المرصد السوري لحقوق الإنسان: توتر في دير الزور السورية.. ومؤشرات لانتفاضة ضد الميلشيات الإيرانية

26

كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان وجود تحركات بين أهالي مناطق في دير الزور للتظاهر ضد الميليشيات الشيعية الموالية لإيران والتي أصبحت تتحكم في المنطقة.

وتعتبر مدينة دير الزور التي تقع شرق البلاد ويمر فيها نهر الفرات من المدن الاستراتيجية، والتي تضم حقولا للنفط، ناهيك عن قربها من الحدود مع العراق.

وتتمتع إيران بنفوذ عسكري في سوريا التي دخلتها من بوابة دعم النظام منذ بداية الحرب، حيث تعزز نفوذها تدريجيا تحت ذريعة دعم نظام، بشار الأسد، بنشر سيطرتها ونفوذها من خلال مجموعات مسلحة موالية لها من جنسيات عدة.

وتسيطر قوات النظام السوري على الضفة الغربية لنهر الفرات في دير الزور، وينتشر فيها آلاف المقاتلين من مجموعات موالية لإيران، وتحديدا المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال الحدودية مع العراق ودير الزور مرورا بالميادين.

مطالب بخروج الميليشيات الإيرانية

مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، قال إن منطقة “دير الزور كانت منطقة يسكنها السنة، ولكن منذ 2017 بدأت ميليشيات إيرانية تدخل للقرى، وتقوم ببسط نفوذها بالترغيب والترهيب، حيث تحاول استقطاب الشباب ضمن صفوف هذه الميلشيات”.

وأوضح في حديث لموقع “الحرة” أن أهالي بعض القرى بدأوا يتحركون من أجل “التظاهر والاحتجاج والمطالبة بخروج الميليشيات من مناطقهم، خاصة بعدما استولوا على الأراضي والعقارات واستباحوا أملاك المواطنين”.

وأشار عبدالرحمن إلى بعض الميلشيات الإيرانية والموالية لها حولت الكثير من “المنازل إلى مقرات عسكرية أو مستودعات للسلاح، وفي ظل صمت النظام عما يحصل، أصبح العديد من الأهالي يريدون مغادرة هذه الميليشات”.

وأفاد المرصد أنه في مطلع أبريل الماضي شهدت دير الزور تحركات من مجموعة تدعو نفسها “ثوار البوكمال”، حيث “ألصقوا مناشير ورقية.. يدعون فيها الميليشات الإيرانية لمغادرة البوكمال”، ومشيرين إلى أن “ميليشيات الحرس الثوري الإيراني دمرت العراق، الآن هي تتغلغل في سوريا” ولن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا الأمر.

ونقل المرصد عن مواطن سوري لم يذكر اسمه خوفا من الملاحقة قوله ” منذ سنوات ونحن نعاني من سطوة الميليشيات الإيرانية على حياتنا، دائما ما يتملكنا الخوف من وجودهم وكأنما قدرنا محكوم بالدواعش وبهم.. سئمنا من وجودهم بيننا، تحملنا الكثير وأرى أن وقت الانتفاضة الشعبية في وجههم قد حان”.

ويقدر المرصد عدد أفراد الميليشيات الإيرانية والموالية لها في دير الزور بمنطقة غرب الفرات بأكثر من 20 ألف مقاتل، غالبيتهم من جنسيات غير سورية، تضم: إيرانيين، وعراقيين، ولبنانيين، وأفغانيين وباكستانيين.

أهمية استراتيجية لدير الزور؟

تقع في محافظة دير الزور أبرز حقول النفط السورية، وتسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية وأهمها حقل العمر النفطي، وهو الأكبر في البلاد، فضلاً عن حقلي التنك وجفرا. كذلك، تسيطر على حقل كونيكو للغاز.

وتقع على الجهة الغربية حقول نفطية تسيطر عليها قوات النظام وتشمل حقول الورد والتيم والشولة والنيشان.

وتعد هذه المنطقة الحدودية طريقا مهما للكتائب العراقية ولحزب الله اللبناني كما المجموعات الأخرى الموالية لإيران، لنقل الأسلحة والمقاتلين. وتستخدم أيضا لنقل البضائع على أنواعها بين العراق وسوريا.

وعلى مر السنوات، تعرضت شاحنات كانت تقل أسلحة وذخائر ومستودعات ومواقع عسكرية تابعة لتلك المجموعات إلى ضربات جوية، خصوصاً في المنطقة الممتدة بين الميادين والبوكمال. وقد تبنت القوات الأميركية بعضها، ونسبت أخرى لإسرائيل التي تؤكد دائما عزمها منع “التجذر الإيراني” في سوريا.

“حراك في دير الزور”

المحامي السوري، محمد صبرا قال إن “العديد من مناطق ريف دير الزور تشهد تحركات هامة، حيث يتظاهرون ضد الميليشيات الإيرانية وضد النظام في دمشق وضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

ويتظاهر الأهالي “ضد جميع من يمارس العنف ضدهم منذ سنوت، ويستغل وجودهم في مناطقهم” وفق ما تحدث صبرا لموقع “الحرة”.

وأشار صبرا وهو كبير مفاوضي المعارضة السورية السابق، إلى أن أهالي قرى دير الزور تعرضوا لحملات من التهجير القسري من قبل عدة أطراف: من قوات النظام السوري، ومن قبل الميليشيات الإيرانية، ومن قبل “قسد”، وفي أوقات معينة من قبل تنظيم “داعش”.

