المعارض البارز سمير سطوف: الانتخابات ليست سوى مهزلة وإخراج كاريكاتوري لوضع بلغ ذروة الاستعصاء.. والثورة السورية يتيمة وأطراف الفعل المؤثرة تنقسم إلى معسكر الأعداء ومعسكر الأعدقاء

38

 

مع اقتراب موعد الانتخابات السورية التي سيجريها النظام تزايدت الانقسامات بين من هو رافض وبين من يعتبر مشاركة بعض الوجوه السياسية المعارضة أمرا جيّدا، علما أن أطيافا سياسية بارزة اعتبرت أن نتائج الانتخابات محسومة قبل إعلان الترشح لصالح رأس النظام وحلفائه الذين سعوا إلى إعادته إلى السلطة من باب انتخابات عبّر الغرب عن رفضه لها معتبرا أنها غير شرعية ولا تتماشى ومتطلبات الشعب السوري الذي ثار لتغيير المنظومة الحاكمة بأكملها.
ويرى المعارض السياسي المخضرم وأحد المؤسسين للمجلس الوطني السوري سمير سطوف، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الانسان، أن المعارضة كانت لها فرصة فرض الحل لكنها فشلت في ذلك ، لافتا إلى أن الائتلاف قد تحول بعد عملية دحرجة مدروسة إلى جزء من أطراف معسكر الثورة المضادة، ويقوم بدور وظيفي ، وخضع لإملاءات الأجندات والمشغِّلين وصل حدّ الانبطاح والتعرّي حتى من ورقة التوت، وفق قوله.

س-بينما تدعو التشكيلات المعارضة إلى تنفيذ القرار الأممي عدد2254، اعتبرتَه-من جهتك- ملتبسا وكنتَ قد أشرتَ مرارا إلى أن هذا القرار فيه تحريف لجوهر بيان جنيف 1 وجوهر بيان القرار الدولي 2118.. هل من الممكن أن تفسر لنا طبيعة هذا الالتباس ؟

ج-طبعا بيان جنيف1 لعام 2012 نصّ بوضوح على تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات وفق صيغة تفاهم بين السوريين ، وجاء قرار مجلس الأمن رقم 2118 ليؤكد ويثبّت بيان جنيف1، كما أن قرار الجمعية العامة لعام 2013 رقم 262/67 كان أوضح القرارات الأممية وأقواها وأشدها إنصافا للشعب السوري لا سيما في الفقرات27_28_ 29 حيث أكد على تشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات بما في ذلك صلاحيات الرئاسة، بينما قرار مجلس الأمن رقم 2254 نصَّ على الحوكمة التي تتضارب التفاسير حولها، ونعرف شطط التفسير الروسي ومعسكر الداعمين للنظام والإدعاء بأن الحوكمة هي حكومة وحدة وطنية، أي بقاء بشار في منصب الرئيس إبان المرحلة الإنتقالية ، وهي صيغة عائمة حول التركيبة والصلاحيات.

س-قلت سابقا في أحد حواراتك الصحفية إنه تم استقطاب العناصر ضعيفة المناعة والرخوة إلى الائتلاف حيث غلبت الانتهازية والتسلق وفق قولك.. ألا ترى أن تشعّب الأزمة السورية يتحمل فيها الائتلاف جزءً كبيرا من المسؤولية، ولماذا لم ينجح الائتلاف في فرض الحل ؟

