المرصد السوري لحقوق الإنسان: هل سيتم الإفراج عن دفعة جديدة من المعتقلين؟

40

 

أفرجت السلطات السورية، منذ الأحد، عن أكثر من 60 معتقلا من سجونها، ضمن عفو عام رئاسي جديد، يُعدّ الأشمل في ما يسمى جرائم “الإرهاب” منذ بدء النزاع في البلاد، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتجمع مئات الأهالي في دمشق في انتظار وصول المعتقلين أملاً منهم بأن يجدوا بينهم أبناءهم، أو يحصلون على أي خبر أو معلومة عنهم، في مشاهد انتشرت صور ومقاطع فيديو منها على وسائل التواصل الاجتماعي وأثارت غضب وحزن كثير من روادها.

وقال المرصد السوري إن أجهزة النظام السوري الأمنية أطلقت سراح دفعة جديدة من المعتقلين في سجن صيدنايا بناء على العفو الأخير الذي أصدره الرئيس بشار الأسد عقب الكشف عن مجزرة “حي التضامن”.

وجدير بالذكر أن الرئيس السوري أصدر مراسيم عفو سابقة تضمنت استثناءات كثيرة، وكان آخرها في مايو الماضي قبل أسابيع من إعادة انتخابه رئيساً للمرة الرابعة.

ويقضي المرسوم الجديد “بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين” قبل 30 أبريل / نيسان 2022، “عدا التي أفضت إلى موت إنسان والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب”.

تلميع صورة الرئيس

استنكر نشطاء وحقوقيون على منصات التواصل الاجتماعي قرار الرئيس السوري الإفراج عن المعتقلين بالتزامن مع الجدل الدائر حول الفيديو الذي كشفت عنه مؤخرا صحيفة الغارديان البريطانية لمجزرة حي التضامن، معتبرين أن الهدف من هذا القرار هو تلميع صورة بشار الأسد التي لطالما ارتبطت بانتهاكات حقوق الإنسان.

فيما حذر آخرون من أن يكون الهدف من إصدار هذا المرسوم الرئاسي هو “الإيقاع بالمعارضين السوريين، واستدراجهم للعودة للبلاد” على حد تعبيرهم.

وكتب الشاعر والكاتب السوري ماهر شرف الدين في تغريدة عبر حسابه على تويتر أن هدف الأسد هو “تنفيس الاحتقان” الذي تسبب به فيديو مجرزة التضامن.

ونشر الصحفي السوري قتيبة ياسين صورة لأهالي المعتقلين ينتظرون من ساعات الفجر الأولى وصول دفعات المفرج عنهم في محافظة دمشق، معلقا “إنها سوريا السجن الكبير”.

وأشار محمد الشيخ في تغريدة إلى أن الرئيس السوري يرغب في “تبييض صفحته في المحافل الدولية” بعد تسريب فيديو المجزرة الذي أظهر أساليب التابعين للنظام في التعذيب والقتل.

قرار غامض ومستفز

نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” عن معاون وزير العدل القاضي نزار صدقني، أن المرسوم “جاء مخصصاً لجرائم محددة بموضوعها وهي الجرائم الإرهابية، وشمل جرائم مختلفة منها العمل مع مجموعات إرهابية أو تمويل أو تدريب إرهاب أو تصنيع وسائل إرهاب أو إخلال بالأمن”.

بدوره، انتقد المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محمد العبدالله طريقة الإفراج عن المعتقلين، وكتب على صفحته على فيسبوك “الإفراجات بالسر، بالليل، بالعتمة، تجمع الناس في مراكز إفراج عشوائية”، محذراً من “فتح باب الإشاعات والسمسرة والتلاعب بمشاعر الناس”، فضلا عن “ابتزاز الأهالي وعدم نشر معلومات حول أسماء المفرج عنهم.

كما تتهم منظمات حقوقية، بينها “هيومن رايتس ووتش”، النظام السوري باستغلال قوانين مكافحة الإرهاب “لإدانة ناشطين سلميين”.

يذكر أن اتهامات عدة وجّهت لنظام بشار الأسد بانتهاك حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب في السجون والاغتصاب والاعتداءات الجنسية، فضلا عن الإعدامات خارج إطار القانون.

وخلال سنوات النزاع التي تخطت العشر سنوات، دخل نصف مليون شخص إلى سجون ومراكز اعتقال تابعة للنظام، قضى أكثر من 100 ألف منهم تحت التعذيب أو نتيجة ظروف اعتقال مروعة، وفق المرصد السوري.

مجزرة التضامن في سياق المحاسبة

أثار مقطع فيديو مجزرة حي التضامن موجة من الغضب في سوريا وخارجها، ظهر فيه عنصر من قوات النظام بلباس عسكري يطلب من أشخاص عصبت أعينهم وربطت أيديهم بالركض قبل أن يطلق النار عليهم ليقعوا في حفرة تكومت فيها جثث أخرى. وبعد قتل 41 رجلا، جرى إحراق الجثث في الحفرة.

وكشف مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، عن أبرز ما يميز التحقيق والمتمثل في قدرة الباحثين على التوصل إلى هوية المسؤول الأول عن مجزرة التضامن، أمجد يوسف.

وقال عبد الغني إنه “كان هناك اجتماع مع المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب‎‎‎‎‎‎، وتحدثت عن التحقيق والتسجيل المصوّر، ضمن سياق ضرورة توصيف الأفعال التي تقوم بها الأنظمة المتوحشة مثل النظام السوري بأنها أفعال إرهابية، إذا لم يكن ما قام به أمجد وعصابته أعمالًا إرهابية برعاية وحصانة تامة من بشار الأسد، فما هو الإرهاب!”.

من جانبه، أوضح مدير المركز السوري للعدالة والمساءلة، محمد العبد الله، أنه من الممكن استخراج مذكرة توقيف دولية، “لكن هذا لا يعني تسليم أمجد يوسف وجلبه للعدالة ومحاكمته، ومعرفة تفاصيل هذه المجزرة وهويات الضحايا، والدافع خلفها، والأشخاص الذين أمروا بها، فهذه المعلومات لا يمكن الوصول إليها”.

ووفق مبدأ الاختصاص العالمي لحقوق الإنسان، لا تسمح التشريعات الوطنية أو القوانين في الدول الأوروبية بالمحاكمات الغيابية. وبالتالي، لا يمكن محاكمة أمجد يوسف “غيابيا” على الأراضي الأوروبية.

 

 

 

المصدر: سوشال