المرصد السوري لحقوق الإنسان: ميليشيا التهريب على حدود الأردن.. 4 مستويات من التهديد والتدخل “المباشر” أحد الحلول

26

مع انحسار الوجود العسكري الروسي وانتشار الميليشيات الإيرانية، في المناطق السورية المحاذية للأردن، تزايدت عمليات تهريب المخدرات والإسلحة، إلى المملكة وعبرها، في الآونة الأخيرة.

وبحسب تقرير نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان، الثلاثاء، ارتفع مستوى التهديدات الأمنية على حدود الأردن مع انتشار مجموعات وميليشيات متخصصة بعمليات التهريب، تحصل على دعم لوجستي من “حزب الله” وأجهزة تابعة للنظام السوري.

ويقترح خبراء في الشؤون العسكرية والأمنية، تحدثوا لموقع “الحرة”، على السلطات الأردنية “تغيير قواعد الاشتباك”، إلى جانب تأمين “تحرك دولي”، مع إبقاء اللجوء إلى العمل العسكري المباشر، لـ”ردع” التهديدات في مهدها.

وكان العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني قد حذر، في 19 مايو، من الفراغ الذي ستتركه روسيا في سوريا، والذي ستملؤه إيران ووكلاؤها، ما قد “يؤدي إلى مشاكل على طول الحدود الأردنية”.

وأوضح في مقابلة مع برنامج “باتل غراوندز” العسكري التابع لمعهد هوفر في جامعة ستانفورد أن “الوجود الروسي في جنوب سوريا كان “مصدرا للتهدئة”، ولكن مع انشغال موسكو في أوكرانيا، فإن الأردن يتوقع “تصعيدا في المشاكل على الحدود”.

أربعة مستويات من التهديد

الخبير الأردني في الشؤون الإستراتيجية العسكرية، فايز الدويري، يؤكد أن الوجود الإيراني في مناطق قريبة من الحدود الأردنية ليس بجديد، وأن الحضور الروسي في هذه المناطق كان محدودا.

ووضع الدويري، في رد على استفسارات موقع “الحرة” التهديدات الإيرانية ضمن أربعة مستويات. يتجسد الأول بالخطر المباشر لإمكانية تسلل جماعات إرهابية داخل الأراضي الأردنية. والثاني، بتعاون الميليشيات وشبكات التهريب والقوات التابعة للنظام السوري وتقديم التسهيلات والمعلومات الاستخبارية وحتى تقديم الحماية المسلحة. وثالثا، تحريك خلايا نائمة داخل الأراضي الأردنية. ورابعا، تحريك ما يعرف باسم “الذئاب المنفردة” وهم من يتعاطفون مع الميليشيات الإيرانية ويدعمون أفكارهم.

وأشار الدويري إلى أن الأردن الآن في مواجهة مع التهديدات من المستوى الثاني، إذ هناك تعاون ما بين الميليشيات وجماعات التهريب والجيش السوري بهدف تسهيل تهريب وتجارة المخدرات العابرة للحدود.

وأعلنت المنطقة العسكرية الشمالية الأردنية إحباط تسلل وتهريب كمية من الأسلحة والذخيرة الثلاثاء الماضي.

 

ويوضح الخبير العسكري الأردني، مأمون أبو نوار أن “نظام بشار الأسد في سوريا لا يحكم، حيث هناك مناطق نفوذ موزعة بين عدة قوى أبرزها روسيا وإيران”، الأمر الذي يفرض تهديدات أمنية على الأردن وسط مخاوف من “نقل الفوضى وانتعاش تجارة المخدرات والسلاح”.

وأكد أبو نوار في حديث لموقع “الحرة” أن المناطق الحدودية مع سوريا “كانت أكثر أمنا قبل أن تعود سيطرة النظام عليها، إذ كانت هناك، حينها، تفاهمات مع العشائر والقوات الروسية”.

ويلفت أبو نوار إلى أن الأردن لم يطالب “بمنطقة آمنة أو عازلة” ضمن المناطق الحدودية مع سوريا، ولكنه يواجه أزمة الآن بعدما عادت سيطرة النظام، إذ بدأ يزداد نشاط الميليشيات الإيرانية وارتفعت وتيرة عمليات تهريب المخدرات والأسلحة، والتي يستخدمون فيها تقنيات مختلفة.

وقالت السلطات العسكرية الأردنية، في فبراير الماضي، إنها رصدت 160 شبكة تهريب مخدرات تعمل في سوريا، وتحاول تهريب المخدرات إلى الأرضي الأردنية والدول المجاورة.

الخبير الأمني، بشير الدعجة كشف في حديثه لموقع “الحرة” أن شبكات التهريب التي تعمل مع الميليشيات الإيرانية تستهدف إيصال منتجاتها من “المخدرات الصناعية إلى دول الخليج”.

