المعارضة السوريّة بين مؤتمر الرياض وقوائم عمّان

20

حتى اللحظة، يصعب الكلام عن معارضة سورية واحدة أو موحّدة تتحدث أمام النظام والمجتمع الدولي ضمن برنامج مشترك أو توافقات الحدّ الأدنى الملزمة لغالبية المعارضين، وبما يمنحها الطابع الوطني وصدقية الالتزام وجدية الشراكة السياسية في المرحلة الانتقالية التي من المفترض أن تبدأ مع بداية العام المقبل برعاية أممية، وهي رعاية تدرك أن أهداف المجتمع الدولي في القضاء على «داعش» وخططه الرامية إلى معالجة مسألة اللاجئين وإدارتها ووقف المأساة السورية، لن تأخذ مفاعليها إلا تحت سقف عملية انتقال سياسي في سورية تكون المعارضة طرفاً أساسياً فيها.

ومن المفترض أن يشتغل مؤتمر الرياض على هذه المهمة الشاقة بالنظر إلى كثرة الانقسامات في صفوف المعارضة، وضيق الوقت لإنجاز هذه المهمة، التي هي على صلة وثيقة بتصنيف عمّان المعارضة ثلاثة أصناف: معتدلة ومتشدّدة (غير إرهابية) وإرهابية. والواضح أن «جيش الفتح» و «أحرار الشام» و «جيش الإسلام» إلى جانب «الجيش الحر» و «الائتلاف الوطني» و «هيئة التنسيق المحلية» والأكراد وشخصيات دينية ومستقلّة، ستمثّل في مؤتمر الرياض، وثمة تنسيق سعودي – أردني لئلا تتضارب القائمة الأردنية مع قائمة الحاضرين «مؤتمر الرياض»، وهذا التنسيق ربما يتعارض مع التنسيق الأردني – الروسي، حيث لا تقتصر الجماعات الإرهابية في التعريف الروسي على «داعش»، الذي يحظى تصنيفه كتنظيم إرهابي بإجماع الجميع، بل يطاول التعريف الروسي «جيش الفتح» و «جيش الإسلام» و «أحرار الشام»، والمرجح أنّ الرياض وأنقرة والدوحة، وهي أهم الداعمين الإقليميين للمعارضة المسلّحة، سترفض التصنيف الروسي، ما يجعلنا أمام مرحلة تفاوض بين الأطراف الإقليمية والدولية حول القوائم والتصنيفات.

وربما حفّزت الوساطة القطرية في صفقة «جبهة النصرة» الأخيرة مع لبنان، على دعوة بعضهم الى إخراج «النصرة» من قائمة المنظمات الإرهابية التي يصنّفها كلّ من الأردن والسعودية والإمارات وأميركا وروسيا وفرنسا وغيرها منظّمة إرهابية. والمرجح أنّ الصفقة ستزيد «النصرة» امتلاء بأيديولوجيا «القاعدة» وليس الانفكاك منها كما دعاها الى ذلك خالد خوجة، وهذا في إطار معركة التنافس مع «داعش»على كسب «الشرعية الجهادية»، وسيكون «داعش» مهجوساً بهذه المسألة حال التفاوض المحتمل المقبل مع السلطات اللبنانية للإفراج عن الجنود اللبنانيين التسعة المحتجزين منذ آب (أغسطس) 2014.

وقد وردت تقارير صحافية عن انتقاد مؤيدي «جيش الإسلام» تناقض «النصرة» التي تحارب الهدنة في الغوطة الشرقية، في حين تسارع إلى الانخراط في صفقات مثيرة للتساؤلات. ويقال إن الأمر تعدى «جيش الإسلام» إلى «الجيش الحر» الذي استهجن مسارعة «النصرة» إلى إطلاق سراح الجنود اللبنانيين، فيما ترفض الإفراج عن قادة من «الحر» تعتقلهم، وأبرزهم القيادي في «حركة حزم» أبو عبدالله الخولي. في هذا الإطار، ربما يمكن القول إنه إضافة إلى الصعوبات التنسيقية والتحضيرية الآنفة الذكر الملقاة على عاتق الرياض وعمّان، فإن صفقة «النصرة» ربما ألقت مزيداً من العبء عليهما. كما أنّ العاصمتين وحلفاءهما في الخليج حريصون على شمول «حزب الله» والميليشيات الشيعية المقاتلة إلى جانب النظام السوري بقائمة المنظمات الإرهابية، وقد فرضت الرياض الشهر الماضي عقوبات على 12 شخصية ومؤسسة مرتبطة بـ «حزب الله»، ووفق التصنيف النهائي سيُعرف من سيُقصَف أم لا، ومن سيدخل ضمن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية في سورية الجديدة أم لا، وهذا من أسباب معارضة طهران عقد لقاء لمجموعات معارضة سورية في السعودية، وهو موقف متمايز عن الموقف الروسي، وإنْ كان التوتر الحالي بين موسكو وأنقرة سيكون حاضراً بقوة في ما ستؤول إليه مشاورات الرياض لتشكيل وفد المعارضة، والجهود الأردنية في إعداد قوائم لن تتمكن من القفز على تناقض استراتيجيات أطراف الصراع، وهو ما يفسّر الضغط الأميركي على أنقرة لإعادة موسكو وطهران إلى أجواء «فيينا 2».

محمد برهومة

الحياة