المرصد السوري لحقوق الإنسان: «تجمع الشهباء» العسكري في ريف حلب الشمالي وفرص الاستمرار

26

 

انضمت ثلاث كتائب من مدينة اعزاز إلى تجمع الشهباء المؤسس مؤخرا بعد انشقاقها عن لواء عاصفة الشمال، أبرز الألوية المشكلة للجبهة الشامية وأهمها بسبب سيطرتها على معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا.
وأعلنت ذلك فصائل حركة أحرار الشام الإسلامية-القاطع الشرقي وأحرار التوحيد المنحدرة من مدينة تل رفعت ويقودها حسين العساف الملقب «حجي تل رفعت» وكتلة الكتائب التي يتزعمها القيادي السابق في حركة نور الدين الزنكي أحمد رزق.
وتربط الثلاثة علاقة لا تحتاج الكثير من الإثبات، فقد تدخلت هيئة «تحرير الشام» ضد الفيلق الثالث في الجيش الوطني السوري المعارض في وقت سابق من العام الماضي بسبب هجوم الأخير على أحرار الشام بسبب انشقاقهم عن الفيلق المذكور. وكان حجي تل رفعت في الوفد الذي التقى ابي محمد الجولاني قائد الهيئة خلال هجومها على عفرين بمشاركة فرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه وحركة أحرار الشام الإسلامية – جناح حسن صوفان الموالية للجولاني. فيما تنحدر كتلة الكتائب التي يقودها أحمد رزق من قرى عنجارة وكفرناها وعويجل.
وتربط تلك المجموعة علاقة جيدة مع «تحرير الشام» منذ العام 2020 حيث تسلمت نقاط رباط في ريف حلب الغربي ضد النظام تزامنا مع الهجوم على المنطقة، وتعززت بعد ذلك مع استمرار دعم تلك المجموعات من قبل الجولاني بالسلاح والمال.
كما نفت وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية المؤقتة في بيان لها ارتباط «تجمع الشهباء» بالحكومة، وجاء في البيان «أنه لوحظ انتشار بيان على وسائل التواصل الاجتماعي عن تأسيس فصيل عسكري تحت مسمى تجمع الشهباء، وهذا الفصيل لا ينتمي للجيش الوطني السوري» وأشار البيان إلى أن الجيش الوطني يخلي مسؤوليته عن التجمع الجديد وينفي تبعيته له.
وشدد بيان الوزارة أن الجيش الوطني «مستمر في العمل والتنسيق مع جميع التشكيلات المنضوية تحت الفيالق الثلاثة، من أجل زيادة كفاءة العناصر العسكريين والدفاع عن المناطق المحررة».
كذلك، رفضت بعض كتائب القطاع الشرقي في حركة أحرار الشام الانضمام لـ «تجمع الشهباء» وذكر بيان صادر عن القطاع أن تشكيلات «حركة أحرار الشام» في جرابلس وعبلة وتل بطال ترفض الانضمام لأي فصيل ما لم تتم استشارة قيادة الحركة وأخذ الموافقة منها.
كما صدر إعلان عن كتلة «أبو مجاهد تل رفعت» العسكرية يعلن انشقاق الكتلة عن تجمع الشهباء. واعتبر بيان تداوله ناشطون باسم أبناء تل رفعت أن التشكيل الجديد بقيادة حسين عساف المعروف بـ «حجي تل رفعت» هو انشقاق عن ثوار المدينة المحتلة وانشقاق عن ركب الثورة وتبعية لما وصفوه بـ «تنظيم القاعدة» ودعا البيان أبناء المدينة لعدم الانضمام للتشكيل والقتال في صفوفه، وعدم استخدامهم في مشاريع الجولاني الاستخباراتية.
وصرح قيادي سابق في «حركة نور الدين الزنكي» لـ «القدس العربي» أن «بيان تشكيل تجمع الشهباء استخدم اسم الحركة كواحد من مكونات التجمع في حين لا توجد فعليا على أرض الواقع قيادة مركزية للحركة، إنما تجمعات لمقاتلين عدة من ريف حلب الغربي كانوا منتمين لحركة الزنكي قبل إنهائها على يد تحرير الشام». ويضيف القيادي السابق أن لا علاقة بين الكتلة التي خرجت من فرقة «سليمان شاه» ومجموعة أحمد رزق. وخروج الكتلة سببه تمسك قائد الفرقة محمد الجاسم أبو عمشة بقائد الكتلة محمد المحمود رغم رغبة قادة المجموعات تسمية قائد جديد.