وحذر من أن “شبكات التهريب” التي تتعامل معها قوات حرس الحدود ليست “شبكات تهريب تقليدية”، فهي مسلحة ومدربة، ولديها نوع “من الاحترافية العسكرية” في عمليات الاشباك، الأمر الذي يعني أنها جزء من الميليشيات المسلحة المتمركزة قرب الحدود الأردنية.

حالة حرب

المحلل السياسي، عامر السبايلة قال لموقع “الحرة” إن “الأردن يعتبر نفسه في حالة حرب مباشرة مع الميليشيات الإيرانية التي تحاول استهداف الداخل الأردني”.

وأكد أن المملكة “لا تريد تحويل حدودها إلى نقطة عبور للمخدرات والأسلحة ونشر الفوضى التي ترتب لها الميليشيات المسلحة، إذ يجد الأردن نفسه أمام مهمة صعبة جدا لاستهداف منابع المخدرات في الداخل السوري”.

سيناريوهات التعامل مع الأزمة

ويقول الخبير الدويري إن الأردن “عدل خلال الأشهر الماضية من قواعد الاشتباك على الحدود السورية، حيث زاد من وجود حرس الحدود، وتم إضافة وتفعيل العديد من أنظمة التتبع والرصد التكنولوجية”.

وسمح الجيش الأردني، أيضا، باستخدام “النيران لضرب أهداف ضمن حدود 4-5 كيلومترات داخل العمق السوري”.

ودعا الدويري إلى تعديل قواعد الاشتباك مرة أخرى من أجل السماح بدخول قوات عسكرية أرضية داخل العمق السوري لضرب شبكات التهريب قبل اقترابها من الحدود الأردنية”.

وأكد أن الأردن في وضع حساس جدا فيما يتعلق بالحدود والتعامل مع الميليشيات الإيرانية، خاصة مع وجود 350 كلم من الحدود مع سوريا، و110 كلم من الحدود مع العراق، ناهيك عن “تواطؤ الجيش السوري مع شبكات التهريب”.

إضافة إلى تغيير قواعد الاشتباك والدخول في عمق الأراضي السورية لضرب شبكات التهريب، يرى أبو نوار أن الأردن يحتاج إلى حشد “جهود دولية” من أجل مواجهة الأخطار على الحدود مع سوريا، خاصة وأن التهريب للمخدرات لا يستهدف السوق الأردنية، إنما يستهدف الوصول للأسواق الدولية أكانت العربية أم الأوروبية.

وشدد أبو نوار على ضرورة “استهداف مصانع المخدرات وشبكات التهريب داخل الأراضي السورية، وهو ما يتطلب تنسيق جهود دولية استخباراتية للرصد، إضافة إلى تنسيق السماح بضربات استباقية” وهو ما يعني الحاجة إلى التنسيق لـ”الردع المانع” مع القوى الفاعلة في المنطقة بما يشمل نظام الأسد، وروسيا وحتى الولايات المتحدة.

ويقترح المحلل السياسي، عامر سبايلة أن يتحرك الأردن ضمن خطة من ثلاثة محاور. سياسيا، بتحديد شكل علاقته مع سوريا وإيران. وعسكريا بتجفيف منابع التهديدات ومنع تصديرها للمملكة. واستخباراتيا لضمان استمرار تدفق المعلومات ومواجهة الأخطار والتهديدات أولا بأول.

ويرجح الخبير الأمني، بشير الدعجة أن يكون الملك عبدالله قد بحث خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، التهديدات الأمنية المتزايدة على الحدود الأردنية بسبب الميليشيات الإيرانية، لكن الدعجة استبعد توفر دعم دولي في هذه المرحلة.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد وجه اتهامات لحزب الله اللبناني، وشخصيات مرتبطة بالنظام السوري، بتسهيل عمليات تهريب المخدرات والسلاح، إلى الأردن.

وبحسب تحقيق موسع نشره المرصد في فبراير الماضي فإن عمليات تهريب المخدرات وقطع السلاح وتهريب البشر باتجاه الأردن بدأت تتصاعد وتيرتها بعد أن سيطرت قوات النظام والميليشيات الموالية لها على الحدود الأردنية – السورية، قبل بضع سنوات، ولاسيما بادية السويداء ذات الطبيعة الجبلية الوعرة.

وعن مصدر الشحنات ووجهتها، يذكر المرصد أن “الهدف من تهريب المخدرات إلى الأردن هو إيصالها إلى الجزيرة العربية”، كاشفا أن الجهة المتورطة هي مجموعات مسلحة تتبع لميليشيا حزب الله اللبناني”.

ولفت إلى أن الشحنات تنطلق من منطقة بعلبك في لبنان، إلى جرود القلمون ثم إلى محافظة السويداء في الجنوب السوري، وكل ذلك يتم بحماية مجموعات مسلحة موالية للنظام ومحسوبة على حزب الله.

وتؤكد السلطات الأردنية أن 85 في المئة من المخدرات التي تضبط معدة للتهريب إلى خارج الأردن، خصوصا جنوبا إلى السعودية ودول الخليج.

المصدر: الحرة