المرصد السوري لحقوق الانسان: “السمسرة” مصدر تمويل يشرف عليه رموز النظام

17

كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير، كيف يتعرض المواطنون السوريون، في المناطق التي يسيطر عليها النظام، للابتزاز المالي مقابل خدمات أساسية يفترض أن تقدمها الدولة مقابل رسوم محددة ومعروفة.

وقال المرصد في تقريره إن النظام السوري حول تقديم خدمات أساسية للسوريين إلى مصدر للتمويل يشرف عليه “سماسرته” متواطئون مع أجهزة الأمن والشخصيات النافذة في النظام.

ويستغل هؤلاء، بحسب المرصد، حاجات المدنيين المتعددة مثل “الخروج من سوريا عبر طرق تهريب رسمية أو “غير شرعية” واستخراج جوازات للسفر أو الكشف عن مصير المعتقلين وغيرها”.

ومع تزايد إقبال المدنيين على الهجرة من مناطق سيطرته بحثا عن حياة أفضل في أوروبا أو دول عربية، بدأ النظام السوري يستثمر ذلك، إذ يقوم “سماسرة” مرتبطون به، باستغلال حاجة المدنيين الراغبين بالهجرة ليسرقوا منهم الأموال بحجة استخراج الجواز للهجرة بشكل رسمي أو تأمين طرق للهجرة بشكل “غير شرعي”، وفق المرصد.

ويشير المرصد إلى أن الهجرة عبر القوارب “تنشط عبر سواحل مدينة طرطوس باتجاه “قبرص” وبتكلفة قد تصل لنحو 2000 دولار أميركي، وبغطاء وتغاض من قبل أجهزة النظام الأمنية التي تحصل على القسم الأكبر من عائدات هذه الرحلات البحرية، فيما “تقوم قوات خفر السواحل القبرصية بإلقاء القبض على كثير من المهاجرين وإعادتهم”.

“أما عن طرق التهريب البرية فتنشط حركة المهربين إلى مناطق الشمال السوري التي تعد الوجهة الأبرز، إضافة لوجهات أخرى مثل دولتي الأردن ولبنان”، بحسب المرصد.

ويشير التحقيق إلى أن “سماسرة ومتنفذين لدى قوات النظام السوري يتعاونون مع المهربين في مناطق الشمال السوري لتأمين طرق تهريب للمدنيين بتكاليف مرتفعة جدا قد تصل لنحو 3500 دولار أميركي، وتختلف ما بين المرأة والطفل والرجل”.

وبحسب المرصد “يكمن دور المتعاونين بتأمين الطريق للمدنيين الهاربين وضمان عدم توقيفهم عبر الحواجز التابعة لقوات النظام والميليشيات المساندة له أثناء رحلة الطرق باتجاه المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في الشمال السوري، وغالبا ما يتم تقاسم تكلفة التهريب بين المهرب والشخص الذي يقوم بتأمين الطريق من جهة مناطق النظام بعد وصول الهاربين إلى مناطق الشمال السوري”.

ويقول المرصد إن البعض ممن يملكون القدرة المالية يفضلون مواصلة طريقهم باتجاه تركيا ومنها إلى دول أخرى مثل دول الاتحاد الأوروبي أو دولة بيلاروسيا أو دول عربية، وذلك بتنسيق مع ذات المهربين في غالب الأحيان.، كما تأتي مصر  وإقليم “كردستان العراق” ضمن الوجهات المفضلة للسوريين الراغبين في الهجرة.

ويقول المرصد إن “سماسرة” يستخرجون تأشيرات لمصر و إقليم “كردستان العراق” للراغبين فيها من مكاتب سياحية عبر جواز السفر السوري بتكلفة تتراوح مابين 700 إلى 1200 دولار أميركي.

وينقل التحقيق أن جواز السفر يخضع أيضا للسمسرة في مناطق سيطرة النظام، إذ أمام بطء دوائر الهجرة والجوازات التابعة للنظام، يلجأ المدنيون “للسماسرة” الذين يأخذون مبالغ كبيرة تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة ملايين ليرة سورية مقابل تسريع استخراج الجوازات خلال فترة قصيرة جدا”، بحسب المرصد.

