المصالحة.. بين شروط الأسد وانتخابات أردوغان

30

تبذل روسيا جهوداً لمحاولة تقريب وجهات النظر بين سوريا وتركيا، وعقد اتفاق مصالحة ينهي القطيعة المستمرة منذ 2012، وفي زيارة الأسد الأخيرة إلى موسكو، جرى تسليط الضوء على إمكانية عقد لقاء مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، لكن الرئيس السوري وضع قائمة شروط، ردت تركيا عليها بشروط أخرى، قد تدفع بتأجيل المصالحة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية التركية.

وانقطعت العلاقات الرسمية بين تركيا وسوريا في مارس (آذار) 2012، عندما أعلنت أنقرة تعليق أنشطة سفارتها في دمشق، وإغلاقها بسبب تدهور الظروف الأمنية في البلاد. ومنذ أن التقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد في قمة حركة عدم الانحياز، والبلدان في محاولات مستمرة لاستئناف العلاقات برعاية من روسيا.

 شروط الأسد

وأجرى الرئيس السوري بشار الأسد زيارة إلى موسكو يوم الثلاثاء الماضي، التقى خلالها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وعقدا جلسة مباحثات مطولة، كان على رأسها التطبيع بين سوريا وتركيا. ويوم الخميس الماضي، قال الأسد في لقاء مع وكالة “ريا نوفوستي” الروسية، إن هناك قائمة من المطالب السورية قبل أي لقاء مع رجب طيب أردوغان، وشملت القائمة السورية على مجموعة من الشروط، أولها سحب تركيا لقواتها من شمال سوريا.

وقال الأسد للوكالة الروسية، إن “أي لقاء مع أرودغان يرتبط بالوصول إلى مرحلة تكون تركيا فيها جاهزة بشكل واضح وبدون أي التباس للخروج الكامل من الأراضي السورية”.

ومن الشروط الأخرى التي يطالب بها الأسد قبل لقاء أردوغان، وقف تركيا “دعم الإرهاب”، في إشارة إلى المجموعات المقاتلة المعارضة التي تسيطر على مناطق شمال سوريا، وبعضها يلقى تدريباً ودعماً من تركيا. وتابع الأسد، “هذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن عندها أن يكون هناك لقاء بيني وبين إردوغان”. وأضاف متسائلاً، “عدا عن ذلك، ما هي قيمة اللقاء ولم نقوم به إن لم يكن سيحقق نتائج نهائية بالنسبة للحرب في سوريا؟”.

 وقد لا يتحقق شرط الأسد بانسحاب تركيا من شمال سوريا، إذ لا تعتبر أنقرة أن وجودها في تلك المناطق احتلالاً، وانتقد الرئيس السوري يوم الخميس الماضي، في لقاء مع قناة “روسيا اليوم” تصريحات وزير الخارجية التركي خلوصي أكار الأسبوع الماضي والتي قال فيها، إن الوجود العسكري لبلاده في شمال سوريا “ليس احتلالاً”، وأن أنقرة تنتظر من دمشق تفهم موقفها من وحدات حماية الشعب المصنفة “إرهابية” في تركيا.\

وقال الأسد رداً على تصريحات وزير الدفاع التركي، “إذا لم يكن تواجد الجيش التركي في سوريا احتلالاً، فماذا يكون، استضافة؟”. 

وأكد الرئيس السوري، أن “وزير الدفاع التركي يقول ليس فقط نصف الحقيقة، بل عكس الحقيقة، وهو عسكري والعسكري يجب أن يتصف بالشجاعة، وكنت أتمنى أن تكون لديه الشجاعة ليقول هذه الحقيقة وهي أنه قبل الحرب من 2000 لم تكن أي مشكلة على الحدود.. وأن ما يحصل الآن من خلل أمني سببه سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحديداً، وحزب العدالة والتنمية الحاكم”.

