المرصد السوري لحقوق الإنسان: زلزال القرن.. تركيا وسوريا تواجهان خسائر بشرية واقتصادية مدمرة
أعلنت إدارة الطوارئ التركية، اليوم الأربعاء 8 فبراير 2023، وقوع زلزال جديد بقوة 5.1 على مقياس ريختر، في محافظة كاهرمان مرعش جنوب شرق تركيا.
وكشف وزير البيئة التركي مراد كوروم، عن تعرض جنوب تركيا لنحو 684 هزة ارتدادية منذ زلزال الاثنين الماضي الذي بغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر، وتجاوز حدود تركيا لجارتها السورية، مخلفًا خسائر ضخمة في البلدين.
أكثر من 11 ألف قتيل
أشارت إدارة الكوارث التركية ظهر اليوم إلى ارتفاع عدد قتلى الزلزال وتوابعه إلى 8574 قتيلًا، وفي سوريا وبحسب المعلن من قبل وزارة الصحة ومنظمة الخوذ البيضاء التي تعمل في مناطق المعارضة السورية والمرصد السوري بلغت حصيلة القتلى أكثر من 3135 قتيلا.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنها تخشى أن تكون حصيلة الضحايا أعلى بثماني مرات من الأرقام الأولية، مع استمرار عمليات البحث عن الناجين تحت الأنقاض في المناطق المتأثرة بالزلزال، وتقدر المنظمة أن نحو 23 مليون شخص تأثروا بهذا الزلزال، وفق فرانس برس.
زلزال القرن
قالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في تقييم أولي لزلزال تركيا وسوريا إن السكان في المناطق المتأثرة بالزلزال “المميت” يعيشون في هياكل معرضة بشدة لخطر الانهيار وللنشاط الزلزالي، ما يجعل حصيلة القتلى معرضة للارتفاع خلال الأيام المقبلة.
وقدرت أن هذا الزلزال هو الأقوى في تركيا وسوريا منذ أكثر 100 عام، وكشف مدير عام إدارة الزلازل والحد من مخاطر الزلازل في تركيا أورهان تتار خلال مؤتمر صحفي أمس، عن تلقي بلاغات عن انهيار 11302 مبنى جراء الزلزال جرى تأكيد 5775 منها، وفق نيو ترك بوست.
أما في سوريا فأعلن الدفاع المدني في مناطق المعارضة في الشمال انهيار أكثر من 160 مبنى بشكل كامل و330 بشكل جزئي وتصدع آلاف المباني جراء الزلزال، ورجحت الأمم المتحدة انهيار 224 مبنى بالكامل في17 منطقة شمال غرب سوريا، مع توقعات بأن يرتفع الرقم، وفق شبكة “سي إن بي سي”.
خسائر مليارية
تأثرت 10 مقاطعات تركية بالزلزال حتى اللحظة، يعيش فيها أكثر من 13.4 مليون شخص، وتشكل وحدها نحو 9.3% من إجمالي الناتج المحلي لتركيا، و8.5% من إجمالي الصادرات وتصل حصتها من قطاع الصناعة إلى نحو 11.2%.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حالة الطوارئ في هذه الولايات لمدة 3 أشهر كونها مناطق منكوبة، وقال استاذ الجيوفيزياء التركي أوفجون أحمد أركان في تغريدة عبر حسابه على تويتر، “هذا الزلزال كارثة كاملة، مرجحا تأثر نحو 4 ملايين مبنى بالزلزال وأن تتراوح التكلفة الاقتصادية للزلزال ما بين 35 إلى 50 مليار دولار”.
وتوقع أركان أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد التركي المتوقع خلال العام الحالي بما يتراوح ما بين 1 إلى 2% هذا العام جراء الزلزال، ورجح 3 خبراء اقتصاديين استطلعت رويترز آرائهم أن تتراوح خسائر الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ما بين 0.6%إلى 2%، مع فرضية أن يتعطل الإنتاج بنحو 50% خلال فترة الزلزال وأن يجري تعويض خسائر الإنتاج خلال مدة من 6 إلى 12 شهرًا، وفق ما نقلته صحيفة “دنيا جازيت” التركية.
وتعرضت تركيا في أغسطس 1999 لزلزال بقوة 7.4 درجة، تسبب في وفاة ما يقدر بنحو 17 ألف شخص وخسائر مالية مباشرة وصلت إلى 6.2 مليار دولار.
بورصة أسطنبول تعلق التداول وشلل يضرب قطاع الطاقة
توابع الزلزال امتدت أيضا إلى شاشات بورصة أسطنبول لتعلق اليوم الأربعاء، التداول بعد أن تراجع مؤشرها “بي آي أس تي” بنسب تتراوح ما بين 5 إلى 7% خلال التعاملات الصباحية، وذلك للمرة الأولى منذ 24 عاما، وهبط المؤشر أمس بنحو 6%.
وخلال اليوم الأول لزلزال تركيا هوت العملة الوطنية “الليرة” إلى مستوى منخفض تاريخي مقابل الدولار الأمريكي لتسجل 18.85 ليرة للدولار الواحد، الأمر لم يتوقف هنا تسبب الزلزال في تعليق العمليات في ميناء جيهان، أحد أهم موانئ تركيا المصدرة للنفط الخام والمشتقات، وأعلنت هيئة الملاحة البحرية التركية اندلاع حريق في ميناء إسكندرون الدولي جراء الزلزال.
من جهة أخرى أعلنت بوتاس، شركة الغاز الحكومية التركية، أن بعض أجزاء شبكة الغاز المحلية تعرضت لأضرار جسيمة، وأنها قررت إيقاف تدفق الغاز لأغراض احترازية في بعض المناطق مثل هاتاي وكيراخان.
الوضع كارثي في سوريا
توقعت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية في تقديرات أولية، أن يصل التأثير الاقتصادي لزلزال تركيا وسوريا إلى أكثر من مليار دولار، لكن أرقام الضحايا الآخذة في الصعود واستمرار الهزات الارتدادية يشير إلى أن الخسائر ستتجاوز هذا الرقم بكثير لعدة أسباب أبرزها الوضع الكارثي في سوريا التي تعاني من ندوب 12 عاما من الحرب، وفق الجارديان.
على مدار سنوات الحرب تعرضت البنية التحتية في المنطقة الحدودية المتاخمة لتركيا لدمار هائل، وفي حلب، مركز سوريا التجاري قبل الحرب، كانت المباني تنهار من فترة لأخرى بسبب البنية التحتية المتداعية، وقبل وقوع الزلزال قدرت الأمم المتحدة أن عدد الأشخاص المحتاجين للدعم الإنساني يصل إلى 70٪ من سكان سوريا، وأن 18 مليون سوري يعيشون في فقر، بسبب انهيار الاقتصاد والجفاف ووباء كوفيد.
وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة والمنسق الإنساني المؤقت لسوريا المصطفى بنلمليح في تصريح لـ”رويترز”، أمس، إن الزلزال في سوريا سيؤدي إلى تفاقم الوضع القائم، وزيادة معاناة السوريين أكثر وسط طقس شتوي قاسِ وبنية تحتية متهالكة تعيق وصول المساعدات.
وأضاف أن احتمالات تعافي سوريا من الأزمة تتضاءل في ظل نقص التمويل الأممي المطلوب لتلبية الاحتياجات الإنسانية للسوريين، فضلا عن مليارات الدولارات اللازمة لعمليات إعادة بناء البنية التحتية.
المصدر: رؤية الإخبارية