المرصد السوري لحقوق الإنسان: هجمات “داعش” وتهديدات أردوغان… خاصرة الأكراد الرخوة

التنظيم يستغل المعارك مع تركيا لإطلاق سراح معتقليه وسط محاولات لكبح عمليات أنقرة

23

لم تصمد كثيراً الأجواء الباردة في العاصمة الروسية موسكو أمام سخونة لقاء استثنائي طال انتظاره بين وزيري الدفاع السوري والتركي على طاولة واحدة، لقاء يأتي بعد غياب 11 عاماً جعلت لغة البارود بين البلدين السائدة بالمطلق.

طاولة الحوار الروسية ضمت وزراء الدول الثلاث، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن اجتماع للتباحث في سبل حل الأزمة السورية، ومشكلة اللاجئين وغيرها من القضايا العالقة بحضور مديري الاستخبارات العامة في كلا البلدين.

وإن كانت أنظار الكرد السوريين تتجه إلى ما ستفضي إليه نتائج مباحثات لم تكن مفاجئة بالقدر الكافي بعد الحديث عن تقارب سوري تركي يكسر جليد العلاقات وترتفع درجة التوقعات إلى نسبة مئوية تذيب جليداً متراكماً وتصل إلى قمة رئاسية، إلا أن الكرد اليوم ليس أمام تعثر وصولهم إلى دمشق سوى قواعد التحالف الدولي الحليف للإدارة الذاتية الأقرب، على رغم مخاوف من الخذلان مع اندلاع الحرب.

الظهر المكشوف

وعلى رغم الدعم المطلق الذي تتلقاه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من قبل الولايات المتحدة الأميركية، والتحالف الدولي شمال شرقي سوريا لمحاربة تنظيم “داعش” وحالياً الصمود في وجه التحدي الجديد المتمثل بالعملية العسكرية التركية، إلا أن ظهر المقاتلين من الفصائل الكردية مكشوف بما فيه الكفاية، ومن المتوقع أن تحتدم معارك داخلية شرسة مع اندلاع شرارة الهجوم المرتقب.

في غضون ذلك، تكثف فلول تنظيم “دعش” من هجماتها الآخذة بالاتساع مع التركيز على مواقع حساسة كان آخرها مصرع ستة عناصر من قوات الأمن الكردية بهجوم على أحد مراكزهم في محافظة الرقة، شرق البلاد يوم الإثنين 26 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

الاختباء والتمويه

وتشير المعلومات الأولية إلى إصرار مجموعات التنظيم بزج كل قدراتها العسكرية للوصول إلى المعتقلين وتحريرهم.

ويرى مراقبون للمشهد أن عناصر “داعش” تعتمد على عمليات “الكر والفر” ومبدأ حرب العصابات، مستغلين حيناً حالة الطقس من ضباب للتسلل والهجوم على مراكز قوات قسد، وفي أحيان يرتدون زياً مدنياً، أو الزي العسكري الخاص بالعناصر الكردية المقاتلة لمباغتة أفراد الحراسة.

وترجح أوساط من الميدان إصرار أفراد التنظيم على الهجوم على السجون والمعتقلات لفك أسر آلاف العناصر والقياديين، مستفيدين من تلويح أنقرة بالعملية العسكرية المزمع إطلاقها لتأمين منطقة عازلة على امتداد 30 كيلومتراً.

من جانبه، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان 204 عمليات قامت بها مجموعات مسلحة وخلايا تنظيم “داعش” ضمن مناطق نفوذ الإدارة الذاتية منذ مطلع العام الحالي 2022.

وقال إن العمليات تمت عبر هجمات مسلحة واستهداف وتفجيرات أسفرت عن مصرع 148، منهم 54 مدنياً و93 من قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي وتشكيلات عسكرية أخرى عاملة في المنطقة ذاتها، إضافة إلى قيادي من التنظيم.