ج-منذ بداية الثورة وخلال مرحلة التحضير لتشكيل جسم سياسي يضطلع بمهمة قيادة الثورة محليا ودوليا، كان الغربال الدولي يعمل دون هوادة بعين راصدة للأشخاص وللمواقف، وبدأت مرحلة الاستقطاب من القوى الاقليمية كافة – وأشدد على كافة دون أي استثناء – هذه القوى المتفاهمة أو بالأحرى المركوبة من القوى الدولية الفاعلة والمؤثرة، عملت بشكل ممنهج ومدروس على منع السوريين من فرز قيادة حقيقية للثورة سياسيا وعسكريا، وحرصت على زرع عملاء لها داخل جميع التشكيلات السياسية والعسكرية، ومنعت الضباط المنشقين الأحرار من ممارسة العمل العسكري المدروس وفق استراتيجية وطنية، لدرجة أن أغلبهم وضعوا داخل مخيمات أشبه ما تكون بالإقامة الجبرية، ونعرف كيف شكلت تلك القوى غرف الدعم العسكرية(الموك والموم) والتي كانت تتعامل مباشرة مع التشكيلات المقاتلة وفق شروط واضحة الدلالة من خلال وضعها دائما تحت “بسطار” وقف الدعم لكل من يخالف هذه الشروط ومنها أن الداعمين هم من يختارون زمان ومكان ومساحة أية معركة لدرجة أن التذخير كان بحدود المعركة وما تقتضيه فقط ..!!
-أما سياسيا فكان غربال الاختيار والتركيز على العناصر الهشة والمطواعة لسهولة السيطرة عليهم وتوجيههم وفق المطلوب، طبعا مع تطعيمات شكلية محاصرة ويمكن التخلص منهم بسهولة وفي أية لحظة .. وجاء تشكيل الائتلاف في الدوحة مع انتهاء الدورة الثانية والأخيرة للهيئة العامة للمجلس الوطني السوري، وبعد نقاش مستفيض مع الأستاذ رياض رياض سيف عراب الائتلاف أو بالأحرى المتعهد والمكلف من القوى الدولية لاسيما أمريكا بتشكيله بغية تجاوز السقف المرتفع للهيئة العامة للمجلس الوطني، تبين لي ذلك خلال النقاش قبل يومين من بداية جلسات تشكيل الائتلاف في 8/11/2012 وقلت له ولجميع الحاضرين من الهيئة العامة للمجلس، عبارتي التي اشتهرت بعض الشيء: ” إن الائتلاف المزمع تشكيله منتج غير وطني يهدف إلى دحرجة المعارضة إلى حل سياسي غير متوازن مع النظام “، وفعلا لا حظنا سلوك الائتلاف منذ انطلاقته ومنذ مجيء معاذ الخطيب كأول رئيس للائتلاف نتيجة التزاوج بين البورجوازية والعمائم الدمشقية، ونتذكر جميعا بهلوانياته العجيبة ورسائله المفتوحة المنطلقة من توخي حسن النية لدى المجرمَين بشار الأسد وحسن نصرالله، دون أن ننسى استخاراته الأعجب.. لاحظنا كيف بدأ مسار التراجع وانعدام الوزن في التأثير، وكيف اكتفت القوى الدولية بتحويل الائتلاف إلى جسم مؤهل للبصم والبصم فقط على ما تريده القوى التي تشغّل عناصره وقواه، كما لاحظنا كيف تمت تصفية العناصر التي كان يعوّل عليها بالبعض القليل من الأمل ..
وبصراحة أقول :
إن الائتلاف تحول بعد عملية دحرجة مدروسة إلى جزء من أطراف معسكر الثورة المضادة يقوم بدور وظيفي ، وخضوعه لاملاءات الأجندات والمشغِّلين وصل حدّ الانبطاح والتعرّي حتى من ورقة التوت .. وكل القوى المشاركة فيه والشخصيات الديكورية ( يناضلون) بدأب وجدّ واجتهاد من أجل الحفاظ على مواقعهم بمرتبة عملاء من أجل الحفاظ على امتيازاتهم الشخصية ومنفعتهم المادية آنياً ، وأيضا للمراهنة على مواقع محتملة لهم في السلطة القادمة كممثلين عن مشغِّليهم فيها .

س-أستاذ سمير.. كنت من المؤسسين للمجلس الوطني، لكنك صرحت مرارا بأنه كان بمثابة الخطوة السابقة لأوانها جاءت في ظروف غير ناضجة سياسيا لإجهاض فكرة تشكيل وفرز قيادة حقيقية للثورة قادرة على القيادة.. هل من توضيح، ومن دفع إلى إفشال أهداف المجلس الوطني الذي جاء بعده الائتلاف؟

