المقدم المنشق أحمد القناطري: العقوبات الاقتصادية لا تسقط الأنظمة والوجود العسكري في سورية لايخدم سوى تقاسم النفوذ في المنطقة بين المعسكرين الشرقي والغربي

53

برغم عدم وضوح الرؤية بخصوص إيجاد مخرج من المأزق السوري وعدم توفّر الإرادة السياسية الفاعلة من الأطراف المتصارعة لتحقيق التسوية وإنهاء الصراع الدامي ووضع حد للتدخلات الخارجية التي عمقت الأزمة سعيا وراء مصالحها على حساب الشعب السوري، إلّا أن المساعي لاتزال مستمرة من السوريين لمحاولة إيقاف نزيف الدم والحرب التي راح ضحيتها عشرات الألاف الأبرياء ودمّرت مقومات الحياة في سورية التي تشظت وحدتها ضمن أجندات إقليمية ودولية لنشر الفوضى والبلبلة في المنطقة وكانت سورية بوابتها بعد أن تم تسليح ثورة شعبية سلمية نادت بالمساواة في توزيع الثروات وبالعدالة والحرية والعيش بكرامة.

ويعتبر المقدم أحمد القناطري، المنضم إلى المجلس العسكري، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الحل العسكري في سورية لم يكن مجديا وأن الحلول تبدأ فعليا بتطبيق القرارات الدولية وأبرزها القرار 2254، مشدّدا على أن الانقسام في سورية لم يخدم سوى القوى الغربية التي تسعى إلى تقسيم المنطقة وتقاسم النفوذ.

 

س–لو تطلعنا على حقيقة الأوضاع في منطقة إدلب التي تعتبر مركزا للجماعات المتطرفة.. وماذا عن معاناة الأهالي هناك الذين حرموا من حياتهم الطبيعية في ظل سطوة جماعات “الإسلام السياسي” ؟

ج- أود الإشارة إلى أن المجلس العسكري لاينظر فقط إلى الحالة في إدلب بشكل منفصل عن الوضع في كامل الأراضي السورية، فحالة الفصائل وقوى الأمر الواقع المنتشرة على كامل المساحة السورية وفرض السيطرة الجزئية لكل جماعة على حدة هي حالة غير صحيحة ومقلقة للغاية، ولايمكن أن توفر الاستقرار والحياة الكريمة للسوريين، لذلك يرى المجلس العسكري أنه وفي حال بدأت هيئة الحكم الانتقالي عملها فإنه يجب على كافة الفصائل والجماعات والقوى تسليم سلاحها إلى المؤسسة العسكرية الوطنية الجديدة، وكل فصيل أو جماعة تعارض مبدأ الأمن والإستقرار، وترفض تسليم السلاح خلال المرحلة الانتقالية يجب مواجهتها بحزم أيّا كانت توجهاتها ومبررات وجوها.

– وإذا أردنا أن نناقش حالات التطرف التي ظهرت في المجتمع السوري فعلينا أن نذكّر بحقيقة أن السوريين مسالمون وعاشوا بكل مكوناتهم عبر التاريخ في وئام،أما ظهور حالات التطرف فكان نتيجة الأحداث التي مرت بها سورية بعد عام 2011 بما رافقها من انسداد أفق الحل السياسي وعدم وجود فرص عمل واستغلال حاجة الشباب السوري، وهنا لابد من معالجة الأسباب الجذرية لهذه الحالة

 

س- تدعمون تشكيل المجلس العسكري.. ماذا يمكن أن يضيف وهل هذا الجسم بمقدوره إنهاء الأزمات المتراكمة؟
ج- في اللحظة التي يتم فيها إقرار البدء بتطبيق القرار 2254 وبدء المرحلة الانتقالية سيكون أمام المجلس العسكري مهام كثيرة أهمها ضبط السلاح وإدماج العناصر ضمن المؤسسة العسكرية الجديدة وحماية تطبيق القوانين وإرساء دعائم السلم الأهلية، وبالتالي، ومن خلال تنفيذ المجلس لهذه المهام وضمن هيئة الحكم الانتقالي، سيتم تأمين الظروف المناسبة للانتقال إلى تهيئة الظروف المناسبة للبدء بعملية سياسية وانتخابية صحيحة، وهذا يعني خلق الأرضية الصلبة لحل معظم المشاكل التي يعاني منها السوريون

