الموقف الدولي من تنظيم «الدولة الإسلامية»

13

25568780_63973

داعش هو الإسم الحركي للدولة الإسلامية في العراق والشام، والتي تسمي نفسها الآن الدولة الاسلامية.
ويقول القائمون على هذا التنظيم إنهم يهدفون إلى إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة، وقد انبثق التنظيم من «قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين» والمعروفة اختصارا باسم تنظيم القاعدة في العراق، وهي التي شكلها «أبومصعب الزرقاوي» وشاركت في مقاومة التدخل الأمريكي في العراق.عام 2003، ويقال إن هذا التنظيم يتمتع بحضور قوي في محافظات «الأنبار» و»نينوى» و»كركوك» «وصلاح الدين» وأجزاء من من بابل وديالى ومحافظات أخرى.
وتجد محاولات السيطرة العنيفة التي يفرضها التنظيم مقاومة عنيفة من العراقيين السنة، وكانت لداعش صلات وثيقة مع تنظيم القاعدة، لكن هذه الصلات قطعت بعد صراع بين التنظيم والذين يبحثون عن السلطة.
وفد احتفظ التنظيم حتى عام 2014 بنحو 4000 مقاتل، شاركوا في هجمات مختلفة على أهداف حكومية وعسكرية، وقد أعلن التنظيم مسؤوليته عنها، وتقول مصادر سورية إن قوة التنظيم زادت إلى خمسين ألف مقاتل ٍفي سورياوثلاثين ألف مقاتل في العراق .
وكان تركيز التنظيم في أول الأمر على إقامة الخلافة في المناطق السنية في العراق، ولكن بعد مشاركته في الحرب الأهلية في سوريا توسعت أهدافه لتشمل المناطق ذات الأغلبية السنية في سوريا، وقد أعلن التنظيم الخلافة في التاسع والعشرين من شهر حزيران/يونيو الماضي وأصبح أبوبكر البغدادي أميرا للمؤمنين باسم ابراهيم الخليفة، وقد تم تغيير اسم الدولة إلى الدولة الاسلامية في العراق والشام، وتميزت سائر نشاطات التنظيم بالعنف، وذلك ما دعا الولايات المتحدة للسعي إلى إقامة تحالف دولي من أجل مواجهة هذا التنظيم .
وقد عقد يوم الاثنين الماضي مؤتمر دولي في العاصمة الفرنسية باريس شارك فيه وزراء وقادة ودبلوماسيون من عشرين قطرا.
وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد قاد عملية إدانة دولية لمقتل البريطاني «ديفيد هينز»والتهديد بمقتل بريطاني آخر.
وتقول بعض التقارير أن دولا عربية عرضت مساعدة الولايات المتحدة في تنفيذ ضربات عسكرية ضد هذا التنظيم، ومن جانبها قالت بريطانيا إنها على استعداد للقيام بضربات ضد التنظيم، وكان وزير الخارجية الفرنسي «لوران فابيوس»قد أعلن بأن الطائرات الفرنسية على استعداد للقيام بحملات ضد التنظيم في العراق وأن جكومته قد أبلغت الحكومة العراقية بهذه الرغبة من أجل الحصول على موافقتها، ومن جانبه ضم وزير الخارجية البريطاني «فيليب هاموند» جهوده إلى جهود وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» وبعض وزراء الخارجية العرب من أجل تقديم الدعم إلى حكومة العراق الجديدة من أجل مواجهة أخطار تنظيم الدولة الإسلامية، وقال الوزير البريطاني إنه شعر بتحفيز كبير، من إعلان الرغبة في تكوين تحالف لمواجهة الدولة الاسلامية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني إن شعب بريطانيا شعب مسالم ولكنه لا يستطيع أن يغمض عينيه عن تهديدات الدولة الاسلامية.
وعلى الرغم من هذا الحشد الدولي لمواجهة التنظيم فلم تعلن أي دولة عربية بأنها ستشارك في مقاومة التنظيم على الرغم من أنه من المرجح أن تشارك المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بحسب ما تعتقده بعض المصادر الدولية.
وقال مصدر أوروبي إنه يعتقد بأن مشاركة المملكة العربية السعودية تكاد تكون مؤكدة بسبب معارضتها لهذا التنظيم. ومن المنتظر أن تسمح المملكة العربية السعودية بجعل قواعدها العسكرية مناطق انطلاق لمواجهة التنظيم، ولكن ليس هناك تأكيد حتى الآن بأن القوات السعودية ستكون على استعداد للمشاركة في الهجمات على تنظيم الدولة الاسلامية.
ومن جانب آخر وعدت أستراليا بارسال ستمئة جندي للمشاركة في العمليات .
وعلى الرغم من تصميم الولايات المتحدة وبريطانيا على مواجهة تنظيم الدولة تقول الدولتان إنهما لن ترسلا قوات أرضية للمشاركة في العمليات .
و لم يشر رئيس الوزراء البريطاني إلى أنه سيدعو البرلمان لمناقشة الضربات ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
وتأتي هذه المواجهة في ظروف صعبة في بريطانيا بعد تحديات تواجه وحدتها، ولكن بريطانيا مصممة على المواجهة لأن كثيرا من الخبراء ومنهم اللورد «دانات» القائد السابق للجيش البريطاني حذروا من أخطار تنامي قوة الدولة الاسلامية.
ولكن بالطبع فإن هناك عددا كبيرا من النواب يحذرون من أن تجد بريطانيا نفسها متورطة في حرب عراقية جديدة، ويخشى كثير من المحافظين أن يخسر «ديفيد كاميرون»تصويتا كما خسر في العام الماضي تصويتا بتوجيه ضربات للرئيس الأسد.
وفي الوقت الذي يمكن فيه كسب تأييد برلماني ضد حكومة الدولة الاسلامية قإن الحكومة قد تجد من الصعوبة اقناع النواب بقانونية العمل ضد الجهاديين في سوريا .دون طلب مباشر من حكومة الرئيس الأسد، وهو طلب قد لا توافق الحكومات الغربية عليه في جميع الحالات.وفي جميع الظروف سيظل هذا العمل غير مبرر دون موافقة وتصريح من مجلس الأمن .على الرغم من أن الحكومة البريطانية تقول إن جميع الخيارات مفتوحة .
ومن جانبه دان الرئيس «باراك أوباما» القتل البربري للبريطاني السيد «هينز»وقد وجه رسالة تعزية لأسرة «هينز» ولجميع مواطني المملكة المتحدة .وقال إنه سيعمل مع المملكة المتحدة وجميع الأصدقاء في منطقة الشرق الأوسط من أجل تقديم الجناة للعدالة .
ويبدو من كل ما ذكرناه أن هناك توجها واضحا في المجتمع الدولي من أجل مواجهة حركة الدولة الإسلامية بسبب توجهاتها العنيفة، ولكن المشكلة الحقيقية هي أنه لا يعرف أحد حتى الآن اين يوجد هذا التنظيم ولا كيف يمكن التعامل معه في ظل كثير من الحقائق الغائبة، إلى جانب كون الكثيرين غير واثقين من الأهداف التي يرمي إليها التنظيم بصورة حاسمة او كيفية تحقيقها في الواقع العملي بعيدا عن العنف الذي يعلن عنه من وقت لآخر.

٭ كاتب من السودان

د. يوسف نور عوض