المرصد السوري لحقوق الإنسان: قمع الأمن السوري لاحتجاجات السويداء سياسة أمنية متجذرة

19

أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء أحداث العنف التي اندلعت خلال تظاهرات شارك فيها المئات بمدينة السويداء جنوب شرقي سوريا احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي له اليوم الثلاثاء، أرسل نسخة منه لـ “عربي21″، إنّه وثّق إطلاق الأمن السوري الرصاص الحي على محتجين في محيط مبنى محافظة السويداء يوم الأحد 4 ديسمبر/ كانون أول، ما أسفر عن مقتل الشاب “مراد المتني” وإصابة عدد من المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بوقف تدهور الأوضاع المعيشية، ومعالجة التجاوزات الأمنية، وهتف بعضهم بإسقاط النظام.

وأشار إلى أنّ مئات السوريين تظاهروا سلميًا في مدينة السويداء الأحد المنصرم، ثم تطورت الأمور إلى اقتحام أعداد منهم مبنى المحافظة وإضرام النار في جزء منه وإتلاف محتوياته، وإحراق سيارة تابعة للأمن في محيط المبنى. وفي غضون ذلك، أطلقت قوات الأمن النار بشكل عشوائي ومباشر على المحتجين، وفرّقت ولاحقت جميع مظاهر الاحتجاج.

وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّه وثّق كذلك حمل بعض المحتجين أسلحة آلية، فيما أعلنت وزارة الداخلية السورية في بيان رسمي مقتل الشرطي “محمود السلماوي” برصاص “خارجين عن القانون” أثناء محاولتهم اقتحام مبنى قيادة الشرطة في مدينة السويداء.

وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ استخدام الأمن السوري للقوة المفرطة في قمع الاحتجاجات، ولا سيما الرصاص الحي، لا يمكن تبريره باستخدام بعض المتظاهرين للعنف، إذ ينتهج الأمن والجيش السوريان والميليشيات المتحالفة معهما أساليب وحشية لقمع الاحتجاجات الشعبية منذ انطلاقها في مارس/ آذار 2011، وسقط إثر ذلك آلاف القتلى والجرحى من المتظاهرين السلميين العزّل.

ونبّه إلى أنّ الحكومة السورية والأجهزة التابعة لها تتبع سياسة تشويه وتخوين جميع أشكال الاحتجاج والتعبير عن الرأي لشرعنة وتسهيل عمليات القمع العنيفة، إذ عمد الإعلام الرسمي والنشطاء الموالون للحكومة السورية إلى وصف المتظاهرين بـ”الخارجين عن القانون” و”الخونة”، وركّزوا على إبراز أعمال التخريب التي قام بها بعض المحتجين للتحريض على التعامل العنيف معهم، وتجاهلوا المطالب الأساسية للاحتجاجات.

ولفت إلى أن السكان في محافظة السويداء يعانون من أزمات كبيرة ومتفاقمة منذ عدة أشهر، بما فيها قطع الدعم الحكومي عن مئات الآلاف منهم، إذ بات 90٪ من السكّان تحت خط الفقر، وأصبحوا يعانون بشكل دائم من انقطاع شبه كلي للمحروقات والكهرباء، وخاصة مع الأجواء الباردة في فصل الشتاء.

وأشار إلى أنّ المحافظة تعاني من نزاعات مسلحة متكررة بين مجموعات مسلحة غير رسمية مرتبطة بقوى الأمن، فضلاً عن ممارسة هذه المجموعات مضايقات مختلفة للسكان، وتنفيذ مهام تعسفية وغير قانونية لمصلحة أجهزة الأمن ومتنفذين فيها، ما أسهم في مضاعفة معاناة السكان وفرض أجواء من الخوف والترهيب في المحافظة.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ التجمع السلمي حق مشروع ومكفول بموجب المواثيق الدولية ذات العلاقة، إذ يجب على الحكومة السورية احترام هذا الحق وضمان ممارسة الأفراد له بحرية ودون مضايقة أو استهداف، مطالبًا في الوقت نفسه المتظاهرين بالالتزام التام بأدوات الاحتجاج السلمي، وتجنب استخدام أي أساليب عنيفة.

وطالب المرصد الأورومتوسطي الحكومة السورية بفتح تحقيق جاد ومستقل في حوادث العنف التي رافقت التظاهرات، وتحديد جميع المسؤولين عن عمليات إطلاق النار ومحاسبتهم على نحو عادل، والعمل على ضمان عدم تكرار تلك الأحداث.

ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة السورية إلى العمل فورًا على إيجاد معالجات للأزمات المتفاقمة التي يعاني منها السوريون، ووقف تجاوزات قوى الأمن والمجموعة المسلحة المرتبطة بها بحق السكان، والإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية ممارستهم لحقوقهم المشروعة في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي.

وشهدت مدينة السويداء، جنوبي سوريا، أول أمس الأحد، احتجاجات شعبية بسبب تردي الوضع المعيشي، تخللتها صدامات مع قوات الأمن التابعة للنظام السوري أسفرت عن سقوط قتيل على الأقل وعدد من الجرحى بين المحتجين.

 وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” قد أكدتا في بيان مشترك لهما الأسبوع الماضي، أنَّ على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إنشاء هيئة دولية مستقلة لتتبّع وتحديد هوية المفقودين والمخفيين قسرًا منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011.

ومنذ عام 2011، تشهد سوريا حربا أهلية بدأت إثر تعامل نظام بشار الأسد بقوة مع ثورة شعبية خرجت ضده في 15 مارس من العام ذاته، ما دفع ملايين الأشخاص للنزوح واللجوء إلى الدول المجاورة.

 

 

 

 

المصدر: عربي21