المرصد السوري لحقوق الإنسان : شمال سوريا أمام “معركتين”.. تسخين دبلوماسي وعسكري “يحبس الأنفاس”

16

يعيش الشمال السوري “أجواء تسخين” تفرضها معركتين الأولى “دبلوماسية” من المقرر أن تشهدها أروقة مجلس الأمن بخصوص معبر “باب الهوى”، بينما الثانية “عسكرية”، حيث تهدد تركيا بشن عملية لإبعاد “وحدات حماية الشعب” من منطقتين في ريف حلب، تل رفعت ومنبج.

وبينما تختلف سياقات وظروف كل “معركة” عن الأخرى والمنطقة التي ستستهدفها يشترك الحدثان بحالة الترقب و”حبس الأنفاس”، التي فرضت نفسها منذ مدة على كل من الشمال الغربي والشمال الشرقي للبلاد.

وحتى الآن لا توجد مؤشرات واضحة بدقة عما ستؤول إليه “المعركة الدبلوماسية” في مجلس الأمن، حيث من المقرر أن يصوت الأعضاء على قرار تمديد إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود (معبر باب الهوى)، وسط ترجيحات عن نية موسكو استخدام حق النقض “الفيتو”.

وكذلك الأمر بالنسبة للمعركة “العسكرية” التي من المحتمل أن تطلقها تركيا، وسط غموض يحيط بتوقيتها، والخريطة الجديدة التي ستفرضها، إلى جانب مواقف الفاعلين المحليين والدوليين.

ومن شأن هذين الحدثين أن يفرضا مشهدا جديدا على الشمال السوري ككل، وحتى وإن كان ذلك لمدة زمنية قصيرة، بحسب مراقبين، فالمعركة الدبلوماسية الأولى وإن انتهت دون أي “معوقات” من شأنها أن تنعش حياة الملايين في محافظة إدلب وريفها.

في حين ستؤسس المعركة التركية المحتملة لواقع جديد على طول الحدود الشمالية من سوريا، خاصة أن حدود القوى على الأرض ستتغير، وبالتالي سيتوسع نفوذ طرف على الأرض من حساب طرف آخر.

“يوليو مختلف”

وعلى خلاف السنوات الماضية ينظر عاملو الإغاثة في شمال غرب سوريا للتصويت المرتقب في مجلس الأمن يوم الخميس بشكل “مختلف”.

في السابق ورغم التهديدات والعراقيل التي وضعتها موسكو أمام قرار تمديد المساعدات عبر الحدود، وخاصة من معبر “باب الهوى”، إلا أنها في الوقت الحالي تسعى لربط الأمر بالضغوط التي تمارس عليها في الملف الأوكراني، وهو ما أشارت إليه تقارير غربية، مؤخرا.

ووافقت روسيا، الأربعاء، بحسب تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” على  تمديد قرار مواصلة تمديد المساعدات الإنسانية عبر تركيا، إلى مناطق شمال غربي سوريا لمدة ستة أشهر.

وكان من المقترح من قبل العديد من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمين العام أنطونيو غوتيريش بالإضافة إلى أكثر من 30 منظمة غير حكومية، أن يجري التمديد لمدة سنة كاملة، عكس ما اقترحته روسيا.

وحسب الوكالة فإن روسيا اقترحت تعديلات على مشروع قرار قدمته أيرلندا والنرويج لتقليص الإطار الزمني، الذي كان من المقترح أن يستمر لمدة عام كامل لتمرير الشحنات.

مدير فريق “منسقو الاستجابة في الشمال السوري”، محمد حلاج تحدث لموقع “الحرة” عن مشروعين ينتظران التصويت في جلسة مجلس الأمن، الخميس، الأول من جانب إيرلندا والنرويج، والثاني “مضاد من جانب موسكو”، وينص على تمديد إدخال المساعدات لمدة ستة أشهر فقط.

ويقول مدير الفريق الإنساني: “مجلس الأمن والأمم المتحدة ليس لديه خطة بديلة اليوم، بينما لا يتم الإفصاح عن الخطوات التي قد تتخذ في حال استخدام الفيتو الروسي”.

ويرى حلاج أن “الحل الوحيد” في حال استخدمت موسكو “الفيتو” هو تشكيل تحالف من المنظمات الإنسانية العالمية، لضمان استمرارية إدخال المساعدات.

لكنه يضيف مستدركا: “مع ذلك فإن هذا المسار خطر، وقد يأخذ وقتا طويلا”.

ووفق ما قاله دبلوماسيون بالمجلس ونقلته “أسوشيتد برس”، فإن المشاورات مستمرة لمعرفة إمكانية التوصل إلى “حل وسط”.

وفي حال التوصل إلى هذا “الحل” سيتم التصويت على مشروع القرار المقدم من إيرلندا والنرويج لتمديد المساعدات عبر الحدود لمدة 12 شهرا.