وبحسب مدير إدارة الهجرة والجوازات التابعة لحكومة النظام اللواء “خالد سليم حديد”، فإن حكومة النظام تفرض رسوما مالية تقدر بنحو 50 ألف ليرة سورية عن الجواز العادي لمن هم داخل سوريا و 75 ألف ليرة سورية عن الجواز المستعجل، بينما تفرض مبلغ 300 دولار أميركي عن الجواز العادي لمن هم خارج سوريا و مبلغ 800 دولار أميركي عن الجواز المستعجل.

وينقل المرصد عن ( س.م)، وهو من منطقة ريف إدلب الجنوبي ويقيم في الشمال السوري، قوله إنه “يعمل في موضوع تسيير أوراق ثبوتية في الشمال السوري ويتعاون معه العديد من السماسرة ضمن مناطق سيطرة قوات النظام والميليشيات المساندة له”.

ويضيف في شهادته للمرصد أن “السمسارة” يعملون على تسريع استخراج الأوراق بمساعدة الموظفين الذين يتلقون رشاوي منهم.

ويلفت إلى “أن هناك الكثير من الموظفين في الدوائر الحكومية يتعاونون مع السماسرة الذين يدفعون لهم الرشاوى المالية لتسهيل استخراج هذه الأوراق الثبوتية”، كاشفا أنه “يقوم شهرياً باستخراج عدة جوازات سفر عن طريقهم والعديد من الأوراق الأخرى التي تبدأ أسعارها بنحو 300 دولار أميركي لتصل لأكثر من 1500 دولار”.

ويخلص التحقيق إلى “أن هناك نوعا من التنسيق بين السماسرة والمسؤولين في حكومة النظام وأن هناك شبكات سمسرة تجمعهم”.

ذوو المعتقلين ضحية سماسرة النظام

ولم يسلم حتى ذوي المعتلقين من “سمسرة” الموالين للنظام، إذ يكشف المرصد أن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، عملت مؤخرا على نشر “السماسرة” التابعين لها للتواصل مع ذوي المعتقلين في السجون وعرض المساعدة عليهم في تأمين إطلاق سراح أبنائهم أو الكشف عن مصيرهم مقابل مبالغ مالية كبيرة”.

وينقل المرصد شهادة  (ع.ع) “60 عاما” من مدينة حماة ويقيم في تركيا، كيف دفع أكثر من ثلاثة ملايين و600 ألف ليرة سورية عدة مرات لأشخاص متنفذين لدى قوات النظام و”أجهزته الأمنية” لمعرفة مصير ابنه الذي “اعتقل في العام 2012 أثناء محاولته الانشقاق عن جيش النظام حينما كان يؤدي “الخدمة الإلزامية” في دمشق، وانقطعت أخباره منذ ذلك اليوم ولم تصل أي معلومة عنه لدرجة أنه تم إقامة عزاء له”.

ويقول المرصد إن “السماسرة” بينهم مدنيون متنفذون لدى الأجهزة الأمنية التابعة للنظام وضباط برتب مختلفة في صفوف قوات النظام، بل إن من بينهم قضاة ومحاميين متعاونين مع الأجهزة الأمنية التابعة للنظام”.

وأوضح المرصد أنه “وثق مؤخرا قصصا لعشرات الناجين والناجيات من سجون النظام وكانت غالبيتها تنتهي بإطلاق سراح المعتقل بعد دفع ذويهم مبالغ كبيرة من المال للقضاة والمحامين و”السماسرة” كرشاوى لأجهزة الأمن التابعة للنظام من أجل تسريع إصدار قرارات إخلاء السبيل”.

ونقل المصدر عن مصادره أن النظام هو من يدير هذه الشبكات من “السمسارة” عن طريق ضباط ومسؤولين وقد “عمد لهذا الأسلوب في ابتزاز المدنيين واستغلالهم وسرقة أموالهم لعدة أسباب من أبرزها العجز المالي الذي لحق به طيلة السنوات الماضية من الحرب والتي أضعفت اقتصاده وتراجع لحد كبير”

 

 

 

 

المصدر: موقع كل يوم