وأشار المرصد السوري إلى كون هذه الحصيلة لا تشمل عملية سجن غويران في الحسكة، التي خلفت خسائر فادحة.

طبول الحرب

وفي وقت تتعالى الأصوات عن انتهاء التحضيرات البرية للهجوم التركي بعد قصف جوي مكثف على مواقع تتبع لنفوذ الإدارة الذاتية، ترى الحكومة التركية أنها تواجه خطراً محدقاً على امتداد حدودها الجنوبية، ولطالما عدت حزب العمال الكردستاني حزباً إرهابياً منذ عقود، علاوة على نعت الأحزاب والمقاتلين الكرد بالإرهاب في كل بياناتها المعلنة.

في المقابل، يرى مسؤول العلاقات الخارجية في شبكة راصد الحقوقي الباحث في الشؤون الكردية جوان اليوسف، أن تركيا من أكثر الدول التي استفادت وتستفيد من “داعش”، وتستند في كل تحركاتها إلى التنظيمات المتشددة، بحسب قوله.

ويصل إلى نتيجة عدم حصول أية مواجهات حقيقية بينها وبين أي تنظيم متشدد “من نافل القول جعل تركيا طرفاً في محاربة الإرهاب، حتى وإن كانت موجودة في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب هو وجود شكلي لا معنى له”.

كما يعتقد اليوسف، في حديثه لـ”اندبندنت عربية”، أن الجزء المهم من السياسة التركية الانتقال من صفر المشكلات إلى تصدير المشكلات بمعنى “مشكلاتها الداخلية إلى الخارج، ومن المعروف كون الساحة السورية أضعف الساحات، والأسهل لعوامل مختلفة جغرافياً وأيديولوجياً وسياسياً واقتصادياً، لكن بالعام تركيا تفقد أوراقها بشكل مطرد وتخسر حظوظها في سوريا، وإن كانت لا تزال تحتل مساحة واسعة منها”.

ضرب البنى التحتية

مقابل ذلك، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أعقاب اجتماع الحكومة برئاسته، الثلاثاء 27 ديسمبر (كانون الأول) عن اتخاذ خطوات جديدة لسد ثغرات الحزام الأمني بعمق 30 كيلومتراً شمال سوريا، وذلك بالانتقال إلى مرحلة مكافحة جديدة بتدمير البنى التحتية والموارد التي يستمد منها حزب العمال الكردستاني ووحدات الحماية الكردية الدعم والقوة والقدرات العسكرية حسب تصريحاته.

من ناحية أخرى، يحارب المقاتلون الكرد على كل الجبهات الداخلية والخارجية، فهم يسدون الثغور مع حدود مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” والحدود الشمالية مع الجارة التركية، وخاصرتهم تتعرض لضربات متلاحقة من قبل “داعش”، كان آخرها خمس عمليات متلاحقة خلال 72 ساعة لن يهدأ معها قادة التنظيم من الهجوم على السجون والمعتقلات إلا ويفكون أسر الآلاف من أفراد التنظيم، ويمثلون إلى اليوم قنابل موقوتة.

وإن أعلنت قوات سوريا الديمقراطية تخليها عن محاربة “داعش” وتعليق عملياتها قبل شهر بسبب انشغالها بالتوغل التركي المقبل، إلا أن الأمور عادت بعد عمليات انتحارية لم تتوقف على الدوام من قبل التنظيم المتشدد، ولهذا أجرت قوات التحالف الدولي أخيراً بالتعاون مع “قسد” تدريبات عسكرية بالأسلحة الثقيلة في محيط حقل كونيكو للغاز، وسط تحليق الطيران المروحي والمسير بهدف رفع الجاهزية واكتساب الخبرة المطلوبة في حرب تتشعب مواجهته مع تنظيم يعيد إحياء نفسه من جديد ويتربص إطلاق رصاصة بدء الحرب من الجانب التركي للإغارة على المعتقلات وإفلات آلاف المعتقلين.

 

 

المصدر:  اندبندنت عربية