المقاتلات الروسية تستهدف المنطقة نحو 55 مرة.. والأتراك ينسحبون من مناطق النظام ويستقدمون آلاف الجنود والطريق الدولي مغلق

عام على اتفاق "بوتين-أردوغان": نحو 430 شهيداً وقتيلاً على الرغم من وقف إطلاق النار.. وأوضاع كارثية لأكثر من مليون نازح

54

مضى عام كامل على تطبيق وقف إطلاق النار ضمن منطقة “خفض التصعيد”، التي تمتد من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب مروراً بريفي حماة وإدلب، والمنبثق عن اتفاق الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في الخامس من شهر آذار/مارس 2020، وشهدت المنطقة التي تعرف باسم منطقة “بوتين – أردوغان” سلسلة من الأحداث البارزة على مدار عام كامل، رصدها وواكبها المرصد السوري لحقوق الإنسان جميعها.

خسائر بشرية فادحة على خلفية المناوشات والقصف الجوي والبري..

وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار ضمن منطقة “بوتين-أردوغان” بتاريخ 5 آذار/مارس 2020، وحتى مساء الرابع من الشهر ذاته من العام 2021، 429 شخص استشهدوا وقضوا وقتلوا بظروف مختلفة، هم:

** 80 مدنياً بينهم 12 طفل و15 مواطنة، توزعوا على الشكل التالي: – 49 مدنياً بينهم 10 أطفال و9 مواطنات، بقصف بري من قبل قوات النظام.
– 31 مدنياً بينهم طفل واحد و6 مواطنات بقصف جوي روسي.

** 242 من الفصائل والجهاديين “114 جهادي و130 من الفصائل” توزعوا على الشكل التالي:
– 181 مقاتل هم 99 من الفصائل المقاتلة والإسلامية و82 من المجموعات الجهادية، قتلوا جميعاً بقصف جوي روسي في أرياف حلب وإدلب واللاذقية.
– 63 مقاتل هم 32 من المجموعات الجهادية و31 من الفصائل المقاتلة والإسلامية، قتلوا جميعاً بقصف بري واستهدافات لقوات النظام وفي اشتباكات معها ضمن منطقة “خفض التصعيد.

** 107 من قوات النظام والميليشيات الموالية لها بينهم ضباط، قتلوا جميعاً في قصف واستهدافات واشتباكات مع الفصائل المقاتلة والإسلامية والمجموعات الجهادية ضمن منطقة “بوتين – أردوغان”.

الروس يقصفون من الجو وقوات النظام من الأرض والاتفاق في مهب الريح

في الوقت الذي غابت فيه طائرات النظام الحربية والمروحية عن أجواء منطقة “بوتين-أردوغان” منذ بدء الاتفاق قبل عام، -حيث لم يوثق المرصد السوري أي ضربة جوية من قِبلها-، نابت عنها طائرات الروس الحربية، عبر شن غارات بشكل دوري انطلاقاً من الأيام الأولى لوقف إطلاق النار وحتى يومنا هذا، مخلفة خسائر بشرية ومادية، ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري، فإن الطائرات الحربية الروسية استهدفت منطقة خفض التصعيد خلال الفترة هذه أكثر من 55 مرة شنت عبرها ما لا يقل عن 320 غارة جوية، على أرياف حلب وحماة وإدلب واللاذقية، تركزت بمجملها في إدلب وبشكل خاص القطاع الجنوبي من الريف الإدلبي يليها بدرجة أقل جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي.

وخلفت الضربات الجوية تلك خسائر بشرية فادحة في صفوف المدنيين والعسكريين، فقد وثق المرصد السوري استشهاد 31 مدنياً بينهم طفل واحد و6 مواطنات، توزعوا على الشكل التالي: 27 بينهم طفلين اثنين و6 مواطنات استشهدوا خلال شهر آذار بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، -من ضمنهم 15 بينهم طفلة و6 نساء في مجزرة ارتكبتها الطائرات الروسية بقصفها لتجمع نازحين بالقرب من معرة مصرين-، وشهيد مدني بقصف جوي على إدلب خلال شهر حزيران 2020، و3 شهداء بقصف جوي على بنش بريف إدلب في آب العام ذاته.

