المنسق العام لهيئة التنسيق الوطني حسن عبد العظيم: نُذُر ثورة الجياع واضحة والحل يتمثل بانتقال سياسي يعبر عن إرادة الشعب السوري بكل مكوناته وطوائفه

47

تمر الأيام ويتعقد المشهد السوري يوما تلو الآخر دون أن تلوح أي حلول في الأفق، وما يزيد الأزمة سوءًا أوضاع اقتصادية وصلت إلى حد الانفجار. ورغم تعدد جولات المفاوضات والاتفاقات والتهدئة، فإنها لا تسفر عن شيء سوى مزيد من الأوضاع الكارثية للمواطنين السوريين. المرصد السوري لحقوق الإنسان حاور المنسق العام لهيئة التنسيق الوطني وعضو هيئة المفاوضات السورية حسن عبدالعظيم، الذي وصف السنوات التي مرّت على انطلاق الثورة السورية بـ”العجاف”، مؤكدا أن الوضع الداخلي في البلاد وصل إلى ذروة السوء والانحدار في ظل إدارة “النظام الفاسد الفاشل”.

وقال عبدالعظيم إن النظام “تغاضى عن المطالب الشعبیة وسارع إلى قمع المحتجين بالحل الأمني العسكري والاستقواء بالحرس الثوري الإيراني والمیلیشیات المذھبیة وممارسة أشد وسائل العنف والوحشیة والتعذیب والتصفیة الجسدیة والقصف والتدمیر للقرى والبلدات والمدن والأحياء على رؤوس شاغلیھا، ودفع من بقي حیا إلى النزوح والتھجیر، إضافة إلى رفضه بیان جنیف 1 لعام 2012 والقرارین 2118/2013، و2254/2015 والعمل على تعطیلھم بكل الوسائل”.

وبحسب عبدالعظيم، فإن النظام السوري “سعى إلى خرق اتفاقات خفض التصعید الموقّعة مع قادة الفصائل في لقاءات أستانة بضمانات روسیة ومصریة وأمريكية، وعمل على ترحیل الفصائل مع عائلاتھم إلى محافظة إدلب، وخرق اتفاق سوتشي بین روسیا وتركیا، كما حاول السیطرة على محافظة إدلب وریف حلب الغربي وصادر أموال المنشقین المدنیین والعسكریین”، لافتا إلى الاتهامات التي تلاحق النظام بـ”نھب أموال المواطنین الغائبین خارج البلاد أو الذین یغادرون بیوتھم لقضاء بعض الأعمال، فضلا عن ازدياد نسبة الفقر وارتفاع الأسعار بدون ضوابط والانھیار الاقتصادي والمالي وتراجع سعر العملة السوریة وفقدان المواد والمحروقات”.

ويرى عبدالعظيم أن الأطراف المعارضة للنظام نجحت نوعا ما في تحقيق برنامج توافقي موحد، حيث “تمكنت في المؤتمر الموسع لقوى الثورة الأول في الریاض من توحید أربعة أطراف وتشكیل الھیئة العلیا للمفاوضات والوفد التفاوضي برئاسة المنسق العام د. ریاض حجاب”. وقال إن ذلك الوفد شارك في مؤتمر جنیف للتفاوض مع الوفد الحكومي برئاسة د. بشار الجعفري “الذي كان یتظاھر بالحضور الشكلي في جنیف ویرفض الدخول إلى مقر الأمم المتحدة للتفاوض المباشر أو غیر المباشر بوساطة المبعوث الدولي ستیفان دیمستورا، بحجة أن المعارضة لیست موحدة على خلفية وجود وفد منصة القاهرة ووفد منصة موسكو والوفد التفاوضي للھیئة العلیا”.

ولفت المعارض السوري إلى خرق قوات النظام وحلفائها اتفاقات خفض التصعید المبرمة في أستانة والھدن المعلنة، إلى جانب تعطيل العملية التفاوضیة في مؤتمر جنیف2 في 23 نیسان/أبريل 2016 حتى شھر آذار/مارس 2017، الأمر الذي دفع الھیئة العلیا للمفاوضات إلى “مطالبة وزارة الخارجیة السعودیة والمجموعة الدولیة، بعقد اجتماع موسع جدید لقوى الثورة والمعارضة، وتم عقده بالفعل من 22 إلى 25/11/2017”.

وأشار عبدالعظيم إلى مشاركة ممثلي منصتي القاهرة وموسكو في الاجتماع تنفیذا لقرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، لاستئناف العملية السياسية التفاوضية بین ھیئة التفاوض السوریة والوفد الحكومي.

وفيما يتعلق بتأثير الأطراف الدولية والإقليمية في مسار الأحداث في سورية، قال عبدالعظيم إن الطرف الأمريكي تدخل في سوریة والعراق في إطار التحالف الدولي بحجة محاربة الإرهاب، وقد “حاولت واشنطن الانسحاب من سورية بالتوافق مع الاتحاد الروسي، واتفقوا على انسحاب قوات كل الدول الخارجیة والإقليمية المتدخلة عدا الروس، مع الحرص على أن یكون للإدارة الأمريكية دور في الحل السیاسي”.

