المرصد السوري لحقوق الإنسان: عودة داعش كابوس جديد يهدد المنطقة… ما علاقته بزلزال تركيا وسوريا؟

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنه تلقى معلومات تفيد بإقدام داعش على قتل بعض ممن اختُطفوا شرقي تدمر بريف حمص الشرقي، حينما كانوا يجمعون الكمأة، شرقي مدينة تدمر

16

 

رغم هزيمته عام 2019 على يد التحالف الدولي، فإن تنظيم داعش الإرهابي ما زال يسعى إلى العودة لما يعرف بـ«عصره الذهبي»، في العراق وسوريا، أملًا بأن يؤسس من جديد دويلته المزعومة.

ذلك الحُلم الذي لم يغب يومًا عن خيال وأحلام قادة «داعش»، دفع كوادر التنظيم إلى استغلال دول في القارة السمراء، كمعسكرات تدريبية، ونقطة لتجنيد واستقطاب جدد، جنبًا إلى جنب مع مساعيه التي لم تتوقف في الدولتين اللتين دُحر منهما، أملًا بأن تحين اللحظة المناسبة.

ومع يقظة بعض الدول، مثل مصر وليبيا عبر جيشها الوطني، التي شددت من قبضتها الأمنية على المناطق التي كان يتمركز فيها «داعش»، بات حلم التنظيم الإرهابي باستعادة «مجده» المزعوم مؤجلًا إلى حين.

إلا أن ذلك الوقت يبدو أنه قد حان، خاصة مع الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 فبراير الجاري، وتسبب في رخوة أمنية في تلك المنطقة الشاسعة التي وقع فيها، ما أطلق تحذيرات وأثار مخاوف من إمكانية عودة «داعش»، خاصة مع عمليات الترحيل التي تعمل عليها أنقرة للمتضررين من الزلزال، ما قد يؤدي لانغماس بعض «الذئاب المنفردة» بينهم، ليجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها على أبواب القارة العجوز.

 

حقائق على الأرض

تلك التحذيرات لم تكن عديمة الصلة بالواقع، بل هناك حقائق كانت تؤكدها على الأرض، ممثلة في فرار 20 «داعشيًا» من «السجن الأسود» سيئ السمعة في بلدة راجو السورية على الحدود مع تركيا.

جاءت عملية الفرار بعد أن نفذ نزلاء السجن التابع للشرطة العسكرية في بلدة راجو قرب الحدود التركية، عصيانًا في أعقاب الزلزال المدمر، ما أسفر عن فرار 20 منهم على الأقل من المنشأة التي تضم نحو ألفي سجين، معظمهم (1300) في تنظيم داعش الإرهابي، بحسب وسائل إعلام محلية.

إلا أن حالة الفرار تلك لم تكن تغرد منفردة، بل تناغمت مع بيان للمرصد السوري لحقوق الإنسان، اطلعت «السياق» على نسخة منه، أكد فيه قتل 11 بينهم امرأة وأحد قوات النظام على يد «داعش»، بعد اختطاف 75 من عمال جمع الكمأة في منطقة تدمر شرقي حمص، بينما لا يزال مصير 64 مجهولًا حتى اللحظة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنه تلقى معلومات تفيد بإقدام «داعش» على قتل بعض ممن اختُطفوا شرقي تدمر بريف حمص الشرقي، حينما كانوا يجمعون الكمأة، شرقي مدينة تدمر.

ووفقاً لمعلومات المرصد السوري، فإن المختطفين عمال يجمعون الكمأة لبيعها، مشيرًا إلى أنهم اختُطفوا مع الآليات التي كانت بحوزتهم، في ظل استغلال خلايا التنظيم انشغال المجتمع الدولي والعالم بكارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا.

 

موجة إرهاب جديدة

إلى ذلك، حذرت صحيفة إكسبريس البريطانية، من إمكانية استغلال «داعش» الفوضى للعودة، مشيرة إلى أنها تحدثت إلى بعض الخبراء الذين حذروا من موجة جديدة من الإرهاب في المنطقة.

وأكدت الصحيفة البريطانية، أنه بينما حطم التحالف الدولي «داعش» الذي سيطر في ذروة قوته على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، إلا أن الوضع في كردستان -المنطقة التاريخية التي تمتد عبر أجزاء من تركيا والعراق وإيران وسوريا- يمكن أن يضع الأساس لعودة التنظيم الإرهابي.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن جوني يلدز، الباحثة التي تركز على كردستان وسوريا وتركيا، قولها إن الوضع المتقلب يترك الباب مفتوحًا لعودة داعش، مضيفة: «إذا كان هناك فراغ سياسي في دولة ذات أغلبية مسلمة، من الممكن العودة. إذا أزيلت الإدارات التي يقودها الأكراد والقوات العسكرية من المعادلة، لن تزداد عمليات داعش في سوريا فحسب، بل ستزداد في العالم».