كما قتلت الضربات الجوية الروسية 181 عسكري هم 99 من الفصائل المقاتلة والإسلامية و82 من المجموعات الجهادية، قتلوا جميعاً في أرياف حلب وإدلب واللاذقية، ومن ضمن القتلى 78 من فصيل فيلق الشام قضوا بضربة واحد حين استهدفت الطائرات الحربية الروسية بتاريخ 26 تشرين الأول 2020، معسكراً للفيلق في منطقة جبل الدويلة شمال غربي إدلب، كما أن 74 من العسكريين قتلوا خلال شهر آذار/مارس 2020، والبقية قتلوا بضربات جوية روسية متفرقة على مدار العام.

وعلى الرغم من غياب طائرات النظام عن الأجواء، إلا أن القوات البرية التابعة للنظام وبرفقة الميليشيات الموالية لها نابت عنها هي الأخرى، فلا يكاد يمر يوم دون قصف بري سواء متقطع أو مكثف، وفي كثير من الأحيان صعدت قوات النظام من قصفها البري الذي يتركز على محافظة إدلب وسهل الغاب وجبل الأكراد، وعلى وجه الخصوص القطاع الجنوبي من الريف الإدلبي ويقدر المرصد السوري وفقاً لتوثيقاته إطلاق قوات النظام لأكثر من 4500 قذيفة وصاروخ على مناطق متفرقة من منطقة “بوتين – أردوغان” منذ بدء دخول المنطقة بوقف إطلاق نار في الخامس من آذار 2020 وحتى يومنا هذا.

وتركز القصف على عشرات المدن والبلدات والقرى، أبرزها: مجدليا، كدورة، معرزاف، منطف، سرجة، الرويحة، بزابور، شنان، فركيا، بينين، مرعيان، الرامي، مغارة، أحسم، دير سنبل،البارة،أبديتا،مشون، بلشون، أبلين، البارة،بليون، جوزف، معراتة، أرنبة، عين لاروز، كنصفرة، كفرعويد، الفطيرة، سفوهن، فليفل، الموزرة، قوقفين، الحلوبة، الفطاطرة ضمن الريف الجنوبي لإدلب، وسرمين، النيرب، معارة عليا، مجارز،الصالحية، ٱفس كفريا، الفوعة، محيط معرة مصرين، محيط بنش شرقي وشمال شرقي إدلب.

أما في سهل الغاب، فشمل القصف: العنكاوي، قليدين، الدقماق، قسطون، زيزون، الزيارة، تل واسط، المنصورة، خربة الناقوس، المشيك، السرمانية، وفي ريف حلب الغربي شمل: كفر تعال، تديل، كفر عمة، الأبزمو، بلنتا، الهباطة، باترون، الشيخ سلمان، تقاد بكديتا، وكل من الكبينة، التفاحية، الحدادة، تردين بريف اللاذقية الشمالي.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، على مدار العام، استشهاد 49 مدنياً بينهم 10 أطفال و9 مواطنات، جراء قصف قوات النظام على منطقة “خفض التصعيد”، من ضمنهم 5 قضوا في مجزرة بنهاية عام 2020 حين استهدفت قوات النظام بصاروخ موجه آلية وجرار زراعي لمزارعين في قرية الزقوم بسهل الغاب.