ج-نعم جاء تشكيل المجلس الوطني في أوج المظاهرات السلمية والتعامل الوحشي من قبل العصابة الأسدية الحاكمة ، فكانت هناك رغبة شعبية عارمة في تشكيل جسم سياسي على غرار المجلس الانتقالي الليبي، وتم استغلال هذا المطلب الشعبي من قبل تنظيم “الإخوان المسلمين” الذين بادروا بدعم تركي مطلق وبدفع منها بغية قطع الطريق على نضوج عملية الفرز الحقيقي لقوى الثورة صاحبة المصلحة الحقيقية في تبني مطالب الشعب في انتزاع حريته وكرامته من براثن المنظومة الأسدية المتوحشة .. ولا حظنا كيف هيمن”الإخوان” على المجلس برغم وجود شخصيات ديكورية في واجهته أفقدوها أية قدرة على التأثير، ولقد ألحق التحالف بين إعلان دمشق مع “الإخوان المسلمين” في المجلس أشد الأذى والضرر بكل المسيرة اللاحقة للثورة والعمل الوطني .. كما أن السقف المرتفع الذي فرضته الهيئة العامة للمجلس تم استخدامه من قبل المهيمنين على قيادته كعدة شغل للإمعان في التضليل بالتوازي مع استمرار قنوات التواصل مع نظام ملالي طهران القائمة قبل الثورة وخلالها وكلنا يتذكر كيف أوقف”الإخوان المسلمون” معارضتهم للنظام عام 2008 واعتبار عصابة الأسد نظاما مقاوما ، مقابل وعد شفهي من إيران بمشاركتهم في حكومة مع الأسد ولو بوزارات ثانوية ،وإلغاء قانون 49 الشهير.
– أثبتت التجارب السابقة أن التوافق والشراكة الحقيقية بين مكونات الشعب السوري أثمرت وأعطت نتائج إيجابية في بلدنا ودوره الحضاري، وهذه حقيقة ثابتة .. لكن الحقيقة المقابلة أثبتت أيضا أن قوى الإسلام السياسي لعبت في مسيرة العمل الوطني أدوارا سلبية ومؤذية وخطيرة ، لأنها بنيويا غير مؤهلة إلا للعب مثل الدور ، ولا هدف لها سوى الوصول إلى السلطة حتى لو كان ذلك على حساب القيم الوطنية والدينية معاً ..
س-يستعد النظام لإجراء انتخاباته أواخر الشهر الجاري وسط رفض دولي ورفض من المعارضة التي تعتبر انتخابات بدستور2012غير شرعية علما أن أعمال اللجنة الدستورية المكلفة بكتابة الدستور متوقفة منذ أشهر بعد صراعات وعراقيل في أعمالها.. ما مصير هذه اللجنة اليوم وما شرعيتها غدا علما أن النظام مصرّ على انتخاباته بدستوره ضاربا عرض الحائط بالقرارات الأممية؟
ج-الانتخابات في سورية سواء النيابية أو الرئاسية ليست سوى مهزلة، وهي إخراج كاريكاتوري لوضع بلغ ذروة الاستعصاء عبر تفاقم مضطرد لمسرحية محاولة التوازن كتغطية لواقع الهزيمة لعصابة الأسد منذ انطلاقة الثورة ومنذ سقوط أول نقطة دم من أحرار سوريا وثوارها .. ويعلم القاصي والداني أن المعتوه بشار الأسد لا يملك من أمره شيئا لا سيما قرار ترشيح نفسه لانتخابات لا تملك ذرة من الشرعية لأنها تخالف قرارات الشرعية الدولية التي أكدت جميعها على تشكيل هيئة حكم انتقالي تكون وحدها المخولة بإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية لصياغة الدستور وطرحه على الاستفتاء الشعبي ، يجري بعدها وفق الدستور تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية.. كما يعلم القاصي والداني أيضا أن روسيا وإيران هما أصحاب القرار على جميع المستويات في سورية : فالإيرانيون متمسكون بدميتهم المطواعة بشار الأسد لأن استمراره الشكلي يشكل صلة الوصل التي لا بد منها في مشروعهم إلى الوصول إلى المياه الدافئة .. ولا بديل لنظام ملالي طهران سوى الاستمرار في تعفين الأجواء في عموم المنطقة عبر الشحن الطائفي ومحاولة تجسيد الوهم بإمكانية إخضاع المنطقة لنفوذها، وروسيا التي طرحت رأس بشار الأسد وعصابته للبيع منذ مدة لا بأس بها لكنها حتى الآن لم تجد الشاري الذي يدفع برأسه سعراً مقبولا وهي التي تراهن على تقديم الغرب لبعض التنازلات لها سواء في العقوبات المفروضة عليها على خلفية احتلالها لشبه جزيرة القرم والتصعيد في أوكرانيا ، وكذلك محاولة الاستفادة من أموال إعادة الإعمار برغم مسرحيات مؤتمرات عودة اللاجئين ، وأيضا تصطدم بامتناع الدول القادرة على تمويل إعادة الإعمار عن الاستجابة لها ..
وبالتالي تفرض ترشيح بشار الأسد بغية ضمان وهم شرعية وجودها ، وبغية المراهنة على تحسين أوراقها التفاوضية في أية صفقة محتملة ..والمعتوه بشار كبالع الموس فهو منتهٍ إن أجرى انتخابات غير معترف بها من غالبية قوى الفعل الدولية، وهو منتهٍ أيضا إن لم يُجرِها ..أما عن اللجنة الدستورية فكانت عملية بيع للوقت ليس فقط بالمجان بل بثمن غالٍ دفعه شعبنا دما ودمارا واعتقالا وتشردا، وذلك نتيجة عجز القوى الدولية عن التوصل إلى صيغة تقاسمات المصالح ..وكانت عملية القبول بتسبيق السلة الدستورية على سلة هيئة الحكم الانتقالي جريمة موصوفة ارتكبها الائتلاف وهيئة التفاوض بحق الشعب السوري ، وكان ضرب التراتبية الزمنية في القرارات الأممية يهدف إلى إفراغ هذه القرارات من مضمونها، وتسهيل عمل المخطط الروسي عبر مسارات التفافية في أستانة وسوتشي على هذه القرارات التي أعطت لشعبنا بعض الحقوق –غير الكافية– للشعب السوري .
فاللجنة الدستورية تم طرحها من قبل ديمستورا كي لا تتشكل إلا بعد استهلاك الكثير من الوقت ، وحين تشكيلها لن تجتمع إلا بصعوبة بغية قضم المزيد من الوقت ، وحين تجتمع ستكون عاجزة عن اتخاذ أي قرار وفق القواعد الإجرائية لآلية اتخاذ القرار الذي يحتاج إلى 75 بالمائة من الأعضاء وهذا مستحيل ..وهنا جوهر اللعبة.