بعد إعلان تأسيس «تجمع الشهباء» في بيان مصور انضمت للتجمع ثلاث مجموعات من مدينة اعزاز كانت تتبع للواء عاصفة الشمال التابعة للفيلق الثالث في الجيش الوطني، وهي مجموعات تعرف بأسماء قادتها، أبو صالح كنو ويوسف عشاوي والشيخ حاتم موسى، ما أسفر عن توترات واستنفار قيادة لواء العاصفة لإجبار المجموعات على العودة لقيادتها، وبالمقابل استنفار للتجمع لمواجهة العاصفة بقيادة صالح عموري. وكان التجمع المشكل حديثا قد أعلن عن انضمام عدة فصائل مقاتلة تحمل اسم «لواء صقور اعزاز».
الجدير بالذكر، أن حشودا عسكرية تابعة لهيئة «تحرير الشام» تجمعت في محيط مدينة عفرين، وتجمعات أخرى لتجمع الشهباء الحليف لتحرير الشام في قرية عولان بريف مدينة الباب، كما شهدت مدينة اعزاز تحركات عسكرية واستنفارا للفيلق الثالث الذي أقام حواجز ترابية على طريق مستشفى اعزاز الوطني، وأفاد شهود عيان بإنشاء القوات التركية لحاجز معزز بالكتل الأسمنتية على طريق اعزاز- كفرجنة. وفي سياق التوترات الأخيرة، دعا ناشطون من اعزاز إلى مظاهرات تطالب بتوحيد فصائل المدينة وتجنيبها أي اقتتال داخلي.
تأتي خطوة تشكيل «تجمع الشهباء» في سياق إعادة تكفيك وتركيب منطقة ريف حلب الشمالي، بعد أن نجح الجولاني في استمالة فرقتي «السلطان سليمان شاه» و«الحمزة» ووضع موطئ قدم في عفرين، اليوم يتقدم خطوة أخرى باتجاه تقليم أظفار «الجبهة الشامية» في أهم ألويتها وأثقلها وزنا. وفي حال صمود «تجمع الشهباء» وعدم انفراط عقده سريعا فهذا يعني أن تحرير الشام قد أصبحت تتواجد في عموم المعابر الداخلية المفتوحة بشكل رسمي أو كمعابر تهريب وستصبح المتحكمة مع الوقت في اقتصاد المنطقة. كما سيشجع صمود هذا التجمع باقي الفصائل الصغيرة التي ذاقت مرارة التهميش والتمييز من قبال الفصائل الكبرى على الانشقاق عن الفيالق الثلاثة المكونة للجيش الوطني، أقله أن التشكيل الجديد سلم بعيد لحظة التشكيل رواتب عناصره والتي تبلغ ألف ليرة تركية كحال باقي عناصر الجيش الوطني، الميزة في التجمع أنها لم تتأخر فيما يعاني عناصر الجيش الوطني من تأخير مستمر لمرتباتهم الشهرية.
على الصعيد الإنساني، ارتفعت حصيلة الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا والشمال السوري إلى حدود الخمسين ألفا في البلدين، وفي تحديث للوضع الإنساني في شمال غرب سوريا صادر عن «منسقو استجابة سوريا» بلغ عدد النازحين جراء الزلزال المدمر 186.843 ويشكل الأطفال والنساء نسبة 65 في المئة منهم، كما بلغ عدد اللاجئين العائدين من تركيا إلى سوريا بسبب الزلزال 22347 ورصد «منسقو الاستجابة» دمارا في 1300 منزل، وتصدع ما يقارب 11000 منزل آخر، كما بلغ عدد ضحايا العاملين الإنسانيين أكثر من 230 عاملا إنسانيا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عدد الضحايا السوريين الذين «قضوا في زلزال 6 شباط والذين نقلت جثامينهم إلى سوريا عبر المعابر الحدودية بلغ 1779».