التحركات التركية.. الانسحاب من مناطق النظام الحدث الأبرز وتعزيزات كبيرة عبر آلاف الشاحنات والجنود

تشهد منطقة “خفض التصعيد” أو ما تعرف بمنطقة “بوتين – أردوغان” الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب مروراً بريفي حماة وإدلب، تحركات متواصلة وبشكل مكثف للقوات التركية، من حيث الانسحابات المتواصلة والانتشار بمواقع جديدة وعمليات سحب واستقدام أرتال محملة بجنود ومعدات عسكرية ولوجستية، وبدوره، واصل المرصد السوري لحقوق الإنسان، رصد ومواكبة جميع تلك التحركات اليومية للقوات التركية في المنطقة آنفة الذكر.

ففي ظل التحركات المكثفة للأتراك في المنطقة، شهد يوم الخامس من الشهر الأول عام 2021، عملية غير مسبوقة تمثلت بنشر القوات التركية لمحارس مسبقة الصنع ضمن مواقع عدة على طريق حلب – اللاذقية الدولي “M4″، لاسيما في بالقرب من الكفير جنوب جسر الشغور ومحيط بداما الزعينية غرب جسر الشغور وبالقرب من نقطة انتهاء الدوريات المشتركة عند الحدود الإدارية مع محافظة اللاذقية “عين الحور”، وذلك لتأمين الطريق بدلاً من تمشيطه بين الحين والآخر من العبوات والألغام التي يعمد الرافضين للاتفاق الروسي – التركي إلى زرعها هناك، هذا الطريق الذي كانت تركيا قد وعدت الجانب الروسي بإعادة فتحه منذ زمن، حيث يشهد الطريق الدولي غياب للدوريات الروسية – التركية المشتركة منذ أواخر شهر آب/أغسطس الفائت من العام 2020، بعد أن كان الجانبان قد سيرا أكثر من 26 دورية منذ آذار حتى آب، وتعرضت الدوريات لاستهدافات متكررة من قبل مجموعات جهادية رافضة للاتفاق الروسي – التركي.

أما بما يخص الانسحابات التركية من نقاط المراقبة التابعة لها والتي باتت مؤخراً ضمن مناطق نفوذ النظام السوري، فالنقاط التركية الرئيسية والبالغ عددها 12، انسحبت القوات التركية بشكل كامل من 7 منها منها وهي مورك وشير مغار بريف حماة، وعندان والراشدين والعيس والشيخ عقيل بريف حلب، فيما تواصل انسحابها من الطوقان بريف إدلب، حيث تتواصل عمليات التفكيك وحزم الأمتعة ومن المرتقب أن يتم إفراغها بشكل كامل خلال الساعات والأيام القليلة القادمة، أي أن القوات التركية انسحبت من جميع النقاط الرئيسية المحاصرة ضمن مناطق النظام بشكل كامل باستثناء نقطة الطوقان التي تواصل انسحابها منها على دفعات.

في حين يتبقى 4 نقاط تركية رئيسية وهي في الأصل لم تحاصر من قبل قوات النظام، وتتمثل بـ نقطة اشتبرق غربي جسر الشغور والزيتونة بجبل التركمان وصلوة بريف إدلب الشمالي وقلعة سمعان بريف حلب الغربي.

وبما يتعلق بالنقاط التركية المستحدثة، فرصد المرصد السوري انسحاب القوات التركية من 4 نقاط بشكل كامل، وهي معرحطاط والصناعة شرق سراقب ضمن الريف الإدلبي، ومعمل الكوراني بالزربة وقبتان الجبل بريف حلب، كما تواصل تفكيك معداتها تمهيد للانسحاب من نقطة الدوير شمال سراقب.

فيما لاتزال عدة نقاط تركية مستحدثة محاصرة ضمن مناطق النظام السوري ومنها مركز الحبوب جنوب سراقب ومعمل السيرومات شمال سراقب وترنبة غرب سراقب، ونقطة بريف حلب بالقرب من كفرحلب.

