المعارض السوري حبيب صالح: وريث أبيه يجري “انتخابات”!

155

 

 

 

علّق  الكاتب  الصحفي السوري والمعارض السياسي  حبيب  صالح، في تصريح للمرصد السوري لحقوق الإنسان  على  الانتخابات التي  ينوي النظام  إجراءها الشهر الجاري، قائلا: مضى على اغتصاب السلطة في سورية نصف قرن احتكرتها  أسرة من أب إلى ابن، ورعتها عائلة اشتغل كل فرد فيها خارج القانون العام والقانون الحقوقي وقانون الحياة نفسها، وحوّلوا الوطن والدولة إلى مزق وبقع شطرنج..

وأضاف حبيب صالح: حافظ الأسد ،إضافة إلى انخراطه في المؤسسة العسكرية السورية، كان عضوا بارزا في حزب البعث الذي اغتصب سدة الحكم عبر انقلاب عسكري في 8/ 3/ 1963 ،معلنا حالة الطوارئ والأحكام العرفية التي نصت على إلغاء الأحزاب، وتحريم التناوب السلمي على السلطة.. وأقام العسكر مجلسا لقيادة الثورة تكوّن من مجموعة من الجنرالات، لا يفقهون في الحياة السياسية ولم يتسنَّ لأي منهم إن يحيا بخلفيات وطنية خارج الولاء الحزبي، وخلفيات الانتماء المذهبي والطائفي، وتقاليد الجنرالية، ما أبقى الوطن والوطنية رهينة لطموحات انفرادية وغرائز شخصية، ومنافسات تراتبية ومرتبية!

ولقد أدّت هذه الاختلاطات والنزاعات الجنرالية إلى سلسلة انقلابات وحركات عسكرية جاءت” بالمؤسس”حافظ الأسد إلى السلطة عام 1966 مع رفاقه المقربين من طائفته، ومضافين آخرين: صلاح جديد ومحمد عمران وعبد الكريم الجندي وأحمد عبد الكريم وأحمد سويدان، وبقية الأقليات كسليم حاطوم الدرزي .. ولم تمتد هذه المرحلة، حتى وقعت حرب الهزيمة الكبرى لجيش الأسد ،الذي كان وقتها وزيرا للدفاع وقائدا للطيران في الخامس من حزيران 1967 .

حاول رفاق الأسد مساءلته ولكنه رفض أن يكون مسؤولا عن الهزيمة، ورفض أن يتنحى كوزير للدفاع، وراح يتربص برفاقه الذين فشلوا في إقالته، كما فشلوا هم أنفسهم  في معالجة أسباب الهزيمة، أو الطعن بعضوية وزير للدفاع في القيادة القطرية للبعث وعضو مجلس قيادة الثورة، واستمروا  في مشاركتهم وزيرَ الدفاع ..

كان ذلك انتصارا كبيرا متفردا لجنرال مهزوم، تمكن في سنوات قليله من أن يجمع كل الأوراق  في جيبه، وينقض على جميع رفاقه الثلاثين في مجلس الثورة والقيادتين القطرية والقومية ورئاسة الدولة وزج بهم جميعا في السجون، ولم يخرجوا حتى قض حميعهم هناك، باستثناء خمسه” نالوا رضاه وعطفه” متأخرين، بعد أن شاخوا وأصيبوا بالإعاقات!

واستطرد محدثنا قائلا: لقد تحول  الأسد  إلى دكتاتور خضعت له مكونات المجتمع السوري وحزب البعث، وكهنوت الطوائف، وما سماه” الجبهة الوطنية التقدمية” من بقايا الأحزاب اليسارية والقومية التي تآكلت ،ودخل معظم منتسبيها إلى حزب الأسد والتحالف معه، على جثث البعث وطموحات الشعب السوري وضرورات الانتقال الديمقراطي ، بل واستمرت حالة الطوارئ والأحكام العرفية!

وتتالت الأحداث لينقض الأسد على الإخوان المسلمين، أيضا أعوام 79-82 وأقام تحالفا مصيريا مع نظام الخميني في إيران، وقام باحتلال لبنان وتدمير منظمة التحرير الفلسطينية بضوء أخضر أمريكي -إسرائيلي ودمّر مدنا في سورية ولبنان مثل حماه وتدمر وجسر الشغور وطرابلس وجبل لبنان!

 وبعد أن دانت له القوى جميعا ،انضم مابقى من قيادات منظمة التحرير الفلسطينية إلى الجبهة الوطنية التي أقامها، بيد أنه اغتال أغلب زعمائها أو أودعهم وراء القضبان، إضافة إلى رموز الحركة الوطنية اللبنانية مثل الزعيم كمال جنبلاط والمفتي حسن خالد ونقيب الصحافة اللبنانية رياض طه، وأجهز على رموز منظمة التحرير الفلسطينية. 