س-قلت سابقا أستاذ سمير إنه تم إبعاد السوريين عن مسرح التأثير وليس أمام الشعب إلا الضغط على المجتمع الدولي لمنع الشطط والمغالاة في إقصاء السوريين عن تقرير مصير بلدهم ورسم مستقبله .. ماهي وسائل الضغط المتبقية بعد تجربة كل الطرق حتى تعب السوريين وكلوا عقدا من الزمن بين الكر والفر؟
ج- لاشك في أن قوى الاحتلال في سورية قادرة على فرض أي حل تريد ، لكنها بالوقت نفسه تدرك أن أي حل لا يفتح الباب على فضاء الأمل في إنجاز التغيير سيكون حلا مبتورا، بل يعلمون أنه سيكون ليس أكثر من هدنة مؤقتة تنذر بانفجار ستطال تداعياته عموم المنطقة ..فالثورات تقوم لتنتصر وفقط لتنتصر ، بل تقطع شوطا لا بأس به من إنجازاتها في الربع ساعة الأولى من قيامها مهما بلغت العقبات الموضوعية والذاتية ، ومهما شهدت من تراجعات، ومهما حاصرتها قوى الثورة المضادة ، لكن النصر محتوم وبلوغ الهدف مؤكد ، فقطار التغيير سيصل محطته المنشودة طال الزمان أم قصر لأن الثورة في حقيقتها وجوهرها هي الإعلان المدوي عن امتلاك الشعب الثائر لإرادة التغيير ..
-وليس على السوريين بعد أكثر من عقد من الزمن قدموا خلاله تضحيات غير مسبوقة على كافة الصّعُد إلا أن يتخلصوا من واقع الشرذمة ، والعمل على إنجاز وحدتهم الوطنية الثورية ، ويفرزوا قيادة حقيقية على المستويين السياسي والعسكري .. والعمل الآن جارٍ على قدم ٍ وساق لبلوغ هذا الهدف من خلال قرب انعقاد مؤتمر القوى الوطنية السورية، ويتوجهون إلى القوى الفاعلة في الملف السوري كطرف حاسم في صياغة معادلة مستقبل البلاد ، لأن الانتظارية التي يراهن عليها البعض، والاتكاء على فرضية اضطلاع المجتمع الدولي بمهمة فرض حل يستجيب لمطالب الثورة والشعب، أمران أثبت الواقع عقمهما ولا واقعيتهما بل وإسهام المراهنة عليهما في فاتورة الدم والمعاناة.

