المرصد السوري لحقوق الإنسان: سكان في شمال سوريا يرون واشنطن شريكة في قصف مناطقهم

23

 

بين ليلة وضحاها، انقلبت حياة سكان قرى ومدن حدودية في شمال سوريا رأساً على عقب بعدما أيقظتهم الضربات الجوية التركية من حولهم. لكن خيبتهم الأكبر سببها واشنطن، الدولة الحليفة الذي يرون أنها لم تمنع أنقرة من استهداف مناطقهم.
وبعد ليلة هزت فيها ضرباتها الجوية أجواء مدن وقرى كوباني والحسكة وريفهما ومناطق أخرى، أعلنت أنقرة صباح الأحد شن عملية عسكرية جوية ضد المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق، بعد أسبوع على اعتداء دموي في اسطنبول اتهمت كل من حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية في سوريا بالوقوف خلفه. ونفى الطرفان الكورديّان أيّ دور لهما في الاعتداء.
وفي مدينة المالكية (ديرك) في أقصى شمال شرق سوريا، أغلقت كافة المحال أبوابها، وخلت الشوارع من السكان، بعد غارات عنيفة استهدفت قرى في محيطها أوقعت العدد الأكبر من القتلى والجرحى وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أفاد عن مقتل أكثر من 30 شخصاً خلال العملية، وأكدت دمشق مقتل عناصر من قواتها من دون تحديد عددهم.
وقال محمّد رجب (65 عاماً) النازح من عفرين التي سيطرت عليها القوات التركية قبل أربع سنوات، “يتملكنا الخوف لأننا مرينا بالتجربة ذاتها، والآن نستعيد الخوف ذاته مع سماع أصوات تحليق الطائرات وضرباتها”.
وأضاف “إلى أين نذهب؟ لم يعد هناك من مكان نذهب إليه، سلمنا أمورنا إلى الله”.
ومنذ 2016، شنت أنقرة ثلاث عمليات عسكرية استهدفت أساساً قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب في سوريا، وسيطرت في العام 2018 على عفرين، أحد أقاليم الإدارة الذاتية، ما دفع بعدد كبير من السكان إلى النزوح.
ومنذ آخر هجوم لها في 2019، هددت أنقرة مراراً بشن عملية جديدة ضد مقاتلي الإدارة، وقد تصاعدت تهديداتها في وقت سابق العام الحالي.
وقالت عبير محمّد، صاحبة محل حلويات من المالكية، “في كل مرة تتعالى فيها التهديدات، ينتابنا الخوف ولا نتمكن من النوم، وتموت الحركة في المدينة”.
وأضافت “نفكر بالمغادرة لكن لمن نترك منازلنا، ليس بمقدورنا أن نفعل أي شيء سوى أن نخاف على أطفالنا”.
واشنطن شريكة
لم تشهد شوارع المالكية أي حركة فعلية الأحد سوى تظاهرة شارك فيها عشرات صباحاً للتنديد بالهجوم الجوي التركي، لكن أيضاً بما وصفه متظاهرون بـ”تخلي” واشنطن عنهم.
وقال علي عبدالله (62 عاماً) “أميركا شريكة في هذا القصف، وإلا لكانت منعت تركيا”.
وهتف متظاهرون، وفق مراسل فرانس برس، “الموت لأميركا” في شعار لا يُسمع عادة في منطقة تنتشر فيها القوات الأميركية ضمن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها كورد سوريا حليفتهم واشنطن بالتخلي عنهم، إذ أنهم اعتبروا انها منحت أنقرة في العام 2019 الضوء الأخضر لشن العملية العسكرية الثالثة ضدهم، والتي سيطرت خلالها على شريط حدودي بطول 120 كيلومتراً بين مدينتي تل أبيض (كري سبي) ورأس العين (سري كانيه).
وقالت المتظاهرة التي طلبت عدم ذكر اسمها، “كان بمقدور أميركا أن تمنع قتل مقاتلينا الذين دفعوا دمائهم لحمايتنا”.
ادعموا كوباني
ومن مدينة كوباني، قال بوزان احمد لوكالة فرانس برس عبر الهاتف “نخاف على أطفالنا وأسرنا. لا نعرف الى أين نذهب، هناك من اختبأ في ملاجئ أو في أقبية الأبنية، وآخرون فروا إلى قرى في الريف”.
وأضاف “هناك حالة خوف كبيرة بين المدنيين، ولا نعلم ما إذا كان القصف سيستمر اكثر أو لا، لم نعد نفهم شيئاً. ماذا يجدر بنا أن نفعل؟”.
وفي كوباني، أغلقت العديد من المحال والمدارس أبوابها، وفق سكان تحدثوا عن مدينة باتت الحركة فيها ضعيفة.
وترتدي مدينة كوباني طابعا رمزيا مهمّا لدى وحدات حماية الشعب الكردية التي كانت أوّل من تصدّت لتنظيم الدولة وخاضت ضدّه عام 2014 معركة للدفاع عن هذه المدينة الحدوديّة مع تركيا، وتلقّت خلالها للمرة الأولى دعماً عسكريّاً مباشراً من واشنطن.
وكتب المتحدث باسم وحدات حماية الشعب نوري محمود في تغريدة إن “مدينة كوباني البطلة أوقفت تنظيم داعش وحمت الإنسانية، وعلى المجتمع الدولي أن يدعمها اليوم”.

 

 

المصدر: رووداو