أما في حال الفشل في الحصول على تسعة أصوات، أو استخدام روسيا حق “النقض” ضد تمديد القرار، سيجري طرح القرار الروسي الذي ينص على تمديد المساعدات لستة أشهر فقط.

وأشارت الوكالة إلى أن روسيا قدمت اقتراحا دعا إلى زيادة الجهود لضمان تسليم المساعدات الإنسانية “الكاملة والآمنة ودون عوائق” عبر خطوط الصراع داخل سوريا، وفقا لمسودة حصلت عليها.

“لا توجد مقارنة”

ولا يمكن مقارنة بين المساعدات التي تدخل شمال غرب سوريا عبر الحدود، بتلك التي دخلت عبر “خطوط الصراع”، من مناطق سيطرة النظام السوري.

ويشرح مدير “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج أن عدد الشاحنات الإغاثية الواردة عبر خطوط التماس منذ يوليو 2021 هو 57 شاحنة، بينما عدد الشاحنات التي عبرت “باب الهوى” فهو 15.704 حتى الآن.

وتشكل نسبة المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس 0.36 بالمئة من إجمالي المساعدات، في حين تبلغ نسبتها عبر الحدود 99.64 بالمئة.

من جانب آخر فإن المساعدات الواردة عبر الخطوط هي غذائية فقط ولا تضم أنواع أخرى، وفق حلاج الذي يشير إلى أن “مساعدات الحدود تمنع روسيا من التحكم بالملف الإنساني السوري ، وتحويله إلى قضية سياسية يتم التفاوض عليها”.

كما أنها “تمنع من تحكم النظام السوري بالمساعدات الإنسانية وطرق إيصالها إلى المنطقة”، بحسب قوله.

“حالة طوارئ في الشرق”

في غضون ذلك وإلى الشرق من معبر “باب الهوى” حيث تتجه الأنظار دخلت مناطق الشمال الشرقي من سوريا “حالة طوارئ”، أعلنها “الإدارة الذاتية” الأربعاء، لمواجهة التهديدات التركية بشن عملية عسكرية ضد مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقرطية” (قسد).

وهذه الحالة كانت قد سبقتها بأيام حشود عسكرية أدخلها الجيش التركي وفصائل “الجيش الوطني السوري” إلى جبهاتهما في كل من ريف حلب وريف محافظتي الحسكة والرقة، كمؤشر للبدء بالعملية المحتملة، والتي أشارت وسائل إعلام مقربة من الحكومة إلى أنها ستكون “بعد عيد الأضحى”.

وفي وقت استمر فيه المسؤولون الأتراك بالتأكيد على أن عمليتهم “ستبدأ ذات ليلة” حسب كلمات الرئيس رجب طيب إردوغان شهدت المناطق الواقعة ضمن دائرة الاستهداف، خلال الأيام الماضية، سلسلة من التطورات على الأرض.

وفي مقابل حشود الجيش التركي و”الجيش الوطني” نقلت روسيا 600 “مقاتل مظلي” إلى قاعدة مطار القامشلي، بحسب وسائل إعلام، بينما انتشرت قوات النظام السوري في مناطق متفرقة من ريفي الرقة وحلب.

وبموازة ذلك شهدت منبج وعين العرب ومحافظة الحسكة جولات أجراها مسؤولون في التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، حيث التقوا قادة في “قسد”، وفق ما ذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.

عكيد جولي صحفي يقيم في القامشلي وهو مدير منصة مجهر الإعلامية المحلية تحدث عن “تعبئة عامة” على خطوط التماس في ريف عين عيسى والرقة، وكذلك في ريف حلب من جانب “قوات سوريا الديمقراطية”.

واستقدم النظام السوري، صباح الخميس، تعزيزات عسكرية ضخمة إلى خطوط التماس في أرياف هذه المدن، وتضمنت دبابات ومدافع، وفق الصحفي السوري.

ورغم ما يحصل على الأرض، إلا أن جولي يستبعد “إقدام تركيا على أي عمل عسكري ضد المنطقة، على الأقل في الفترة الحالية”.

ويشير إلى أن زيارة السيناتور الأمريكي، ليندسي غراهام إلى تركيا، قبل أيام ومن ثم إلى شمال وشرق سوريا واجتماعه مع “قسد” “يوحي بوجود محاولات جدّية لتقريب وجهات النظر بين الحليف التركي والشريك قوات سوريا الديمقراطية”.

ويتابع الصحفي: “بالعموم ثمة حالة خوف وقلق بين سكان المنطقة، وازدادت مع إعلان الإدارة حالة طوارئ”، وأنه “من المفترض تشكيل إدارة خلية الأزمة لوضع خطط طارئة من جانب الإدارة الذاتية”.

 

 

المصدر: الحرة