س-أستاذ،سمير.. هل هناك فعلا رغبات غربية في تقسيم سورية تنفيذا لمصالح جيو سياسية قريبة وبعيدة المدى؟

ج-واقع الحال اليوم يقول :إن سورية مقسمة إلى مناطق نفوذ تابعة لدول الاحتلال ..وسورية هي الحالة الفريدة عبر التاريخ حيث تحتلها أكبر قوتين عالميتين — روسيا وأمريكا — وأقوى ثلاث قوى إقليمية — إيران وتركيا وإسرائيل — ومن هنا ندرك الأهمية الجيو-ستراتيجية لبلدنا موقعا وإسهاما حضاريا للشعب السوري الذي أسس وأغنى المسار الحضاري عبر جميع مراحل التاريخ ..
وأعتقد أنه ليس من مصلحة أحد لا سيما دوليا أن تتعرض سورية للتقسيم مجددا لما لخطورة مثل هذا التقسيم وإمكانية امتداده وانتشاره ليعم المنطقة واستحالة ضبط مفاعيل ذلك لأن شعوب المنطقة متداخلة ومعنية بوحدة المصير مثلما هي معنية بوحدة الاستهداف .. ومع أن القوى الاقليمية طامعة بالاقتطاع من الأراضي السورية ، إلا أن هذا — على ما أعتقد — ترفضه القوى العالمية لأن منشار القضم مؤهل للتوسع لتحقيق أحلام امبراطوريات بائدة.

س–لو نقيم المعارضة السورية عقدا من الزمن ودورها في محاولة إيجاد حل سياسي أو تسوية على أساس القرارات الدولية.. لماذا فشلت في مسعاها ؟

ج-مصطلح المعارضة يستخدم في مناخ ديموقراطي، وفي كثير من الحالات تشكل هذه المعارضة حكومة ظل تتابع سياسيا وإداريا جميع النشاطات وتدرس إمكانية التحولات كما لو أنها في الحكم .
-أما المعارضة — إن وُجدت– في بلدان العالم الثالث فغالبا ما تكون معارضة مطلبية وفي بلداننا العربية مدجنة .. لكن حين تنطلق الثورة يكون أمام المعارض خياران : إما أن يماهي ما بين البعد الثوري والسلوك السياسي ويتحول بذلك إلى ثائر ، أو يتقوقع في بوتقة رفضه اللفظي الخجول وبالتالي يحاول أن يفلسف سلبيته ، وهذا سلوك يشكل دعما ضمنيا للديكتاتورية والاجرام .
-وفي حالتنا السورية وصل سلوك المعارضة المهيمنة على صدارة المشهد التمثيلي للثورة السورية وبالتدرج ورضوخا لإملاءات الأجندات، ليس فقط إلى الدعم الضمني للعصابة الأسدية في دمشق بل تعداه إلى التماهي مع مخططات معسكر الثورة المضادة .. وكلنا يذكر – على سبيل المثال لا الحصر — القرار رقم 24 بتشكيل هيئة عليا للانتخابات وذلك بالتواتر مع قرب موعد انتخابات.. وبالتالي نتائج وحصائل سلوك المعارضة السورية لم يكن صفريا فحسب بل سلبيا ومتآمرا إرضاءً لمشغليهم.