وحذر الدكتور هامون كلغات دوست، أستاذ العلوم السياسية بجامعة لينكولن، من أن الزلزال سيسمح بعودة داعش، قائلًا: «ينصب تركيز تركيا وحلفائها على كيفية الرد على الزلزال المدمر وعواقبه».

وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة لينكولن، في تصريحات لـ«إكسبريس»: «أي حدث، بما في ذلك الكوارث الطبيعية، يمكن أن يحول انتباه أي دولة إلى موضوع آخر غير تأمين حدودها، ما يعد موضع ترحيب كبير من المنظمات المتطرفة مثل داعش».

 

استعادة قوة داعش

في غضون ذلك، اتفق الدكتور بامو نوري، الخبير في شؤون كردستان والولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على أن الأعمال العسكرية التركية يمكن أن تؤدي إلى استعادة داعش قوتها، مضيفًا: «إحياء داعش سيأتي نتيجة فراغ كردي(…) لقد كانوا وما زالوا (الأكراد) في طليعة القتال ضد داعش».

في السياق نفسه، قال الباحث في العلوم السياسية مصطفى صلاح، إن الأزمات سواء بفعل البشر أم الطبيعة، حافز مهم لتشكيل بؤر الصراعات التي تمثل مجالًا حيويًا لنشاط إرهابي أو إعادة الوجود في هذه المناطق.

وأوضح الباحث بالعلوم السياسية، في تصريحات لـ«السياق»، أن أحداث سوريا قد يكون لها أثر كبير في توجيه الاهتمام نحو مواجهة الآثار الجانبية للزلزال، وإهمال الأخطار الناجمة عن هروب إرهابيين من السجون السورية.

من جانبه، قال المحلل السياسي والباحث الأردني المختص بالشأن السوري صلاح ملكاوي، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم داعش، يستغل الفوضى أو أي أحداث تؤثر في أمن واستقرار المنطقة، لتنفيذ عمليات هروب ضمن استراتيجية «هدم الأسوار»، التي ينفذ من خلالها عمليات ضد أهداف «معادية لهم».

 

استراتيجية الاستنزاف

وأوضح المحلل السياسي، أن عمليات «داعش» ما زالت مستمرة شمالي شرق وشرقي سوريا وفي عمق البادية السورية، مشيرًا إلى أن التنظيم الإرهابي ينفذ بشكل متدرج «استراتيجية الاستنزاف»، التي تتضمن عدم وجوده في موقع ثابت.

من جهة أخرى، كشف الباحث في الشؤون الإقليمية إبراهيم عرفات، عن مخاوف من إمكانية تسلل «الذئاب المنفردة» إلى العمق التركي ومنها إلى أوروبا، خاصة مع توجه الحكومة التركية لنقل المتضررين من الأماكن المنكوبة إلى داخل البلاد.

 

أبواب أوروبا

وأوضح إبراهيم عرفات، في تصريحات لـ«السياق»، أن خطورة الوضع الراهن، حالة التأكد من هروب مقاتلي داعش، تتجسد في إمكانية اختراق عدد منهم لأوروبا عبر تركيا، خاصة مع انهيار الجانب الأمني على الحدود بين سوريا وتركيا، جراء هذا الزلزال المدمر.

وأشار الباحث في الشؤون الإقليمية، إلى أنه حال الفوضى تصعب السيطرة الأمنية، خاصة أن التركيز يكون منصبًا على التعامل مع الأزمة الإنسانية وجهود الإغاثة، سواء من خلال إنقاذ من يقبعون تحت الأنقاض، أم إسعاف وعلاج المصابين، ودفن الموتى ورفع الأنقاض لمنع انتشار الأمراض.

وحذر إبراهيم عرفات، من السماح لـ«داعش» بالحصول عبر ذئابه المنفردة على جزء من المساعدات، سواء الغذائية أم الطبية، التي تعد موارد لوجستية مهمة تساعده في الاستمرار ومواجهة عمليات التضييق الأمنية المختلفة، خاصة أن للتنظيم الإرهابي سابقة في نهب وسرقة المساعدات الإغاثية التي خصصت للمدنيين.

وختم الباحث في الشؤون الإقليمية تصريحاته بأن التحدي الأكبر يكمن في مرحلة ما بعد الإغاثة، إذ إن ترك المناطق المنكوبة من دون إعادة بناء، يوفر بيئة خصبة لتجنيد جدد في داعش، من منطلق مادي وليس عقائديًا، بحثًا عن المال والطعام والمأوى، كما حدث في عديد من المناطق بـ«الخلافة المكانية» للتنظيم في سوريا والعراق، ويطبق الآن في إفريقيا.

 

المصدر: السياق