ويمضي حبيب صالح قائلا: بقيت سورية دون حياة سياسية أو حزبية أو انتخابات حرة، وأصبح شخص الرئيس هو القائد الأعلى للسلطة والأمين العام والمرشد  والدكتاتور الأوحد على شاكلة زعيم كوريا الشمالية وبول بوت في كمبوديا وبينوشيه في تشيلي، دون أن يعرف الشعب السوري تحولا أو انتصارا أو وحدة وطنية تليق بوطن قادر وجدير بالبقاء والاستمرار! وحل الأسد مكان الوطن والحزب والدولة، والشعب، ليصبح الولاء الشخصي للأسد بديلا عن الولاء للوطن ومنظومات القيم الوطنية والمنظمات والاستحقاقات والأحلام الوطنية.

وسار بشار على نهج أبيه، يقيم أعمق التحالفات مع حزب الله وإيران وتركيا،في الوقت الذي كان يطارد  قوى الحرية والتغيير في سورية من مواطنيه وأهله وبني شعبه.

وعندما بدأ الحراك المطلبي الانتقالي عام 2011 في مناطق جنوب سورية ودمشق، بدأ الأسد يستخدم القوى الغاشمة ضد قوى الحراك ،ويعتقل معارضيه، ويزج بهم في السجون..

ولكن الحراك تنامى وانتقل إلى كل بقاع سورية، ليعود الأسد ويستخدم آلته العسكرية من طيران وأسلحة ثقيلة ضد المتظاهرين والحركيين برغم أن الكثير من التوجهات الإسلامية قد بدأت تبدو وتظهر على قوى الحراك والمتظاهرين لتنشأ بعد ذلك القوى المسلحة والمليشيات المدعومة من دول في الخليج وإيران وتركيا مدعية أن هذا هو “الربيع العربي” الذي طال انتظاره

ومنذ عام 2012 سجلت المحافل الوطنية والدولية  قيام النظام بقصف المرافق المدنية بالأسلحة الكيماوية والغازات وصواريخ الطيران الحربي والبراميل العشوائية .

وأصدر مجلس الأمن الدولي تسعة قرارات ملزمة- منها القرار 2254- المتعلقة بضرورة الانتقال الديمقراطي والإصلاح السياسي في سورية إضافة إلى وقف إطلاق النار، وخروج القوى الأجنبية من سورية والتي كان النظام قد استدعاها لحمايته بدءً من عام 2013، فدخلت إيران سافرة ولا تزال، ودخل حزب الله وتركيا، وفي عام 2015 دخل الروس بكل قوتهم.

ويضيف محدثنا: كان نتاج هذه الحرب، الهولوكست، التي شنها النظام والقوى الحليفة له، تشرد نصف الشعب السوري بين هجرة داخليه وخارجية، ودمرت المشافي  وملايين الأبنية، وبلغ عدد الشهداء من السوريين مايفوق 700 ألف شهيد، وزُج بـ 160 الف مواطن في السجون بدعاوى ، ولجأ النظام إلى التغيير الديمغرافي حيث أسكن آلافا مؤلفة من الحرس الثوري الايراني وحزب الله  والروس  في بيوت السوريين التي صادرها بدعاوى الارهاب ومعاداة النظام من قبل أصحابها.

وحتى هذا اليوم لا تزال حالة  الطوارى والأحكام العرفية نافذة في سوريه منذ 60 عاما، ولا تزال  الحريات العامة مصادرة، فلا صحافة ولا أحزاب ولا تناوب على السلطة، وكل ما أقامه النظام من هيئات،هى منظمات عرفية ومنتقاة وغير منتخبة، وهي في الأساس ميليشيات متنوعة أقامها النظام كدولة عميقة وهيكليات لنظام حاقد.

وخلص حبيب صالح إلى القول: إن من الصعب إجراء انتخابات الغرض منها شرعنة النظام القائم..  فبعد كل ماقام به من فتك وتهجير وتدمير اقتصادي وعمراني وسياسي يحاول   النظام أن تبقى دفاتره وملفاته ومكوناته غير قابلة للكشف أو  مطروحة على الرأي العام الوطني والأممي!

لم يبقَ في سورية شعب ، ولم يعد هناك قرار سيادي سوري ولا مؤسسات ديمقراطية منتخبة…فأي انتخابات يتحدث عنها النظام ويفبركها؟!