وأفاد أن الميليشيات الإيرانية حاليا تقوم بترهيب “الأهالي حيث تحدث عمليات قتل غامضة، والتي يتم القول إن بقايا خلايا داعش هي من تقوم بهذه العمليات”.

ويؤكد أن المعلومات تكشف أن أكثر من “11 قرية وبلدة في دير الزور أصبح سكانها شيعة، ومن لم يوافق إما تم تهجيره أو قتله”، وقال إنه “من غامض ما حدث في هذه المنطقة بناء مزار نبع عين علي الذي أصبح مكانا مقدسا للشيعة، ناهيك عن تغيير أسماء المساجد وبناء حسينيات وما يسمى بالحوزات العلمية”.

وأكد صبرا أن الحديث عن طريق “طهران-بيروت”، لا يعني الحديث عن طريق فعلية إنما هي منطقة “جغرافية-ديمغرافية”، حيث يكون الولاء فيها لإيران، وهي تشمل مناطق في “العراق، وسوريا، ولبنان، وإيران”، إذ تشهد العديد من القرى ضمن نطاق جغرافي معين ما يشبه “إعادة الهندسة” بحيث أن الخيارات ستكون أمام الأهالي إما “بالتشيع أو التهجير”.

مناطق السيطرة في دير الزور؟

ويكشف المحامي صبرا أن دير الزور مقسمة إلى 4 مناطق من ناحية السيطرة، إذ يوجد شمال شرق دير الزور، الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وقوات أميركية.

وينتشر 900 جندي أميركي ضمن قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد، وضمنها الضفة الشرقية لنهر الفرات في دير الزور، كما يتواجدون في قواعد عدة في محافظة الحسكة والرقة.

أما المنطقة الثانية فهي، قلب مدينة دير الزور والتي بقيت تابعة للنظام طوال السنوات الماضية.

والمنطقة الثالثة فهي جنوب دير الزور باتجاه الشرق في بلدات ريف دير الزور، فهي تخضع لسيطرة الميليشيات الشيعية، وكانت قد تمركزت فيها قوات تابعة لقوات فاغنر الروسية أيضا.

والمنطقة الرابعة، فهي دير الزور الغربي، والتي لا ملامح واضحة لمن يسيطر عليها، إذ يظهر فيها أحيانا بعض خلايا داعش، وأحيانا أخرى يتواجد فيها ميليشيات شيعية أو قوات تابعة للنظام السوري.

أين تتمركز الفصائل الموالية لإيران؟

وتعد دير الزور من أبرز مناطق نفوذ إيران والمجموعات الموالية لها في سوريا، والمجموعات الموالية للنظام بحسب تقرير لوكالة فرانس برس، هي:

الحرس الثوري الايراني

ينتشر آلاف المقاتلين والمستشارين العسكريين من الحرس الثوري في سوريا، لكن طهران تتحدّث فقط عن مستشارين يعاونون القوات الحكومية.

وأعلن الإعلام الرسمي الإيراني في أغسطس 2022 مقتل ضابط عالي الرتبة في الحرس الثوري الإيراني خلال “مهمة كمستشار عسكري” كان يؤديها في سوريا، من دون إعطاء تفاصيل.

فصائل عراقية

تقاتل مجموعات عراقية إلى جانب القوات الحكومية السورية بطلب إيراني. وينتشر هؤلاء اليوم بشكل رئيسي على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا منذ انتهاء العمليات ضد تنظيم داعش في العراق ثم سوريا. ويتخذون في مدينة البوكمال مقرا.

ومن أبرز هذه المجموعات: “كتائب حزب الله” التي يقول متحدث باسمها إن مقاتليها ينتشرون في سوريا “كمستشارين” لحماية الحدود العراقية.

وتعد تلك الكتائب أبرز فصائل الحشد الشعبي العراقي. ويعتبرها محللون ثالث قوة في المحور الذي تقوده طهران في المنطقة بعد الحرس الثوري وحزب الله اللبناني.

ومن الفصائل العراقية أيضا “كتائب سيد الشهداء” و”كتائب الإمام علي” و”حركة حزب الله النجباء”.

حزب الله اللبناني

ينشر الحزب الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري بشكل علني منذ 2013، خصوصا قادة في منطقة دير الزور. وقد انخفض عديد قواته في سوريا خلال العامين الماضيين مع تراجع حدة المعارك واستعادة قوات النظام السيطرة على حوالى ثلثي مساحة البلاد.

لواء “فاطميون” الأفغاني ولواء “زينبيون” الباكستاني

أسس الحرس الثوري الإيراني اللواءين من مقاتلين أفغان وباكستانيين شيعة. وشارك هؤلاء في معارك عدة في سوريا، ويحتفظون اليوم بمواقع مهمة في دير الزور، فضلا عن مناطق سورية أخرى.

ويعد لواء “فاطميون”، وفق المرصد السوري، أحد أكبر الفصائل الموالية لإيران في سوريا. وتفرض واشنطن منذ العام 2019 عقوبات على الفصيلين.

إضافة إلى المجوعات الأجنبية، أسس الإيرانيون مجموعات محلية في دير الزور، بات ينتمي إليها آلاف المقاتلين السوريين الذين يحصلون على بدل مادي مغر.

 

 

 

المصدر:  الحرة