وفي الوقت الذي تواصل فيه القوات التركية انسحابها من النقاط المحاصرة ضمن مناطق نفوذ النظام السوري ضمن منطقة “خفض التصعيد”، فإنها تقوم بالانتشار بشكل دوري ومكثف ضمن مواقع جديدة، حيث تتركز عمليات الانتشار بشكل رئيسي في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، لاسيما ضمن البلدات والقرى الواقعة على خطوط التماس مع قوات النظام، بالإضافة لانتشارها ضمن نقاط تمكنها من رصد المنطقة بشكل كبير.

عمليات الانتشار الجديدة تأتي مع استقدام القوات التركية لعشرات الآليات بشكل يومي، تحمل مواد عسكرية ولوجستية وجنود، والتي عبر معبر كفرلوسين الحدودي مع لواء اسكندرون شمالي إدلب، وذلك في تعزيزات تركية غير مسبوقة تشهدها المنطقة عبر آلاف الجنود والآليات، حيث بلغت عدد النقاط التركية العسكرية المتواجدة ضمن منطقة “خفض التصعيد” 64 نقطة، هي: “صلوة وقلعة سمعان وتلة الطوقان واشتبرق”، بالإضافة إلى نقاط مستحدثة وهي: نقطة في سراقب والترنبة والنيرب والمغير وقميناس وسرمين ومطار تفتناز ومعارة النعسان ومعرة مصرين والجينة وكفركرمين والتوامة والفوج 111 ومعسكر المسطومة وترمانين والأتارب ودارة عزة ونحليا ومعترم وبسنقول والنبي أيوب وبزابور وباتبو وكفرنوران والأبزمو ورام حمدان والجينة وبسنقول والمشيرفة وتل خطاب وبداما والناجية والزعينية والغسانية ودير سنبل والكفير والبارة والبرناص وبداما وأريحا وجنة القرى وبسامس وقمة تل النبي أيوب والقياسات وقرب بسنقول ومعراتة ومرعيان ومنطف ومحمبل وتل أرقم وقوقفين والرويحة وكنصفرة وكدورة وتل بدران وجنوب البارة وتل المرقب والواسطة وشمال آفس وقسطون وغيرها”

كما بلغ عدد الآليات التي دخلت الأراضي السورية منذ بدء وقف إطلاق النار الجديد في آذار/مارس الفائت وحتى الآن، نحو 8335 آلية، بالإضافة لوجود نحو 10 آلاف جندي تركي داخل الأراضي السورية، ويشير المرصد السوري أن تعداد الآليات والجنود الأتراك قد يكون أقل أو أكثر من ذلك، نظراً لخروج ودخول آليات محملة بجنود ومعدات عسكرية ولوجستية بشكل فردي.

وعلى ضوء ما سبق، فإن اتفاق “بوتين-أردوغان” لم يكن إلا حبر على ورق، وإن الأحداث آنفة الذكر لخير دليل على ذلك، لاسيما أن وعود الرئيس التركي بإجبار النظام على الانسحاب حتى لو اضطر لاستخدام القوة، وما جرى هو عكس ذلك تماماً حيث شاهدنا أن القوات التركية هي التي انسحبت من نقاطها الواقعة ضمن مناطق النظام، كما أن هناك أكثر من مليون و150 ألف مدني أجبرتهم العمليات العسكرية خلال شهري كانون الثاني وشباط 2020 على النزوح من مناطقهم في حلب وإدلب وحماة خلال وباتت تلك المناطق التي سيطر عليها النظام السوري خاوية على عروشها ولم يتبقى فيها إلى قلة قليلة موالين لنظام بشار الأسد عادوا إليها بعد سيطرة قوات النظام عليها، في حين أن أهالي المناطق تلك نجدهم يفترشون العراء والخيام البدائية والأماكن التي لا تصلح للسكن في كل من الحدود السورية مع لواء اسكندرون ومناطق سيطرة الأتراك والفصائل في ريفي حلب الشمالي والشمالي الغربي كاعزاز والباب وجرابلس ومنطقة عفرين.