 

س–لقاء مرتقب في الدوحة للمعارضة لإعادة تنظيم صفوفها.. ماهي توقعاتكم وما الذي يمكن أن يحققه لصالح حلحلة الملف السوري الشائك؟
ج- ما بلغنا وما تسرب عن المسؤولين والمنظمين لهذا اللقاء أن ما سيجري في الدوحة ليس لقاءً تشاوريا بهدف إعادة تنظيم المعارضة، بل هو حوار سوري -سوري نتمنى أن يخرج بنتائج ايجابية..

 

س– يرى محللون أن بقاء نظام الأسد في السلطة إلى الآن وتشبثه بها، وعدم قدرة المعارضة على فرض الحل، يجعل من العقوبات عديمة الهدف بحكم أنها تحقق غايتها، بل تؤكد تقارير أممية عديدة أنها انعكست سلبا على السوريين في المقام الأول..ماتعليقكم بعد أن فشلت العقوبات في تطويع موقف النظام؟

ج-العقوبات الاقتصادية لاتُسقط أنظمة، وهناك أمثلة كثيرة، فالنظام الإيراني ومنذ حوالي أربعين سنة يخضع لعقوبات ومع ذلك لم يسقط بل على العكس تطور أكثر، وكذلك العقوبات التي تم فرضها على العراق منذ عام 1993 لم تسقط نظام صدام… المطلوب من الإدارة الأمريكية ان تكون صادقة وجادة في وقفتها مع الشعب السوري وأن تستخدم قوتها ونفوذها لفرض تطبيق القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن والتي وافقت على إصداره واشنطن.. إنّ حل قضية الشعب السوري تكمن في أن يساهم المجتمع الدولي في تطبيق القرارات الصادرة عنه .

س تقول مجموعة الأزمات الدولية إن الدول الغربية تحافظ حاليا على نفوذها في سورية بفضل الوجود العسكري للتحالف الدولي والعقوبات والسيطرة الفعلية.. هل برأيكم هذا النفوذ كافٍ لإحداث تغيير في مواقف القيادة بدمشق من ناحية وتخفيف معاناة الشعب المستمرة من ناحية أخرى؟

ج-الوجود العسكري للتحالف الدولي في سورية لايخدم قضية الشعب السوري ويتناقض جوهريا مع أهداف الشعب السوري وتطلعاته إلى أن تستعيد سورية عافيتها وسيدتها ووحدة أراضيها، ولم يعد خافيا أن هذا الوجود العسكري لايخدم سوى أطماع خارجية وتقاسم النفوذ في المنطقة بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي، ولايؤدي إلا إلى إطالة الواقع المأساوي لجزء من البشرية.

– لقد أصبح واضحا جليّا،بعد كل سنوات الحرب والدمار والتشريد، أن منطق القوة أعمى، في حين أن القرارات الدولية والتوافق عبر الحوار البنّاء، هما السبيل إلى حل مشاكل السوريين وإنهاء دوامة العنف وإراقة الدماء، احتراما والتزاما بالمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومساعي الأمم المتحدة لإرساء السلام بين بني البشر.

س- تقارير تتحدث عن حملة تسوية أوضاع الكثير من السوريين.. ماذا عن مصير آلاف المعتقلين والمغيبين قسريا، وكيف يمكن الضغط على النظام لمعرفة الحقيقة؟

ج- لا أعتقد أن النظام سيعمل على إطلاق سراح المعتقلين أو كشف مصير المفقودين في المدى المنظور لأنه ا يعرف جيدا أن كشف هذا الملف سيكشف اللثام عن أكبر جريمة إنسانية في العصر الحديث إن لم تكن على مدى العصور، لذلك لا أرى في التسريبات المتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين أو الكشف عن مصير المفقودين في الوقت الحالي سوى محاولات لذر الرماد في العيون يستخدمها حلفاء الأسد بهدف دفع المعارضة باتجاه الغوص أكثر في مؤتمرات واجتماعات ولقاءات اللعب في الوقت الضائع في حين أن الغرب اكتفى بالصمت عن هذه الملفات والاستعاضة عنها ببعض “الشعارات الإنسانية”.