س-أستاذ سمير هل هناك سوء فهم إقليمي ودولي للوضع في سورية ؟

ج-لا، ليس هناك سوء فهم ، بل بالعكس هناك وعي كامل لديهم بحقيقة وجوهر الحراك السوري كثورة شعبية شعارها الحرية والكرامة والتغيير وبحكم كون أنظمة المنطقة برمتها أنظمة شمولية تغتصب دفة الحكم فمن البديهي أن ينتابهم الهلع من الإشعاع الذي ولدته ثورتنا ومن إمكانية انتقاله إلى بلدان المحيط وإحداث التغيير وهو ما سيؤثر على ميزان القوى العالمي نظرا لحساسية وأهمية المنطقة في موازين القوى .. ولذلك عمل الجميع منذ البداية إقليميا وعربيا ودوليا على إجهاضها ومحاولة حرفها عن مسارها ، وحين فشلوا في إيقافها عملوا بشكل ممنهج ووفق مخطط مدروس على نخرها من الداخل، ونصّبوا عملاءهم في صدارة المشهد ، وأصبحت جميع الأطراف تتصارع فيما بينها لتأمين مصالحهم بل ويقتتلون بدمائنا، ويستثمرون بمعاناتنا ودمار بنانا التحتية والفوقية،وثبت بالدليل الملموس أن الثورة السورية يتيمة تماما فأطراف الفعل المؤثرة تنقسم إلى معسكرين : معسكر الأعداء ومعسكر الأعدقاء ..

س-بماذا تفسر الإقبال على الترشح للانتخابات في سورية من قبل “معارضين”في الداخل؟

ج-قلتُ سابقا إن انتخابات عصابة الأسد هي إخراج كاريكاتوري وهي إرادة روسية- إيرانية للضغط والمساومة .. ومن الطبيعي أن يختار المعتوه بشار الأسد أرانب سباق للتضليل والإيحاء بديموقراطية الإنتخابات وهذا الزعم ليس أكثر من سلعة فاقدة الصلاحية لن يستطيعوا أن يسوقوها خارج إطار أطراف الهمجية والتوحش في إيران وروسيا ، فالعالم أجمع يعلم أن العصابة الأسدية الحاكمة في دمشق مجموعة فاشية مجرمة ليس لديها أي رادع أو وازع لا وطني ولا إنساني ولا أخلاقي ولا ديني .. لذلك أغلب دول العالم صرحت مسبقا وقبل الإعلان عن تنظيمها بأنها غير شرعية ولن تعترف بها .. والمرشحون مع الأسد جميعهم عناصر مرتبطة بالأمن السوري ومطلوب منها أن تترشح وهم بذلك ليسوا أرانب سباق بل سلاحف سباق .

س-أخيرا ما الفائدة من انتخابات النظام وماذا ستقدم في جو سياسي واجتماعي واقتصادي مشحون؟ وما البرنامج الذي سيقنع الشعب السوري المكلوم؟

ج– إن تنافرات المصالح بين دول التأثير في القضية السورية منعت إمكانية إيجاد معادلة التوافق ، فالجميع طامح وطامع في حصة أكبر من الكعكة السورية وبالتالي العربية .. وهذا ما يؤخر الحل والاكتفاء بإدارة الأزمة ..
وشعبنا لم يعد يعول على حلول متفق عليها دوليا لأنها وكما هو واضح ستكون حلولا ترقيعية لا تلبي الحد الأدنى من مطالبه ، وأصبحت القناعة بضرورة إنجاز الثوار لوحدتهم بدعم شعبي عارم تفرض نفسها، وآنذاك ستكون كلمة السوريين وإرادتهم في رسم مستقبل بلدهم هي العليا ..وأشرتُ قبل قليل إلى حالة الوعي والنضوج لدى الغالبية العظمى من شعبنا وقواه الفاعلة بذلك ، لأن حالة التشرذم التي عملت عليها القوى الاقليمية والدولية هي التي وضعتنا في حالة انعدام الوزن في التأثير في صياغة مستقبل بلدنا ، ولم يعد من المقبول استمرارها.