المقداد في موسكو: رد الاعتبار للحليف الأقرب للنظام السوري

30

تحمل زيارة وزير خارجية النظام السوري الجديد فيصل المقداد إلى العاصمة الروسية موسكو، والتي تبدأ اليوم الأربعاء، محاولة تلافي الانزعاج الروسي من بدء المقداد أول زياراته الخارجية إلى طهران، بعد تسلمه لحقيبة الخارجية خلفاً لوليد المعلم، الذي مات منتصف الشهر الماضي.

وتحدثت أوساط إعلامية روسية بانزعاج من زيارة المقداد لطهران أولا، الأمر الذي تطلب الرد عليه من قبل المتحدثة باسم الخارجية الروسية، إلا أن ذلك لا يمنع الامتعاض الروسي من تفضيل إيران على روسيا، من خلال الزيارة الأولى لوزير خارجية النظام السوري.

وقالت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام إن المقداد سيصل اليوم إلى موسكو، في زيارة رسمية يلتقي خلالها كبار المسؤولين الروس، وعلى رأسهم وزير الخارجية سيرغي لافروف. وأشارت إلى أن الزيارة ستستمر لعدة أيام، يجري فيها بحث سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين البلدين الحليفين على جميع الأصعدة. 

تحدثت أوساط إعلامية روسية بانزعاج من زيارة المقداد لطهران أولا، الأمر الذي تطلب الرد عليه من قبل المتحدثة باسم الخارجية الروسية، إلا أن ذلك لا يمنع الامتعاض الروسي من تفضيل إيران على روسيا

ونقلت “الوطن” كذلك عن سفير النظام في روسيا رياض حداد، تصريحات حول الزيارة أكد فيها أن زيارة المقداد إلى روسيا تأتي لـ”التأكيد على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين، وعلى التحالف الاستراتيجي الذي يتمتع به الجانبان السوري والروسي، كما تهدف لبحث آفاق التعاون المتبادلة بين سورية وروسيا في جميع المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية أيضاً، وتعزيز الحوار المشترك بين البلدين حول جميع المواضيع الإقليمية والدولية”.

وأشار السفير إلى أن الزيارة “ستتخللها لقاءات مع العديد من الشخصيات السياسية الروسية الهامة، حيث سيفتتح هذه اللقاءات يوم الخميس مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.  

فيما أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن لافروف سيناقش الوضع في سورية مع المقداد يوم غدٍ الخميس، في العاصمة موسكو، مؤكدة، في بيان أصدرته حول الزيارة، أن الطرفين سيتبادلان الآراء حول المسائل الملحة على جدول الأعمال الدولي والإقليمي، كما “سيتم إيلاء اهتمام خاص لتطور الوضع في سورية وآفاق تطورها، بما في ذلك تعزيز التسوية السياسية الشاملة للأزمة على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254، ومسألة إعادة إعمار البلاد ما بعد الصراع، والمساعدة في عملية عودة اللاجئين السوريين”. بالإضافة إلى ذلك، سيناقش الوزيران قضايا الساعة الخاصة بمواصلة تعزيز التعاون الروسي- السوري متعدد الأوجه، بحسب البيان.  

وكانت أوساط إعلامية روسية انتقدت قيام المقداد بزيارته طهران في أول مهمة رسمية له خارج بلاده بعد تعيينه وزيرا للخارجية خلفاً لوليد المعلم، حيث صوبت الانتقادات نحو تفضيل النظام إيران على وروسيا، وإرسال رسائل من خلال زيارة المقداد بهذا الاتجاه، في حين تنظر لنفسها على أنها الحليف الأقرب والأكثر دعماً للأسد ونظامه.  

في المقابل، ردت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا حينها في حديث للصحافيين، وحذرت زاخاروفا، في ردٍ على سؤال عما إذا كان قرار المقداد يعكس إعطاءه الأولوية لتطوير العلاقات مع طهران وليس مع موسكو، من استخلاص “استنتاجات بعيدة المدى” اعتماداً فقط على جدول الزيارات الخارجية للمسؤولين الحكوميين، موضحةً أن المقداد عقب توليه مهام منصبه أبدى رغبته في الوصول إلى روسيا بزيارة عمل، واصفة ذلك بالأمر الطبيعي نظراً للعلاقات التحالفية الاستراتيجية بين موسكو ودمشق، وأشارت إلى أن “البلدين سبق أن اتفقا بسرعة على تنظيم زيارة المقداد إلى روسيا في أقرب وقت مناسب لكليهما، لكن موعد الزيارة تم إرجاؤه لاحقا بسبب تغيرات في جدول أعمال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف”، وأكدت في حديثها موعد الزيارة الحالية للمقداد إلى موسكو، معتبرةً أنه “لا ينبغي البحث عن خلفيات سياسية، حيث لم تكن موجودة أصلا ولا يمكن أن توجد”. 

كل ذلك لا يمنع من كون النظام قد أراد فعلاً بدء زيارة وزير خارجيته الأولى إلى طهران كرسالة باتجاه الحليف الروسي، وإلا لكان أرجأ زيارة المقداد إلى طهران إلى ما بعد إتمام الزيارة إلى موسكو التي تم تأجيلها، بحسب المتحدثة باسم الخارجية الروسية.

وبات النظام مؤخراً يراوغ أكثر في اللعب بين ورقتي الحليفين، سيما مع إجبار روسيا النظام على عقد مؤتمر اللاجئين بدمشق لحل مشكلة اللاجئين، الأمر الذي لا يزال النظام يرفضه ويضع العراقيل أمامه رغم الضغوط الروسية.

كذلك، فإن النظام بات يعتقد بضعف التدخل الروسي لمساندته خلال الأزمات الاقتصادية والمالية التي لحقت به جراء العقوبات الأخيرة بموجب “قانون قيصر” الأميركي، إذ ارتفعت أصوات من داخل الحاضنة الشعبية للنظام منددة بالتعاطي الروسي الخجول مع توالي الأزمات على النظام، ولا سيما الاقتصادية منها، بالتأكيد على أن روسيا حققت ما أرادته من تدخلها العسكري في البلاد بالوصول إلى البحر المتوسط، وإنشاء قاعدة عسكرية لها، وتمركزها قرب قسم جيد من منابع النفط والغاز، ولذلك تتخذ موقف المتفرج حالياً حيال الأزمات التي يمر بها النظام بعد تحقيق معظم أهدافها الاستراتيجية في البلاد.

غير أن النظام ورئيسه بشار الأسد لا يمكنه التخلي عن أيٍّ من الورقتين، الروسية والإيرانية، إذ يؤمّن الروس فرض النظام ورؤيته ضمن مسارات الحل السياسي دولياً، الأمر الذي تعجز عنه إيران، وهو ما يجعل الأسد شديد الحرص على خلق التوازن في الميل والمساومة بين الورقتين. 

المصدر: العربي الجديد