وفي سياق الدعم الدولي لمتضرري الزلزال، أكدت الأمم المتحدة على سعيها لتوسيع نطاق عمليات المساعدة عبر الحدود التركية مع شمال غرب سوريا. وعبرت مطلع الأسبوع الفائت عشر شاحنات محملة بمواد الإيواء ومستلزمات طارئة إلى سوريا عبر معبر الراعي الحدودي.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك أن هذه القافلة التابعة للمنظمة الدولية تمر للمرة الأولى من معبر الراعي الحدودي منذ أن وافقت حكومة النظام على استخدام المعبر لتوصيل المساعدات، ليصل عدد المعابر المستخدمة لنقل مساعدات الأمم المتحدة إلى ثلاثة معابر تعمل بطاقتها الكلية. كما وصلت عبر معبر باب الهوى الحدودي 20 شاحنة مرسلة من برنامج الغذاء العالمي تستهدف تقديم الدعم لما يقارب 127 ألفا من متضرري الزلزال. وحسب المتحدث فقد أرسلت الأمم المتحدة حتى الآن 227 شاحنة إلى المناطق التي تسيطر عليها جهات غير حكومية شمال غرب سوريا منذ 9 شباط (فبراير).
وأضاف دوجاريك «إن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووكالات الأمم المتحدة يساعدون في إجراء تقييمات للأضرار الهيكلية التي لحقت بالمباني، مشيرا إلى أن هذه التقييمات ستساعد في تحديد ما إذا كان بإمكان العائلات العودة إلى المنازل التي تعتبر آمنة». مشيرا إلى محاولات الأمم المتحدة إيجاد خيارات طويلة الأمد للعائلات التي لا تستطيع العودة إلى منازلها بسبب المباني المتضررة.
مؤكداً على أهمية التمويل في سبيل الاستجابة الأوسع للزلزال. حيث وصل حجم التمويل منذ اليوم الأول إلى 68 مليون دولار من جملة 329.1 مليون دولار.
وكانت الأمم المتحدة تستخدم معبر باب الهوى الحدودي بالإضافة إلى معابر عبر مناطق سيطرة النظام السوري، وكان مجلس الأمن الدولي قد سمح في عام 2014 بعبور المساعدات الأممية إلى سوريا عبر 4 معابر حدودية دون الحصول على موافقة حكومة النظام السوري، وهي معبر باب الهوى شمال إدلب، وباب السلامة شمال حلب، بالإضافة إلى معبري اليعربية على الحدود العراقية، والرمثا على الحدود الأردنية. إلا أن معبر باب الهوى بات الوحيد المستخدم في دخول مساعدات الأمم المتحدة بسبب الضغط الروسي.
ومع ذلك انتقدت منظمات إنسانية عدة تأخر مساعدات الأمم المتحدة، في حين وصفت منظمة الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء» الأمر بالجريمة.
وفي السياق ذاته، وصلت لمناطق سيطرة النظام السوري دفعة جديدة من المساعدات الدولية والعربية، وأفادت الوكالة الرسمية التابعة للنظام «سانا» وصول أكثر من 40 طناً من المواد والمستلزمات الغذائية.
كما أعلنت حكومة النظام السوري مساء الخميس عن توقيع اتفاقية بين الهلال الأحمر السوري والوكالة الإيطالية للتعاون يحصل من خلالها الهلال الأحمر السوري على ما يقارب المليون يورو من الوكالة الإيطالية. كما توقع رئيس جمعية الهلال الأحمر السوري خالد حبوباتي وصول طائرتي مساعدة مقدمة من الاتحاد الأوروبي إلى مطار دمشق الدولي، كما وصلت طائرتان إماراتيتان، إحداهما هبطت في مطار حلب تحمل 25.4 طن من المساعدات والثانية في مطار اللاذقية محملة بـ 25 طناً من المساعدات، ووصلت طائرة بحرينية إلى مطار دمشق الدولي محملة بـ 38 طنا من المواد الغذائية.

 

المصدر:  القدس العربي