهدفت مواقع تابعة للميليشيات الإيرانية وقوات النظام في منطقة الديماس ومحيطها في ريف دمشق الغربي”، من دون أن تتضح طبيعة المواقع المستهدفة.

 

 

 

 

المصدر: فرانس24