وعدا عن شرط الانسحاب التركي من شمال سوريا، لدى سوريا مطالب أخرى، وهي عودة سيطرة الحكومة على إدلب، ونقل إدارة معبر باب الهوى الحدودي ومعبر كسب الجمركي إلى السلطات السورية، وفرض سيطرة دمشق الكاملة على ممر النقل الاستراتيجي المعروف باسم “M4″، الواقع على الخط بين حلب واللاذقية ودير الزور والحسكة في شرق سوريا، وأن تقدم تركيا الدعم لسوريا فيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية والأوروبية.

 رد تركيا

 وعقب إعلان الأسد شروطه المطلوبة لتحقيق المصالحة مع تركيا، رد القيادي بالحزب الحاكم في تركيا، أورهان ميري أوغلو، في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” الروسية، قائلاً، إن “احتمال حدوث لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد، ضعيف جداً وسيتضح الأمر بعد الانتخابات الرئاسية”.

وقال عضو هيئة القرار والتنفيذ المركزي لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا، أورهان ميري أوغلو، أمس الجمعة، إن شروط دمشق بشأن المفاوضات بين الرئيسين، السوري بشار الأسد ورجب طيب أردوغان، غير مناسبة لتطبيع العلاقات بين البلدين، لافتاً إلى إمكانية عقد لقاء بينهما بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، المقررة في 14 مايو (أيار) المقبل.

وقال أوغلو:  وضع الأسد لشروط مسبقة للمحادثات مع تركيا، يعطي الأخيرة حق مطالبة دمشق بالكف عن دعم قوات سوريا الديمقراطية”.
ونوه السياسي التركي إلى أن “الجيش السوري يدير جزءاً من الأراضي السورية بالتعاون مع وحدات حماية الشعب (الكردية)، إذاً ما هو موقع التنظيم المسلح لقوات سوريا الديمقراطية بالنسبة للجيش السوري؟”.

ومنذ بدء الدعوات لاستعادة العلاقات بين البلدين، أفصحت أنقرة عن مطالبها الأساسية، وهي أن تقوم دمشق بالتطهير الكامل لمناطق حزب العمال الكردستاني في سوريا، وضمان العودة الآمنة للاجئين، والانتهاء السليم من الاندماج السياسي والعسكري بين المعارضة والحكومة. كما تريد أن تستقبل حمص ودمشق أولى الدفعات من اللاجئين.

بعد الانتخابات

ويرى محللون، أن إمكانية عقد لقاء بين الأسد وأردوغان ضئيلة في الوقت الحالي. وبحسب القيادي في العدالة والتنمية أورهان ميري أوغلو، فإنه: “قد يتم تقييم الظروف بعد الانتخابات وفقاً لنتائجها، ففي حال فوز تحالف الشعب ومرشحه للانتخابات الرئاسية، كمال كيلجدار أوغلو، فسيتبع سياسة خارجية مختلفة عن سياسة حكومة حزب العدالة والتنمية الحالية”.

وأفصح كليجدار أوغلو عن سياسته حيال سوريا، وقال في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، إن “استئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء معها، سيكون المرحلة الأولى”، مشيراً إلى أنه سيتم السعي للتعاون المالي مع الاتحاد الأوروبي من أجل عودة السوريين.
وتابع “في المرحلة الثانية، سيتم بناء الطرق والمستشفيات والمدارس بفضل أموال الاتحاد الأوروبي”. ولفت إلى أنه يجب إبرام اتفاقية مع دمشق السوري لحماية السوريين الذين سيعودون إلى وطنهم، موضحاً أن تركيا ستقدم كل أنواع المساعدة لخلق فرص عمل داخل سوريا للسوريين العائدين. أما في حال فوز أردوغان في الانتخابات، فستواصل أنقرة سياستها الخارجية كما هي حالياً، بحسب ميري أوغلو.

————————————————————————-

المصدر: 24A.E

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.