وأشار عضو هيئة المفاوضات السورية إلى تدخل الحرس الثوري الإیراني والمیلیشیات التابعة له، ما شجع النظام على “رفض الحل السیاسي التفاوضي”، إضافة إلى التدخل التركي الذي “يرتكز على أطماع یعبر عنھا بعض المسؤولین، وأولهم أردوغان، بإقامة منطقة آمنة وتوسیع عمقھا في مناطق أخرى من سورية بحجة وجود مواطنین من أصل تركي، فضلا عن التدخل في لیبیا ودول المغرب العربي بدعم الجماعات الإسلامية المتطرفة لإقامة دولة الخلافة”.

ولفت المعارض السوري المخضرم إلى الدمار الذي أصاب كل المرافق والقطاعات الحیویة الاجتماعیة والاقتصادیة والزراعیة والصناعیة والخدمات، إضافة إلى توسّع سیاسات النھب والإفقار، ما أدّى إلى أزمة اقتصادية ومالية حادة ألحقت أضرارا فادحة بالسوريين.

وقال عبدالعظيم إن إعادة الإعمار والبناء وتحقيق الإصلاح الاقتصادي المنتظر من السوريين “لن يكون إلا في ظلّ حلّ سياسي، وهو ما أكّدته مواقف دولیة كالاتحاد الأوروبي والولایات المتحدة وبریطانیا ودول الخلیج، حيث إنه لا إعمار لسوریة ولا مؤتمر للمانحین إلا بعد الانتقال السیاسي السليم وبوضع جدید یعبر عن إرادة الشعب السوري بكل مكوناته وطوائفه”.

وأوضح حسن عبدالعظيم أن “النذر الواضحة لثورة الجیاع في السویداء ودرعا والساحل السوري وتداعیات انتشارھا في المحافظات والمناطق، التي لا یمكن حصرھا واحتواء الغضب الشعبي الجماھیري بها إلا بإنجاز الحل السیاسي وتوفیر البیئة الآمنة والاستقرار قبل مشروع إعادة الإعمار”.

ووصف المعارض السوري المشھد السیاسي الحالي بـ”السيئ”، لافتا إلى أن المجتمع الدولي يدفع باتجاه الضغط على النظام وحلفائه للالتزام باتفاق سوتشي ووقف إطلاق النار والتوصل لھدنة دائمة وإحياء المسار السیاسي والتسویة السیاسیة النھائیة.

وفيما يتعلق بقانون قيصر، قال عبدالعظيم إنه يتوقع أن تكون للعقوبات تداعيات على الاقتصاد السوري الذي يتعرض للانهيار وعلى الوضع المعيشي لطبقة واسعة تحت خط الفقر والبطالة، غير أن تداعياتها على قمة النظام وداعميه “ستكون كبيرة، وخاصة في جانب الانقسام والشرخ الظاهر بوضوح في قمة السلطة، ما سيجعله مضطرا للرضوخ للضغوط الأمريكية والأوروبية والروسية للقبول بالانخراط في العملية السياسية التفاوضية في جنيف، تلافيا لانطلاق ثورة الجياع في كل أنحاء سورية”.

واعتبر حسن عبدالعظيم أن الحل السیاسي في سوریة “هو مدخل لحل الأزمات الأخرى، استنادا إلى أهمية دور الدولة السوریة وموقع سوریة في المشرق العربي وارتباطھا بالعراق ولبنان ومصر وفلسطین، دول الطوق حول الكیان الصهيوني”، مشيرا إلى أن الحل السلمي يكون عبر “إنهاء الدور الإيراني وأتباعه والوجود الأجنبي والتركي في سوریة والمنطقة”.

وأكد عبدالعظيم أن ذلك “سینعكس إیجابیا على حل الأزمات العراقیة واللبنانیة والیمنیة واللیبیة سریعا، ویدعم الحراك الثوري الشعبي السلمي الجدید في سوریة ولبنان والعراق والسودان والجزائر وتونس ویعزز دور الشعب اللیبي في مواجھة التدخل التركي والتدخلات الدولیة الأخرى للحفاظ على وحدة ھذه الدول وتحررھا وسیادتھا واستقرارھا، ویعزز صمود الشعب الفلسطیني ووحدته في مواجھة مشاریع الضم والسیطرة وصفقة القرن التي یتبناھا الرئیس الأمريكي دونالد ترامب وحليفه المجرم العنصري نتنیاھو”.

ويرى السياسي السوري المعارض أن من یمسك بالخیوط ھي الدول الفاعلة والتوافق الأمريكي- الروسي، مؤكدا أھمیة حل مشكلة المستقلین في ھیئة التفاوض السوریة وإيجاد التوازن بین طرفیھا والحفاظ على وحدتھا واستقلالیة قرارھا بعيدا عن التجاذبات والضغوط الإقليمية والخارجیة ودورھا بالتواصل والتنسیق مع جمیع قوى وفعالیات المعارضة والثورة.

وأشار عبدالعظيم إلى أن “دور الجامعة العربیة محكوم بالخلافات العربیة البینیة، السیاسیة والاقتصادیة، إلى جانب تفكك منظومة الدفاع العربي المشترك، والفراغ الذي یجعل القوى الدولية والإقليمية تسارع إلى ملئه، بما في ذلك الكیان الإسرائيلي عبر الضغوط والتدخل العسكري والعدوان والمحاولات”. وقال إن “الدعوة إلى إحياء منظومة الدفاع العربي المشترك تتطلب تحصین الجبھات الداخلیة وبناء الوحدة الوطنیة على أسس دیمقراطیة متینة ودعم الحل السیاسي للقضایا العربیة بدءً من سورية، وتوفیر التنمیة الاقتصادیة والبشریة المستدامة والعدالة الاجتماعیة”.